مؤتمر في الأمم المتحدة للدفاع عن المعتقل جوراً جورج عبد الله
أعلن محامي الأسير جورج عبد الله الفرنسي جون لوي شالانسيه، أنه لا يشعر بالتفاؤل بقرب الافراج عن موكله، على رغم تقدّمه بطلب هو التاسع من نوعه من أجل حصوله على حقه بالافراج المشروط، وفق ما ينصّ عليه القانون الفرنسي في حال السجناء الذي أمضوا فترة طويلة في السجن.
كلام شالانسيه جاء خلال المؤتمر الدولي للدفاع عن عبد الله الذي نظّمه مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب بالتعاون مع الحملة الدولية للافراج عن عبد الله، في مقر الأمم المتحدة في جنيف بالتزامن مع انعقاد الدورة الـ26 لمجلس حقوق الانسان.
المؤتمر الذي حضره عدد من ممثلي البعثات الحكومية والمنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة، تضمن عرض للانتهاكات القانونية التي تمارسها الحكومية الفرنسية من خلال إبقاء عبد الله في السجن.
وأكد شالانسيه ضرورة تفعيل حملات التضامن مع عبد الله لا سيما في لبنان، لافتاً إلى أنّ الولايات المتحدة الاميركية لم توقف ضغوطها من أجل بقائه في السجن.
واعتقل جورج عبد الله في فرنسا عام 1984، وصدر الحكم المؤبد بحقه عام 1987، بلا أدلة جرمية، وبتلاعب مفضوح من أجهزة الأمن الفرنسية ورجال القضاء، إذ وُجهت إليه تهم التواطؤ في اغتيال ياكوف بارسيمنتوف، السكريتير الثاني للسفارة «الاسرائيلية» في فرنسا، في 3 نيسان 1982، والملحق العسكري الأميركي في باريس، تشارلز روبرت راي في 18 كانون الثاني 1982، وصدر بحقه حكماً بالسجن المؤبد.
وأكد الوزير السابق عصام نعمان أن مئات من السجناء السياسيين يقبعون في سجون دول أوروبا، عميد هؤلاء جميعاً المناضل اللبناني جورج ابراهيم عبد الله المعتقل تعسفياً في السجون الفرنسية منذ قرابة ثلاثين عاماً.
وأضاف نعمان: «من مراجعة ملفه يتضح أنه استجوب وحكم عليه على أساس النيّات لا الافعال، ودونما أدلة قاطعة، وإن الولايات المتحدة الأميركية ضغطت على فرنسا من أجل عدم الافراج عنه، ومحاميه الفرنسي الاشهر جاك فرجيس، طلب من المحكمة أن «تنبذ طلباً قذراً لهذا الغرض» تقدمت به وكالة الامن القومي الاميركية من مكتب النائب العام الفرنسي». ولفت نعمان إلى أن استمرار احتجاز جورج ابراهيم عبد الله، من قبل السلطات الفرنسية، على رغم توافر الاحكام المؤيدة للافراج عنه، تعذيب محض.
الأمين العام لمركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب محمد صفا، جدّد المطالبة بالافراج الفوري عن عبد الله وضمان وترحيله إلى لبنان من دون إبطاء، الامر الذي يستوجب متابعة جادة من المفوضية السامية لحقوق الانسان وفريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي والمقررين الخاصيين المعنيين. ولفت صفا إلى أن بقاء عبد الله في السجن فضيحة مدوية لأكذوبة الحرص على حقوق الانسان في أوروبا بشكل عام وفي فرنسا بشكل خاص، وأنه محتجز بطريقة تعسفية وبما يخالف التزامات فرنسا الدولية.
وأضاف صفا: «إن اتهام جورج عبد الله بقتل دبلوماسي أميركي لا يعطي الولايات المتحدة الأميركية الحق بتعطيل القرارات القضائية الفرنسية اكثر من مرة، والضغط على الحكومة الفرنسية لممارسة التدخل السافر في مسار المحاكمات. يحدث كل ذلك علناً وليس في السر، وما تصريحات السفير الأميركي في باريس تشارلز ريفكين والناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند ومحامي الادعاء الأميركي جورج كيجمن إلا خير دليل على ذلك».
وختم صفا: «إن تلاعب الدولة الفرنسية وتعمدها تركيب ملف جورج عبد الله ومحاكمته، أمرً معروف وعلنيّ يصرح به أبرز المشاركين والمعنيين بهذا التلفيق. وبينهم آلين مارسو، النائب العام الفرنسي المشرف على الجهاز القضائي المركزي في مكافحة الإرهاب في الثمانينات، والذي يعترف بذلك صراحة في كتابه «قبل أن ننسى كل شيء». أما إيف بونيه، المدير السابق لجهاز «دي إس تيه» الفرنسي، فتصريحاته بهذا الشأن متكررة على الفضائيات والصحف الفرنسية منذ عام 2010، وبلغت حد اعترافه «بتأنيب الضمير»، وطلبه الاستماع إلى شهادته أمام القضاء الفرنسي، ووصفه سلوك الدولة الفرنسية في قضية جورج عبد الله بأنه سلوك الرعاع».
وأعلن صفا ان مركز الخيام سوف يعمل مع جميع الأليات الخاصة المعنية بحقوق الانسان في الأمم المتحدة، من اجل الضغط للافراج عن جورج عبد الله، لا سيما الفريق المعني بالاعتقال التعسفي، والفريق المعني بالمحاكمات الجائرة ومجموعة العمل ضد التعذيب.
الفنانة اللبنانية ليديا كنعان دعت إلى توحيد الجهود لمواجهة الظلم اللاحق بحق كل الذين أعلنوا مقاومتهم للظلم، والذين اعتبروا خطيرين لأنهم شكلوا مصدر إلهام وفخر لكل الساعين من أجل الحرية. وأضافت كنعان: «هم استطاعوا أن يعتقلوا مناضلين كثر ويسجنوهم، لكنهم لن يستطيعوا أن يعتقلونا جميعاً، ولن يستطيعوا إسكاتنا أو وقف مطالبتنا بضرورة تحرير من تحتجز حريتهم بسبب قناعاتهم وبسبب مقاومتهم الظلم والعدوان».
ممثل اتحاد الحقوقيين العرب في جنيف، الياس خوري، أعلن أن الحكومة الفرنسية تقول إن إطلاق سراح جورج عبد الله يشكل خطراً، في وقت تقدم الدعم اللامحدود للإرهاب الذي يستشري في الدول العربية. لافتاً إلى ان استمرار احتجاز عبد الله سببه سياسيّ لا قانوني.
ومن المعروف، أنه عام 2013، حسمت الحكومة الفرنسية خيارها وقررت الانصياع الكامل للإدارة الأميركية فطوعت القضاء الفرنسي خدمة لبقاء جورج عبد الله رهينة في السجون الفرنسية.
واستوفى جورج عبد الله الإفراج المشروط منذ عام 1999 ما دفع السلطات القضائية الفرنسية إلى فتح ملفه لعدة مرات متتالية في السنوات الماضية. وتقدم عبد الله في آذار 2014 بطلب تاسع للإفراج عنه، ويتوقع ان تنظر المحكمة في هذا الطلب في منتصف شهر أيلول 2014.
وكانت محكمة تطبيق الأحكام في باريس قد وافقت في 21 تشرين الثاني 2012 على طلب للإفراج عن عبد الله مع الطلب من وزارة الداخلية طرده من الأراضي الفرنسية في مهلة أقصاها 14 كانون الثاني 2013. وعُلّق هذا الحكم بعد استئناف تقدّمت به وزارة العدل الفرنسية. وفي 10 كانون الثاني 2013 قرّرت المحكمة رفض طلب الاستئناف وأصرّت على قرارها بالإفراج عن عبد الله شرط ترحيله من الأراضي الفرنسية، وحدّدت 14 كانون الثاني موعداً نهائياً للترحيل، لكن وزير الداخلية مانويل فالس رفض التوقيع على قرار الترحيل ما ساعد النيابة العامة الفرنسية على التقدم باستئناف جديد ضدّ قرار الإفراج، كما تقدمت بتمييز على حكم تأكيد الإفراج ما شكل علامة فارقة في أصول المحاكمات الفرنسية، وأصدرت محكمة التمييز العليا في 4 نيسان 2013 قراراً غير قابل للطعن، قضت بموجبه بتعطيل أحكام الإفراج المشروط عن عبد الله.