تقرير
جاء في مجلة «نيوزويك» الأميركية: قد تنقرض المسيحية في العراق في غضون خمس سنوات، وفقاً لتقرير جديد بدعم من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.
التقرير، الذي يبحث في اضطهاد الجماعات المسيحية في جميع أنحاء العالم، وأُعدّ من قبل مؤسسة الإعانة البريطانية لمصلحة الكنيسة، قُدّم إلى مجلس اللوردات يوم الثلاثاء الماضي.
في تصريحات نقلتها صحيفة «كاثوليك هيرالد»، أعلن كاميرون عن دعمه التقرير وعن أسفه لكون المسيحيين يتعرضون للتمييز المنهجي ضدهم، والاستغلال والتهجير من المنازل، كل يوم في بعض البلدان.
ويسلّط التقرير الضوء على محنة المسيحيين في العراق، حيث عدم الاستقرار السياسي منذ حرب عام 2003 والاضطهاد الذي ينتهجه تنظيم «داعش»، والذي أفضى إلى تقليص التعداد السكاني للمسيحيين، إذ تبلغ أعدادهم حالياً 260 ألف نسمة في مقابل 1.4 مليون شخص خلال حكم صدام حسين. كما يرجع التقرير نزوح المسيحيين من العراق إلى الخوف من التطهير العرقي والإبادة الجماعية المحتملة، ويحذّر من أنّ المسيحية في طريقها إلى الاختفاء من العراق في غضون ربما خمس سنوات، ما لم تُوفَّر المساعدة الطارئة على نطاق واسع على المستوى الدولي.
تنظيم «داعش» كان قد سيطر على مدينة الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية، وطلب من المسيحيين هناك التحوّل عن ديانتهم واعتناق الدين الإسلامي، أو دفع الجزية، أو الإعدام.
وبينما فرّ آلاف من هؤلاء إلى سهل نينوى شمال العراق، استمر التنظيم في تقدّمه وسيطر على المنطقة في آب 2014، مجبراً أكثر من 125 ألف شخص من المسيحيين على الفرار. فيما نزح حوالى 100 ألف مسيحي إلى كردستان العراق، وهي منطقة حكم ذاتي في شمال غرب العراق تخضع لحكومة إقليم كردستان، مع عدد ممن يعيشون في خيام في الضواحي المسيحية.
يقول عزيز عمانوئيل آل زيباري، وهو كلداني كاثوليكي وأستاذ في جامعة صلاح الدين في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، إنّ الاضطهاد الذي يتبنّاه «داعش» ليس السبب الوحيد الذي يدفع عدداً من زملائه المسيحيين لمغادرة البلاد.
تطلّع المسيحيون العراقيون إلى الخارج طلباً للمساعدة في محنتهم. بشار وردة، رئيس أساقفة الكلدان الكاثوليك في أربيل، تحدث إلى مجلس اللوردات في شباط الماضي وطالب المملكة المتحدة بإرسال قوات إلى العراق لمنع القضاء على السكان المسيحيين.
وما تزال المملكة المتحدة تشارك في الضربات الجوّية في العراق كجزء من قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة لمكافحة «داعش»، ولكنها لم ترسل أي قوات برّية للمشاركة في العمليات العسكرية.
ميليشيا مسيحية قوامها 4000 تدعى «وحدات حماية سهل نينوى» شُكّلت في العراق في وقت سابق من هذه السنة، في محاولة لحماية المجتمعات من المزيد من الدمار على أيدي «داعش».
يقول آل زيباري: يجب أن يكون إنشاء ملاذ آمن للمسيحيين النازحين من سهل نينوى أولوية ملحّة»، في حين يحذّر أيضاً من مخاوف أن الخلايا النائمة التابعة لـ«داعش» قد تنقضّ على المسيحيين في كردستان العراق في أيّ وقت.
وقال: هناك 500 عضو من «داعش» الذين ينحدرون من كردستان، وهم من المواطنين الأكراد وانضموا إلى «داعش»، ما يعني أن هناك خلايا نائمة هنا داخل المحافظة وما أن تتاح لديهم الفرصة، فإنهم سيخلقون الفوضى هنا.
دوغلاس البازي، وهو قس كاثوليكي كلداني يقدّم المساعدة للمسيحيين المهجرين من الموصل وسهل نينوى في كنيسة مار إلياس في عينكاوة، يقول إن المسيحيين اضطهدوا في العراق لسنوات عدّة، ويفقدون إحساسهم بالانتماء إلى هذا البلد. ويقول: «أنا في حالة حبّ مع بلدي، وأنا في حالة حبّ مع كنيستي هناك، ولكن صدقوني، بلدي ليس فخوراً في أن أكون جزءاً منه».
ويعتقد أن المسيحية قد وصلت إلى العراق من خلال اثنين من الحواريين الـ12 الذين كانوا مع السيد المسيح. المجتمعات الرئيسة هي: الكلدانيون ـ كنيسة كاثوليكية شرقية مستقلة عن روما ولكنها تعترف بسلطة البابا. والآشوريون.
وطبقاً للزيباري، فإن انقراض المسيحية في العراق سيكون له تأثير كبير على واقع المجتمع في البلاد.
يقول آل زبياري: في حال اختفت المسيحية من منطقة الشرق الأوسط والعراق، فإن ذلك سيكون نهاية التنوير والتسامح والقيم الديمقراطية والقيم الإنسانية، لأنه على رغم أننا أقلية، إلا أننا قد تركنا بصمتنا في كل جانب من جوانب الحياة هنا.