السنيورة يقايض بين الدرجات الست وTVA

هتاف دهام

لا يزال رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة مُصراً على تعطيل إقرار أيّ سلسلة رتب ورواتب من دون هندسته المالية الضرائبية. خرج من المجلس النيابي أمس بعد الاجتماع الذي ضمّه ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ووزيري المال علي حسن خليل والتربية الياس بو صعب، ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان والنائبين جمال الجراح وجورج عدوان، مدركاً حقيقة التوازن الحاصل بين الإيرادات والنفقات، وأن لا شيء يمنع من إقرار السلسلة.

إلا أنّ رئيس نواب المستقبل قرّر وضع العصي في دواليب السلسلة. اشترط المقايضة بين الإقرار وبين زيادة ضريبة الـ TVA بنسبة 1 في المئة على كلّ السلع الاستهلاكية، لأنّ أحداً لا يستطيع أن يضمن الإيرادات، مع علمه أن لا حاجة لها، وأنها مرفوضة من كتلتي الوفاء للمقاومة والتحرير والتنمية وتكتل التغيير والإصلاح وهيئة التنسيق النقابية. يصرّ السنيورة على عدم إعطاء الأساتذة حقوقهم بالدرجات الست، والاكتفاء بثلاث درجات، وهو ما شدّد وزير التربية على رفضه، لأنّ الإيرادات المرتقبة قادرة على إعطاء الـ6 درجات.

لا خلفيات تقنية أو رقمية تقف عائقاً أمام إقرار السلسلة. فالاجتماع الذي عُقد في مكتب الرئيس بري لأكثر من ساعتين استعان بأرقام وزير المال الذي قدم شرحاً تفصيلياً عن الواردات التي تزيد على 2100 مليار ليرة، من دون احتساب واردات أيّ زيادة على الـT.V.A، وانتهى إلى أنّ هناك توازناً حقيقياً بين الإيرادات والنفقات، وأنّ الارقام لم تعد وجهة نظر، وأنّ الكلّ أجمع على السير بالدرجات الست، بزيادة طفيفة على رتب العسكريين لا تتعدّى سقفاً محدوداً، باستثناء السنيورة الذي كان خائفاً من الوقوع في «الجورة»، باعتباره أنّ الدولة كلها عاجزة، وفي الأساس، نحن نحتاج إلى الضريبة على القيمة المضافة، إذا لم يكن للسلسلة فلشيء آخر، لأنها تساعد وتشكل عنصراً مهماً، وهذه عادة السنيورة في التلاعب بأرقام المالية العامة وتدويرها ونقلها من بند إلى بند، وهو الذي أقرّ سابقاً أمام مجلس النواب بأنه استخدم الهبة السعودية لتغطية فوائد الدين العام فيما هي كانت مخصّصة للمساهمة في إعمار الضاحية الجنوبية بعد حرب عام 2006.

وافق المجتمعون على زيادة التعرفة الكهربائية التي تؤمّن 350 مليار ليرة وزيادة الرسوم على المشروبات الروحية التي تأتي بـ40 مليار ليرة، والضريبة على المخالفات البحرية التي تأتي بـ65 مليار ليرة، إضافة إلى رسم الطابع المقطوع على الشركات والبناء الأخضر.

إلا أنّ السنيورة يريد فرض المقايضة بين TVA، التي يضع فريق 8 آذار فيتو عليها، وبين إعطاء الأساتذة الدرجات الست، وأمام احتدام النقاش الذي دار بين رئيس كتلة المستقبل وبين الوزير خليل والنائب كنعان اقترح رئيس المجلس أن تعقد الجلسة اليوم على أن يتمّ اللجوء إلى التصويت لحسم البنود العالقة إلا أنّ السنيورة بقيَ متمسكاً بضرورة التوافق المسبق حول كلّ بنود السلسلة.

بات إقرار السلسلة مسألة خيارات سياسية. العقدة الأساسية عند رئيس التيار الأزرق الذي أكدت مصادره لـ«البناء» أن أي اتفاق واضح لم يحدث وأنّ السلسلة لن تقرّ.

طرح تصرّف السنيورة في الاجتماعين اللذين عقدا في مكتب الرئيس بري أمس والأسبوع الفائت أسئلة عدة، هل فعلاً ما يعيق السلسلة خلافات حول الأرقام؟ أم أنّ هناك خلفية سياسية لما يجري؟ هل تصرّف الرئيس السنيورة هو نوع من الضغط الذي له علاقة بالملفات الأخرى لجهة أن لا سلسلة من دون ضمان سير عمل الحكومة، ما يعني أنّ الملفات باتت كلها مترابطة ببعضها في ظلّ الشغور الرئاسي، حكومة معطلة، مجلس معطل، فسلسلة معلقة؟

لن يشارك نواب 14 آذار في جلسة سلسلة الرتب والرواتب اليوم. قرار عدم المشاركة لن يلزم النائب بهية الحريري. فهي ستحضر إلى المجلس النيابي كما حضرت الأسبوع الفائت، لا سيما أنها كانت قد خرجت من الاجتماع أمس بأجواء إيجابية. وأكدت أنّ الاتفاق في الشق التربوي تمّ بين كلّ الأطراف بمن فيهم هيئة التنسيق وأنه كان من المفترض أن تعلن الصيغة النهائية اليوم.

لا تناغم على الإطلاق بين نائبة صيدا ورئيس المستقبل في السلسلة فلما أخذت النائب الحريري كما تقول مصادرها الضوء الأخضر وهامشاً للتحرك من النائب سعد الحريري في ملف السلسلة، فإنّ عدم التنسيق بين النائب الحريري والسنيورة سيستمرّ مع تشدّد الأخير في ملف الاساتذة.

إذن، لا نصاب، ولا جلسة اليوم، مع مقاطعة 14 آذار مجتمعة، وعدم حضور كتلة التضامن الوطني التي أكد رئيسها نجيب ميقاتي أمس أنّ الأمور عالقة بين الأخذ والردّ. ولو تأمّن النصاب من فريق 8 آذار وتكتل التغيير والإصلاح واللقاء الديمقراطي، فالرئيس بري لن يعقد جلسة بحجة الميثاقية.

مرة جديد تفشل الجهود، التي تؤخذ من حصة انتخاب الرئيس، بالوصول إلى حلّ مع السنيورة لإقرار السلسلة. المشاورات التي جرت أمس في شأنها، خطفت الأضواء عن الهدف الأساس من جلسة الأمس المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية. فالاجتماع المطوّل في مكتب الرئيس بري كان سبقه لقاء بين بري والحريري وخليل، ولقاء بين بري وسلام الذي غادر بعد تأجيل الجلسة الانتخابية.

حضر 62 نائباً إلى ساحة النجمة للمشاركة في الجلسة السابعة لانتخاب الرئيس. أعقب ذلك إرجاء الرئيس بري الجلسة إلى 2 تموز المقبل. اكتفى نواب المستقبل الذين حضروا إلى المجلس أمس بالتعليق على كلام رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الذي شكل لهم مادة دسمة للتهجّم على حزب الله من دون أن يسمّوه.

وفي هذا السياق اعتبر النائب أحمد فتفت أن الأمن السياسي لا يؤمّنه أي شخص، بل الشعب اللبناني، إلا إذا كان العماد عون يقول إنه يتهم حلفاءه بالاغتيالات. ورأى النائب خالد الضاهر أنّ الدولة هي الوحيدة المخوّلة إعطاء الأمن السياسي، متمنياً على عون أن يعود الى ثوابت 14 آذار. وأشار النائب عاطف مجدلاني، إلى «أننا طلبنا من العماد ميشال عون تقديم برنامج رئاسي لترشحه، إلا أنّ عون عرض أمس حياة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري مقابل رئاسة الجمهورية». وأشار النائب عمار حوري الى «أنّ ما سمعناه من عون هو وصف لمن يهدّد الرئيس الحريري من حلفاء عون».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى