الحرب على الإرهاب وفرصة لبنان الذهبية
محمد حمية
عادت عرسال إلى الواجهة الأمنية من بوابة استهداف الجيش اللبناني بعد هدوء دام أشهراً على هذه الجبهة، فقد تعرّض مركز تابع للجيش يوم الأربعاء الماضي في منطقة حرف الجرش – رأس بعلبك، لسقوط عدد من قذائف الهاون مصدرها المجموعات الإرهابية المسلحة في جرود المنطقة، ما أدى إلى إصابة خمسة عسكريين بجروح، فيما قامت وحدات الجيش بالردّ على مصادر النيران وقصفت مواقع المسلحين في جرود عرسال بالمدفعية الثقيلة.
ما هدف هذا التصعيد؟ هل هي محاولة لفك الطوق والحصار عن المسلحين أم استدارج الجيش لإشعال هذه الجبهة؟
مصادر عسكرية أشارت لـ«البناء» إلى أن هذه القذائف التي أطلقها المسلحون ليست مجرد رسائل إلى الجيش، بل هي اختبار وسبر مدى استعداده لأي معركة مقبلة يُعدّ لها المسلحون وهي معركة استكمال الجيش السوري والمقاومة تحرير القلمون بعد أن حسمت جبهة الزبداني.
وأوضحت المصادر أن عملية القلمون ستدفع المسلحين باتجاه الشمال لوجود طريق مفتوحة لهم إلى إدلب، لكن بعد القصف الروسي على هذه المنطقة باتت هذه الطريق صعبة وخطرة، ورجّحت المصادر أن يفرّ عدد كبير من المسلحين من القلمون السوري إلى لبنان إذا بدأت معركة القلمون، وتخوّفت المصادر نفسها من تداعيات قادمة على لبنان جراء هذه المعركة التي يجب الاستعداد لها، خصوصاً أن هذه المجموعات الإرهابية المحاصرة ستقوم بخرق ما في الأراضي اللبنانية مع بداية فصل الشتاء ومع اشتداد الضربات الروسية والسورية عليها.
هذا التصعيد الأمني المستجدّ في الجرود تزامن مع جملة من المؤشرات التي تشي بسعي جهات ما إلى تصعيد الوضع الأمني في لبنان.
أبرز هذه المؤشرات: تحريك ملف العسكريين المخطوفين في الشارع تجلّى بقطع بعض الطرقات الحيوية في بيروت كطريق المطار. ثانياً سلسلة توقيفات قامت بها الأجهزة الأمنية في الآونة الأخيرة لا سيما يوم أمس، لأشخاص ينتمون أو يشتبه في انتمائهم إلى خلايا إرهابية، فقد أوقف الجيش في منطقة وادي حميد – عرسال، المواطن حسين محمد الحجيري، للاشتباه في انتمائه إلى مجموعات إرهابية، وداهمت مخابرات الجيش منزلاً في بلدة اللبوة البقاعية المحاذية لبلدة عرسال، وأوقفت السوري محمد كبار لتورطه بأعمال إرهابية، كما أوقفت المديرية العامة للأمن العام السوري ع.ب. لانتمائه إلى تنظيم «جبهة النصرة» واشتراكه مع آخرين على شراء الأسلحة والذخائر الحربية على أنواعها ونقلها إلى جرود عرسال وإلى داخل الأراضي السورية لمصلحة التنظيم المذكور، كما أوقفت المواطن محمود حسن عز الدين في عرسال، للاشتباه في انتمائه إلى الجماعات الإرهابية.
وفي هذا الإطار، رأت المصادر أن توقيف هذا العدد من المنتمين الى خلايا إرهابية يؤشر الى تصاعد النشاط الإرهابي، وبالتالي تزايد احتمالات القيام بأعمال إرهابية، وأضافت: أنه في ظل عجز الحكومة عن اتخاذ القرارات والانقسام السياسي وشلل المؤسسات، فإن احتمال توتير الوضع الأمني يصبح وارداً في أي لحظة، لأن الفراغ السياسي يؤدي الى التوتير الأمني. وتوقعت أن يشهد لبنان تطورات دراماتيكية أكثرها خطورة لعب بعض الجهات الإقليمية بورقة مخيمات النازحين السوريين لا سيما في عرسال في ظل انفجار أزمة اللاجئين في أوروبا وما يتردد عن مخطط لتوطين النازحين السوريين في لبنان.
هذا الخطر المقبل على لبنان من الجرود يطرح علامات استفهام عديدة حول استمرار بعض الأطراف السياسية برفض أي قرار سياسي لتأمين الغطاء الكامل للجيش بالدخول الى عرسال ومداهمة مخيمات النازحين السوريين التي وبحسب مصادر أمنية لا تزال تؤوي عدداً كبيراً يقدر بالآلاف من المسلحين الذين يتنقلون بين عرسال البلدة والجرود فيما ممرات المساعدات الغذائية والطبية مؤمنة لهم.
في ظل شبه الاتفاق العالمي على مكافحة الإرهاب ومع التدخل الروسي العسكري في سورية والعمل على تشكيل حلف إقليمي يضمّ سورية والعراق وإيران لمواجهة الإرهاب، ماذا على لبنان أن يفعل؟
المصادر العسكرية وصفت الحرب الدولية الإقليمية على الإرهاب فرصة للبنان للخلاص من الإرهابيين الذين يحتلّون الجرود ويهدّدون أمنه بشكل دائم، ودعت الدولة اللبنانية والجيش والمقاومة إلى ضرورة التحضير لعملية عسكرية استباقية واسعة ضد الإرهاب في الجرود مواكبة للعملية التي يقوم بها الجيش السوري وحلفائه في سورية على وقع الضربات العسكرية الروسية وبالتالي دفع المسلحين للانسحاب الى الشمال، كما حصل في الزبداني وإخراجهم من الأراضي اللبنانية مقابل إطلاق العسكريين المخطوفين. فهل يستغل لبنان هذه الفرصة التي ربما لن تتكرّر؟