هكذا يسارع الحلف الأميركي إلى الحلّ في سورية

بالتقدّم الروسي الميداني في سورية يلاحظ أنه لم يعُد هناك معارك وعناوين عريضة كتلك التي كانت قبل الدخول، أي أنه لم نعد نسمع ببدء معركة حلب أو بدء معركة الحسكة او بدء معركة الرقة، كما كان من قبل. فالتدخل الروسي تميّز بقدرته على فتح كلّ الجبهات مع بعضها البعض وتغطية المجال الجوي السوري كله، بحيث يؤكد هذا السلوك على أمر وحيد وهو استعجال الروس حسم الوضع الأمني في سورية، للدخول سريعاً إلى الحلّ السياسي، وفي هذا الإطار تصبح روسيا الآمر الناهي في الملف، ويولد الحلّ في سورية، الذي كان قبل خمس سنوات معضلة كبيرة، على يد الروس وهذا كان سيشكل ضغطاً هائلاً معنوياً على الولايات المتحدة وحلفها العربي والإقليمي وعلى تركيا بالتحديد.

أخذت الدول الكبرى ملف مكافحة الإرهاب على عاتقها منذ أن قرّرت واشنطن قيادة حلف دولي لقتال «داعش» وإذ بهذا الحلف لا ينفّذ عدد الغارات المطلوبة للقضاء عليه، ويثبت «عجز» العالم أمام هذا التنظيم، ما يضع أسئلة عديدة تعرف الولايات المتحدة أنها لم تعد قادرة على التلطّي خلف إصبعها بالدخول الروسي المدوّي الذي أحدث فرقاً بالمقارنة مع الأيام التي أمضاها والنتائج التي حققها التحالف بمثلها من الأيام.

أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أكد في خطابه الأخير أنّ الأمر بات يتعدّى التكفير، وربما ليس له علاقة به من زاوية السياسة، فالمشروع كله في سورية والمنطقة مخطط أميركي نافر لا يمكن أن يبقى، وستنتصر المقاومة وحلفها عليه، وهو هنا يُعنوِن المرحلة المقبلة بمواجهة العدوان الأميركي المبطَّن على محور المقاومة.

تعرف واشنطن أن الدخول الروسي إلى سورية هو تحوّل كبير قادر على قلب أوراق المنطقة، ولكنها تعرف أيضاً أنها غير قادرة على الدخول على خط الأزمة لردع روسيا عن استكمال الطريق بحدث مفاجئ اكبر، خصوصاً أن الانشغال الأميركي بالاستحقاق الانتخابي الرئاسي قد بدأ وانّ خطوات كبيرة بحجم أيّ قرار عسكري أميركي يورط واشنطن لم يعد وارداً.

تضيق الحلول أمام الحلف الأميركي يوماً بعد يوم، ويصبح اختراق الخطوة الروسية صعباً أكثر. لكن ما ليس مستبعَداً وربما تفسّره الاجتماعات التي سارعت إلى تلبيتها واشنطن والرياض وأنقرة بدعوة من موسكو من أجل البحث في الحلّ السياسي لسورية، هو أن تتفق الدول المشاركة في الحلّ على تسريع عملية الحلّ السياسي في سورية، وذلك قبل أن تنتهي روسيا من العمليات العسكرية، وذلك كي لا تحرج واشنطن وتضعها في زاوية الاتهام وتعرّيها من نياتها الجدية في مكافحة الإرهاب، وتواطئها معه، وثانياً كي لا يصبح الحلّ السوري وخلاص سورية جاء على يد روسيا وحدها ما قد يحرم الحلف حتى من مكاسب على طاولة المفاوضات، وبالتالي فإنّ الإسراع في القبول بالحلّ السياسي قبل أن تتوّج روسيا منقذاً وحيداً هو سيناريو محتمل للأيام المقبلة… فهل تشهد سورية حلاً سياسياً سريعاً يحفظ للمتواطئين دوراً فيه؟ أم أنّ روسيا ستكون أشدّ فطنة من المكائد الغربية؟

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى