قديروف ورؤساء دول الاتحاد الروسيّ يقترحون على بوتين حشداً برياً الجيش السوريّ يواصل التقدّم وحلب إلى الواجهة… وفلسطين في مجلس الأمن
كتب المحرر السياسي
أعلن رئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف عزمه التشاور مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إمكانية المشاركة بقوات برية في الحرب على الإرهاب، كاشفاً عن وجود نيات مشابهة لدى رؤساء دول الاتحاد الروسي للخلاص السريع من كابوس الإرهاب الذي يهدّد دول الاتحاد، وتتشكّل قاعدته في سورية والعراق، ويأتي كلام قديروف في وقت تتمسّك موسكو بثابتتين في الحرب التي تخوضها في سورية منذ مطلع الشهر الحالي، كما تقول مصادر إعلامية بارزة في روسيا، الأولى عدم التفرّغ للردّ على السجالات الاستفزازية، حيث تعبّر موسكو أنها تردّ بالأفعال لا بالأقوال، وأنّ عليها أن تكتفي بالردّ على الذين يتصرفّون كأنّ حربها هي ورطة في مستنقع أنها ستحسم الحرب في شهور بالتعاون مع حلفائها، ومن جهة مقابلة تهتمّ موسكو بتثبيت حقيقة أنّها جزء من حلف وليست مجرد دولة عظمى جاءت تساند حليفها، بل إنّ التمسك بصيغة غرفة عمليات بغداد وتوسيع المشاركين فيها يشكل أحد أبرز عناوين الاستراتيجية الروسية للحرب على الإرهاب، وما بعد الحرب على الإرهاب، في صياغة خارطة استقرار الشرق الأوسط الذي انتهى عهد التفرّد الأميركي فيه بوجود شريكين جديدين هما إيران وروسيا وثالث يستعدّ على الطريق هو الصين، التي تبدو الشريك الاقتصادي الأول الذي يتهيّأ لمراحل إعادة الإعمار في سورية والعراق.
في الميدان السوري واصل الجيش السوري إنجازاته على جميع الجبهات المفتوحة، شمالاً وجنوباً وغرباً وشرقاً، وكان أبرزها ما بدا أنه سيتصدّر المشهد العسكري، في جنوب غرب حلب، حيث التقدّم الواسع للجيش السوري يؤشر إلى اقتراب معركة العاصمة السورية الثانية، حلب، التي بدأت تظهر فيها ملامح تبدّلات في مواقع الجماعات المسلحة ومواقفها، بعدما قامت الجماعات الكردية في حي الشيخ مقصود بطرد الجماعات المحسوبة على الأتراك والسعودية، والعودة إلى صيغة التفاهم المعمول بها سابقاً مع الجيش السوري من تبادل الشراكة الدفاعية في وجه الجماعات الأخرى. وفي قلب هذه الجماعات عاد الذين كانوا قبل تحوّلات إدلب وريفها يفاوضون على التسويات، ليتحدّثوا مجدداً عن فرص حقيقية لتجنيب أحيائهم مواجهات هي بغنى عنها، بينما يتصرّف المسلحون الأجانب المستجلَبون وكأنهم ينتظرون قراراً بالرحيل، ما يعني أنّ معطيات الحرب في حلب تقترب ويؤكد إعلاميون مقيمون في حلب أنّ أصوات الغارات والقذائف المتساقطة على المناطق القريبة تفعل فعلها في خلق المناخ النفسي للحرب، ومعلوم أنّ حسم حلب يعني حسم جزء كبير من مستقبل الحرب السورية.
فلسطينياً استمرّت الانتفاضة وتواصل ارتقاء الشهداء، واستمرّ الاحتلال بوحشية مستوطنيه وجنوده بحق المدنيين، خصوصاً الأطفال والنساء الذين قال تقرير الأمم المتحدة الذي عرض أمام أعضاء مجلس الأمن أنهم أكثر من ثلاثة أرباع ضحايا الرصاص «الإسرائيلي». وكان يوم فلسطين الأول في مجلس الأمن فرصة لظهور درجة الضعف والهزال العربيّين من جهة، والحماية الأميركية لـ«إسرائيل» وجرائمها من جهة مقابلة، بينما كان لافتاً، ما صدر عن المندوب الروسي من دعوة إلى التفكير بالحماية الدولية للفلسطينيين، خصوصاً في القدس إذا تعثّر طويلاً الحلّ السياسي الذي يقوم على فكرة الدولتين، مقابل إعلان «إسرائيلي» بالرفض المطلق، ومن جهة ثالثة محاولة فرنسية للتميّز بموقف وسطي يفتح باب البحث عن دور في إعادة إطلاق المسار التفاوضي.
لبنانياً كان الحدث زيارة رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي لبيروت آتياً من دمشق، وقد علمت «البناء» أنه إضافة للمواقف التي أطلقها بروجردي عن الاستقرار في لبنان ودعم لغة الحوار والشراكة، كانت الزيارة واحدة من آليات تثبيت الحلف الرباعي الذي يربط إيران وروسيا مع سورية والعراق من جهة، ومنع التأويلات التي توحي بضعف ومنافسة بين أركان هذا التحالف من جهة ثانية. لكن والأهمّ التأكيد من جهة ثالثة، على مكانة حزب الله كشريك كامل في هذا الحلف.
بروجردي: زيارتنا المقبلة في بعبدا
طغت زيارة رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني علاء الدين بروجردي للبنان على المشهد الداخلي القاتم في ظل غياب أي مؤشر إلى حلول قريبة قد تفرج عن الملفات العالقة، نتيجة الخلافات السياسية المستحكمة في الداخل وتعقيدات الوضع الإقليمي.
وعلى وقع التطورات الميدانية في سورية والإنجازات النوعية للجيش السوري وقوى المقاومة في مختلف الجبهات، حطّ بروجردي في بيروت، وجال على عدد من المسؤولين اللبنانيين، حيث التقى مساء أول من أمس الخميس، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بحضور السفير الإيراني في بيروت محمد فتحعلي، حيث جرى التداول حول التطورات الحاصلة في المنطقة، وخصوصاً في سورية ولبنان.
كما التقى أمس، رئيس مجلس الوزراء تمام سلام في السراي الكبير ووزير الخارجية جبران باسيل، وأكد بروجردي «دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية الكامل للحوار السياسي الوطني البنّاء الذي يجري حالياً بين الأفرقاء السياسيين اللبنانيين»، معرباً عن أمله أن «يؤدي هذا الحوار في المستقبل القريب إلى تحقيق كل الأهداف التي يتفق عليها الجميع لتحقيق المصلحة الوطنية اللبنانية العليا ونأمل في زيارتنا المقبلة أن تتاح لنا الفرصة لزيارة القصر الجمهوري في بعبدا».
تأكيد متانة الحلف المقاوم
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «زيارة بروجردي إلى المنطقة مرتبطة بتطورات الوضع الميداني في سورية والخطط المشتركة التي وضعت لمواجهة الإرهاب، وتؤكد على الموقف الإيراني الداعم لسورية والعراق في ظل الغطاء الروسي الجوي لعمليات الجيش السوري والمقاومة، وتشدّد على انخراط إيران بالجبهة السورية وعلى قوة ومتانة الحلف الذي يجمع سورية وإيران والعراق وحزب الله لمواجهة الإرهاب بدعم روسي».
كما رجّحت المصادر أن يكون بروجردي قد حمل رسالة خاصة من القيادة الإيرانية إلى الرئيس السوري بشار الأسد.
وأشارت إلى أن «الزيارة أعقبت انطلاق عمليات التحالف الروسي السوري العراقي في سورية والعراق، ما يعني التناغم الكبير بين العملية العسكرية والسياسة وللوقوف على آخر المستجدات وللدفع باتجاه رفع مستوى التنسيق في مكافحة الإرهاب وفي إطار سعي إيران لتعزيز الاتصالات والتواصل مع جميع الدول المعنية والمتأثرة بما يجري في سورية».
وكشفت المصادر أن «بروجردي أبدى خلال لقاءاته ارتياح إيران على صعيد مكافحة الإرهاب بعد تشكيل الجبهة الرباعية التي كشفت فشل تحالف واشنطن وزيفه، وأكد أن العمليات العسكرية في سورية داعمة للحل السياسي وستؤدي إلى التخفيف من مخاطر تهديد أمن المنطقة الإقليمي وشدّد على دعم إيران الثابت والمستمر للقضية الفلسطينية ولدول وقوى المقاومة في المنطقة».
جهوز الدعم الإيراني للبنان
وقالت مصادر عليمة لـ«البناء» إنه لا يمكن لبروجردي أن يأتي إلى سورية من دون أن يزور لبنان، ووضعت الزيارة إلى سورية ولبنان ضمن ثلاثة اتجاهات، أولاً «رسمي نحو الحكومة، للتأكيد على العروض الإيرانية للدولة اللبنانية وجهوزية إيران للمساعدة على كافة الصعد، الاقتصادية والعسكرية والبنية التحتية ولجهة تسليح الجيش اللبناني، وتشديد على أن إيران في هذه المرحلة تحديداً تولي أهمية لتعزيز الوضع الداخلي في لبنان وقوته كعامل استقرار وتوازن في المنطقة. ثانياً تأكيد أهمية دور حزب الله في المواجهة مع الإرهاب والمشروع الأميركي «الإسرائيلي» والتشاور معه وتأكيد الدعم الإيراني له في مهمته لمواجهة الإرهاب إلى جانب الجيش السوري وإيران وروسيا. ثالثاً، تأكيد دور اللبنانيين بحل ملفاتهم الداخلية من دون انتظار تدخلات وضغوط خارجية».
وأشارت المصادر إلى أن بروجردي أكد أيضاً «التكامل والتعاون والتنسيق الروسي – الإيراني لمكافحة الارهاب، بعد الإشاعات التي تحدثت عن انقسامات وتنافس بين الدورين الروسي والإيراني في المنطقة، كما تخلل الزيارة استعراض لملفات المنطقة والنجاحات الميدانية التي تحققت في سورية».
زاسيبكين: الحل السوري مفتاح نظام عالمي جديد
وفي غضون ذلك، وخلال لقائه وفداً من هيئة التنسيق لـ«لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية» في السفارة الروسية في بيروت، شدّد السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسيبكين، على أن «أهمية حل الأزمة السورية تكمن في أنها المفتاح الرئيس الذي بواسطته سيُعاد تكوين النظام العالمي الجديد على أسس تقوم على تعدد الأقطاب، لا على القطب الواحد، كما كان الوضع حينما كانت الولايات المتحدة تهيمن على العالم».
جلسة حكومية مطلع الأسبوع
حكومياً، يبقى تحديد موعد لجلسة خاصة بالنفايات من أجل إقرار آلية التنفيذ التي وضعها وزير الزراعة أكرم شهيب، رهن الاتصالات والاجتماعات المتواصلة وفور نضوجها سيوجه رئيس الحكومة تمام سلام الدعوة التي طال انتظارها ومن المرجح أن تكون يوم الاثنين أو الثلاثاء.
وفي إطار المشاورات حول الوضع الحكومي المعقّد، زار وفد وزراء الكتائب: رمزي جريج وسجعان قزي وألان حكيم السراي للتشاور مع الرئيس سلام، وتحدث الوزراء الثلاثة بعد اللقاء عن أجواء إيجابية في ما يتعلق بملف النفايات.
وأكد مصدر وزاري لـ«البناء» أن «الأجوبة من المعنيين بالنسبة لمطمر البقاع أتت أمس إيجابية، لكن لم يتحدد الموقع بانتظار الدراسات التقنية والجيولوجية الجارية في مواقع عدة، ونقل المصدر عن سلام تيقنه من أن نتائج الدراسات ستكون جيدة».
وأضاف المصدر: «أما بالنسبة لمطمر عكار، فهناك بعض العقبات يجري العمل لتذليلها وخلال 48 ساعة يكون المطر جاهزاً لاستقبال النفايات، وتوقع المصدر أن يدعو سلام لجلسة يومي الثلاثاء او الأربعاء المقبلين لبت خطة النفايات».
وأكد وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» أن «الحكومة لم تتقاعد سياسياً كما يُقال، ورفض الشروط المسبقة التي توضع لحضور بعض الأطراف جلسات الحكومة»، وأكد أن «تعيين قائد للجيش يتم في مجلس الوزراء ضمن اللعبة الديمقراطية ولا تجوز مقاطعة الجلسات».
وإذ اعتبر أن هناك مشكلة سياسية في الحكومة، جزم جريج بأن سلام سيتخطاها بالاتصالات التي يجريها مع الأطراف كافة، لا سيما مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الدائم تواصله مع سلام. ودعا جريج إلى «تفاهم والتزام جديدين على مقاربة العمل داخل الحكومة التي تم الاتفاق عليها سابقاً».
الحراك مستمرّ تصعيداً
على صعيد الحراك الشعبي، أطلق قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، سراح 3 موقوفين من الحراك المدني مقابل كفالة مالية رمزية. وأبقى رهن التحقيق وارف سليمان وبيار الحشاش استناداً إلى أفلام الشغب في تظاهرات وسط بيروت، إلا ان القرار جوبه بعاصفة غضب من ناشطي الحراك أمام المحكمة العسكرية، وقطعوا الطريق بمستوعبات النفايات وما لبثوا أن أعادوا فتحها.
وأكد محامو الحراك بعد خروجهم من المحكمة أن «الملف أصبح سياسياً وأن الاعتصام المفتوح مستمر امام المحكمة ودعوا إلى المشاركة في خطوات تصعيدية. وفي الأثناء، أقدم الناشط محمد حرز على إحراق نفسه خلال مشاركته بالاعتصام أمام المحكمة العسكرية.
وحمّلت حملة «طلعت ريحتكم» في بيان «الحكومة مسؤولية رفضها الإصغاء إلى المطالب المحقة للشعب اللبناني، وانتهاجها سياسة القمع والاعتقال بحق الشباب المنتفِض، ما أوصد كافة أبواب التعبير المتاحة ودفع بالشاب محمد حرز إلى إحراق نفسه لعله يُسمع صوته».
كما حمّلت حملة «بدنا نحاسب» في بيان «السلطة السياسية أولاً والقضاء ثانياً مسؤولية إيصال الأوضاع إلى حافة الانفجار».
وأشار الناشط في الحراك المدني أيمن مروة لـ«البناء» أن «محامي الحراك قدموا طلبين إلى المحكمة العسكرية لإخلاء سبيل موقوفين لكنها رفضت الطلبين»، وأكد أن «المعتقلين متَّهمين بإزالة الشريط الشائك في ساحة الشهداء»، وتساءل مروة: إذا كانت هذه تهمة، فماذا نقول عن إطلاق الرصاص الكثيف في المناسبات والفساد والسرقة وانتهاك حقوق المواطنين وضرب العدالة؟
واشار إلى أن إحراق الناشط حرز نفسه، هو رسالة للقضاء العسكري للإفراج الفوري عن المعتقلين، متوقعاً أن يتجه الحراك إلى التصعيد وتنفيذ تحركات جديدة في الايام المقبلة، الا أنه شدد على أن قضية المعتقلين هي جزء من اهتمامات الحراك وأن النفايات لا زالت الهدف الأول والأساس، وجدد رفض الحراك لخطة السلطة في معالجة النفايات وبسياسة المطامر، موضحاً أن تطبيق الخطة رهن بموافقة أهالي المناطق ونحن نؤيدهم وندعمهم».