ممثلون عن «الجيش الحر» زاروا موسكو لبناء الثقة

أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن الكثير من دول المنطقة والدول الغربية وبينها فرنسا لا تزال حتى الآن تدعم الإرهاب وتوفر الغطاء السياسي للتنظيمات الإرهابية في سورية والمنطقة.

وأشار الرئيس الأسد خلال استقباله أمس وفداً برلمانياً فرنسياً برئاسة جان فريدريك بواسون، إلى أهمية دور المؤسسات الفرنسية وفي مقدمها البرلمان في تصحيح سياسات حكومة بلدهم الحالية لتعمل من أجل أمن واستقرار منطقتنا، وهو ما يخدم في النهاية مصالح الشعب الفرنسي، داعياً إلى ضرورة التعامل مع ظاهرة الإرهاب والفكر المتطرف على أنهما «ظاهرة عالمية لا يمكن أن تقف حدود في وجه انتشارهما».

كذلك اعتبر الأسد أن السبب الرئيسي لمعاناة الشعب السوري يعود إلى الإرهاب وتدمير العديد من البنى التحتية الأساسية، بالإضافة إلى الحصار الذي فرض على بلاده، وهو ما أثر سلباً في معيشة المواطنين والخدمات المقدمة في مختلف القطاعات، خاصة القطاع الصحي.

جاء ذلك في وقت أكد مصدر في الخارجية الروسية بأن فيينا ستشهد في اليومين المقبلين لقائين دوليين مخصصين لتسوية الأزمة في سورية، وقال: «من المخطط اليوم الخميس عقد لقاء وزاري رباعي روسيا والولايات المتحدة والسعودية وتركيا ، فيما سيعقد الجمعة لقاء موسع يتم الآن تحديد قائمة المشاركين فيه».

من جهة أخرى، أكدت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن الدعوة وجهّت أيضاً إلى ايران ومصر والعراق ولبنان، وأضافت إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيجتمع الخميس في فيينا مع نظرائه في كل من إيران ومصر والعراق ولبنان لبحث الأزمة السورية، مشيرة إلى أن بلادها بادرت بفكرة دعوة الدول الى فيينا وواشنطن هي التي وزعت الدعوات إلى اللقاء.

وأعلنت غالبية الدول المدعوة الى اللقاء الموسع في فيينا قبولها المشاركة في المحادثات. إذ صرح مصدر في الحكومة اللبنانية عن مشاركة وزير الخارجية جبران باسيل بالمحادثات، وقال إن «لبنان وافق على دعوة الاتحاد الروسي للمشاركة في لقاء فيينا»، مشيراً الى أنه من المتوقع أن يلتقي باسيل مع نظيره الروسي سيرغي لافروف اليوم الخميس.

وسيضم اللقاء أيضا فرنسا التي أعلنت حكومتها المشاركة في محادثات فيينا، بالإضافة إلى العراق وبريطانيا التي سيمثلها وزير الخارجية فيليب هاموند، كما أعلنت إيران في وقت سابق موافقتها المشاركة في اللقاء الموسع بفيينا، حيث سيترأس وزير الخارجية محمد جواد ظريف الوفد الإيراني.

كما أكدت مصر موافقتها على المشاركة في المحادثات وذلك بعد أن وجهت الولايات المتحدة الدعوة إليها، اضافة لرئيسة المفوضية العليا للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، حيث توقع مصدر دبلوماسي مقرب من منظمي اللقاء حضور 13 وزير خارجية الى اللقاء.

وفي السياق، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو تبذل جهوداً نشطة من أجل إشراك جميع اللاعبين الخارجيين في تسوية الأزمة السورية، مشيراً إلى تحقيق حركة معينة إلى الأمام خلال المحادثات.

وقال: «إننا نبذل جهوداً مكثفة لدفع اللاعبين الخارجيين للمساهمة في عملية التسوية بسورية، بدلاً من عرقلتها. وإنني أعول على أنه تم تحقيق حركة معينة إلى الأمام، وآمل في أن يعمل جميع أولئك الذين لديهم نفوذ، في اتجاه واحد انطلاقاً من مصالح الشعب السوري».

وأعلن توني بلينكن نائب وزير الخارجية الأميركي أمس تأييده مشاركة إيران في المفاوضات الدولية حول سورية، وقال بلينكن، إن رغبة الإيرانيين في المشاركة في النقاش أمر إيجابي، مضيفاً أنه من الصعب تخيل إمكان التوصل إلى حلّ في سورية دون مشاركة إيران.

من ناحية أخرى، جدد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير رفض بلاده لأي دور للرئيس السوري بشار الأسد في مستقبل سورية، وقال إن السعودية تعمل مع حلفائها لزيادة الدعم للمعارضة السورية المعتدلة.

وقال الجبير في مؤتمر صحافي مع وزير خارجية بريطانيا فيليب هاموند أمس في الرياض، إنه بحث مع نظيره البريطاني الأوضاع في سورية وسبل التوصل إلى حل على أساس جنيف – 1 وتأسيس مجلس انتقالي يدير البلاد ويحافظ على المؤسسات المدنية والعسكرية ويضع دستوراً جديداً ويحضر لإجراء انتخابات.

وأضاف أنهما بحثا اجتماع فيينا، موضحاً أنه في اليوم الأول سيقتصر الاجتماع فقط على السعودية وروسيا والولايات المتحدة وتركيا لتنسيق المواقف، ويليه اجتماع غداً الجمعة تشارك فيه دول أخرى من المنطقة.

وفي إجابته على أسئلة الصحافيين أكد الجبير، أن موقف السعودية تجاه الأزمة السورية لن يتغير، ورحيل الأسد إن لم يكن بطريقة سياسية فإنه سيكون بعسكرية، وقال إن الاجتماع المقبل المقرر يومي الخميس والجمعة سنختبر فيه كذلك مدى جدية إيران في التوصل إلى حل سياسي.

وقال وزير الخارجية البريطاني إن كل الدول متفقة على رحيل الأسد وعلى عدم إشراكه في مستقبل سورية. والحوار هو كيف سيغادر وإلى أين سيتوجه، مشيراً إلى أن فقط روسيا وإيران لديهما طرح مغاير لهذا الطرح.

أما وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس فقد أعلن أمس أن بلاده وحلفاءها من الغربيين والعرب يريدون بحث جدول زمني محدد لرحيل الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة خلال المحادثات المقبلة في فيينا.

وقال في بيان: «تشاورنا أمس في عشاء عمل، مع ممثلي السعودية والأردن وتركيا وقطر والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا، حول سبل التوصل الى مرحلة سياسية انتقالية تضمن رحيل بشار الاسد وفقاً لجدول زمني محدد».

وأشار إلى التركيز خلال الاجتماع على الحاجة إلى مواصلة القتال ضد تنظيم «داعش» في سورية، ودعم المعارضة السورية التي وصفها بـ»المعتدلة» ودورها في المفاوضات المستقبلية.

وفي شأن متصل، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه لا توجد دولة في العالم قادرة على مواجهة الجريمة المنظمة والإرهاب لوحدها، وقال خلال استقباله رؤساء استخبارات بلدان رابطة الدول المستقلة، إن الإرهابيين يستغلون الشرق الأوسط كقاعدة لتدريب مقاتلين جدد، قبيل إرسالهم إلى مناطق أخرى لزعزعة الاستقرار هناك.

و أكد الرئيس الروسي أن «الأوضاع الجيوسياسية الآنية في العالم تملي علينا ضرورة البحث عن سبل فعالة جديدة للرد على التحديات والمخاطر المعاصرة»، مشيراً إلى أن تكثيف الإرهابيين لأنشطتهم، واندماج التنظيمات المتطرفة مع الجريمة المنظمة العابرة للقارات بات اليوم ظاهرة خطيرة للغاية.

