السعودية بين الهزيمة والجدران… هل من مخرج؟

فاديا مطر

باتت المقاومة الإسلامية اللبنانية عاملاً مؤثراً في المعادلات الإقليمية بعد ازدياد قدراتها الاستراتيجية على مستوى الصراع مع العدو «الإسرائيلي»، بعد أن شكل انتصار التحرير في العام 2000 متغيراً استراتيجياً وعسكرياً بالغ الأهمية ومعادلة متوازنة مع أصابع المشروع الأميركي ـ «الإسرائيلي» مما جعل المقاومة عاملاً داعماً للمحور الإقليمي الداعم لها، بوجه من دعموا ووفّروا غطاء للعدوان من قوى استعمارية ورجعية ، فقد أشار سماحة السيد نصر الله في خطابه بـ17 نيسان 2015 أن «السعودية هي من يقدّم كل أشكال الدعم الاستخباري واللوجستي لداعش والقاعدة اللذين يقاتلان ومن معهما من حلفائهما»، فرغم ما كشفته حرب تموز 2006 من أدوار عربية متآمرة على المقاومة كشفت في سياقها الكثير من المواقف المحلية المتعلقة بها، إلا أن المقاومة أبقت الأبواب مفتوحة لكل القوى المحلية والعربية في مراجعة سياسية لاكتشاف خيبة الأسطورة الصهيو ـ أميركية، بدون تسمية الأسماء بمسمّياتها، والإبقاء على سياسة حذرة ومنهجية متأنية في المواجهات المقبلة. وهو ما شكل سياجاً وطنياً وشعبياً حولها أبرزت فيه معادلتها الثلاثية الشهيرة «الجيش والشعب والمقاومة». لكن الانتقال في المفهوم المنهجي للمقاومة إلى مرحلة «تسمية الأسماء بمسمياتها» هو ما جعل خطاب المقاومة ينتقل من النصح إلى التوصيف الحقيقي لتورط السعودية كرأس حربة في الحرب على سورية واليمن وإدارة المخططات الإرهابية للتقسيم والتدمير الممنهج عن طريق توالد الإرهاب المستقدم من كل جهة، وارتباطها الوثيق بالعدو الإسرائيلي، فقد قال سيد المقاومة بخطاب يوم القدس العالمي في 10 / 7 / 2015 إن «الحرب على اليمن هي أكبر خدمة تقُدمها السعودية لـ«إسرائيل»»، فهذا الربط الإيديولوجي الواضح سمح للمقاومة بأن تكون في قلب توازنات المنطقة التي تغير الحسابات، وهو تموضع جعلها «مطلوباً رأسها» عن طريق الحرب على سورية ومن يدعمها من رجعية عربية سعودية وتركية وقطرية دعت سيد المقاومة للقول في الذكرى السنوية للقادة الشهداء في 16 / 2 / 2015 إن «داعش صناعة الموساد «الإسرائيلي» والمخابرات الأميركية والبريطانية ونحن ذاهبون لقتاله إلى أبعد مدى». فهو كلام يتعدى مرحلة النصح التي قدمها سماحته للسعودية بأن «هدف «داعش» هو مكة المكرمة والمدينة المنورة»، داعياً إلى التفتيش عن الموساد «الإسرائيلي» والمخابرات الغربية في أهداف «داعش» وصولاً إلى ما ذكره في خطابه المتلفز في 17 نيسان 2015 بأن «آن الآوان أن يقف المسلمون والعرب والعالم الإسلامي ليقول للمملكة العربية السعودية «كفى». فهو وصف تحذيري يكشف ما تتوجه إليه السعودية من ابتعاد من ضفة النجاة. وتبّدى نصر المقاومة ومحورها بشكل واضح على محور يخدم «إسرائيل» وهو سبب ما يجري، وأن ما يجري خطير ولن نقف مكتوفي الأيدي. كما قال في حواره على الإخبارية السورية في 6 نيسان 2015 إننا «لا نخشى الحرب إن حصلت ولا نخاف منها وسنقف فيها وننتصر». فهو مؤشر للاستعداد للقتال دفاعاً عن الأرض وإخلاصاً للمقاومة في فلسطين المحتلة، فما كان من تنسيق بين المقاومة والجيش العربي السوري في معارك إستراتيجية عدة أثبت أن ما كان يصفه السيد نصر الله أصبح واضحاً أنه فكر تكفيري إرهابي مدعوم إقليمياً ودولياً، كما أكد في مؤتمر الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة في بيروت في 28 / 7 /2015 «أننا نواجه مشروعاً صهيونياً يعمل في جميع العالم، فهو أوسع من احتلال فلسطين وتجب مواجهته بكل امتداداته» وهو ما أثبتته معركة القلمون والزبداني وغيرها من المعارك التي فضحت الدعم الصهيو ـ عربي للجماعات التكفيرية بمختلف مسمياتها وبرامجها التي دفعت فيها ثمن الفشل الذريع. وما توضّح من نصر للمقاومة وحلفائها بشكل لا يقبل الشك أو حتى التشكيك ، لكن الارتباطات السعودية المتأخرة عن أي ركب إقليمي ودولي متغير، خصوصاً بعد القدوم الروسي إلى سورية والتفاهم النووي يجعل منها أضعف لبنة في هرم الإرهاب المتهاوي دراماتيكياً من مشروع إخواني وفصائل وهابية وسلفية متطرفة وصلت على ما يبدو إلى ما ستصل إليها السعودية بعد التحذير والتوصيف، فقول سماحة السيد في حواره على الإخبارية السورية واضح بمراميه عندما قال «حيث يجب أن نكون وهناك حاجة أن نكون ونستطيع أن نكون، نكون». وفي حديث له في التاسع من الشهر الحالي ما هو إلا مؤشر لتتهيأ السعودية لمرحلة صادمة وصفها بأنها «هزيمة نكراء وتاريخية ستلحق بالقوات السعودية في اليمن». فهو ما يشبه صدم الرأس بالجدار أو الوقوف على ضفة الهزيمة في قضية أولها «النصر سيأتي» في اليمن وآخرها «أننا تجاوزنا مرحلة الخطر بناءً على التطورات الداخلية والإقليمية والدولية» في القضية السورية، فهل وصلنا فعلاً إلى مرحلة التصادم…أم أن هناك فرصة لتفادي المواجهة؟

فاديا مطر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى