الضربات الجوّية الروسية تخيف الغرب… وسورية تفضح ضعف أوباما
ما زالت الضربات الجوّية التي توجّهها روسيا إلى مواقع «داعش» في سورية، محطّ اهتمام الصحف الغربية، التي تنشر يومياً تقارير متنوّعة الأهداف والرسائل، منها ما يشكّك في جدوى هذه الضربات، ومنها ما يحاول زرع العثرات أمامها، ومنها ما ينتقد التحالف الدولي الذي قادته واشنطن على مدى أكثر من سنة ولم يؤتِ أيَّ ثمار.
في هذا الصدد، نشرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية موضوعاً تطرّقت فيه إلى ردود الفعل الغربية على استمرار الغارات الجوّية الروسية على مواقع «داعش» في سورية. ناقلةً عن صحف غربية عدّة، آراء ومقتطفات من شأنها أن تصب في خانة أنّ الغارات الجوّية الروسية في سورية مستمرّة في إخافة الغرب.
أما صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية، فنشرت مقالاً لتيم كولينز قال فيه إنه من المحتمل أن يصوّت البرلمان البريطاني على احتمال المشاركة في الحملة ضدّ تنظيم «داعش» في سورية. ولم يحدّد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تاريخاً للتصويت. وأن الأمر في سورية ازداد تعقيداً مؤخراً بعد الدعم العسكري الروسي لنظام الأسد عن طريق قصف كل معارضيه، بما فيهم «الجيش السوري الحرّ» والأكراد، الذين تدرّبهم بريطانيا وتمدّهم بالسلاح.
فيما رأت صحيفة «لوبوان» الفرنسية أن الدخول القوي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الصراع السوري، وقصفه قوات «معارضة» مدعومة من الولايات المتحدة، يمثّل إهانة للرئيس الأميركي باراك أوباما وباقي زعماء الدول الغربية. وقالت الصحيفة إن لفهم الدوافع التي جعلت بوتين يُسرّع نسق الحضور العسكري الروسي في الشرق الأوسط، يكفي إلقاء نظرة على الأجندة الانتخابية الأميركية، فالروس يرون أنهم لم يتبق لديهم أكثر من 16 شهراً، قبل وصول ساكن جديد للبيت الأبيض من المؤكد أنه سيكون أقل سذاجة ومثالية من باراك أوباما.
«نيزافيسيمايا غازيتا»: الغارات الجوّية الروسية في سورية مستمرّة في إخافة الغرب
نشرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية موضوعاً تطرّقت فيه إلى ردود الفعل الغربية على استمرار الغارات الجوّية الروسية على مواقع «داعش» في سورية.
وجاء في المقال: وزارة الدفاع الأميركية ـ «البنتاغون» والناتو ينصحان موسكو بالعمل بحذر وقصف مواقع «داعش» دون غيرها. كما أعلن صحافيون من مجموعة «Bellingcat» عن نيّتهم مراقبة دقة ما تنشره وزارة الدفاع الروسية في شأن نتائج الغارات التي تشنها الطائرات الروسية على مواقع «داعش». والمقصود هنا جمع معلومات عن عدم صحة ما تنشره وزارة الدفاع الروسية. وتشير «Bellingcat» إلى أنها ضمن إطار هذا المشروع، تنوي نشر أجهزة لتحديد المواقع الجغرافية، ثم تحليل أشرطة الفيديو التي تنشرها الوزارة عن الغارات في سورية.
كما جاء في بيان المجموعة الصحافية، «بعد أن يتم تحديد المواقع الجغرافية نخطط لجمع معلومات إضافية عن طريق النشطاء المحليين حول المواقع التي تعرضت للقصف».
من جانبها، تقول صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، إن طبيعة الغارات الجوية الروسية والأميركية في سورية تركت بعض الأسئلة عن هدفهم منها. فقد أعلن الجانبان عن رغبتهم بسحق منظمة «داعش» الإرهابية المحظورة في روسيا . ولكن روسيا تعتبر المنظمات الحليفة للولايات المتحدة منظمات إرهابية. وتشير الصحيفة إلى أنه خلال الفترة من 30 ايلول ـ 4 تشرين الأول 2015 هاجمت الطائرات الروسية مواقع المنظمات المعارضة للحكومة السورية، لا مواقع «داعش».
من جانب آخر، كانت الهجمات الجوية الأميركية خلال الفترة من 25 أيلول ـ 4 تشرين الأول 2015 مركزة على مواقع «داعش» والأكراد.
من جانبه، أعلن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيتخذون خطوات لمواجهة روسيا في ما يخص عملياتها العسكرية في سورية. ومع ذلك تبقى واشنطن مستعدة للتعاون مع روسيا. وبحسب قول كارتر، فإن عمليات روسيا تسببت في تصعيد الحرب في سورية، وقال: «نحن ندعو روسيا إلى العمل بأمان. ونحن على استعداد للتعاون لاحقاً مع روسيا».
أما صحيفة «ديلي إكسبرس»، فتشير إلى أن الناتو دعا روسيا إلى عدم القيام بغارات جوية ضد المعارضة السورية، والتركيز على مكافحة «داعش» والعمل على تسوية النزاع السوري عن طريق «انتقال السلطة سياسياً». من دون النظر إلى أن روسيا تؤكد على أن هدف الغارات الجوية لطائراتها في سورية يتمثل بـ«داعش» ومتطرفين آخرين، إلا أن الناتو يعتبر أن موسكو تهاجم منظمات مثل «الجيش السوري الحرّ».
من جانبها، تشير صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن روسيا تنوي خلال بضعة أيام، القيام بغارات جوية على مواقع المجموعات المسلحة في سورية التي لها علاقة بوكالة الاستخبارات الأميركية. ويقول مسؤول أميركي رفيع المستوى: «كان من الممكن في اليوم الأول اعتبار ذلك خطأ. ولكن في اليومين الثالث والرابع لم يعد هناك شك في أنها مقصودة. انهم يعلمون لماذا يقومون بهذه الغارات».
أما صحيفة «دويتشه فيله» الألمانية، فتقول استناداً إلى مصدر في البنتاغون، إن روسيا تنشر في سورية أسلحة وقوات تمهيداً للعمليات البرية. المقصود هنا أربع منظومات لقاذفات الصواريخ « BM-30»، التي رصدت بين مدينتَي حمص وإدلب. وزارة الدفاع الأميركية تعتقد أن هدف موسكو ليس «داعش»، إنما «المعارضة السورية».
وتقارن «فايننشال تايمز» النزاع السوري بالحرب الأهلية في إسبانيا في ثلاثينات القرن الماضي، إذ تشير إلى أن تلك الحرب جرت بـ«أياد أجنبية»، والأمر نفسه يلاحَظ حالياً في سورية. وتضيف الصحيفة: «روسيا والولايات المتحدة توجّهان ضربات جوّية في سورية، وفي الوقت ذاته يسعى المرتزقة الأجانب للدخول إلى سورية». و«أن روسيا تورطت في مستنقع النزاع السوري وتغامر بإثارة غضب مواطنيها من المسلمين».
«تلغراف»: يجب أن يكون لسنّة سورية دولتهم الخاصة
نشرت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية مقالاً للكاتب تيم كولينز قال فيه إن ثمة احتمالاً قوياً أن يصوّت البرلمان البريطاني على احتمال المشاركة في الحملة ضدّ تنظيم «داعش» في سورية. ولم يحدّد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تاريخاً للتصويت.
ويقول كولينز إن التصويت الأخير للبرلمان البريطاني في شأن سورية كان عام 2013 وكان التصويت فيه ضدّ توجيه ضربة لسورية.
ويضيف أن التصويت السابق كان لتوجيه ضربة لنظام الأسد، ولكن التصويت الجديد سيكون بمثابة توجيه ضربة لمصلحة نظام الأسد ضدّ خطر أكبر.
ويرى كولينز أنه في حال موافقة البرلمان، سيصب الهجوم البريطاني أيضاً في مصلحة جماعة يسيطر عليها الحرس الثوري الإيراني، ألا وهي حزب الله اللبناني.
ويضيف أن الأمر في سورية ازداد تعقيداً مؤخراً بعد الدعم العسكري الروسي لنظام الأسد عن طريق قصف كل معارضيه، بما فيهم «الجيش السوري الحرّ» والأكراد، الذين تدرّبهم بريطانيا وتمدّهم بالسلاح.
ويقول كولينز إنّ المعلومات الاستخبارية تشير إلى أن تركيب تنظيم «داعش» ذاته تغيّر من جرّاء الغارات الأميركية التي تستهدفه. فعلى رغم أن البعثيين العراقيين ما زالوا يسيطرون على التنظيم ويتولون قيادة معظم جنوده وهم من المقاتلين السنّة العرب، ولكن ضعف التنظيم نسبياً من جرّاء الهجمات الغربية أدّى إلى صعود مقاتلين أجانب إلى الصفوف الأمامية.
وتقول الصحيفة إن القبائل السنّية التي تقيم في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم تزايد رفضها للتنظيم. ويرى كولينز أن هذه القبائل السنّية بحاجة إلى محفز يدفعها إلى الثورة في وجه التنظيم، وأنه يجب إعطاء السنّة وطناً بعيداً عن سيطرة إيران ووكلائها، وآمناً من تنظيم «داعش»، ووعوداً حقيقية بالحصول على العمل والتعليم والأمان. وذلك يعني خلق دولة للعرب السنّة بعيدة عن النفوذ الخارجي.
«لوبوان»: سورية كشفت ضعف أوباما وفشله
رأت صحيفة «لوبوان» الفرنسية أن الدخول القوي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الصراع السوري، وقصفه قوات «معارضة» مدعومة من قبل الولايات المتحدة، يمثّل إهانة للرئيس الأميركي باراك أوباما وباقي زعماء الدول الغربية.
وقالت الصحيفة: لم يمرّ أكثر من 48 ساعة فقط بعد تعبير أوباما، على هامش اجتماع الأمم المتحدة، عن ارتياحه لانضمام الروس للحرب ضد تنظيم «داعش»، حتى سارع بوتين لتوجيه إهانة كبيرة له عبر إطلاق طائرات «سوخوي» المقاتلة، ليس بهدف تدمير مواقع تنظيم «داعش»، إنما من أجل استهداف القوات «المعارضة» لبشار الأسد، التي توجد من بينها مجموعات مسلحة ومدربة من قبل الولايات المتحدة.
وأضافت أن الرئيس الروسي أوضح بما لا يدع مجالاً للشك أن أولى أولويات طائراته وصواريخه تتمثل في الدفاع عن الأسد، وأن محاربة الإرهاب تعتبر هدفاً ثانوياً بالنسبة إليه.
واعتبرت الصحيفة أن الرئيس الروسي أظهر من خلال تحركاته الأخيرة أنه بارع في المناورة والمخادعة، فبينما كان التحالف الغربي يركز أنظاره على الموقف الروسي في أوكرانيا، إذ بدا مؤخراً أكثر تسامحاً وسلمية، والتعهد الروسي بالوقوف مع الغرب في الحرب على تنظيم «داعش»، تسللت روسيا في غفلة من المجتمع الدولي وعزّزت حضورها العسكري في الشرق الأوسط، من خلال دعمها النظام السوري.
وأضافت الصحيفة، في سياق حديثها عن المغالطات الروسية، أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال زياراته إلى باريس وواشنطن، برّر التدخل الروسي بالقول: «نحن على عكس الدول الغربية، نتحرك في إطار القانون الدولي، باعتبار أن الضربات الجوّية تتم بطلب وبتنسيق مع النظام الشرعي».
وقالت الصحيفة إن زعماء الغرب كانوا قد اشتمّوا رائحة الخدعة الروسية منذ أسبوع، بعد توقيع اتفاق في بغداد، عشية اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرّرت من خلاله إيران ونظام الأسد والحكومة العراقية وروسيا، توحيد جهودها الاستخبارية في المنطقة.
واعتبرت الصحيفة أن هذا الاتفاق يعني أن روسيا لا تعير أي اهتمام للجهود المبذولة منذ سنة من قبل القوى الغربية والخليجية لتدمير تنظيم «داعش»، وأنها ترى نفسها صاحبة اليد العليا في اللعبة العسكرية في العراق وسورية.
وأضافت أن الإهانة التي أرادها بوتين لأوباما والغرب اكتملت، عندما وجّه الروس إنذاراً للقيادة العسكرية الأميركية في بغداد، التي تنسق العمليات للتحالف الدولي، قبل ساعة فقط من شروع المقاتلات الروسية في شن غاراتها، من أجل تجنب تصادم لا تحمد عقباه بين طائرات «سوخوي» الروسية و«أف 16» الأميركية.
وقالت الصحيفة إنه لفهم الدوافع التي جعلت بوتين يسرع من نسق الحضور العسكري الروسي في الشرق الأوسط، يكفي إلقاء نظرة على الأجندة الانتخابية الأميركية، فالروس يرون أنهم لم يتبق لديهم أكثر من 16 شهراً، قبل وصول ساكن جديد للبيت الأبيض من المؤكد أنه سيكون أقل سذاجة ومثالية من باراك أوباما، وفق تعبير الصحيفة.
وأضافت أن سذاجة أوباما، التي جعلته محلّ سخرية الروس، وصلت به إلى درجة التعبير عن أحلامه الوردية أمام مجلس الأمم المتحدة خلال الأسبوع الماضي، من خلال القول: «أنا أؤمن بعمق بأننا نحن، شعوب العالم، يتوجب علينا التعهد بالتوقف عن اعتماد سياسات الضغط والصراعات».