حبل سرّة يُبقي حوار الأصفر ـ الأزرق… والحكومة

هتاف دهام

تخطّت جلسة الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل الثلاثاء الماضي مضاعفات الاشتباك الكلامي في ذكرى اغتيال اللواء وسام الحسن من جهة وأسبوع القائد الشهيد حسن محمد الحاج أبو محمد الإقليم من جهة أخرى وما أعقب الاحتفالين. لا ريب في أن التصعيد يعكس طبيعة العلاقات بين الضاحية وبيت الوسط غير المستقرة والتي فيها الكثير من التناقض وتضارب الرؤى والمصالح، ولا ريب في أن الأوضاع على مستوى المنطقة أيضاً غير مستقرة، لكنْ هناك إدراك من الطرفين بالحاجة إلى التواصل الذي يشكل إطاراً مساعداً على ضبط الأوضاع الداخلية في ظل غياب المؤسسات.

لقد أحيط هذا الحوار في الأيام الأربعة الماضية بعناية فائقة عبر سلسلة اتصالات على مستوى قيادات الصف الأول بين الأطراف الأساسية المعنية والتي يشكل فيها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الطبيب المشرف على العناية الفائقة والتي من الواضح أنه نجح على الأقل في نقله من هذه الغرفة إلى غرفة عادية نوعاً ما.

اجتمع وفدا حزب الله وتيار المستقبل، بعد ما سمّيت هفوة وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي حضر الحوار برغبة منه، وبإلحاح من الرئيس سعد الحريري على بقائه، والتي في جزء منها كانت تعبّر عن حالة الضياع والتخبّط التي يعيشها التيار الأزرق، والتي تلقفها حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصر الله أحسن تلقُّف، وهذا ما دفع الفريق الآخر إلى المسارعة لوقف الانهيار الحاصل ولملمة الوقائع المتشظية في حدّ أدنى من الرغبة في تجاوز ما حصل.

ورغم الهجوم الهائل على السعودية وآل سعود في خطاب السيد نصرالله وفي كلمات وزراء ونواب حزب الله وقيادييه في المجالس العاشورائية في الأيام الماضية، وعلى رغم ذروة الاشتعال بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، فلا يزال الطرفان يستطيعان تأمين حدّ أدنى من شرايين التواصل الرفيع في هذا الحوار. فالاشتباك الذي حصل الأسبوع الفائت عبّر في وجه من وجوهه عن لعبة موازين القوى القائمة وعن الحرفية التي مثلها أحد الملاكمين في القدرة على لكم الخصم من دون إسقاطه.

اضطر تيار المستقبل وتحت مسمّيات وتبريرات عدة لاستيعاب الصفعة السياسية التي وجّهها الأمين العام لحزب الله بكثير من الاحتراف والتمكن، ومضى في التخفيف من هذه الصفعة والتمسك بالسلطة «العزيزة على قلبه» والتي من المؤكد أنه غير جاهز للتخلي عنها.

لقد أصبح هناك حبل سرّة بين حوار الأصفر – الأزرق من جهة وبين بقاء الحكومة الحالية من جهة أخرى، وكلاهما يمدّ الآخر بأسباب الحياة، وإذا شكلت إيجابيات جلسة عين التينة أمس سياقاً يمكن البناء عليه، كما تشير المعلومات، فقد تكون الحكومة السلامية هي المستفيد الأول مما جرى. فملف النفايات الصاعق التفجيري التكتيكي الذي يلقي بثقله على الحكومة والحوار والحراك المدني، سيتمّ إيجاد حلّ له قبل انفجاره بمشاركة الجميع وإلا… فرئيس الحكومة يُصرّ على أن توزع المطامر على المناطق اللبنانية كلّها من دون استثناء.

دق الجميع ناقوس الخطر لتفكيك لغم النفايات. وأكد رئيس المجلس النيابي أمام زواره أمس أنّ حزب الله وحركة أمل يوافقان على إقامة مطمر في البقاع، وانّ موقف حزب الله نوقش في حوار عين التينة، وبات تيار المستقبل على علم أنّ العقدة ليست عند حزب الله. وسعى بري خلال لقائه الوزيرين أكرم شهيّب ووائل أبو فاعور من أجل معالجة العقد المتبقية، و«قدّم أفكاراً ومقترحات جديدة تتطلب أن تجتمع الحكومة في الـ 24 ساعة المقبلة».

ويبقى أنّ حوار حزب الله المستقبل هو السقف الحاكم للحظة فراغ طويلة يعيشها لبنان، ولارتباط محكم بين الملفين السوري واللبناني، ولأزمة عميقة تعيشها السعودية في المنطقة عموماً وفي لبنان واليمن خصوصاً، على أمل أن يستطيع هذا الحد الأدنى من التواصل أن يصمد أمام هول الصراع المستفحل في المنطقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى