واشنطن وموسكو تشجّعان ثنائية مصرية إيرانية بعد لقاء فيينا… ولبنان يحضر تسونامي أكراد ألمانيا يسبّب الرعب في أنقرة… واليمن نحو مسقط بعد أسبوعين
كتب المحرر السياسي
فيما يركز الجيش السوري تحت غطاء جوي روسي على الطرق الدولية بعد تأمينه التلال والقرى والبلدات المهمة في جبهتي حلب ودرعا الاستراتيجيتين، تتركز العيون السياسية على لقاء فيينا غداً بعدما ظهرت محدودية فعالية اجتماع باريس لحلفاء الحرب على سورية برعاية أميركية، بينما الحدث سيكون حصراً مصر لمشاركتها في المحادثات الخاصة بسورية بلقاء فيينا بعيداً عن المشاركة في تجمّع باريس، ومشاركة إيران من دون أن يثير أحد ضجيجاً سلبياً احتجاجياً، كما حدث في المرات السابقة كلّها.
ميدانياً كان الجيش السوري يقترب من الإمساك بطريق السلمية خناصر ـــ حلب، مع وصوله إلى أطراف أثربا، وكذلك يحكم السيطرة على تلال هامة على طريق درعا ـــ الحدود الأردنية، مع النزوح الذي تسجّله الجماعات المسلحة إلى خارج الحدود، بينما يرتبك النظام الأردني في ظلّ المعلومات التي تشير إلى اقتراب «داعش» من الحدود الأردنية العراقية، تحت تأثير معارك الأنبار، ومحاولات الحكم الأردني ربط خيوط وخطوط التنسيق مع روسيا تحت عنوان الحرب على الإرهاب، بصورة تتميّز عن الموقف السعودي الذي أصابه الذعر من تمدّد «داعش» قرب الحدود مع العراق، لكنه لا يزال ينتظر حاصل محاولاته تجميع أصوات ضاغطة في لقاء فيينا على الموقفين الروسي والأميركي.
خريطة فيينا صارت واضحة، بتبلور ثلاثي الجنون الفرنسي السعودي التركي، مقابل ثلاثي وسطي أردني وإماراتي وبريطاني، كما أشّرت مباحثات باريس التمهيدية، ليكون اللقاء الأول في فيينا لقاء احتفالياً بحضور إيران ومصر، إيران التي كان حضورها منذ جنيف الأول ممنوعاً أميركياً وسعودياً لكنه هذه المرة جاء بسلاسة لافتة، يغطي عليه التصعيد السعودي ضدّ سورية وتجاهل الحضور، بينما الخيبة السعودية من ضمان الوصاية على مصر تشكل مرارة أكبر، بعدما استخفّ السعوديون بالمصريين وتخيّلوا أنّ تموضعهم مع تركيا العابث الأول بالأمن المصري سيتجرّعه المصريون دون ردّ فعل دفاعاً عن أمنهم وبلدهم.
الثنائي المصري الإيراني لما يمثل من فرص تسوية للمشهد الإقليمي، سيحظى برعاية خاصة روسية أميركية، وفي الحلّ السياسي في سورية وتكامله مع الحرب على الإرهاب يبدو واضحاً للمراقبين أنّ مصر وروسيا ستتوليان فك وتركيب هياكل المعارضة السورية تمهيداً لجنيف الثالث في الربيع المقبل، بينما يشكل التلاقي بين مصر وإيران بشراكة سورية تبديداً لمناخات التوتر الطائفي في المنطقة ينتظر أن ينال على أساسه المصريون دوراً في العراق، ولاحقاً في التسوية اللبنانية، إذا سارت الأمور في سورية كما يجب.
كل شيء يتوقف على ما سيجري في تركيا يوم الأحد المقبل، حيث الانتخابات التي سيشترك فيها قرابة الخمسة وخمسين مليون ناخب قياساً بانتخابات حزيران الماضي التي سجلت نسبة مشاركة قياسية قاربت الـ86 ، يصعب لعملية الحشد التصويتي أن تتخطاها هذه المرة، بحيث يجري التركيز على اتجاهات التصويت أكثر من نسبة المشاركة التي تبدو في الذروة، وقد تصل إلى 90 ، وفي ظلّ الاستقطاب الحادّ الداخلي وصعوبة زحزحة الكتل الناخبة التي تتحرّك على أساس هويات إتنية وعرقية وقومية وطائفية، وليس على أساس برامج سياسية واقتصادية، بدت حظوظ حزب العدالة والتنمية بتغيير نتائج انتخابات حزيران قليلة، والرهان على حرمان حزب الشعوب الديمقراطي الذي يمثل الأكراد واليسار الممتدّ في البيئة العلوية، يتضاءل، وبقي مركز الحزب الحاكم يراهن على فعالية حملاته الإعلامية والأمنية بإضعاف المشاركة الكردية، في ضوء الاتهامات الموجهة لحزب الشعوب الديمقراطي بالتواطؤ مع حزب العمال الكردستاني بأعمال إرهابية، فجاء تصويت أكراد ألمانيا المهاجرين من تركيا والذين يمثلون قرابة مليون ناخب وحدهم بمثابة إنذار لحزب الرئيس التركي رجب أردوغان بأنّ خطر تخطي حزب الشعوب الديمقراطي للتوقعات ربما يكون مفاجئاً بأكثر من مجرد دخول البرلمان، بل ربما يصل إلى حجز مئة مقعد من أصل خمسمئة وخمسين مقعداً يتكوّن منها البرلمان التركي.
العيون الشاخصة نحو تركيا حتى الأحد تجعل الصراخ السعودي التركي بلا قيمة، طالما كلّ شيء سيتقرّر على نتائج فوز أو خسارة أردوغان فرص تشكيل حزبه منفرداً للحكومة الجديدة أو اضطراره للتشارك مع أحزاب تتمسك بوقف التدخل بالأزمة السورية وإنهاء كلّ التورّط العسكري والأمني مع الجماعات المسلحة عبر الحدود وتنظيف تركيا من بقايا «جبهة النصرة» و«داعش».
بالانتظار، انصرف السعوديون رغم الصراخ عن سورية، لترتيب أوراقهم وأوراق جماعاتهم اليمنية نحو مفاوضات مسقط التي يفترض أن تبدأ خلال أسبوعين ومن دون شروط مسبقة، برعاية أممية لترتيب وقف لإطلاق النار وفك الحصار ونشر مراقبين أمميّين للإشراف على تطبيق التفاهمات الأمنية، تمهيداً لتشكيل حكومة وحدة وطنية تتسلّم العاصمتين صنعاء وعدن وتلتزم الحرب على تنظيم «القاعدة».
لبنان يستعدّ للمشاركة في لقاء فيينا للمرة الأولى، والحوار «مكانك راوح»، ورئيس مجلس النواب نبيه بري يواصل الجهود الإنعاشية مكان رئيس الحكومة المعتكِف عملياً ليتسلّم حلولاً لملف النفايات الذي يفترض أنّ من مهامه أن يتولى تصنيعها، وفي هذا السياق لا تزال العقد المعطلة تحول دون الحديث عن وصول مساعي الحلحلة لنتائج حاسمة.
لبنان مشاركاً في «فيينا»
يشارك لبنان بشخص وزير الخارجية جبران باسيل في محادثات فيينا الدولية غداً الجمعة إلى جانب وزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة والسعودية وتركيا وإيران ومصر والعراق المخصصة للبحث في الأزمة السورية ولإرساء تسوية سياسية. وإذ أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن التدخل العسكري الجوي الروسي في سورية سيعجّل التسوية السياسية، شددت على «أن دعوة إيران إلى المؤتمر خطوة جيدة في السعي لحل سياسي».
المشنوق: خطابي من لزوم المناسبة
إلى ذلك، أدرك تيار المستقبل أن الحوار لا بدّ منه للحفاظ على الاستقرار، فعاد بهدوء وفده الثلاثي للحوار مع حزب الله. وعلمت «البناء» من مصادر المجتمعين أن «وزير الداخلية نهاد المشنوق تصرّف بشكل يوحي وكأن شيئاً لم يكن وأن ما قاله في ذكرى اغتيال اللواء وسام الحسن كان من لزوم المناسبة وفي الجو الاستهلاكي لا أكثر»، وأشارت المصادر إلى «أن المشنوق لم يلق تجاوباً رغم محاولته، وأفهم أن هذا الأداء لا ينفع مع حزب الله وأن عليه أن يكون أكثر رصانة».
وفي موضوع الخطة الأمنية، توجّه وفد حزب الله للمشنوق بالقول «نحن لم نقف عائقاً في طريقها محمّلاً الدولة مسؤولية تعطيلها في الضاحية وفي البقاع الشمالي»، فتهرّب المشنوق من «المسؤولية ورماها عند بعض المسؤولين العسكريين». وأبدت المصادر «استهجانها من الأجواء التي أشاعها تيار المستقبل، لجهة الوعود التي تعهّد بها حزب الله في ملف النفايات أو الخطة الأمنية»، مؤكدة «أن وفد حزب الله أكد رفضه المطلق لمنطق رمي المسؤوليات وإلقائها على الآخرين».
الحوار عامل حماية للبلد
وأكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» «أن حوار تيار المستقبل ــ حزب الله سيستمر فهو يشكل عامل حماية للبلد». وإذ أشار إلى «أنه كان منتجاً وأن الأجواء كانت إيجابية، لفت إلى «أن ما يشكو منه تيار المستقبل في إشارة إلى الخطة الأمنية حزب الله يطالب به منذ زمن وليس من الآن».
وعن الجلسة العامة، أكد بري «أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح»، مشيراً إلى «أن جدول الأعمال لن يتعدّى 33 بنداً، اتفق على 19 اقتراح ومشروع قانون في اجتماع الثلاثاء لهيئة مكتب المجلس، على أن يُستكمل باقي جدول الأعمال الثلاثاء المقبل تمهيداً للجلسة التشريعية المرتقبة».
وإذ أعلن «أن قانون استعادة الجنسية وقّع عليه التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية كاقتراح قانون معجل مكرر»، شدّد على «أن كل القوانين التي ستصل إلى المجلس بصفة معجل مكرر وكل ما يتصل بالقروض المالية والمساعدات سيتم تحويلها إلى الهيئة العامة».
وحول قانون الانتخاب، قال بري: «إن النائب أنطوان زهرا أصرّ على وضعه على جدول الأعمال، مطالباً بإدراج القانون المختلط الذي تقدم به النائب علي بزي القائم على انتخاب نصف أعضاء المجلس مناصفة بين النسبي والأكثري، والقانون المختلط الذي تقدّم به حزب القوات وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، ومشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لكنني رفضت لوجود 17 قانوناً في أدراج المجلس تحتاج لدرس وليست جاهزة بعد».
وفي موضوع الرواتب، لفت بري إلى «مشكلة تواجه رواتب العسكريين»، مشدداً على «أن تأمين الرواتب يحتاج إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء لنقل المبالغ المتوجّبة من باب الاحتياط إلى بند الرواتب».
العقدة أرمنية في البقاع!
وفيما تواصلت المناقشات في ربع الساعة الأخير لتطبيق خطة النفايات قبل موعد اعتكاف الرئيس تمام سلام اليوم، أكد رئيس المجلس «أن حزب الله وتيار المستقبل يوافقان على إقامة مطمر في البقاع، وأن العقدة ليست عندهما إنما العقدة أرمنية»، داعياً «الجميع إلى التعاون من أجل إيجاد حل سريع». وإذ لفت إلى «أن رئيس الحكومة مصرّ على مشاركة الجميع في معالجة هذه الأزمة»، لم يُوحِ رئيس المجلس بأن هناك جلسة قريبة لمجلس الوزراء، لكنه أكد «أنه يعمل على تذليل العقد».
ولهذه الغاية عرض الرئيس بري أمس مع وزيري الزراعة أكرم شهيب والصحة وائل ابو فاعور، بحضور وزير المال علي حسن خليل المستجدات على صعيد المساعي لحل أزمة النفايات. في المقابل لفتت «otv» إلى أن وزير الزراعة قال لرئيس المجلس: «غداً سأجد نفسي مضطراً للتخلي عن المهمة… وسأقول إن مساعي الحل اصطدمت بعدم توافر مطمر في البقاع. وذلك لحسابات مذهبية لا غير»… لكن بري عكس البحث، وفاجأ شهيب بالقول: «إنسَ مطمر البقاع. هم يقولون إن هذا المطمر هو لاستيعاب نفايات الضاحية وإن كميتها نحو ألف طن يومياً وهي أساس الدافع إلى مطمر هناك. حسناً، أنا أتعهّد لك باسمي وباسم حزب الله أننا سنجد حلاً لنفايات الضاحية. فلا تتعبوا أنفسكم ولا تُحرَجوا ولا نُحرِجكم». … وتابع بري: «لا أعرف الآن ماذا سنفعل بها ولا تسألني أين نضعها. لكنني أتعهّد أننا سنكون مسؤولين عن الألف طن هذا من النفايات. … وبالتالي هذه ذريعة توقيف مطمر سرار بحجة أن لا مطمر شيعياً يقابله، والتي عقّدت مطمر البقاع بحجة أنهم لا يقبلون نقل نفايات بيروت إليها… هذه الذريعة نسحبها الآن من أيدي الجميع ونحلّها نحن. اذهبوا وقولوا لهم ذلك. وإذا كانت النيات صادقة فلتستكمل عندها خطتكم»… وأضافت القناة القول «على هذا الأساس انتقل شهيب وبو فاعور إلى السراي. حيث انضمّ إلى سلام وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير المالية علي حسن خليل وتم البحث في ملف النفايات». وأكد شهيب عقب اللقاء «أن اجتماعاً جديداً سيُعقد اليوم وأن اتصالات اللحظة الأخيرة تجري لإنجاز عناصر الحل لأزمة النفايات».
لا مطامر في كسروان
وأكد وزير الاقتصاد ألان حكيم لـ«البناء» أن الأجواء غير إيجابية بشأن تطبيق خطة النفايات حتى الآن، لأن العقدة في تأمين المطمرين في البقاع وعكار». ولفت حكيم إلى أن كل المكونات المسيحية تعارض إقامة مطمر في كسروان – المتن لأسباب جيولوجية، لأنها منطقة جبلية ما يشكل خطراً على المياه الجوفية من خلال تسرب سائل النفايات إليها، وأعلن حكيم أنه إذا قدّم برهان جيولوجي على عدم تأثر المياه الجوفية فلن يعارض أي مكون مسيحي إقامة مطر في هذه المنطقة». ورفض حكيم ربط عقد جلسات لمجلس الوزراء بانتهاء خطة النفايات، وأشار إلى أن العائق الذي يمنع تطبيق الخطة هو اجتماع مجلس الوزراء وإعطاء غطاء سياسي – أمني لتطبيق الخطة بمواكبة أمنية.
«أمير الكبتاغون» في فندق لساعات!!
لا تزال التحقيقات مستمرة مع الموقوف «أمير الكبتاغون» عبد المحسن بن وليد بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود. وأشيع أمس بحسب تسريبات «أن عبد المحسن نقل إلى أحد الفنادق من الساعة 12:00 من ليل أول أمس إلى الخامسة من فجر أمس للقاء بعض المسؤولين الذين يتجنّبون فضح أنفسهم بزيارته في مكان توقيفه»، ولفتت المصادر إلى «أن الزنزانة التي أوقف فيها الأمير السعودي عبارة عن غرفة في مكتب مكافحة المخدرات جهّزت بما يلزم من أثاث ووسائل رفاهية بإشراف مباشر من كبار السياسيين».
وفي سياق آخر، لوحظت حركة فلسطينية لافتة أمس في بيروت، لا سيما القيادي في حركة فتح عزام الأحمد الذي يزور لبنان عادة في الأوضاع الأمنية الخطيرة ويأتي ذلك عقب إلقاء الأمن العام القبض على شبكة إرهابية في مخيم عين الحلوة منذ أسبوع كانت تخطط لتنفيذ تفجيرات إرهابية وعمليات اغتيال.