«الإخوان الماسو ــ مسلمين» وسقوط آخر أوراق التوت…
محمد ح. الحاج
لا حاجة لنا إلى التذكير بأنّ تنظيم «الإخوان المسلمين» صناعة بريطانية، وأنّ الغاية في البداية كانت حماية نظام فاروق والتحالف مع آل سعود، وحتى يكونوا أداة فاعلة كان لا بدّ من عسكرتهم فأنشأوا جناحهم العسكري المعروف الذي وقف عكس التيار فحاربوا عبد الناصر والأنظمة التحرّرية العربية حيثما وجدوا… ما كان الدين غاية وإنما وسيلة للتستر خلفها واستقطاب بسطاء المتديّنين في العالم العربي باعتبار الدين نقطة الحساسية والإثارة العاطفية… وما زالوا.
الاحتلال الأجنبي لأيّ من الأقطار العربية لا يحرك مشاعر النخوة عند «الإخوان»، غايتهم الوصول إلى السلطة حيثما أمكن واستمرار تبعيّتهم للغرب الذي أنشأهم وموّلهم، لم يحاربوا على أية جبهة قامت بها ثورة تحرّرية، الأهمّ أنهم على مذهب مموّليهم آل سعود الذين تعهّدوا بحماية اليهود حتى تصيح الساعة وما كانت فلسطين تعني لهم شيئاً.
جزيرة العرب بكلّ ممالكها وإماراتها ومشيخاتها محتلة عملياً وما نالت من الاستقلال سوى الاسم، مع ذلك لم يهبّوا ولم تتحرك الحمية في رؤوسهم وما كان الجهاد فرضاً أبداً، انتداب حقيقي، ووصاية، ونهب ثروات، وقواعد في كلّ البلاد التي لا يوجد فيها غير الإسلام المحمدي، مع ذلك لم نسمع عن دعوة لنصرة الدين أو غضبة لوجه الله، هم، وحيثما وجدوا يقتلون الإسلام بذرائع شتى، منها الخروج على الدين وكأنهم الأولياء الأوصياء أو أنّ الله استخلفهم في الأرض وتنازل لهم عن صلاحياته، يزهقون الأرواح ويصادرون الحرث والنسل، وفتاوى شيوخهم وكهنتهم تملأ الآفاق ضجيجاً، ليس ضدّ مغتصب أو محتلّ وإنما ضدّ طامح للتحرّر والخلاص من التبعية، وقد كفّروا من قال إنهم مجرد فرع لأخوية الماسون العالمية، فيما هم يطبّقون تعاليمها ويحققون غاياتها ومشاريعها.
هم في بلاد العربان كما في الهند والسند والأفغان، عدوّهم اللدود الحضارة والتقدّم وحركات التحرّر من ربقة التبعية للغرب، تجار دين يمتلكون من الخبرة ما يكفي لإعجاز منظمة التجارة العالمية، فصحاء في الخطابة والتلاعب بالكلام يحرفونه عن مواضعه فيخدعون البسطاء.
أرض الحرمين الشريفين يحتلها الأميركي منذ أكثر من نصف قرن، يقيم فيها قواعده وعسكره، وتنطلق منها اعتداءاته، وما استفاق عندهم ضمير، كذلك في باقي الدويلات والمشيخات والإمارات، غير مسموح لعربي أو أعرابي أن يدخل حيث وجود «الخواجات»، حاربوا الروسي في بلاد الأفغان لأنّ تلك كانت مشيئة العم سام، وعندما احتلّ العم سام تلك البلاد لمآربه وغاياته وأمنه القومي واقتصاده «بلعوا ألسنتهم»، بل كانوا من أخلص الخدام، أما في بلد الحرم الثالث مسرى النبي محمد ومهد المسيح، حيث يدوس اليهودي كراماتهم ويستخف بمقدّساتهم، ويقتل أبناء دينهم، كلّ ذلك لا يستدعي غضبة ووقفة نصرة لله، كيف ذلك؟ لا عجب طالما هم في تحالف وثيق مع سادتهم أحفاد مردخاي بن سعود، وهل يجرؤون، وهنا لا علاقة لوقفة حماس بالدين ولا نصرة له، وإنما لأنّ الوطن والأرض تنزلق من بين أيديهم كزيت نابلس والناصرة، وقد أصبحوا يقبضون على الجمر، ينتظرون لحظة يعترف كيان العدو بهم حكومة شرعية في غزة ليقولوا لمحمود عباس وأهل الضفة: اذهبوا وقاتلوا أنتم وربكم إنا هنا قاعدون هذا جوهر المشروع السعودي وخلاصته، الضفة مملكة يهودا الخرافية .
أميركا ومنذ عقود تحاول ابتلاع المنطقة وترويضها، بعد أفغانستان احتلت العراق، قتلت مئات الألوف من أبنائه وكسرت جناحيه الهاشمي والعباسي، «السنة» كانوا مع صدام، وكان رجل أميركا في المنطقة، انقلب عليه العربان بعد توريطه في استعداء ايران وقالوا عنهم: الشيعة الصفوية، الفرس، المجوس، لم يتركوا صفة إلا ونبشوها من التاريخ بتوجيه من مراكز البحوث والدراسات الغربية ولم يفهموا أنها لعبة العقاب منذ البداية – لأنّ ايران انحازت إلى جانب الحق وأغلقت سفارة الكيان اليهودي ورفعت علم فلسطين، الأرجح فهموها وتجاهلوها، المهم عندهم أداء ما وظِّفوا لأجله واستثمار مشاعر البسطاء وما أكثرهم في هذه البلاد، ولأنّ رأس سورية مطلوب بعد العراق، ولأنّ سورية غير العراق، فقد أوجدوا لهم مخارج ومبرّرات وأدوات، ولأنّ سقوط سورية هو سقوط لآخر الحصون في وجه أميركا التي تستهدف روسيا وايران وصولاً إلى ترويض التنين الصيني، فقد تنبّه الروس ومن معهم، بدا صبرهم طويلاً، وكأنّ إثارة الدب الروسي ليست أمراً سهلاً، ولو حصل التدخل قبل سنوات لوفروا على شعب سورية الكثير من المآسي والخراب – لهم مبرّراتهم – وأخيراً أصبحت موسكو في الميزان مع دمشق، وطهران أيضاً لم تكن بعيدة… بدأ الهجوم المعاكس طبقاً للقوانين الدولية، بدا مؤلماً منذ انطلاقته… وعلا الصراخ.
يقول رئيس مركز الحوار العربي الأميركي صبحي غندور أستغرب سيل الأصوات التي بدأت تعلو في المنطقة، مشايخ ومفتين و… ماذا يعلم هؤلاء، ماذا يتعلَّمون ويعلِّمون…! المضحك أنهم يطالبون أوباما بغضبة من أجل الله، ربما صدّقوا أنّ اوباما هو أبو حسين فعلاً وتناسوا أنّ أمه وعائلتها يهودية وأنه تربّى بكنفهم وتحت إشراف المحفل، وأنّ عمّ زوجته معروف بالحاخام الأسود… بلى، يعلمون ذلك، لكنهم يمارسون التضليل والتلاعب بعقول المؤمنين البسطاء، وهكذا يدعون إلى الجهاد ويستنفرون مسلمي العالم ضدّ روسيا وكأنهم لم يفعلوا حتى الساعة…!
مصدر رسمي سعودي يصرح لـ«بي بي سي» البريطانية أنّ حكومته ستزيد من دعمها لثلاث فصائل في سورية هي: «جيش الفتح»، «الجيش الحر» و«أحرار الجنوب»، وستزوّدهم بصواريخ حديثة مضادّة للدروع وصواريخ أرض جو مضادّة للطائرات… صفقات السلاح الأميركية لدول العالم العربي مشروطة ومقيّدة، ممنوع تصديرها أو تسليمها لأطراف خارج البلد المستورِد مقتضيات أمن الكيان الصهيوني وهذا ينطبق على السعودية وقطر والإمارات والكويت وغيرهم، ولا يمكن للسعودية أن تخرج عن هذا الإطار إلا بموافقة أميركية، وهو أمر يدركه الروس والأوروبيون، الكيان الصهيوني وحده يستطيع كسر هذه القاعدة دون التعرّض إلى المساءلة، فهو من يحاسب القيادة الأميركية وليس العكس، فرنسا وقطر والسعودية وتركيا لم تقصّر في تقديم مثل هذه الأسلحة بموافقة أميركية وتحت رقابة روسية، وهو أمر مؤكد، الأمر الذي استدعى من الروس تقديم شحنات من أسلحة مقابلة على وجه السرعة، وإذ زاد الأمر عن حدوده تدخلت روسيا علناً وبقوة، هل قال بوتين حقاً: إذا سقطت طائرة روسية وثبت أنّ قطر هي من سرّب السلاح المضادّ فإنّ قطر ستكون هدفاً للصواريخ البالستية…! ما الذي تملكه قطر؟ غير القواعد العسكرية الجوية والبرية الأميركية…. تهديد خطير يرقى إلى مقدّمات الحرب الكبرى… وهذا ينطبق على السعودية التي لا شك تعاني من حالة الضياع وبداية الهزيمة في اليمن، السعودية وحلفاؤها يعربدون في أجواء اليمن، لكنهم مهزومون على الأرض… يقول وزير الخارجية السعودي عادل الجبير: «إنْ لم يتنازل الأسد فعليه أن ينتظر تدخلاً عسكريا لإسقاطه…!» ألا يبعث كلامه هذا على السخرية والضحك؟
لم يكن أمام ضباط الحرس الجمهوري اليمني الكثير من الخيارات في مأرب، قاموا بحركة تكتيكية لتحييد طيران التحالف، فانسحبوا شكلياً وبقيت قواتهم على أطراف مأرب وكمائن بداخلها، وعندما دخلتها قوات التحالف وجدت نفسها شبه مطوّقة وفي مواجهة مباشرة وبدأت الآليات تحترق ويتساقط الضباط والجنود، هذا ما تضمّنته رسالة أخ مناضل من اليمن بعث لي بها البارحة – هي التجربة الأولى لقوات الإمارات، وشتان ما بين خبرتها وخبرة الحرس الجمهوري اليمني، خسر التحالف غطاءه الجوي بسبب الالتحام، وهنا بدأ العويل والصراخ… القيادة الإماراتية ستعيد قراءة التاريخ وتضع عنواناً لواحد من الدروس… اليمن ليست مقبرة الأناضول فحسب، بل مقبرة الأعراب… ما الذي دفع الإمارات إلى هذه الورطة! أليسوا هم الإخوان أنفسه؟
أردوغان العثماني ما زال راكباً رأسه تقوده أحلام الخلافة، وقد ورّطه «الإخوان»، هو يقود تركيا إلى حافة الهاوية، والنتيجة أنّ تركيا ستكون الضحية الأكبر في أية حرب كبرى، الرخاء التركي و«صفر مشاكل» لم تعجبه، سيقود تركيا إلى عصر الظلمة، ربما قرن إلى الوراء… يقول محلل سياسي تركي.
تتنامى مشاعر السخط والكراهية في أوساط شعوب العالم العربي ضدّ «الإخوان الماسو مسلمين» بعد أن سقطت آخر أوراق التوت وانكشفت عوراتهم وعمالتهم للعيان، يحملون راياتهم السوداء التي تنبئ بنهايتهم بعد مساهمتهم في دمار أغلب أقطار العالم العربي… سورية ستضع لهم هذه النهاية بعد محاولتهم طعن قلب هذا العالم، يقول الصديق المناضل ذي يزن اليمني: «من ينكر فضل الجيش السوري على العالم العربي هو جاحد…»
هامش: يتسلل طيران الولايات المتحدة من الأجواء التركية فيدمّر محطات الكهرباء التي تغذي حلب… أميركا تعاقب أهل حلب، هكذا هي حربها على «داعش» منذ البداية.