خطاب السيد نصر الله: اقتربت ساعة النصر
ناديا شحادة
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بعمامته وطلته هو أكبر أسرار الحزب على الإطلاق. هذه الشخصية الكاريزمية التي يتميّز بها السيد الذي إن قال صدق وإن هدّد فعل، وقد أطلّ على جمهوره ومحبيه شخصياً في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت خلال إحياء ليلة العاشر من محرم، ويوم العاشر منه.
وإذا عدنا إلى خطابه الذي ألقاه في تلك الليلة، نجد أنّ عوامل القوة فاحت منه ولم نشتمّ بين ثنايا الخطاب ما يدلّ على عامل من عوامل الضعف، كما في جميع خطابات سماحته.
لكنّ ما يميز هذا الخطاب أنه حشد العديد من أدوات التعبئة، فحضوره الشخصي علامة قبول للتحدي حتى الشهادة، وحافز لجمهور المقاومة للاستنفار ولقبول هذا التحدي الذي تواجهه المقاومة في المعركة التي حدّد السيد حقيقتها بأنها معركة بين جبهتين: جبهة تقودها أميركا وكلّ من معها، وفي الجبهة الأخرى يقف كلّ من يرفض الخضوع للإدارة الأميركية، مضيفاً أنّ هذا هو التوصيف الحقيقي لما يجري الآن في منطقتنا.
يؤكد المتابعون أنّ أسلوب السيد نصر الله يمتاز بالقوة، وخصوصاً عندما يتوجّه إلى خصومه الأميركيين و«الإسرائيليين» الذين وصفوه بـ«سيد الحرب النفسية». حيث وصف الخبير «الإسرائيلي» في علم النفس السياسي أودي ليبل في صحيفة «معاريف» أمين عام حزب الله بـ«أبو الحرب النفسية». يدرك «الإسرائيليون» أكثر من غيرهم أنّ السيد إن قال فعل، لذا يقرأون دوماً خطاباته بكثير من التمعُّن ويركزون فيها على ما بين السطور، لما تحويه من دلالات غاية في الأهمية، لذلك حدّدوا بوصلتهم في توصيف حجم أي معركة إقليمية وربطوها بخطابات السيد الذي لم يخطئ يوماً في تحديد مستوى الجاهزية لأي معركة.
فالسيد حسن نصر الله الذي يستطيع الدمج بين التفكير الاستراتيجي والسيطرة الكاملة والعمل التكتيكي واستغلال العامل النفسي، أصبح شخصية تجذب الجميع من محبيه ومن خصومه، وظهوره شخصياً أمام جمهور المقاومة في ليلة العاشر من محرم كان رسالة عبّر فيها عن قبوله للتحدي حتى الشهادة وعدم الخضوع في هذه الحرب التي اعتبرها حرباً مع أميركا التي تريد وضع يدها على الغاز الموجود في بعض دول المنطقة والباقي أدوات. هذا ما أشار إليه قائلاً: إنّ أميركا، كوريثة لقوى الاستعمار القديم، هدفها الهيمنة على منطقتنا وبلادنا سياسياً واجتماعياً وأمنياً وثقافياً، وأن يكون كلّ من في المنطقة خاضعاً ومسلِّماً لإرادتها.
يرى متابعون أنّ السيد نصر الله رفع في خطابه الأخير مستوى المعركة ضدّ واشنطن و«إسرائيل» وحلفائهما في المنطقة إلى مستوى قدسية معركة الحسين التي تعتبر ثورة سياسية ضدّ الظلم وهي تحمل معان كثيرة، كالتضحية والحرية والحق، واعتبر أنّ الوقوف في ساحات القتال الآن هو بمثابة الوقوف في ساحة كربلاء مع الإمام الحسين، حيث قال: «الحسين علمنا أن نقول إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما، وفي هذه الليلة نستحضر المعركة والتاريخ ونتخذ الموقف ونقول كما قال الحسين في كربلاء: بين السلّة والذلة هيهات منا الذلة».
ورغم اشتعال منطقة الشرق الأوسط وما تشهده من أحداث إرهابية وتهديدات من قبل الجماعات التكفيرية، وخصوصاً التي يمكن أن تستهدف المناسبات الدينية، وبالذات إحياء مراسم عاشوراء، حيث حاولت أميركا و«إسرائيل» وحلفائهما بث وإعطاء النزعة الدينية للصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط، وهذا ما أشار إليه قائد القوة البرية الإيرانية العميد أحمد رضا بوردستان في 2 أيلول 2015 عندما قال: «إنّ استراتيجية أميركا الجديدة تتمثل في إثارة الحروب الطائفية من خلال إطلاق جماعات إرهابية وتكفيرية مثل داعش»، وبرغم حجم التهديدات التي يمكن أن تطال تلك المناسبات، دعا الأمين العام لحزب الله الحشود إلى الاحتشاد في الساحات في عاشوراء.
السيد حسن نصر الله الذي يعتبر من الشخصيات السياسية النادرة ومن القلائل الذين يستطيعون جذب المشاهد للاستماع إلى خطاباتهم وحواراتهم من دون ضجر، أطلّ مباشرة على جمهور المقاومة بكلّ ثقة وشجاعة، كما عهدناه دائماً، غير آبه بالاستشهاد ليعزّز روح الشهادة لدى جمهوره. فخطابه كان استثنائياً عن بقية خطاباته السابقة، حيث تحدث بشكل صريح ومباشر، معلناً أنّ الحرب الآن مع أميركا، والباقي مجرد أدوات وإنّ ردّ حلف المقاومة على المخطط الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط هو المقاومة والصمود لتحقيق الانتصار، حيث أشار إلى أنّ من يراهن على تراجعنا أو تعبنا فليسمع وليع جيداً أنّ هذه المعركة نشارك فيها عن بصيرة وسننتصر فيها إن شاء الله.
يدرك المتابع لخطاب السيد نصر الله من خلال المفاجأة المدوية التي أعلنها وتفاعل معها جمهور المقاومة، أنّ الحرب أصبحت في مرحلة حاسمة وسريعة وأنّ ساعة النصر قد اقتربت.