الياس: قضيتنا الأرض والشعب والحضارة والتاريخ والهوية القوميّة

نظّمت مديرية أوتاوا في الحزب السوري القومي الاجتماعي معرض الكتاب السنويّ العشرين، في قاعة مبنى بلدية أوتاوا، وتوزّعت عناوين الكتب المعروضة على مختلف المجالات الثقافية من شعر وأدب واجتماع وسياسة واقتصاد.

حضر المعرض مدير المديرية يوسف الغريب وأعضاء هيئة المديرية، وأعضاء المجلس القومي: حبيب حجار وعيسى حاماتي، ووفدان من مديريتَي مونتريال وتورنتو وجمع من القوميين والمواطنين.

كما حضر ممثل السفارة اللبنانية في أوتاوا هاني سعد، مستشار بلدية المدينة الياس الشنتيري، والمهندس منير لويس ممثلاً «الجمعية الكندية ـ السورية»، فادي نمر ممثلاً التيار الوطني الحرّ، برهان شحروري ممثلاً «الجمعية الكندية ـ الفلسطينية»، محمد جمعة ممثلاً «جمعية أهل البيت» في أوتاوا، السيد عباس هاشم ممثلاً «جامع الإمام علي»، أحمد هريش ممثلاً صحيفة «صدى المشرق»، الإعلامية ليليان الحلو ممثلةً «صوت النجوم»، هاشم هاشم مدير الموقع الإلكتروني اللبناني في أوتاوا، الشيخ حسن عزّ الدين مدير مكتبة الشرق الأوسط في مونتريال، وفاعليات من الجالية.

بدايةً، ألقى فراس أيوب كلمة رحّب فيها بالحضور، ثم ألقى الدكتور غسان الياس محاضرة بعنوان: «الصراع الدوليّ على سورية وآفاق المستقبل»، رأى فيها أنّ الأنظمة الإنسانية والاجتماعية التي ابتُكرت منذ ما قبل الزمن الجليّ، انبثقت عنها أعمدة مدنية لوجستية ومصطلحات بنيوية عدّة للحاكم والمحكوم سويّاً، إلّا أنّ أبرزها كان ولا يزال اعتماد المجتمعات الحية مبدأ مساواة الحقوق والواجبات، وصونه، وإعلاء شأنه.

ولفت الياس إلى أن مصطلح «الواجب» هو وصفٌ معنويّ يحتوي على ما لا حدود له. وهو الدور الفاعل والمنتج كضرورةٍ ماسّة وحيوية لانبعاث مجتمعٍ عادلٍ وقيمٍ، ولتطوّره المستمرّ، فتظهر على أساسه «الحقوق» قبلاً وبعد لتكون الآمر والناهي في تأمين استمرارية المجتمع وتكيّفه مع المتغيّرات المرحلية والزمنية، وانفتاحه على النقد الاجتماعي البنّاء والقانوني المنصف.

أضاف: لكي تستطيع الحقوق والواجبات أن تعبر من مجرّد أقوالٍ فحسب إلى أفعال ملموسة، لا بدّ أن تعتمد على صحّة «نظام» اجتماعي خلوق ترى العدل فيه مصاناً بدوام «حرّية» المواطن وبدعم «قوّة» آماله وتطلّعاته المستقبلية نمواً وازدهاراً ورقياً.

وتابع: يستشرف أنطون سعاده محذّراً: «إنّ أشدّ حروبنا هي الحرب الداخلية. وهي آلمها وأمرّها، لأنها بيننا وبين فئاتٍ من أمّتنا نعمل على رفعها وتعمل على خفضنا، نريد لها العزّ وتريد لنا الذلّ، نتوجّه إليها بالاحترام وتتوجّه إلينا بالاحتقار، نأتيها بالجِدّ وتأتينا بالاستهزاء».

والحقّ يقال، نحن في المغترب مرآة للوطن نحن عصبٌ من شعب امتدّ عبر البحار ولم ينسَ جذوره ونحن من مجتمع يعاني من علل عدّة، لكنه توّاق إلى النهوض والرقيّ. للأسف الشديد، بعضٌ منّا رفض التخلّي عن تلك العلل وحملها معه إلى المهجر، وعلينا كجالية اغترابية أن نقيّم واقعنا بالعقل والحكمة لمواجهة التحدّيات والتغلّب على الرجعيات التي تشمل نكران الهوية القومية، والقبول بالطائفية والتبعية الإقطاعية، ومسايرة المحسوبيات العائلية والعشائرية إلى حدّ الشحن المذهبي والشرذمة الاجتماعية العميقة والانحلال الثقافي وحتى الأخلاقي أحياناً.

واعتبر الياس أنه على رغم الحرب الكونية والدامية التي تعاني منها سورية حالياً، فهي ما زالت تلتزم بقضيتنا المركزية، ولكن من منظور وطنيّ شامل لا من المنظور التقليديّ الضيّق، حبّاً للأرض، واحتراماً لكلّ مقاومٍ، وإجلالاً لآلام أهلنا في كلّ أرجاء الوطن، وتقديراً لتضحياتهم المتفانية، فإنّي أعلن بوضوحٍ كامل أنّ مصيرنا كشعب لا يكمن حصراً في كنيسة قيامة، أو قبّة صخرة ولا في ما يجمع أو يفرّق بينها!

قضيتنا، قضية أرضٍ وشعبٍ وحضارةٍ وتاريخٍ وهوية قومية لم يتلكّأ عن نسف حقيقتها كلّ عدوّ وخصم فحسب، إنّما أيضاً لم يكن ليحصل ذلك الاحتلال الثالث القائم حالياً لولا التمهيد له من قِبل السلطنة العثمانية أوّلاً لتليها الاستعمارات الإنكلو ـ فرنكفونية ثانياً، وصولاً إلى التخاذل العربي … ، وما يزيد من واقع هذه البلبلة التفريط بالهوية القومية.

إنّ الحديث عن وطننا من وجهة دينية ولاهوتية، أسلوب بائس لتجييش المشاعر، وملاذ عواطف، لمن يهوى اعتلاء المنابر واستعراض الحشود، وتلاوة الحكم، والوعظ والخطابات.

وأكد الياس أنه من أجل حياة كريمة، وغد أفضل، علينا أن نعمل بتعاليم النهضة القومية الاجتماعية، التي تجعل من وطننا الأمّ جسماً قوياً غنياً مزدهراً، وتعيد إليه الحرية والسيادة ليكون مستقلاً فعلاً وقولاً من دون أيّ احتلال أجنبي، أو وصاية استعمارية.

وختم قائلاً: علينا السعي إلى بناء جالية موحدة الأهداف والمصير، ليعتبر كلّ منا، مع أهلنا في الوطن وأبناء شعبنا في المهجر، مواطنين أعزاء محترمين، كرماء وأحراراً في دول ديمقراطية تحفظ كراماتهم، وتصون أمنهم وسلامتهم واستقرارهم، وتعمل على صوغ مستقبل مشرق لهم، وتضع حدّاً للفساد والنهب العام، وتحاسب كلّ مخطئ، وتصحّح كلّ علة، في النظام والحكم والإدارة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى