أميركا تعاقب مَنْ أسقط مشروعها العام 2006 وسنواجهها وننتصر
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أن المعركة القائمة اليوم تشنّها أميركا لمعاقبة الذين أسقطوا مشروع العام 2006، «هذا المشروع الذي أسقطته المقاومة في لبنان وأسقطته سورية الأسد بصمودها والمقاومة الفلسطينية وإيران ودعمها للمقاومة».
وشدد على أن «ما تريده لنا أميركا في السياسة والأمن والاقتصاد والثقافة والدين لن نقبل به»، جازماً «أننا لن نتراجع، فالمعركة نؤمن بها، وسننتصر فيها ومَن يفكر بالانسحاب منها فهو كمن يترك الحسين في ليلة العاشر».
الاستراتيجية الأميركية
أطلّ السيد نصرالله، في الليلة الأخيرة من ليالي عاشوراء في «مجمع سيد الشهداء» شخصياً، وألقى كلمة وسط هتافات من المشاركين، شكر فيها «للقيمين على المناسبة والجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الرسمية، جهودهم في تأمين سلامة المشاركين وأمنهم في كل المناطق».
وتناول الوضع السياسي في المنطقة والعالم، فقال: «إن الولايات المتحدة والغرب هدفهما واحد محدّد يضعان له استراتيجيات وخططاً وبرامج في أوقات زمنية متفاوتة، والإدارة الأميركية لا تتصرف في منطقتنا على أساس عشوائي، بل تسعى إلى تحقيق أهدافها المرسومة، التي لا تختلف بين إدارة وأخرى أو بين جمهوري وديموقراطي. فأميركا كوريث للاستعمار القديم ومعها قوى الاستعمار القديم، وفي مقدمها فرنسا وبريطانيا هدفها الهيمنة على بلادنا، سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً وثقافياً».
أضاف: «ما تريده لنا أميركا في السياسة والأمن والاقتصاد والثقافة والدين لن نقبل به، فهي تريدنا أن نقبل بإسرائيل في المنطقة، وممنوع علينا أن نقاتلها أو نناقشها في شروط وجودها. ومَن لا يخضع أو يقبل فليؤذن بحرب ذكية متعدّدة الأشكال، حربية حيناً، وأحياناً في الحصار والعقوبات والأمن والسياسة».
وتابع: «هذا هو ثمن الإرادة الحرة في العالم، ومَن يريد أن يكون سيداً في بلده ومستقلاً في مصالحه وأمته، فهذا ليس مقبولاً أميركياً. هذا هو عمق المسألة في بلادنا بعد الحربين العالميتين الثانية والأولى. هم يريدون أن تكون الموارد الطبيعية في منطقتنا تحت إمرتهم وشركاتهم النفطية الكبرى، وألا تستطيع الحكومات العربية والإسلامية أن تسعّر النفط والغاز. ومثال على ذلك، ما تفعله أميركا ضد إيران وفنزويلا وغيرهما في خفض سعر الغاز، وهو ما أمرت به الحكومات العربية مع أن قرار التخفيض ليس لمصلحة هذه الحكومات».
وأشار الى أن «مشتريات السلاح من أميركا لمصلحة السعودية وقطر تجاوزت قيمتها عشرات مليارات الدولارات، ولا نعرف إذا كانوا بحاجة إليها، لكن أميركا تعمل على ترتيب أسواقنا لمصلحة شركات السلاح والنفط الكبرى لديها، لقد سيطروا اقتصادياً، وأميركا تريد من حكومات ودول المنطقة السياسة الخارجية والنفط والغاز، أي أن حكوماتنا هي سلطات حكم إداري ذاتي يترأسها من يُسمّى ملكاً أو أميراً أو رئيساً، لأن قرار السياسة الخارجية والنفط والغاز والحرب والسلم والسوق الكبرى عند أميركا».
اسرائيل أداة تنفيذية
وقال السيد نصرالله: «إن إسرائيل ليست المشروع، إنما هي أداة تنفيذية في مشروع الهيمنة الأميركية في منطقتنا. ولذا، تؤدي دوراً إجرائياً ويقومون بحمايتها ودعمها ويقاتلون من أجلها. فلو أتى يوم انشغلت أميركا بأسبابها الداخلية، فماذا سيكون مصير إسرائيل، فهل ستبقى بالتأكيد، لا».
وأشار إلى «أن الشعب الفلسطيني عانى ويعاني الاحتلال الإسرائيلي والإدارات الأميركية المتعاقبة»، مجددا «تحميل المسؤولية للادارة الأميركية الحالية والسابقة»، وقال: «لذلك، من غير المسموح في إطار مشروع الهيمنة الأميركية في المنطقة أن تقوم دولة عربية أو إسلامية مستقلة بقرارها، وتراعي مصالح شعبها، وتتطور علمياً وثقافياً».
أضاف: «إذا أرادت مصر أن تصبح دولة قوية ممنوع، ومثلها باكستان. وهنا، لا يوجد سني أو شيعي أو مسلم أو مسيحي، فهذا ممنوع أميركياً. ولذلك، تُشنّ الحروب، كما فعلوا عندما دفعوا الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في حربه ضد إيران أو في طرق إعلامية ومخابراتية، فمن أساسيات مشروع الهيمنة الحديثة: الديمقراطية، حقوق الإنسان، محاربة الفساد والمجتمع المدني، والدليل على ذلك دول ديكتاتورية في المنطقة ترعاها أميركا، لا بل تعمل على دعمها، وهي أنظمة لا دساتير فيها ولا حرية تعبير. لذلك، فإن كل كلام أميركي عن الحريات وحماية حقوق الإنسان كذب وتضليل. وبعض شعوب منطقتنا مخدوع أو قابل للخدعة».
الدول غير الخاضعة مهدّدة
وتطرق إلى الحكومات والشعوب غير الخاضعة للحكومات الأميركية، لافتاً إلى أن «أميركا تعمل على فتح ملفات هذه الدول، وتطالب بتعديلات في دساتيرها أو تضعها على لائحة الإرهاب وتصادر الأموال. تفعل ذلك من أجل إخضاع الدول التي رفضت الخضوع للهيمنة الأميركية. أما الدول الخاضعة لأميركا فلا انتخابات فيها ولا تداول سلطة، ولا حتى حريات شخصية ولا حرية رأي».
ولفت إلى «كيفية تعاطي أميركا مع البرنامج النووي الإيراني، إذ أنها اخترعت كذبة لإخضاع هذا الشعب الرافض لسياستها، فمنذ 13 سنة، اخترعت أميركا كذبة أن إيران تريد تصنيع قنبلة ذرية، وأدى ذلك إلى عقوبات اقتصادية عليها. ونأسف لعقدة النقص في العالم العربي، إذ كان بعض العرب أميركيين أكثر من أميركا في هذا المجال، لكنهم وجدوا أن إيران لم ترضخ، ولم تصل العقوبات ضدها إلى نتيجة، فلجأت أميركا إلى الحوار مع إيران، فسياسة أميركا ضد إيران لأن الأخيرة تريد أن تكون دولة مستقلة تحافظ على كرامة شعبها».
وسأل: «إلى أين وصلنا بعد هذه التطورات والهزائم التي لحقت بإسرائيل في المنطقة منذ الثمانينات، وإلى هزيمة أميركا في العراق، حيث حصل انتصار لم يحتفل به أحد مع أنه انتصار للجميع». مؤكداً أن المقاومة في العراق هي التي انتصرت. وأشار إلى «هزائم أميركا في أكثر من مكان، ولكن ها هي الآن تطلق حرباً جديدة هي حرب على كل من يرفض الخضوع لها، وهذا ما يحصل في سورية والعراق، إذ إن عشرات الآلاف من التكفيريين جمعتهم دول عربية وغربية وقدمت لهم التسهيلات والمال والسلاح المتطور، فهل تفعل هذه الدول العربية والإقليمية والغربية ذلك من دون علم أميركا؟»، وقال: «هذا عمل تتدخل فيه السعودية وتركيا، ولكن القائد الحقيقي أميركا، التي قدمت السلاح لداعش في العراق، بعد أن هزمها العراقيون وطردوها».
سورية واليمن
وعن سورية، قال: «المطلوب إخضاعها لأميركا، والذين يقاتلون فيها سواء أكانوا علمانيين أم إسلاميين يقاتلون لمصلحة أميركا. وعندما تنتهي الحرب في سورية، فلن تسمح أميركا للسعودية وغيرها من الدول الإقليمية بأن تحكم في سورية».
وعن اليمن، قال: «إنها حرب أميركا التي تريد إبقاء اليمن تحت هيمنتها، فأميركا لم توفَّق في جعل الصراع سنياً – شيعياً بفضل وعي الشعوب وعلماء السنة والقوى السنية الإسلامية، وكان لهؤلاء الفضل الأكبر بألاّ تتحول هذه الحرب في اليمن إلى سنية شيعية».
«المرتزقة والتنابل»
ووصف مَن يقاتل نيابة عن أميركا بـ«المرتزقة والتنابل»، وقال: «كان المطلوب استفزاز مشاعر أهل السنة ليقاتلوا عن الملوك وناهبي الشعوب وأصحاب الكروش كي تكون نتائج المعركة لصالح أميركا. هذه هي حقيقة المعركة الآن». داعياً إلى «قول الحق، لأن الحرب الآن ليست من أجل الديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان ومعالجة الفقر والأمية، وإنما هي حرب تقودها أميركا لإخضاع كل الذين تمردوا وما زالوا، وهدفها معاقبة الذين أسقطوا مشروع العام 2006، هذا المشروع الذي أسقطته المقاومة في لبنان، وأسقطه كل الذين وقفوا مع المقاومة، وأسقطته سورية الأسد بصمودها، والمقاومة الفلسطينية وإيران ودعمها للمقاومة».
وجدد دعوته إلى «معرفة حقيقة المعركة القائمة الآن، إذ إنها جبهة قائدها ليس أبو بكر البغدادي وإنما أميركا، تقابلها جبهة أخرى يقف فيها كل مَن يرفض الخضوع للإدارة الأميركية»، وقال: «إن اليوم شبيه بالأمس، إذ يُقال لنا إما أن تخضعوا لأميركا وتقبلوا بإسرائيل، وإما نعلن عليكم الحرب، ونفرض العقوبات، ونرسل إليكم الانتحاريين إلى حسينياتكم وكنائسكم وأسواقكم».
المواجهة مع «إسرائيل»
أضاف السيد نصر الله: «نحن اليوم في مواجهة إسرائيل التي كانت تحتل أرضنا لتبقى فيها وتفرض شروطها المذلّة على لبنان، ولكن كلنا وقفنا في لبنان من مقاومة وجمهورها منذ 1982 ولا نزال نواجه إسرائيل، ونقول لها كما قال الحسين «بين الحرب والذلة هيهات منا الذلة».
وتابع: «اليوم في ظل مواجهة هذا المشروع الأميركي التكفيري، والذي يضعنا مسلمين ومسيحيين أمام خيار الخضوع والانتحاريين، نقول له ليس بالموقف فقط، وإنما بمقاومين يقاتلون في سورية، ونكرّر القول هيهات منا الذلة. نحن في معركة الدفاع عن الإسلام ومقدسات المسلمين ومظلومي هذه المنطقة، ولن نتراجع، فهذه معركة نؤمن بها، ونشارك فيها وسننتصر فيها ولن نتراجع، ومن يفكر بالانسحاب منها فهو كمن يترك الحسين في ليلة العاشر».
ودعا السيد نصرالله إلى المشاركة الكثيفة في المسيرة التي ينظمها حزب الله قبل ظهر اليوم في الضاحية الجنوبية لبيروت ويلقي في نهايتها كلمة مؤكداً أنه «لن ترهبنا العمليات الإرهابية والسيارات المفخخة».