مصر والسعودية والأزمة السورية

حميدي العبدالله

حدّد وزير خارجية مصر في تصريح علّق فيه على الحديث المتزايد عن وجود خلافات مصرية سعودية حول الأوضاع في سورية، ماهية العلاقات المصرية – السعودية.

فقد نفى وزير الخارجية وجود خلافات بين البلدين حول سورية، ولكن ما جاء في التصريح والموقف الذي اتخذته مصر منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم يؤكد وجود هذا الخلاف.

مصر السيسي أكدت أكثر من مرة وفي أكثر من تصريح أنها تؤمن بالحلّ السياسي للأزمة في سورية وترفض التدخل الخارجي، في حين أنّ مواقف المملكة العربية السعودية واضحة. فهي تدعو إلى التدخل في شؤون سورية الداخلية، وتدعو إلى الحلّ العسكري، وهذا ما صرّح به مؤخراً وزير خارجية السعودية، وأعاد تكرار هذا الموقف أكثر من مرة.

كما أنّ التوضيح الذي صدر على لسان وزير الخارجية المصري أكد أنّ مسألة الرئيس بشار الأسد تخصّ الشعب السوري، ولكن السعودية تجاهر بالدعوة إلى إبعاد الرئيس الأسد عن سدّة المسؤولية. إذاً الخلاف بين القاهرة والرياض خلاف واضح إزاء سورية، لكن حرص البلدين على بقاء العلاقات بينهما وعدم السماح لهذه المسألة بأن تؤثر عليها هي التي دفعت وزير الخارجية المصري إلى نفي وجود خلاف مع السعودية حول الأوضاع في سورية، رغم وجود هذا الخلاف وبشكل واضح.

ما يدفع مصر إلى اتخاذ هذا الموقف أسباب تشبه الأسباب التي دفعت روسيا بوتين إلى إسهامها في الحرب على الإرهاب إلى جانب الجيش السوري، فمثلما أنّ غالبية الإرهابيين الذين يقاتلون الجيش والدولة السورية هم من أصول روسية ويشكلون خطراً على روسيا، فاتخذت القيادة الروسية قرار التدخل العسكري لتوجيه ضربة استباقية إلى هؤلاء الإرهابيين وفقاً لأحدث تصريحات الرئيس الروسي في اجتماعه مع القيادة العسكرية الروسية فإنّ الاصطفاف ذاته من الإرهابيين يواجه الجيش المصري في سيناء، والذي ينفذ أعمالاً إرهابية على امتداد الأرض المصرية، هو الذي يقاتل الجيش السوري. وبالتالي فإنّ معركة سورية ضدّ الإرهاب هي ذاتها معركة مصر ضدّ هذا الإرهاب عينه. وإذا كان التقارب المصري الروسي أملته حسابات لها علاقة بسياسة الولايات المتحدة وموقفها من الرئيس السيسي، فإنّ هذا العامل ساهم في تعزيز التفاهم والتقارب في رؤية كلّ من مصر وروسيا إزاء الأوضاع في سورية، وبهذا المعنى لعبت روسياً دوراً إضافياً في تشجيع مصر على اتخاذ موقف من الأزمة في سورية يختلف جذرياً عن موقف المملكة العربية السعودية.

السؤال الآن هل تظلّ الخلافات المصرية السعودية في حدودها الراهنة، أيّ خلاف صامت محصور بالمسألة السورية، أم يتطوّر إلى خلاف شامل؟

من الواضح أنّ المناخ الإقليمي والدولي لا يعمل في مصلحة تصعيد سعودي ضدّ مصر، لأنّ أيّ تصادم حادّ من شأنه أن ينعكس سلباً على السعودية، لا سيما أنّ هناك تململاً وتذمراً واسعين لدى عدد غير قليل من الحكومات العربية من دعم السعودية للتنظيمات الإرهابية وعدم حرصها على استقرار المنطقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى