حسون: تركنا القدس لجهة واحدة فخسرناها ولا نريد خسارة الحرمَيْن الشريفَيْن شيباني: أيادٍ خفية تقف خلف الكارثة ولا بدّ أن تتحمّل السعوديّة المسؤوليّة

رضا زيدان

أقامت السفارة الإيرانية في العاصمة السورية دمشق حفلاً تأبينياً للحجاج الذي استشهدوا في حادثة «منى»، حضره رئيس مجلس الشعب السوري محمد جهاد اللحام، مفتي سورية الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون، وعدد من الوزراء وأعضاء مجلس الشعب السوري ورؤساء البعثات الدبلوماسية ورجال الدين وإعلاميون.

السفير شيباني

السفير الإيراني في سورية محمد رضا شيباني الذي كان وأركان السفارة في استقبال المشاركين في التأبين، أكد أنّ هناك أسباباً خفية وراء الحادثة التي تستدعي محاسبة السعودية، مشيراً إلى وجود العديد من المعطيات التي تؤكد أنها ليست صدفة، لا سيما أنّ الأمر نفسه يتكرّر باستمرار.

ولفت السفير شيباني في تصريح لـ«البناء» إلى أنّ القوانين الدولية تؤكد أنّ أيّ شخص يدخل إلى بلد معيّن تصبح لديه حقوق معترَف بها دولياً وعلى الدولة المضيفة احترام هذه الحقوق، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بحجاج بيت الله الحرام؟ مضيفاً أنّ هذه المصيبة التي حصلت في منى ليست حادثاً عادياً، حيث يشير حجم الكارثة إلى أنّ وراءها فشلاً إدارياً كبيراً وأياديَ خفية، مشيراً إلى «أنّ إيران اقترحت كخطوة أولى أن تقدّم المملكة السعودية كبلد مضيف اعتذاراً رسمياً من كلّ الدول التي ينتمي إليها الحجاج الذين راحوا ضحية هذا الفشل الكبير، وكذلك من ذوي الضحايا والمصابين بهذه الفاجعة، ولكن السعودية لم تستجب، وثانياً اقترحنا أن تُشكل لجنة إسلامية مشتركة لتقصي الحقائق، علماً أنّ هذا هو الحادث الرابع في موسم الحجّ هذا العام». وأوضح السفير شيباني أنه حتماً هناك سوء إدارة ويجب أن يعلم العالم الإسلامي أنّ إدارة المملكة فاشلة ويجب أن يتحد المسلمون لكي يشكلوا لجنة من الأطراف المختلفة من الدول الإسلامية للإشراف على الحجاج بالدرجة الأولى وأعمال الحج بالدرجة الثانية، تحت إشراف منظمة العالم الإسلامي، وذلك لتفادي أيّ مصيبة في مواسم الحجّ المقبلة. وأكد السفير الإيراني أنّ أمر الحج موضوع غير مرتبط بإيران والسعودية فقط، بل بالعالم الإسلامي أجمع، ولكن إيران تحمل الراية، وهذه الدماء يتحمّل مسؤوليتها العالم الإسلامي أجمع، فالجمهورية الإسلامية تسعى لإيجاد حلّ في هذا المجال. وأضاف: هنالك طرق شتى أمام الجمهورية الإسلامية… المنظمات الحقوقية والقانون الدولي وهناك المفاوضات، ونحن لا نريد تصعيد الموضوع بل نريد حلّ المشكلة، وفي هذا الإطار نحن نريد مساعدة المملكة لأداء وظائفها بشكل أمثل.

