ثلاثة أخطاء بحق سورية ارتكبها سلام فهل يجرؤ…؟
محمد حمية
ما أن وجّه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله انتقادات للنظام في البحرين في مقابلته على قناة «المنار» يوم الجمعة الماضي، حتى انهالت التصريحات والمواقف المستنكرة لكلامه من فريق المستقبل و«14 آذار» والمدافعة عن النظام البحريني.
إذا كان لهذه المواقف ما يبرّرها ويضعها في خانة الخلاف السياسي والمزايدات الإعلامية وإثبات التبعية لهذا النظام أو ذاك، فإنّ ما هو غير مبرّر هو الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية المتمثلة برئيسها تمام سلام إذا ما تمّت مقارنته بموقفه وأسلافه والحكومات السابقة تجاه سورية.
بعد حديث السيد نصرالله عن البحرين أبدى سلام في تصريحه حرصه على قيام «أفضل العلاقات مع مملكة البحرين الشقيقة وجميع دول مجلس التعاون الخليجي، وأنّ مواقف لبنان الرسمية في شأن العلاقات الخارجية تعبّر عنها الحكومة اللبنانية حصراً»، مؤكداً أنّ «ما صدر في بيروت في حق البحرين لا يلزم الحكومة اللبنانية».
موقف الرئيس سلام يطرح سؤالاً: هل اتخذ الموقف نفسه حيال تمادي تدخل قيادات في قوى الرابع عشر من آذار في الشؤون الداخلية السورية؟
سؤال يفترض إبراز أوجه الشبه والاختلاف بين الحالتين البحرانية والسورية ليتضح اهتمام سلام بالأولى وتجاهله وتقصيره في الثانية.
أولاً: إنّ حدود تدخل حزب الله في الحالة البحرانية ينحصر في نطاق الانتقاد السياسي والإعلامي للنظام البحريني، مقابل الدعم السياسي والإعلامي فقط للمعارضة البحرانية، أما تدخل فريق 14 آذار في الشأن السوري فقد تعدّى ذلك الى الحملات الإعلامية والسياسية المركزة والمتواصلة والتعابير النابية التي ساقها ضدّ النظام في سورية وضدّ الرئيس بشار الأسد شخصياً، فضلاً عن التورّط العسكري المباشر من خلال تمويل المجموعات المسلحة السورية وإرسال مقاتلين لبنانيين وتوفير البيئة الحاضنة للإرهابيين في مناطق نفوذ تيار المستقبل وكمين تلكلخ و«مساعدات عقاب صقر» للنازحين السوريين خير دليل.
ثانياً، إنّ المصالح اللبنانية مع الدولة السورية الممثلة بالنظام الحالي الذي يستند إلى شرعية الانتخابات تفوق بأضعاف المصالح التي تربط لبنان بالبحرين التي لم تحصل فيها انتخابات منذ نشوء نظام الحكم فيها، فبين لبنان وسورية مصالح مشتركة سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية متجذرة لا تعدّ ولا تحصى ولا يمكن فصلها، أما مع البحرين فتقتصر على بعض اللبنانيين العاملين في المملكة.
ثالثاً، حافظت المعارضة البحرانية على سلميتها ولم تجنح الى استخدام أساليب العنف والقوة، وسقف ما تطالب به هو المشاركة في الحكم كما لم تتلق أيّ دعم خارجي، أما معظم قوى المعارضة السورية تعاملت مع دول غربية وإقليمية ضدّ بلدها وطالبت منذ بداية الأحداث بإسقاط النظام وتسلّم الحكم واستخدمت كلّ أنواع الحرب مع النظام وصولاً الى عسكرة المعارضة وانصهارها في صفوف التنظيمات الإرهابية التي عملت على تدمير الدولة في سورية.
هذه المقارنة تكشف المعايير المزدوجة في موقف سلام بين الحالتين، فضلاً عن أنّ موقفه يشكل إدانة للرؤساء السابقين للحكومة خلال الأزمة السورية الذين لم يتخذوا المواقف نفسها من التدخل السياسي والإعلامي والعسكري لفريق 14 آذار في سورية.
وفي هذا الإطار انتقد مصدر وزاري سابق في حديث لـ«البناء» موقف سلام بعد كلام السيد نصرالله عن النظام البحراني، ورأى أنّ هذا الموقف إما أن يكون بالتوازي مع تصريحات بعض القوى السياسية اللبنانية التي تتهجم على الرئيس الاسد وإما ألا يدلي سلام بأيّ موقف من المسألتين، لأنّ السيد نصرالله ليس مسؤولاً رسمياً في الدولة اللبنانية ويحق له إبداء الرأي السياسي في أيّ قضية.
إذا كان موقف سلام من قضية البحرين الخطأ الأول، فإنّ الخطأ الثاني تمثل بمشاركة لبنان عبر سلام ووزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمر لمكافحة الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية ومن دون التنسيق مع أطراف الحكومة.
وتعليقاً على هذه المشاركة، يرى المصدر أنّ لبنان معني بمكافحة الإرهاب ومشاركته في مؤتمرات مكافحة الارهاب ضرورية، لكنه تساءل عن أي نوع من الإرهاب نتحدث؟ فهل يوجد اتفاق دولي على مفهوم موحد للارهاب وتحديد للجهات الإرهابية، لا سيما وأن هناك دولاً لا تعتبر أنّ «جبهة النصرة» إرهابية كما لا تعتبر ما تقوم به «اسرائيل» من جرائم أنها إرهابية كما أنّ لجنة حقوق الإنسان في جنيف تضع حزب الله اللبناني على لائحة الإرهاب وتتجنّب وضع «النصرة».
وشدّد المصدر الدبلوماسي السابق، على ضرورة أن يثير لبنان هذه النقاط قبل مشاركته في المؤتمر، خصوصاً انّ بيان جنيف الذي سيصدر خلال الأيام القليلة المقبلة خلال اجتماع لجنة حقوق الإنسان سيضع حزب الله في خانة الإرهاب.
أما الخطأ الثالث الذي ارتكبه سلام هو، إن صحت المعلومات التي تحدثت عن أنّ الوفد اللبناني في الامم المتحدة الذي يرأسه رئيس الحكومة، تجنّب اللقاء بالوفد السوري.
ثلاثة أخطاء ارتكبها سلام بحق سورية خلال أسبوع، فهل يصحّح هذه الأخطاء ويعلن بالحدّ الأدنى موقفاً من تهجمات البعض على سورية مشابهاً لموقفه من انتقاد السيد نصرالله للنظام في البحرين؟
فهل يذهب سلام حيث لم يجرؤ الآخرون؟