سحب «الباتريوت» يُربِك تركيا
ناديا شحادة
وجدت تركيا نفسها الدولة المربكة في ظل المستجدات التي طرأت على منطقة الشرق الأوسط، وبالذات على الملف السوري التي حاولت دبلوماسيتها جاهدة لعب دور رئيس في الأزمة السورية، ولكنها لم تجد استجابة من دول صناع القرار في العالم، فاستشرفت قلقاً مقبلاً من عدم استجابة الدبلوماسية الاميركية لها وليأتي قرار واشنطن بسحب صواريخ الباتريوت من الأراضي التركية ليزيد من القلق التركي.
فبعد الصدمة التي تلقتها الحكومة التركية ورئيسها رجب طيب اردوغان من قرار الحكومة الالمانية بسحب صواريخ الباتريوت، حيث أعلنت وزارة الدفاع الالمانية عن إنهاء مهمتها في تركيا وسحب قواتها المرافقة لبطاريات الصواريخ مع نهاية شهر كانون الثاني العام 2016، مبررة ذلك بانخفاض مستوى التهديدات والكلفة المرتفعة للعملية، مضيفة أن الخطر الرئيس في المنطقة أصبح تنظيم داعش، ليأتي قرار الولايات المتحدة بسحبها الصواريخ، وتتلقى انقرة صفعة جديدة، حيث اعلنت واشنطن في 16 آب من العام الحالي بأنها لن تقوم بتجديد مهمة بطاريات الصواريخ الموجودة على الأراضي التركية والتي ستنتهي في تشرين الأول من العام الحالي، وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع جيف ديفيس في 17 آب أن سبب سحب الصواريخ هو تراجع الحاجة لها.
فهذه التصريحات السابقة وتأكيد وزارة الدفاع الاميركية اليوم على سحب الباتريوت رغم تطور الاحداث في المنطقة، حسب ما أعلنت المتحدثة باسم الوزارة أمس 2 تشرين الاول لورا سيل قائلة إننا لازلنا ننوي سحب هذه الصواريخ المضادة للطيران في تشرين الاول، تفتح باب التساؤلات عن السبب الحقيقي وراء هذه الخطوة التي تعتبر دليلاً على تغيّر في سياسة حلف الناتو والولايات المتحدة في تعاملها مع اللاعبين في المنطقة، ومنهم تركيا غير الملتزمة بشكل تام باستراتيجية الناتو في محاربة تنظيم داعش وهذا ما أشار إليه خبير شؤون الدفاع في الحزب الاشتراكي المشارك في الائتلاف الحاكم في المانيا.
فالمتابع لمجريات الشرق الاوسط يؤكد أن قرار المانيا وواشنطن جاء لترويض النفوذ التركي وكبح جماحه، فاردوغان بات يخرج أكثر وأكثر من تحت سيطرة حلف الناتو. وهذا ما أكدته القيادية في حزب الخضر اليساري الالماني، فمع مجريات الاحداث التي نشهدها حالياً والتي ستأخذ المنطقة نحو منعطف جديد يحسم خيارها ويفتح الباب لإعادة تموضع اللاعبين الاقليميين ويمهد الطريق لإعادة رسم التحالفات وخريطة توازنات القوى، ففي هذا السياق يبدو الإعلان عن نية حلف الناتو سحب بطاريات الصواريخ من الأراضي التركية تأكيداً على محاولة تغيير في سياسة بعض الدول الغربية واميركا المتبعة في منطقة الشرق الاوسط، وتحسين علاقتها مع دولها، حيث اعتبر سابقاً نشر صواريخ بطاريات الباتريوت تهديداً مباشراً للمنطقة وتدبيراً غربياً لإشعال حرب عالمية وهذا ما اشار اليه قائد اركان الجيش الايراني حسن الفيروز ابادي.
وبالنظر الى توقيت الإعلان في ظل الاجواء الجديدة للمنطقة يؤكد المراقبون ان سحب صواريخ الباتريوت من الاراضي التركية يبدو خطوة مدروسة وموجهة من قبل الولايات المتحدة وحليفتها في الناتو المانيا لإعادة توزيع الاوراق في الساحة الاقليمية ورسالة ضمنية عن سحب الثقة من اللاعب التركي الذي ربما تعيد دبلوماسيته رسم سياستها الخارجية وتتخذ قرارات لإعادة بناء استراتيجيتها وفق المتغيرات الحاصلة في المنطقة كي لا تستبعد من أي معادلة او تسوية في الشرق الاوسط.