المفتي حسون

بدوره قال مفتي الجمهورية العربية السورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون: منذ سنوات ونحن نشهد أمثال مآسي حادثة منى، كلّ عام في مكة وأحياناً في المدينة المنورة… لذلك نحن منذ العام 1990، عندما كنت عضواً في مجلس الشعب، طلبت يومها رسمياً أن تسلّم إدارة الحرمين الشريفين إلى مجلس التعاون الإسلامي في العالم، وقلت حتى لا نخسر الحرمين الشريفين كما خسرنا القدس يومها، لا أقول إنّها بيد يهود، بل خسرناها بتقاعسنا لمّا تركنا القدس لجهة واحدة راحت منا القدس… واليوم مسؤولية مكة والمدينة ليست مسؤولية «آل سعود» بل إنها مسؤولية مليار و700 مليون مسلم في العالم، فحينما تحتكرها دولة أو عائلة فهذا بالنسبة لنا نوع من الإغلاق على العالم الإسلامي… وخصوصاً عندما يمنع البعض من الدخول إلى الحج ويسمح للبعض الآخر، وعلى سبيل المثال بالنسبة لي كإنسان مسلم مُنعت منذ العام 1981 إلى العام 1990 من دخول مكة والمدينة، علماً أنني كنت أتقدّم بطلب إلى السفارة السعودية في دمشق فيرفض طلبي ولا أدري حتى اليوم لماذا؟

وتوجّه المفتي حسون إلى آل سعود بالقول: «دماء المسلمين الذين قتلوا في منى هي في رقاب عائلتكم وليست في رقاب أهل الحجاز بل في رقابكم شخصياً لأنكم أنتم قلتم إنكم مسؤولون عن الحج، وما دمتم مسؤولين فلا تلقوا بالمسؤولية على الحجاج بحجة أنهم خالفوا الأوامر، فأنتم من حدّدتم لهم الشوارع التي ساروا فيها لكن تنظيمكم كان تنظيماً فاشلاً».

الصوّاف

من جهته قال الشيخ محمد شريف الصوّاف «إنّ هذه الفاجعة تخالف مقاصدنا حين نجد هذه الأضاحي البشرية تقدّم بلا ثمن وبلا جدوى إلا في حالة من حالات العبث وانعدام المسؤولية الكبرى التي يجب أن تكون أمام هذه المقدسات التي يقصدها المسلمون من بقاع الأرض كلها ليمارسوا عبوديتهم لله».

وأضاف: «من واجب مَن يقوم على رعاية هذا المقام، من مسؤوليته الدينية والأخلاقية والقانونية أن يؤمّن للحجاج أقصى ما يكون من خدمات التي تيسّر لهم هذه العبادة للحفاظ على أرواحهم وأموالهم وراحتهم، وهذا كلام نرسله اليوم ونحن نتحمّل مسؤولية الأمة في أصعب ما تمرّ به من أيامها».

وتابع: نحن نستنكر سوء التنظيم وسوء الإدارة وانعدام المسؤولية أمام هذه المشكلة الكبرى التي مضى مَن مضى فيها من مئات الحجاج، وعدم التعاطي مع هذه الفاجعة الكبرى في حقيقة ما فيها من مسؤولية من إعلان أسماء المتوفّين… سائلاً: لماذا في حادثة الرافعة تمّ الإعلان عن النتائج والأسماء خلال 24 ساعة، أما اليوم مع هذه الفاجعة الأكبر لا يتعاطى المسؤولون مع هذا الموقف كما ينبغي أن يكون؟

وأكّد أن هذا الحدث ليس حدثاً سعودياً أو قِطرياً إنما هو حدث أمة، هناك دول وجنسيات متعدّدة أصيبت، ولذلك بعد استنكارنا لعدم المسؤولية في التعاطي مع الحدث، نشكر الجمهورية الإسلامية لحكمتها في التعاطي مع هذا الموقف، حيث إنها لم تعلن مباشرة عما تعتقده وعما نقل إليها من وصف للحادث، وإنما طالبت بتحقيق عادل ونزيه وشفاف يظهر حقيقة ما وقع وأسباب ما وقع…

وختم حديثه بتأكيد المطالبة بلجنة تحقيق إسلامية تبيّن أسباب هذه الفاجعة الكبرى من أجل أن يتحمّل من فرّط واستهتر ومن لم يُقِم وزناً لدماء المسلمين أن يتحمّل المسؤولية الأخلاقية والدينية التي يجب أن يتحمّلها…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى