أكدت مصادر متابعة في فيينا أمس أن جولة جديدة من المحادثات بشأن سورية ستجرى في منتصف الشهر المقبل وبمشاركة وفدين من الحكومة والمعارضة السوريتين، حيث بدأت الخارجية النمساوية التحضيرات للجولة الجديدة أواسط الأسبوع المقبل.
وكان المجتمعون في فيينا قد اتفقوا على 9 بنود رئيسية تشمل دعوة الحكومة و المعارضة في سورية للجلوس الى طاولة الحوار، ووقف لإطلاق النار لا يشمل المجموعات الإرهابية بحسب تصنيف الأمم المتحدة يعقبه تشكيل حكومة شاملة تضم مختلف الأطراف لوضع دستور جديد للبلاد، وإجراء انتخابات عامة بمراقبة الأمم المتحدة.
كما اتفق المجتمعون بحسب ما أفاد وزيرا خارجية الولايات المتحدة جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف أنه يجب الحفاظ على مؤسسات الدولة العلمانية ووحدة أراضيها، إضافة إلى الحفاظ على حقوق جميع السوريين بغض النظر عن معتقداتهم وقوميتهم، كما أكدوا بشكل صارم محاربة «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية.
وفي السياق، أكد مبعوث الأمم المتحدة الى سورية ستيفان دي ميستورا أن اجتماع فيينا لا يشبه غيره من الاجتماعات التي سبقته، ووصفه بالاجتماع المهم جداً ودعا السوريين الى التفاؤل، في حين أكد المجتمعون وجود خلافات كبيرة لا تزال قائمة، لكنهم اتفقوا على ضرورة «تسريع كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب».
وأكد لافروف أن روسيا لن توقف الحرب ضد المنظمات الإرهابية ولا سيما «داعش» وتلك المصنفة على لائحة الأمم المتحدة. وأشار إلى أن البحث سيتواصل لإعادة تصنيف المنظمات الإرهابية.
وقال كيري ولافروف إن الشعب السوري وحده هو الذي يحدد مستقبل سورية، في حين لفت الوزير الروسي الى أن مصير الرئيس الأسد هو موضع خلاف، وأعاد التأكيد أن روسيا ما زالت على موقفها بأن مصير الرئيس الأسد يجب أن يقرره السوريون، وروسيا لم تعلن أنه يجب على الأسد البقاء في السلطة، وتعتبر أن مصيره يجب أن يقرره الشعب السوري، وقال: «أنا لم أقل، أن بشار الأسد يجب أن يبقى، وتحدثت عن حقيقة مفادها أن مصير بشار الأسد يجب أن يقرره الشعب السوري، كما هي الحال في ما يتعلق بعمليات التنمية في الدولة السورية».
في حين نفى مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، موافقة طهران على مقترح يقضي بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة خلال الـ6 الأشهر المقبلة.
ونقل عن عبداللهيان خلال وجوده في فيينا، قوله: «ما تناقلته وسائل الإعلام الغربية عن قبول إيران لمقترح يفضي إلى تنحي الأسد بأنه «تأليب للأجواء».
فيما أكد وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير، أن المشاركين في المفاوضات اتفقوا على العمل لتشكيل حكومة انتقالية في سورية خلال الأشهر المقبل، وأضاف أنهم يريدون التوصل لوقف إطلاق نار خلال الأسابيع المقبلة، والعمل للحفاظ على وحدة أراضي سورية وعلى علمانية البلاد.
وكان ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، قد أعلن في وقت سابق أن الوفد الروسي في فيينا سلم شركاءه الثلاثة وفود الولايات المتحدة وتركيا والسعودية قائمة بأسماء ممثلين عن جماعات المعارضة تمكن دعوتهم للمشاركة في لقاءات سورية – سورية حول التسوية في البلاد.
وأضاف أن الوفد السعودي سلم قائمته بدوره، فيما لم يفعل الوفد الأميركي ذلك حتى الساعة، موضحاً أن القائمة الروسية ضمت أسماء 38 جماعة كانت للجانب الروسي اتصالات معها أو هو على استعداد للقاء ممثلين عنها لاحقاً.
كما قال إن هذه القائمة لا تحمل طابعاً نهائياً بل هي قابلة للاستكمال، مشدداً على أن روسيا تقف موقفاً مرناً من هذه المسألة. وذكر أن موسكو تعتبر أمراً مهماً أن يشارك ممثلون عن «الجيش الحر» في المفاوضات المرتقبة حول التسوية، لافتاً في الوقت ذاته إلى عدم تشكل رؤية واضحة لدى موسكو حتى الآن لقوام قيادات هذا «الجيش».
ميدانياً، أعلنت هيئة الأركان الروسية أن مقاتلاتها الحربية نفذت خلال شهر نحو 1400 طلعة دمرت خلالها أكثر من 1600 موقع للإرهابيين في سورية.
وقال رئيس إدارة العمليات العامة في هيئة الأركان أندري كارتابولوف أمس: «مر شهر منذ بدء عمل المجموعة الروسية الجوية في الجمهورية العربية السورية، وحان الوقت لاستخلاص بعض النتائج. إذ أجرت طائراتنا خلال شهر 1391 طلعة عسكرية دمرت خلالها 1623 منشأة للإرهابيين».
ولفت المسؤول الروسي إلى أن هذه الأرقام تشمل 249 مركز قيادة مختلفاً ونقاط اتصال، و51 معسكراً لتدريب الإرهابيين، و35 من المعامل والورش حيث كان يصنع الإرهابيون فيها مواد متفجرة، و131 مستودعاً للذخائر والوقود، إضافة إلى 371 مركز دعم ونقطة محصنة، و786 معسكراً ميدانياً وقواعد مختلفة.
من جهة أخرى، أكد مصدر عسكري سوري أن الغارات الجوية الروسية تم تنفيذها بشكل دقيق وأنها لم تتسبب بسقوط ضحايا بين المدنيين، ولفت إلى أن تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» أصبحا عاجزين عن المبادرة التكتيكية جراء الضربات الجوية وبدوءوا باللجوء إلى الدفاع.
وأشار المصدر إلى أن الضربات أدت إلى خسائر كبيرة لدى التنظيمات الارهابية في منظومة التوجيه والتأمين ومراكز القيادة المهمة ومحطات الاتصال والبنية التحتية.
وفي السياق، أعلن الكرملين أن موعد انتهاء العملية الجوية الروسية في سورية يتوقف على الوضع في مجال مكافحة الإرهاب في هذا البلد.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف «العملية الروسية في سورية تنفذ دعماً للأنشطة الهجومية للقوات المسلحة السورية التي تحارب التنظيمات الإرهابية والمتطرفة خلال فترة هذا الهجوم».
وأكد بيسكوف مجدداً أن أي تسوية من الصعب تحقيقها ما لم توجه ضربة ملموسة إلى قوى التطرف والإرهاب، مؤكداً أن الشعب السوري وحده يمكن أن يقرر المستقبل السياسي للرئيس السوري بشار الأسد، وأشار إلى أن لقاء فيينا الآن يبحث قضايا التسوية السورية وليس مصير الأسد.
وامتنع بيسكوف عن الإجابة عن سؤال حول إمكانية مشاركة ممثلي الأكراد في مناقشة التسوية السورية، موضحاً أن مفاوضات فيينا تشمل الأطراف كافة المعنية من الدول تحديداً وهي الدول القادرة على المساهمة في التسوية بل وتساعد بالفعل في ذلك.
من ناحيته، أجاز الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس إرسال قوات أميركية خاصة إلى سورية في مهمة استشارية.
وكانت مصادر في إدارة أوباما والكونغرس أفادت بإمكانية إعلان الإدارة قراراً يفيد بإرسال عدد محدود من أفراد قوات العمليات الخاصة إلى شمال سورية في مهمة استشارية، مشيرة إلى أن عدد عناصر هذه القوة التي تأتي ضمن خطة تعبر عن استراتيجية لدعم مقاتلي «المعارضة السورية» المسلحة في سورية سيكون ما بين 20 إلى 30 شخصاً.
وأضافت المصادر أن الرئيس وافق أيضاً على نشر مقاتلات إيه-10 وإف-15 لقاعدة أنجرليك في تركيا وزيادة المساعدات العسكرية للأردن ولبنان وإجراء محادثات مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لاستهداف التنظيم و شبكاته.
وقال ماك ثورنبري رئيس لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب الأميركي في بيان للتعليق على تقارير ذكرت أن الولايات المتحدة ستنشر عدداً صغيراً من القوات الخاصة في سورية «لا أرى استراتيجية للنجاح ولكن تبدو أن الإدارة تحاول تجنب كارثة بينما يستهلك الرئيس الوقت».
من جهته، استبعد المتحدث باسم البيت الأبيض ، جوش إيرنيست، إمكانية القيام بعملياتٍ برية طويلة الأمد، ضدَّ تنظيم «داعش» الإرهابي، وقال: «هناك فرق بين استراتيجية إدارة الرئيس باراك أوباما، والرئيس السابق جورج بوش، والتي أطلقت الحروب في أفغانستان والعراق».
من جهته، أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أنه لا يمكن لأي دولة استخدام القوة العسكرية في سورية من دون أن تحصل أولاً على موافقة الحكومة السورية، وقال: «مسألة استخدام القوة العسكرية بأي شكل من دون موافقة دمشق غير مقبولة بالنسبة لنا».