صحافة عبريّة

ترجمة: غسان محمد

نتنياهو هو الخطر الوجودي على «إسرائيل»

كتب جابريئيل شتيرمان في «هاآرتس» العبرية:

الأمر الذي يقلق الرأس والقلب منذ عدّة سنوات، يبدو حقيقياً أكثر من أيّ وقت: الخطر الوجودي على دولة «إسرائيل» هو بنيامين نتنياهو. لا أقول هذا تهكماً أو بسبب ضعف الموقف. أمور كثيرة قالها نتنياهو في السنوات الأخيرة، وأرفق لها كلمات «خطر وجودي على دولة إسرائيل»، وبالذات الكلام الغبي حول المسؤولية عن الكارثة. هتلر أم مفتي القدس. وقال الحكماء إن أقوالاً كهذه يعاني أصحابها من توقف العقل وسهولة اللسان.

حتى وإن لم يخترع ذلك نتنياهو بل أحد مساعديه. كان من المتوقع من رئيس الحكومة ابن المؤرّخ المعروف، أن يدرك أنّ هناك شعوباً محيطة بنا قليلة المعرفة ولا تستند إلى الحقائق. وحديث نتنياهو عن المفتي يثبت حاجته إلى الحديث عن الكارثة كي يبرّر سياسته الخاطئة أمام العالم عموماً، والعالم العربي خصوصاً.

لم يحصل أن خرجت من فمه كلمات «خطر وجودي» عندما تحدّث عن سعي إيران إلى صنع القنبله النووية. صحيح أنه كان يجب المواظبة في الصراع ضدّ إيران وحلفائها ويجب الاستمرار بذلك اليوم أيضاً. ولكن ما علاقة هذا بالخطر الوجودي على «إسرائيل»؟ هل نحن نعيش في غيتو في الحرب العالمية الثانية؟ إنه الخطر الوجودي الذي يريد نتنياهو إخافتنا وإخافة العالم كله منه؟

عن أيّ خطر وجودي يتحدث رئيس الحكومة عندما يخيفنا صباحاً ومساءً. لأن الإيرانيين يسعون إلى الحصول على سلاح يوم الحساب. اليوم أو في المستقبل؟ ألا تكفي الصواريخ بعيدة المدى التي لدى إيران وحزب الله و«داعش». وغيرهم ممّن يحبونا في الشرق الأوسط. لتشكل خطراً علينا في حرب دموية صعبة ومليئة بالضحايا؟ عام 1948 كنا في خضمّ خطر وجودي والسلاح الذي كان في حينه بيد الجيش هو نكتة قياساً مع ما كان لدى العرب الذين هاجمونا. لكن رئيس الحكومة في حينه كان رجل الرجال ـ ديفيد بن غوريون. رجل صاحب حلم وعمل. ولم يعرف الشعب «الإسرائيلي» الخوف الوجودي وهذا بفضل قيادته إلى حدّ كبير.

في السنوات الأخيرة، يقف على رأس الحكومة «الإسرائيلية» شخص كان مقاتلاً في الجيش مثل أخيه الذي سقط في عملية عنتيبة، هذه العملية التي كانت فرص نجاحها قليلة على الورق. لكن من وقف في حينه على رأس الدولة لم يكن مثل نتنياهو في السنوات الأخيرة. لن أفاجأ لو اكتشفت أن الكثيرين اليوم يخافون على وجود دولة «إسرائيل»، ليس بسبب الصواريخ الإيرانية، ولا بسبب جنون هتلر أو اللاسامي المعروف المفتي الذي كل ما كان باستطاعته فعله التظاهرات في «أرض إسرائيل». إلى أن نفاه البريطانيين من هنا.

الخطر الوجودي على دولة «إسرائيل» يتمثل في عدم فعل شيء، العمل الحكيم لا القوة، من قبل نتنياهو وحكومته. إذ إن بعض الوزراء يقولون آمين لكل ما يقوله. أقوال نتنياهو الفارغة بأنه جاهز للتفاوض مع أبي مازن من دون شروط مسبقة كذب كبير. إذ إن صاحب هذه الأكاذيب يقول مشترطاً: «ليعترف أولاً بدولة إسرائيل كدولة الشعب اليهودي».

قامت «دولة إسرائيل» بحسب قرار الأمم المتحدة عام 1947 كدوله يهودية. هكذا اعترفت بها دول العالم. وفي القانون الدولي لا شيْء اسمه اعتراف بدولة قائمة. والفلسطينيون اعترفوا منذ زمن بـ«دولة إسرائيل» وهم يعرفون أنها «دولة الشعب اليهودي». 20 في المئة من مواطني الدولة هم عرب، وهم يعترفون بها وكان لهم في السابق تمثيل في الحكومة ولهم تمثيل في محكمة العدل العليا. ياسر عرفات نفسه اعترف بـ«دولة إسرائيل» ووقّع معها على اتفاق. وسلّم على رئيس حكومة واحد، وأدار المفاوضات مع الثاني.

متى سنصحو ونقول الحقيقة في هذا الوقت الصعب، إذ تسيطر على الدولة حكومة يعتقد وزراؤها أنه بالقوة يمكن وضع حدّ للإرهاب. والسيد «خطر وجودي» يعرف من تاريخ كينيا وقبرص و«أرض إسرائيل»، أنّ المحاربين عملوا ضدّ النظام الكولونيالي البريطاني بأعمال إرهابية واضحة.

دعوات «إسرائيلية» متباينة لمواجهة الأحداث في الضفّة والقدس

تناولت وسائل الإعلام «الإسرائيلية» قضايا عدّة سيطر عليها موضوع الهبّة الفلسطينية الجماهيرية، سواء ما تعلق بخيارات «تل أبيب» للتعامل مع انتفاضة السكاكين، أو تزايد احتمالات استدعاء جيش الاحتياط لمواجهة الأوضاع المتوترة، في حين أشار بعض المعلقين إلى تزايد موجة كتابة جنود عبارات على صفحات التواصل الاجتماعي تدعو إلى قتل العرب.

ويقول يانون ميلس من القناة «الإسرائيلية» العاشرة، إن خبراء عسكريين «إسرائيليين» يطالبون حكومة نتنياهو، باتخاذ إجراءات ميدانية لمنع استمرار الهبّة الفلسطينية، وذلك في ظل شعور سائد لدى الرأي العام بأن الحكومة عاجزة عن التعامل مع موجة الهجمات الفلسطينية.

ويدعو الجنرال نيتسان نوريئيل الرئيس السابق لشعبة محاربة الإرهاب في مكتب رئيس الحكومة إلى معاقبة منفّذي العمليات بصورة جماعية، بإبعاد عائلاتهم إلى قطاع غزّة، ويعتبر ذلك وسيلة عقاب فعالة ضد المنفّذين. في حين يرى رئيس جهاز الأسبق إبان الانتفاضة الأولى يعقوب بيري أنه لا بدّ من تفعيل المسار السياسي مع الفلسطينيين، والبحث عن صفقات سياسية إلى جانب الإجراءات العسكرية المتخذة، ويعتبر بيري أن حل الصراع بين الشعبين لا يتم فقط بالعنف.

ويشير جنرال الاحتياط ورئيس مجلس الأمن القومي سابقًا غيورا آيلاند، إلى ضرورة حل موضوع الحرم القدسي بصورة مباشرة وفورية، لأنه بين الحين والآخر تندلع أحداث دامية بين الجانبين حول هذه القضية.

من جانب آخر، تشير صحيفة «معاريف» العبرية إلى تزايد التقديرات في الجيش «الإسرائيلي» بأنه إذا لم يعد الهدوء إلى الضفة الغربية والقدس في الأيام المقبلة، فإن أمراً عسكرياً باستدعاء جنود الاحتياط سيصدر لمواجهة الوضع المتفجر مع الفلسطينيين، وذلك لمساعدة قوات حرس الحدود.

وذكرت القناة «الإسرائيلية» العاشرة أن أجهزة الأمن «الإسرائيلية» رصدت في الأيام الأخيرة، ظاهرة متزايدة على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، ويتعلق الأمر بكتابة جنود «إسرائيليين» عبارات عنصرية تحريضية أبرزها: «الموت للعرب».

وتقول القناة إن هذه العبارات لا تؤثر فقط على سلوك الجنود تجاه الفلسطينيين والعرب، وتجعل قتلهم أمراً عادياً، إنما تؤثر سلباً على صورة «إسرائيل» في العالم لأن ما يكتبه الجنود ينتشر في كل أنحاء العالم.

وتستغرب القناة كيف أن قيادة الجيش «الإسرائيلي» عجزت عن وقف كتابات الجنود عبر «فايسبوك» و«تويتر» وإنستاغرام» تحت وسم «الموت للعرب»، على رغم ما تملكه من إمكانيات تقنية وتكنولوجية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى