تركيا والانتخابات البرلمانية المبكرة
ناديا شحادة
تترقب الأوساط السياسية التركية بحذر موعد إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة المزمع إجراؤها في الأول من تشرين الثاني من العام الحالي، بعد فشل حزب العدالة والتنمية في الحصول على النسبة الكافية لتشكيل الحكومة في الانتخابات التي جرت في 7 حزيران الماضي وفشله في تكوين حكومة ائتلافية، مما استدعى الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة ، حيث أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في 21 آب أن الاول من تشرين الثاني سيكون موعد الانتخابات البرلمانية المبكرة.
فالأوساط السياسية وغالبية الشارع التركي تترقب نتائج هذه الانتخابات التي ستحدد طبيعة المرحلة السياسية المقبلة في ظل تعقيدات داخلية وخارجية، فالتدخل الروسي العسكري في سورية الذي قلب موازين القوى لمصلحة الجيش وعناصر المقاومة ضد الجماعات الارهابية، والاتفاق الاميركي الايراني على البرنامج النووي الذي كسر العزلة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والاعتراف بإيران قوة إقليمية عظمى، بالإضافة الى المواجهات بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني شمال العراق وفي الجنوب التركي، حيث عادت الحرب بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني إلى الاشتعال مجددا بعد انهيار وقف إطلاق النار الساري بين الجانبين منذ العام 2013. كل ذلك له تأثيرات على حالة الاستقطاب داخل الحياة السياسية التركية، الأمر الذي أدخل أردوغان وحلفاءه في حالة من الإرباك وباتوا لا ينفكون عن التحريض ورمي سيل الاتهامات ضد الحكومة السورية والأكراد واتهامهم بأنهم وراء تفجيرات أنقرة الأكثر دموية بتاريخ تركيا الذي حدث في 10 تشرين الأول وأدى الى مقتل 97 شخصاً وأعاد إذكاء الاحتجاجات ضد نظام اردوغان قبل ثلاثة اسابيع على موعد الانتخابات التشريعية المبكرة.
يؤكد المتابعون أن أردوغان الذي يسعى الى فوز حزبه، بما لا يقلّ عن 400 مقعد في البرلمان وهي الأكثرية اللازمة لتعديل الدستور وترسيخ سلطانه يحاول إظهار تركيا بأنها ضحية المجهول مستخدما الذرائع والظهور بموقع المظلومية، وبات ذلك واضحاً من خلال الاتهامات التي وجهها الى مخابرات النظام السوري ومنظمة حزب العمال الكردستاني إلى جانب حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي وصفه بالإرهابي، حيث قال أردوغان في 22 تشرين الثاني تعليقاً على هجوم أنقرة المزدوج أن الهجوم عمل إرهابي جماعي خطط له بشكل مشترك من قبل «تنظيم داعش ومنظمة حزب العمال الكردستاني ومخابرات النظام السوري إلى جانب حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي».
يؤكد المراقب للشأن التركي أنه كل يوم يمرّ يتأكد المواطن التركي حجم الورطة التي دفع بها الرئيس رجب طيب اردوغان تركيا عبر زجها في الأزمات الإقليمية التي شارك في خلق بعضها وأجج بعضها الآخر مستخدماً أقذر سلاح يمكن ان يستخدم من اجل تحقيق اهدافه في السلطنة. فادعاءات أردغان واتهامه لـ«النظام السوري» ومنافسيه من الأحزاب السياسية التركية، بأنها وراء تفجير انقرة المزدوج، بالإضافة إلى الإيحاء باستخدامه ذرائع دخول طائرات روسية من دون طيار إلى الحدود التركية، حيث زعمت انقرة ان مقاتلة روسية اخترقت المجال الجوي التركي للمرة الثانية، كما أنها شكت من تكرار حادثة تحرش طائرة مجهولة من طراز ميغ 29 بمقاتلات تركية، ليتبين فيما بعد عدم صحة تلك الأخبار، حيث اكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء ايغور كوناشينكوف أن ما يخص المعلومات عن مطاردة مزعومة لطائرتين تركيتين من جانب مقاتلة ميغ 29 مجهولة، فليس لهذا أي علاقة بالمجموعات الروسية الجوية المرابطة في سورية، منوّها إلى انه لا توجد طائرات من هذا الطراز في القاعدة الجوية حميميم، تلك الادعاءات ما هي إلا ذرائع يختلقها أردوغان لإظهار نفسه ووطنه تركيا بأنهم في موقع الضحية.
فمع محاولة حزب العدالة والتنمية انقاذ مايمكن انقاذه خلال الايام القليلة التي نشهدها قبل الانتخابات التركية المبكرة، ومحاولته ان يوقف تراجعه على الصعيد الاقليمية والدولي والمحلي مستخدما كافة الوسائل يبقى السؤال ماهي الذرائع والمفاجئات الجديدة التي يمكن لاردوغان ان يختلقها لربما يستطيع كسب تعاطف الرأي العام التركي وكسب المزيد من اصوات الناخبين.