وأعلن ألكسندر بورتنيكوف مدير هيئة الأمن الفدرالية أن موسكو استجابت لطلب دمشق الخاص بتقديم المساعدة العسكرية بهدف «منع عودة المسلحين إلى أوطانهم»، وقال إن «مسلحين عائدين من النقاط الساخنة في الشرق الأوسط ومنطقة أفغانستان وباكستان يهددون أمن بلدان رابطة الدول المستقلة».

وتابع أن انضمام جزء من المسلحين في أفغانستان إلى تنظيم «داعش» سيزيد خطر تدخلهم إلى آسيا الوسطى، مشيراً إلى تصعيد التوتر في المناطق الشمالية لأفغانستان حيث حشدت حركة طالبان عدداً كبيراً من عناصرها هناك.

وأكد مدير هيئة الأمن الفدرالية هيئة أن 40 في المئة من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي مرتزقة أجانب منحدرين من أكثر من 100 بلد، موضحاً أن «حوالى 10 عصابات تتكون من مواطني روسيا وأوكرانيا وجورجيا ودول آسيا الوسطى. ومع ذلك يتسع باستمرار النطاق الجغرافي للدول المصدرة للمسلحين».

الى ذلك، شددت فالنتينا ماتفيينكو رئيسة مجلس الاتحاد «الغرفة العليا للبرلمان الروسي» على عدم جواز مشاركة القوات الأميركية في العملية العسكرية البرية في سورية في غياب الطلب السوري.

وأضافت ماتفيينكو إلى أن الولايات المتحدة ستنتهك القانون الدولي لو أقدمت على هذه الخطوة من دون موافقة الأمم المتحدة والحكومة السورية، و جددت في الوقت نفسه، دعوة بلادها إلى الولايات المتحدة للانضمام إلى العملية الجوية الروسية في سورية بقولها: «إننا لا نزال نرى لنا مصلحة في انضمام الولايات المتحدة إلى عمليتنا في سورية حتى نحارب تنظيم «الدولة الإسلامية» بصورة مشتركة».

جاء ذلك في وقت صرح رئيس «مبادرة حركة الدبلوماسية الشعبية السورية» بسام البني، بأن حركته تقوم باتصالات مكثفة مع كل من «الجيش الحر» والخارجية الروسية، لتنسيق قنوات التواصل بينهما، والتي كان نتيجتها زيارة ممثلين عن «الحر» إلى موسكو، أخيراً.

وقال البني: «هناك ممثلون عن الـ«جيش الحر» يزورون روسيا للبحث والمشاورات في سبيل بناء جسور الثقة مع روسيا، ونحن في مبادرة حركة الدبلوماسية الشعبية السورية نتواصل مع ممثلين عن الجيش الحر، ومع قادة ميدانيين في مناطق سورية عدة خاضعة لسيطرة «الحر»، كإدلب وحمص وريف حماة والريف الدمشقي».

وأضاف البني: «عملية التواصل بين الطرفين ترمي إلى كسر الجليد»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن طبيعة هذا التنسيق غير المباشر، تبقى ضمن إطار السرية، نظراً إلى «حساسية الموقف وبناء على رغبة الحر».

على صعيد آخر، أفاد أمين سر الحركة محمود الأفندي، بأن هناك تعاوناً روسياً ملحوظاً، كما أشار إلى تعاون من قبل بعض القادة في «الجيش الحر» في هذا المجال، مسلطاً الضوء على طلب أساسي طرحه قادة «الحر»، الذين زاروا موسكو، «بوقف قصف المناطق التي يسيطرون عليها».

وأوضح الأفندي وجود تعاون ملحوظ وجاد من قبل الخارجية الروسية، وكثير من القادة العقلاء في «الجيش الحر»، وطرحت أفكاراً تتعلق «بوقف قصف المناطق التي يسيطر عليها الحر، كخطوة أولية للتفرغ لمحاربة «داعش»، ما سيؤدي إلى تتطور نوعي في الحرب ضد الإرهاب».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى