بعد 5 سنوات… الأسد وبوتين لحسم الحرب في 5 شهور

كتب المحرّر السياسي:

القمة التي جمعت الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد كانت محطّ أنظار العالم، خصوصاً بعدما بادر الرئيس بوتين بالاتصال أو إيصال رسائله إلى قادة العالم والمنطقة، ناقلاً ما يمكن وصفه بالخلاصات التي يجب تعميمها، وذات الصلة بالحرب على الإرهاب أو بالحلّ السياسي.

ما رشح عن القمة، رغم قلة المصادر، وصعوبة الاكتفاء بالكلام العلني للرئيسين أو للمسؤولين الروس والسوريين، يوحي بأنّ الأبرز في مباحثات الرئيسين، كان مستقبل الحرب التي يخوضها، بالتشارك مع حزب الله وإيران، الجيشان السوري براً والروسي جواً، فالأمور المتصلة بالحلّ السياسي، تنطلق من معادلتين، الأولى أنّ أطر الحلّ متفق عليها بين الثلاثي الروسي الإيراني السوري، ومحورها حكومة اتحادية تنتهي بانتخابات تحتكم إلى صناديق الاقتراع، تشكل في إطار الدستور السوري وتضمّ في صفوفها المعارضين المستعدّين لمواقف حاسمة من الإرهاب، توسّع دائرة الغطاء السياسي للجيش السوري كعمود فقري لهذه الحرب، وليس وارداً ضمنها لا لتجاوز الدستور والبحث في مستقبل الرئاسة السورية، خارج صناديق الاقتراع، وليس وارداً كذلك ضمنها التسامحُ مع معايير تصنيف الجماعات التي تنطبق عليها تصنيفات التنظيمات الإرهابية، سعياً لمراضاة ومراعاة مواقف الدول او الحكومات التي ساندت الإرهاب وراهنت عليه لإسقاط سورية، كحال تركيا والسعودية. أما المعادلة الثانية فهي أنّ الذي جعل الحديث عن الحلّ السياسي ممكناً، وفتح الباب لتخلي المشاركين بالرهان على الإرهاب عن رهاناتهم، هو التقدّم السريع الذي حققه العمل العسكري المشترك الذي فرض أمراً واقعاً، قال للجميع: إنّ قطار الحسم السريع قد انطلق ولن يتوقف.

تأسيساً على هذه القراءة تركزت المحادثات، كما قالت مصادر متابعة، على تفاصيل وقرارات ورصد مقدرات، وتشكيل آليات تتيح تسريع مسار الحسم العسكري، لأنه كلما وصل قطار الحسم إلى محطة من محطاته تسارعت خطوات المراهنين على الإرهاب نحو الحلّ السياسي.

الحرب التي دخلت النصف الثاني من سنتها الخامسة، ستكون على موعد مع نهاية السنة الخامسة بعد خمسة شهور، وسيكون السباق فيها مع إنجاز العمل العسكري مهمته بتطهير المدن السورية الكبرى من التنظيمات الإرهابية، بما فيها «داعش». كما تتوقع مصادر متابعة في موسكو أن يكون شهر آذار، موعد الإنجاز الأهمّ للحرب، وكذلك الموعد المرتقب لجنيف الثالث كموعد يتزامن مع توقع دخول الجيش السوري إلى المدن السورية وربطها ببعضها البعض، لتكون مواصلة تطهير المتبقي من الجيوب العائدة للجماعات المسلحة مهمة طبيعية للمراحل اللاحقة، بالتزامن مع التحضير لانتخابات نيابية وربما رئاسية في صيف العام المقبل، لن يكون متاحاً لأحد التنكّر لنتائجها وتكريسها لزعامة الرئيس الأسد لسورية في ظلّ مشاركة مراقبين من أنحاء العالم وإجرائها ضمن معايير عالمية وشراكة عالمية.

على إيقاع هذه الرؤية جرت الاتصالات بين وزيري خارجية روسيا وأميركا سيرغي لافروف وجون كيري، ثبتت خلالها موسكو دور مجموعة التواصل التي تضمّ الحكومتين ومعهما تركيا والسعودية وإيران ومصر، وبالتالي لا مانع من اجتماع رباعي يضمّ السعودية وتركيا مع أميركا وروسيا تمهيداً لعقد المجموعة اجتماعها الأول، ما استدعى استبعاد الأردن من المقترح الأميركي، والاتفاق على لقاء فيينا يوم غد الجمعة كإطار لمساعدة السعودية وتركيا على التخلي عن المواقف المتلعثمة والمتعنتة، وقبول التسليم بمعادلة الحكومة الاتحادية ونهايتها بصناديق الاقتراع، والاستسلام لحقيقة أن لا أمل يُرتجى من تحييد الجماعات التي تدعمها حكومتا أنقرة والرياض كـ«جبهة النصرة» وشقيقاتها، من استهداف الغارات الروسية لها بصفتها جماعات إرهابية.

لبنانياً، التعثر الرئاسي مستمرّ ويبدو مرشحاً للمزيد من الاستمرار بعدما دخلت الحكومة بـ«كوما» النفايات، بينما أنقذت المبادرات الحوارين، الجامع والثنائي، أيّ الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وحوار حزب الله وتيار المستقبل الذي تستضيفه وترعاه عين التينة، والذي تؤكد مصادر «المستقبل» أنّ وزير الداخلية نهاد المشنوق سيشارك فيه رغم كلّ ما أشيع عن غيابه أو استبداله.

الحوار الثنائي مستمرّ ولكن…

أضافت عين التينة إلى أجندتها حواراً جديداً، حيث تستضيف جولة جديدة من الحوار الوطني الاثنين المقبل برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لتعقب هيئة الحوار الوطني جلسة جديدة من الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل يوم الثلاثاء بحضور معاون الرئيس بري الوزير علي حسن خليل.

ولفتت مصادر المجتمعين لـ«البناء» إلى «أن العناوين الأمنية والسياسية اليومية باتت مادة الحوار اليومية». ولفتت إلى «أن هذه القناة التواصلية حوار حزب الله المستقبل لا زالت عنصراً أساسياً لتنفيس الاحتقان وبالتالي تحوّل هذا الحوار إلى تنفيس للاحتقان لا أكثر».

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن الحوار مستمرٌ، ولكن ليس بالزخم السابق الذي حققه في بعض الملفات المتعلقة بالاحتقان والخطة الأمنية في طرابلس، فالحوار اليوم أضحى حواراً من أجل الحوار فقط، لأن في ذلك انعكاساً إيجابياً على الأمن والاستقرار، بخاصة بعد التراجع الذي سجله تيار المستقبل وإعلانه عن تمسكه بالحوار إثر رد الأمين العام لحزب الله على الوزير نهاد المشنوق، والذي كان قد سبقه تهديد من وزير الصناعة حسين الحاج حسن بنشر محاضر جلسات الحوار والتي توضح تعاطي المشنوق في داخلها، لجهة تملّقه من حزب الله في داخل الجلسات بينما يهاجمه عبر المنابر وفي التصريحات.

ونفت مصادر عليمة لـ«البناء» المعلومات التي تحدثت عن أن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لن يكون في عداد وفد تيار المستقبل في حوار عين التينة. وأشارت المصادر إلى «أن طبيعة اللعبة عند الرئيس سعد الحريري لا تسمح بكسر المشنوق أحد أكثر الأشخاص وفاء له. ولفتت المصادر إلى «أن الذي يشكل حيوية في النقاش والتحاور والأخذ والرد بين ثلاثي المستقبل هو المشنوق، فخبرته السياسية الطويلة وموقعه الحساس على رأس وزارة الداخلية لا سيما من الناحية الأمنية ومن فعالية الحوار بين الطرفين التي تكاد تكون محصورة بالعنوان الأمني كلها عوامل تذهب لمصلحة بقاء المشنوق».

إخراج المشنوق يفتح بازاراً في «المستقبل»

وتحدثت المصادر عن التوازن الحاصل في التمثيل لجهة مستشار مقابل مستشار ووزير مقابل وزير ورئيس لجنة نيابية مقابل رئيس لجنة نيابية، مشيرة إلى «أن هذا التوازن الرفيع في الشكل أسس لتوازن في المضمون، ولذلك فإن أي عملية تلاعب بالتمثيل ستمسّ بالتوازن، مع تأكيد المصادر أن إخراج المشنوق سيفتح بازاراً داخل المستقبل، الحريري بغنى عنه، علماً أن أحداً ليس مؤهلاً ليكون مكان المشنوق الذي في حال إخراجه من الحوار سيكون بمثابة هزيمة معنوية له ولتياره». ووضعت المصادر التسريبات في محاولة النيل من كرامة المشنوق الذي يواجه حرباً ضروساً داخل تياره وداخل طائفته تحت عنوان النيل منه باتهامه أنه ذهب بعيداً في تقرّبه من حزب الله».

وفي سياق متصل، رأى نائب الأمين العام لـ حزب الله الشيخ نعيم قاسم «أن حزب المستقبل سجل كثيراً من الفشل في المواقف السياسية وفي كثير من المحطات، وبدأ الخلاف يدبّ في ما بينهم، سائلاً ما علاقة اللبنانيين ليتحمّلوا المصاعب والمشاكل الموجودة بين قيادات في حزب المستقبل من أجل التربّع على رئاسة الوزراء في المستقبل؟». واعتبر «أن كل ذلك بهدف المنافسة على الزعامة والمنافسة على مَن يكون أكثر قرباً من جمهوره من أجل أن يكون مقبولاً ويتصدر الزعامة في يوم من الأيام، خاصة مع وجود الفراغ الحاصل حالياً والترتيبات داخل حزب المستقبل بسبب تشتّت أعضائه واختلاف المنهجيات الموجودة في داخله».

وأكدت أوساط سياسية في 8 آذار «أن مواقف تيار المستقبل ليست مواقف سياسية تعبر عن تيار سياسي، وهذا ما قاد هذا التيار ويقوده باستمرار من فشل إلى آخر، فمن ينظر إلى مسيرة هذا الحزب منذ العام 2005 حيث كان بإمكانه أن يكون الحزب القائد في الطائفة القائدة والممتلك للسلطة على مساحة الوطن، أصبح اليوم منبوذاً من قبل أكثرية الشعب اللبناني، ولم يعد يمتلك أكثرية وازنة داخل طائفته، ولهذا السبب يتهرّب من الانتخابات ويمنع إقرار قانون انتخابي على أساس النسبية».

واستغرب رئيس المكتب السياسي المركزي في الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو عدول كتلة المستقبل عن «لغة التهديد في بيان اجتماعها الأسبوعي وكأن وظيفة التصعيد الأخير كانت استهلاكية – شعبوية لشدّ عصب التيار». ورأى قانصو أن الحوار الثنائي القائم بين حزب الله وتيار المستقبل كما الحوار الوطني الجامع من شأنهما أن يدفعا الفرقاء للابتعاد عن هذه اللغة التي تفاقم الأزمة، وأضاف: «نحن ننصح قوى 14 آذار بعقلنة خطابها وترك مجال للصلحة».

اتصالات على خط عين التينة ـ الرابية

رئاسياً، أرجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة التي كانت مقررة ظهر أمس لانتخاب رئيس إلى الأربعاء 11 تشرين الثاني، اذ اقتصر حضور نواب 14 آذار والتحرير والتنمية واللقاء الديمقراطي على 49 نائباً، فيما النصاب القانوني للجلسة يتطلب 86 نائباً.

أما نيابياً، فمن المتوقع أن تنشط الاتصالات السياسية على خط عين التينة الرابية من أجل التحضير للجلسة العامة التي من المقرر أن يتحدد موعدها وجدول أعمالها بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس ظهر الثلاثاء المقبل في ضوء تراكم العديد من المشاريع واقتراحات القوانين الملحة والضرورية.

ولم تستبعد مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» «أن يجري بري اتصالاً بالعماد ميشال عون للتشاور في جدول أعمال الجلسة»، لا سيما أن الجنرال حدد ثوابته في ما يتصل بتشريع الضرورة الذي هو من أجل القوانين المتعلقة بتكوين السلطة أي قانون الانتخاب وقانون استعادة الجنسية». وأشارت المصادر إلى «أن المخرج لهذا الأمر سيكون بأن يتقدم نواب التغيير والإصلاح باقتراح قانون معجل مكرر لاستعادة الجنسية، وعندها يطرح في الجلسة العامة ويظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود ونعلم مَن يرفض إقراره بدلاً من رمي التهم يميناً ويساراً».

وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري أكد امس، في لقاء الأربعاء النيابي، بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» «أنه يمكن إيجاد مخرج لقانون الجنسية على عكس قانون الانتخاب في ضوء تخمة الاقتراحات المقدّمة والتي تفوق 15 وتحتاج إلى درس ونقاش طويل». وقال: «لم يعد مقبولاً الاستمرار على هذا الوضع من التعطيل الذي يزيد الانهيار والأخطار على الأوضاع الاقتصادية».

وأكد النائب انطوان زهرا لـ«البناء» «أن القوات اللبنانية لا تزال على موقفها من تشريع الضرورة التي نضعها في إطار إعادة إنتاج السلطة أي قانون الانتخابات إذا أنجز»، مشيراً إلى «أن قرار مشاركتنا في الجلسة العامة أو مقاطعتنا سنعلنه في اجتماع للهيئة التنفيذية للقوات قبل الجلسة على ضوء جدول الأعمال الذي سيخرج عن اجتماع هيئة مكتب المجلس». ورفض الإجابة على سؤال إن كان نواب القوات سيشاركون في جلسة تشريعية تتضمّن استعادة الجنسية ولا تتضمن قانون الانتخاب.

السنيورة يزجّ الجيش بمواجهة الأهالي

إلى ذلك، ووسط رفض بقاعي لإقامة أي مطمر على مساحة البقاع لاعتبارات بيئية ومائية وصحية، تشتد محاولات الحكومة وخطة شهيب «المستميتة» لإقامة ولو مطمر واحد على أرض البقاع. ووفق مصادر عليمة وواسعة الإطلاع لـ«البناء» فإن الزيارات المكوكية من قبل أحمد الحريري منذ نحو شهر إلى البقاع، كانت تهدف لإقناع بلديات البقاع والاتحادات البلدية المحسوبة سياسياً على تيار المستقبل، بـ«إقامة مطمر على أرض بقاعية»، ولاحظت تلك المصادر «عمليات تسويق يعتمدها نواب المستقبل في البقاع في جلساتهم الخاصة».

وتشير المصادر إلى «أن المكاشفة المستقبلية دعمتها مواقف رئيس الكتلة النائب فؤاد السنيورة العلنية وقوله «إن تيار المستقبل يدعم خطة الحكومة في موضوع النفايات ونطلب من الحكومة المبادرة وأخذ القرارات، ولو كانت صعبة».

وأشارت المصادر إلى «أن كلام السنيورة عملية تظهير استباقية للغرف السوداء التي اعتمدها سابقاً وأوكلت العملية الترويجية لها لأحمد الحريري لتستتبع من نواب المستقبل في عملية مبرمجة لإقناع عموم أبناء البقاع».

أما ما خفي في مكاشفة السنيورة بحسب المصادر فهي «العملية الإيحائية والتي تهدف إلى زج الجيش اللبناني في مواجهة رافضي المطامر من خلال مطالبته الحكومة أخذ المبادرة والقرارات ولو كانت صعبة».

ووصفت المصادر البقاعية موقف السنيورة بـ«المستغرَب» و«المستهجَن»، بخاصة أن المنطقة لا تتحمل نفايات بيروت وصيدا … ». وفي موقف حاسم تلاقى مع مواقف أبناء البقاع الشمالي وكل البقاع، قال رئيس دائرة الأوقاف في أزهر البقاع الشيخ محمد عبد الرحمان لـ«البناء» «ليأخذوا نفايات بيروت إلى دارة السنيورة في صيدا فلديه ساحة واسعة تصلح مطمراً».

وبرّي يبحث عن مطمر جنوباً

وفي سياق متصل أبلغ وزير الزراعة أكرم شهيب رئيس الحكومة تمام سلام نيته بوقف وساطته، في ما يخص خطة النفايات بعد الفشل بتحديد مطمر في البقاع. وكان الرئيس بري أكد في لقاء الأربعاء «أن المطامر الثلاثة التي جرى الحديث عنها في البقاع لا تستوفي الشروط الصحية وتشكل خطراً على البيئة والمياه الجوفية»، مشيراً إلى أنه «سيبحث عن مطمر في الجنوب».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى