«المنار»
كعادتهم، أحالوا نعمةَ السماءِ نقمةً عليهم.. فاضت السماءُ بخيراتها على اللبنانيين، فتحولت الأمطارُ أنهاراً في الشوارعِ والطرقاتِ بعدَ ان سُدّت المجاري والحلولُ معاً بالنفاياتِ والمزايدات..
وإن كانت الأزمةُ معَ الشتاءِ سابقةً لملفِ النفايات، بل من عمرِ التعهداتِ والتلزيماتِ الملزَّمِ بتداعياتها اللبنانيون معَ كلِّ مطر، فإنّ حقيقةَ الخطرِ أنْ لا حلولَ في الأفق، وانَ تخمرَ ملفِ النفاياتِ سياسياً سيَزيدُ من عفَنِ المشهدِ اللبناني المتهالك ..
ولأنّ السماءَ تُمهلُ ولا تُهمِل، جنى اللبنانيون إهمالَ سياسيّيهِم وعجزَهم عن حلِّ أزمةٍ تكادُ تَطمُرُ وطناً، فيما بعضُ المعنيينَ يبحثونَ عن مطامرَ يُحوِّلونَها مناجمَ تَدُرُّ الخيراتِ السياسيةَ والمالية، والبعضُ الآخرُ يستثمرُ بالنفاياتِ ليزايدَ بالسياسة..
فيما الاستثمارُ الوحيدُ الذي لا بديلَ عنه هو الحوار، من أعقدِ الملفاتِ إلى أبسطِها. أما بسطاءُ السياسةِ فما زالوا يُحوِّرونَ التواضعَ ضَعفاً، واليدَ الممدودةَ توسلاً.
«او تي في»
بات من الأكيد المؤكد، أنه حين خلق الله الشتاء، طقساً سنوياً مقدّساً يغسل به أرضنا ويمسح عن وجهها عرق الفصول… لم يكن يعرف أنه في شتاء سنة 2015، ستكون هناك حكومةُ مسخرة وطنية في مكانٍ ما من هذه الأرض، اسمُه لبنان … وبات من اليقين المتيقِّن، أنه حين آمن آباؤنا والأجداد بأنّ المطر خير، لم يكونوا ليتصوّروا لحظة أنّ يوماً سيأتي، تصير فيه تلزيمات النفايات خيراً في جيوب مجموعة من اللصوص، ويتكدس مئة ألف طن من نفايات بيروت وضواحيها على أعتاب بيوتنا، حتى يأتيَ المطر ويحوّلَها أسوأ كارثة بيئية في تاريخ لبنان.
من المسؤول؟ طبعاً المسؤولية أولاً على حكومات متعاقبة سرقت منا أكثر من ملياري دولار وتركت لنا أوساخها والنفايات… والمسؤولية ثانياً، على نظام سياسي انتخابي، منعنا جميعاً، مواطنين ومجتمعاً مدنياً وسلطةً رابعة مكبّلة غالباً ومستنفرة غبّ الطلب، منعنا كلَّنا من محاسبة هؤلاء طيلة ربع قرن… يوماً بذريعة الوصاية، وأياماً بذريعة الحماية الطائفية والمذهبية والقبلية والزبائنية… في النتيجة، ها نحن اليوم نجني ما زرعناه. بلدٌ كامل يعوم على طوفان من وسخ، لمجرد أنّ الله لا يزال يعتقد أننا لبنان الأخضر، ولا يزال يرسل إلينا المطر… ليرويَه ويروينا … غداً اليوم على طاولة الحوار المكتمل ميثاقياً، يُفترض أن تكون هناك أولويتان اثنتان لا غير: أولاً، حلٌ جذري للنفايات يبدأ بسجن كل لصوصها عبر عشرين عاماً، وثانياً تغيير نظام سياسي انتخابي، سمح للصوص بأن يسرقونا بلا محاسبة، وسمح لهم بإغراقنا بالنفايات بلا مساءلة … ماذا وإلا… فالطوفان الكبير لا بد آتٍ.
تلفزيون لبنان
أظهرت رداءة الطقس رداءة الأوضاع المعيشية والخدمات، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة النهوض من حال الشلل المؤسساتي، وأهمية عقد جلسات منتجة لمجلس الوزراء. هذا الموضوع سيكون محور بحث في الحوار الوطني في المجلس النيابي غداً اليوم ، وإن كان العنوان الأساسي انتخاب رئيس للجمهورية. وينتظر أن يصارح الرئيس نبيه بري أهل الحوار، بالخطر الذي يحدق بالمساعدات الدولية المقررة للبنان ما يدعو إلى عقد جلسة تشريعية في أسرع وقت.
وإلى الحال الداخلية في لبنان، ثمّة متابعة لتطورات الخارج، والتي برز فيها تأكيد وزيرا الخارجية الأميركي والروسي على الحل السياسي للأزمة السورية. وهو ما شدّدت عليه أيضاً الرياض وواشنطن وكذلك وزيرا الخارجية السعودي والمصري.
ومن المقرر أن يُعقد مؤتمر «فيينا 2» يوم الجمعة المقبل، بين وزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا والسعودية وتركيا، وانضمام نُظرائهم في عدد من الدول لا سيّما مصر وإيران وقطر والإمارات العربية المتحدة والأردن.
عودة إلى الداخل اللبناني، الطقس الرديء بدأ بالتوقيت الشتوي من خلال أمطار غزيرة تسبّبت ببحيرات مياه في الشوارع، مصحوبة ببعثرة للنفايات وفيضانات في عدد من المناطق، لا سيّما في عكار. وقبل تفصيل ذلك نشير إلى أن الإضراب التربوي غداً اليوم ، يشهد من الآن انقساماً بين إدارات المدارس، بين مؤيد ومعارض، كالمدارس الكاثوليكية التي أكّدت أنّ يوم غد اليوم هو يوم دراسة عادي.
«أن بي أن»
ما ذنب الناس التي طافت النفايات مع الأمطار إلى منازلها؟ لماذا يدفع المواطن ثمن إهمال المسؤولين المقصّرين ببتّ ملف النفايات؟ كان يجب أن يُعالج هذا الملف قبل هطول الأمطار، وهذا ما حذّر منه مراراً وزير الأشغال غازي زعيتر، رافعاً الصوت للانتباه مما يحمله لنا فصل الشتاء في حال بقيت النفايات مكدّسة.
لم يسمع أحد حتى وصلنا إلى أزمة أبعادها تطال صحة الناس، كما قال وزير الصحة وائل أبو فاعور، فماذا بعد؟ هل يُعقل أن يقف الجميع عاجزين عن فرض الحل ولو بالقوة؟ كارثة بيئية تتمدد. وكلما طالت الأزمة توسّعت نتائجها، فهل يحمل الأسبوع المقبل حلاً نهائياً يُريح البلد من ملف تطال تداعياته الوضع الحكومي؟
في الداخل لا سبيل إلا التلاقي والحوار، وهذا ما أكّدت عليه حركة «أمل» اليوم أمس مجدّداً، في المسيرة العاشورائية الحاشدة التي نظمتها في النبطية. الحوارات هي العنوان الخارجي وعلى أساسه تتحرّك العواصم لفرض حلول سياسية لسورية.
دمشق بدت مستعدة بالكامل طالما أن مكافحة الإرهاب أولوية، فلا مشكلة بالانتخابات المبكرة أو أي تعديل للدستور، كما نقل الوفد البرلماني الروسي عن الرئيس السوري بشار الأسد، الذي ربط أي خطوة بقرار الشعب.
وما بين تقدّم الجيش السوري ميدانياً والاقتراحات السياسية على خُطى واشنطن – موسكو، ترقّب لتطورات تبدو مصر لاعباً أساسياً فيها بالجمع على قاعدة ضرب الإرهاب وحفظ الدولة السورية واحدة موحّدة.
«ام تي في»
يا عيب الشوم»، أبلغ ما يوصف به فيضان النفايات الذي غمر لبنان. والتعبير مستعار من سيدة صورت بهاتفها نهراً مستحدَثاً من الزبالة، فتح لنفسه طريقاً في حيِّها في أحد شوارع العاصمة صبيحة الأحد. والعيب ليس على النفايات، بل على من ترك هذه النفايات تتكدّس أشهراً في شوارع لبنان وعلى تلاله. وبدلاً من البحث عن كيفية التخلص منها، سعى إلى تدويرها لاستخدام سياسي.
ومن مآسي تسونامي» النفايات اليوم أمس ، أنّ اللبنانيين استعرضوا كلّ القرف، لكنهم لم يرَوا رأساً واحداً من رؤوس أعدائهم من أهل السلطة يمرّ في طريقه إلى المطمر الذي يستحق.
مظلوم لبنان على يد هذه الطبقة الفاسدة، في الاستراتيجيا قسم منها يربط مصير لبنان بحروب المنطقة، وفي السياسة يربط قسم منها مصيره بمصالحه الشخصية، وقسم آخر يربط مصيره بمصالحه التجارية. والكارثة البيئية تتقاطع مع الأضلع الثلاثة لمثلث الشرّ هذا.
في السياق، وقبل كارثة اليوم أمس ، كان الرئيس سلام حدّد الخميس مهلة قصوى للانتهاء من ملف النفايات، وإلا فإنه في وارد اتخاذ قرار خطير بحجم الكارثة الأخلاقية البيئية. أما الآن فالمأمول أمران: إما أن يدعو سلام إلى اجتماع عاجل لمجلس الوزراء بمن حضر، يضع فيه الشركاء موظفي الزبالة بالسياسة أمام مسؤولياتهم وينفّذ خطة شهيّب، أو فلتستقل الحكومة لأنّ أي قرار أقل من الكارثة، كارثة.
«ال بي سي»
حين هتف الحراك المدني 14 و8 عملوا البلد دكانة»، كان يقصد المحاصصة الفاسدة، لكن زعماء الطوائف أصرّوا على دفع المحاصصة إلى حدودها القصوى، فتحول البلد من دكانة إلى مزبلة، لكنها مزبلة تليق بمن زرع الشحن الطائفي على مدى سنوات، ورفع شعار مصلحة الطائفة فوق كل اعتبار، ليحصد مصلحته هو ومصلحة عائلته ومصلحة رجال الأعمال العاملين في بلاطه.
مزبلة تليق بمن أراد تطبيق القانون الأرثوذكسي السيّء الذكر في الانتخابات النيابية، حتى ينتخب كل ابن طائفة نائباً عن طائفته، فإذا بهذا القانون يشقّ طريقه إلى التطبيق لكن في برلمان النفايات. فباتت كل طائفة تطالب بنفاياتها حصراً، وتبحث داخل أكياس القمامة عن نفايات الطوائف الأخرى لتردّها إليها.
هكذا باتَ بإمكان مؤيّدي الحراك ومعارضيه أن يطمئنوا، فالمطامر لن تفتح إلا بعد ضمان التوزيع الطائفي لها. قالها الوزير أكرم شهيّب منذ اليوم الأول: خطتي للنفايات تحقّق الشراكة». فهنيئاً لنا هذا النوع من الشراكة التي طلعت ريحتها» ولنسبح في نفاياتنا إلى أن يأتينا غداً من يدعو لصلاة استسقاء أو يطلق صرخة هيهات منا الذلة» على أبواب المطار، أو يرش مي مصلاية» على شاحنة النفايات.
بعد أمطار اليوم أمس ، على اللبنانيين أن يختاروا أي شعب يريدون. أن يكونوا طبعاً الشعب الذي ينتظر هذا النوع من المطامر، أو الشعب الذي نظّف اليوم أمس ، مياه نهر بيروت من دنس زعمائها، والذي نظّف دالية الروشة من آثار الاعتداء عليها. اختاروا أي شعب تريدون أن تكونوا حتى تعرفوا أي نواب تنتخبون في أي انتخابات مقبلة.
«المستقبل»
هل شكّلت الشتوة الأولى رصاصة الرحمة على الحكومة المترنّحة تحت وطأة الضربات المتعددة، والتي تتلقاها على خلفية أزمة النفايات والترقيات العسكرية. أم أنّ هذه الشتوة التي أغرقت شوارع بيروت والضواحي بالنفايات المتكدِّسة، وسدّت المجاري، ستدفع الحكومة إلى الانعقاد لوضع خطة الوزير أكرم شهيّب موضع التنفيذ والانتهاء من قضية المطامر؟
وهل ستكون جلسة الحوار المرتقبة غداً اليوم ، نقطة انطلاق نحو التشجيع على عقد جلسةٍ للحكومة لوضع حدّ نهائي لأزمة النفايات؟ وما سيكون عليه موقف الرئيس تمام سلام، خصوصاً وأنه حذّر مراراً مما وصلت إليه الأمور، معرباً أمام زوّاره اليوم أمس ، عن استيائه الشديد؟
الأجوبة التي تنتظر نتائج جلسة الحوار، سبقها مشهد مقزّز حملت فيه مياه الأمطار النفايات المهترئة إلى المنازل والمحلات التجارية.
«الجديد»
لم يأتِ المطر على شكل عاصفة ليجرف ما حوله من سلطة، فافتتح موسم الشتاء رسمياً على شراكة مع النفايات، واكتفى اللبنانيون بالتعبير عن غضبهم افتراضياً عبر مواقع التواصل، فيما قلّة منهم تحركت إلى مشارف منزل رئيس الحكومة لتبلغه عدم السلام.
مياه السماء، نبع الخير، رائحة الأرض بعد الشتوة الأولى، كلها اندسّت فيها أكوام النفايات فأقفلت مجاري الصرف الصحي. وأحدثت مشاهد سوريالية، من شأنها لو كنا في أي بلد من الفئة الثالثة، أن تسحب معها حكومات وتودي بها في أقرب بالوعة. لكن حكومتنا تتحدى العواصف. ورجال سلطتنا يرتزقون من الزبالة عالناشف، ولا ضير إن بلّلتها المياه وتمددت لتفرز الأمراض. لدينا من الرجال ما يقف على رأس جبال القمامة ولا يهتز.
حكومة الكوليرا المصابة بداء البقاء، الثابتة على آلام الناس، العابرة للأزمات، الحاكمة بانتهاء الصلاحية، لم تجد أنّ في البلاد أيّ حدث طارىء اليوم أمس ، لم تجتمع على شكل عاجل، لم تعرْ أي اهتمام للنفايات السابحة على الطرقات. فوزير أشغالها نفض المسؤولية عن أشغاله. وزير صحتها سوف يؤمّن للمواطنين غداً اليوم أسرّة جاهزة في المستشفيات، للعلاج من داء الكوليرا على نفقة الوزارة.
فلا تقلقوا لأن وزير البيئة الأصلي ما زال معتكفاً، لكنه في منصبه. ولا تنسبوا له صوراً لم ينشرها على الـ»فيسبوك»، فهو لم يُبارح مكانه، بعد أن احتلوا مكانه. ووزير داخليتها مسحور برعايته لأضخم المحال التجارية السينييه» في لبنان. أما بقية الوزراء فهم يقومون بالواجب عبر الاتهام بالتعطيل، فيما كلّهم مسؤول، وكلهم في إجازة ولن يقطعونها لمعالجة قضايا متّسخة تزعج أصحاب المعالي.
والموقف الوحيد الصادر عن الحكومة من أعلى سلامها، أن رئيسها قرر ألا يصبر ساعة بعد يوم الخميس ما لم تُحل مشكلة النفايات. لكن المواطنين يقولون له اليوم: لماذا الخميس فخير البِرّ عاجله. ولا تؤجل استقالة اليوم للغد، وهي التي كانت تصح بالأمس، لا بل مذ أن قرّرت أن تُبقي في فمك الماء، وأن تبتلع في صدرك نفايات سياسية لم تسمها، ولم تسمع بحالة يطلقون عليها اسم الانتفاضة.
فاحمل من حجارة فلسطين حجراً واحداً، وصوّبه على طبقة واحدة، واكسر زجاجها المصنوع من الأوساخ السياسية، وافرض قرارك على الجميع. وبعض هذه القرارات لن تستلزم كثيراً من العناء، وبينها أن تعطي للبلديات أموالها ودورها، لتبدأ العمل الذي احتلته شركة سوكلين».