ميركل تبارك جهود موسكو في سورية وكاميرون يصفها بالخطأ
أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن التحالف بين دمشق وموسكو وطهران وبغداد ضد الإرهاب يجب أن يُكتب له النجاح، وإلا فنحن أمام تدمير منطقة بكاملها، وقال إن دولاً مثل إيران وروسيا اللتين تعرضتا للإرهاب إن توحدتا ضده وكافحتاه بما تملكان من أدوات عسكرية وأمنية ومعلوماتية إضافة إلى جوانب أخرى، فلا شك بأن هذا التحالف سيحقق نتائج فعلية، قائلاً: «لذلك أعتقد بأن فرص نجاح هذا التحالف الجديد هي فرص كبيرة».
ورأى الأسد أن عمليات التحالف الدولي الأميركي في سورية والعراق تحقق نتائج معاكسة، لأن الإرهاب توسّع برقعته الجغرافية وبزيادة الملتحقين به، مضيفاً أن «الدول الغربية لها سيد واحد هو الولايات المتحدة الأميركية»، مشيراً إلى أن «كل هذه الدول تتصرف بما يأمرها به المايسترو الأميركي»، على حدّ تعبيره.
ولفت الرئيس السوري في لقاء مع قناة «خبر» الإيرانية إلى أن «الغرب يريد إيجاد دول ضعيفة تلهو بخلافاتها الداخلية ولا يكون لديها وقت للتطور، ودعم القضايا الوطنية والقومية وفي مقدمها فلسطين»، مشدداً على أن «الحديث عن موضوع النظام السياسي أو المسؤولين في سورية هو شأن سوري داخلي». كما رأى الأسد أن «السعودية هي النموذج الأسوأ والأكثر تخلفاً وتأخراً على مستوى العالم في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، والمشاركة الشعبية في الدولة».
وأكد الرئيس السوري أنه لن يتردّد بالرحيل في حال كان هناك قرار شعبي بذلك، وقال: «لذلك أعود وأقول إن موضوع الرئاسة أو غيرها هي قضايا مرتبطة بالشعب السوري… أنا شخصيا قلت في أكثر من مناسبة عندما يكون هناك قرار من الشعب السوري بأن يبقى هذا الشخص سيبقى… وعندما يكون هناك قرار بأن يذهب يجب أن يذهب مباشرة. فالقضية ليست قابلة للنقاش في هذا الموضوع، ولكن إذا كان الرأي الخارجي عكس رأي الشعب السوري فليس له قيمة بكل بساطة. لذلك نحن نقول بأن العودة إلى الحوار والاستمرار بالحوار الذي يحصل من فترة لفترة هو الحل بالنسبة إلى الأزمة السورية».
كما نفى الرئيس الأسد، قيام روسيا بأيّ عمليات برية داخل سورية، مؤكداً أن «الوجود الروسي الأخير في سورية يشمل عمليات جوية وليس برية كما حاول الإعلام أخيراً تسويقه»، وشدد على أن «المساعدة العسكرية تأتي في هذا الإطار حصراً».
وحول وجود برنامج معين ومحدد للقوات الروسية في سورية أوضح الأسد أنه بالنسبة إلى الجانب الزمني لم يحدّد بعد، مؤكداً أن ذلك «بحسب تطورات الموقف»، متابعاً أن الخطط وضعت بالتعاون بين العسكريين السوريين والروس قبل فترة من الزمن عندما كان يحضّر لبدء مجيء القوات الروسية إلى سورية. وأضاف أن الصين «لا تساهم في مكافحة الإرهاب عسكرياً، بل هي أعلنت موقفاً واضحاً بدعم الدور الروسي في هذا الإطار».
وفي السياق، قال الأسد إن «الجانب المؤلم في قضية اللاجئين أنهم يطلقون النار على اللاجئ بيد ويقدمون له الغذاء باليد الأخرى، هذا ما يفعله الغربيون سورية كانت دائماً ملاذاً للاجئين عبر تاريخها أن يتحوّل السوري إلى لاجئ هذا شيء مؤلم جداً وربما يكون نقطة سوداء في تاريخ سورية».
وأكد التزام حكومته بخيار الحوار السياسي، قائلاً: «منذ بداية الأزمة قررنا أن يكون هناك حوار، وما زلنا نؤمن بهذا المبدأ ومن البداية قررنا مكافحة الإرهاب واليوم نحن
أكثر تمسكاً بهذا المبدأ»، إلا أنه اعتبر «الحديث عن موضوع النظام السياسي أو المسؤولين في سورية هو شأن سوري داخلي».
وأضاف أنه «عندما نصل في مؤتمر موسكو 3 إلى إجماع كسوريين، يصبح أي مؤتمر آخر، أو أي لقاء حواري آخر ملتزم بالإجماع الذي نصل إليه في موسكو».
وفي ما يتعلق بمفاوضات وحوارات بين الولايات المتحدة وروسيا قال الأسد: «نحن لدينا علاقات قديمة مع الاتحاد السوفياتي سابقاً وروسيا لاحقاً عمرها أكثر من ستة عقود اليوم، وهم لم يحاولوا أن يفرضوا علينا أي شيء عبر تاريخ هذه العلاقة وبخاصة في هذه الأزمة».
وحول الاطلاع على مضمون المفاوضات بين الأميركيين والروس قال: «نعم هناك تواصل مستمر بيننا وبين الروس. هم يتحدثون معنا في كل التفاصيل المتعلقة بالوضع السوري ومن ضمنها أي شيء يطرح من قبل أي دولة أخرى مع الروس أو أي حوار يجرى بينهم وبين تلك الدول سواء كانت دولاً حليفة أو خصوماً أو معادية. هناك شفافية كاملة بالنسبة إلى هذه العلاقة».
تصريحات الرئيس السوري تزامنت مع أخرى للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل اعتبرت فيها أن العمل العسكري في سورية أمر مطلوب، لكنه لن يضع حداً للحرب هناك، وأن روسيا تضطلع بدور مهم في تسوية الأزمة السورية.
وأشارت ميركل إلى أنه يمكن لروسيا والولايات المتحدة والسعودية وإيران أن تضطلع بدور مهم في التسوية السورية إضافة إلى ألمانيا وفرنسا، وقالت: «في ما يتعلق بسورية فقد أكدت من البداية أننا سنحتاج إلى جهود عسكرية، لكن هذه الجهود لن تجلب الحل وأننا بحاجة إلى عملية سياسية، لكن هذا لم يطبق بشكل جيد حتى الآن».
وأضافت المستشارة الألمانية أن «التوصل إلى حلّ سياسي في سورية يجعلنا بحاجة إلى مشاركة ممثلين عن جميع فصائل المعارضة السورية وعمّن يحكمون حالياً في دمشق، وإلى أطراف أخرى من أجل إحراز نجاحات فعلية على مسار التسوية. الأهم من ذلك يكمن في ضرورة تمثيل حلفاء كل مجموعة على حدة من الفرقاء».
من جهة أخرى، وصف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقصف مواقع الإرهابيين داخل سورية بأنه خطأ فادح، متعهداً تعزيز قدرات بلاده العسكرية لمحاربة التنظيم.
وقال كاميرون، أمس، خلال اليوم الأول للمؤتمر السنوي لحزب المحافظين الذي يترأسه «إنهم يساندون السفاح الأسد، وهو خطأ فادح بالنسبة لهم، وبالنسبة للعالم. سيزيد ذلك من عدم الاستقرار في المنطقة». وأضاف أن «معظم الضربات الجوية الروسية كما يمكننا أن نرى حتى الآن استهدفت أجزاء من سورية لا تخضع لسيطرة الدولة الإسلامية، لكن تخضع لمعارضين آخرين للنظام».
كذلك شدد كاميرون على أن التدخل الروسي في الحرب الأهلية الدائرة في سورية يجب ألا يمنع بريطانيا من المشاركة في ضرب تنظيم «داعش» هناك، داعياً في الوقت نفسه روسيا إلى الاعتراف بضرورة وجود بديل من الأسد، وإلى الانضمام إلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا. وقال موجهاً كلامه لروسيا: «غيروا الاتجاه، انضموا إلينا في ضرب الدولة الإسلامية، ولكن اعترفوا بأننا إذا أردنا أمن المنطقة فنحن بحاجة إلى زعيم بديل من الأسد».
فيما اعتبر وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أمس أنه ليس بوسع روسيا التصدي لمسلحي تنظيم «داعش» في سورية ودعم الرئيس السوري بشار الأسد في آونة واحدة. وقال إن «دعم روسيا له للأسد سيدفع المعارضة السورية إلى احتضان الدولة الإسلامية وسيعزز قوى الشر التي يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يريد تدميرها».
ميدانياً، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الطائرات الحربية الروسية «سو34» و»سو24 أم» و»سو – 25» نفذت 20 طلعة خلال الساعات الـ24 الماضية ووجهت خلالها ضربات إلى 10 مواقع تابعة لـ»داعش» في سورية.
وأوضحت الوزارة في بيان أن مقاتلات «سو 34» الروسية دمرت معسكر تدريب ومخازن أسلحة لـ «داعش» في ضواحي مدينة الطبقة قرب الرقة وذلك بواسطة قنابل جوية موجهة من طراز «كا إيه بي 500». كما استهدفت مركز قيادة للإرهابيين ودمرت مخازن أسلحة بمعرة النعمان.
وقصفت الطائرات الروسية معسكراً لتدريب الإرهابيين ودمرت أربعة مراكز قيادة لهم في ريف إدلب، حيث جرى تحديد الأهداف على أساس معطيات قدمتها أجهزة المخابرات الروسية والسورية بما في ذلك عن طريق الاستطلاع الجوي.
وقال مصدر مسؤول في وزارة الدفاع الروسية إن المقاتلات الروسية «سو 24» و»سو34» تستخدم في سورية صواريخ «جو – أرض» من طراز «إكس 29 أل».
وقال العقيد إيغور كليموف الناطق بلسان القوات الفضائية الجوية الروسية، إن هذه الصواريخ تتميز بالدقة العالية في الإصابة بفضل تزويدها بالرأس الموجه ذاتيا بواسطة الليزر، مشيراً إلى أن وزن القسم القتالي للصاروخ يبلغ 500 كيلوغرام وله قدرة تدميرية ضخمة بفضل احتوائه على مواد انشطارية شديدة الانفجار.
وأعلن مدير إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة الروسية، الفريق أول أندريه كارتابولوف للصحافيين في موسكو، أول من أمس السبت، أن القوات الجوية الروسية المتمركزة في سورية قامت منذ يوم الأربعاء الماضي بأكثر من 60 طلعة استهدفت خلالها أكثر من 50 موقعاً من البنية التحتية لتنظيم «داعش» في سورية.
وأضاف: «الضربات كانت تشن على مدار الساعة من قاعدة «حميميم» في كل عمق الأراضي السورية»… واستطعنا خلال ثلاثة أيام تقويض القاعدة المادية والتقنية للإرهابيين وتقليص قدرتهم الحربية بشكل ملموس».
الى ذلك، أعلن مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيجوف أن عملية موسكو الجوية العسكرية في سورية تهدف إلى القضاء على الخطر الذي يشكله الإرهاب على المنطقة والمجتمع الدولي برمته، وقال إن الوجود العسكري الروسي في المنطقة ليس مثيراً بالمقارنة مع وجود بعض الدول الأخرى هناك.
وذكر تشيجوف أنه ليس على علم بموعد انتهاء العملية الروسية، موضحاً أنها ضرورية طالما يوجد هناك تهديد إرهابي.
ورداً على السؤال عن سبب إقدام روسيا على خطوات نشيطة في سورية بعد أربع سنوات على اندلاع النزاع هناك قال تشيجوف: «أصبح الوضع يشكل خطراً ليس على سورية فحسب، وإنما على منطقة الشرق الأوسط برمتها… فشعرنا بأنه علينا أن نبدأ العمل وفق القانون الدولي».
وأضاف أن حوالى ألفي مواطن روسيا ومن الدول الأعضاء في رابطة الدول المستقلة يحاربون إلى جانب جماعات إرهابية في سورية، مشيراً إلى الخطر الذي سيشكلونه لدى عودتهم إلى بلدانهم، مشدداً على أن العسكريين الروس لا يتدخلون في الوضع السياسي في سورية، مؤكداً أنهم لا يشنون ضربات على مواقع «المعارضة المعتدلة».