كيري يطالب السيسي بالاستعداد لدور سياسي في سورية والعراق داعش تهدم «سايكس ـ بيكو»… وواشنطن تعلن يأسها من المعارضة السورية المعتدلة

كتب المحرر السياسي

تختلف نظرة واشنطن وتعاملها مع المولود الجديد لداعش، والإيقاع الذي يفرضه على المنطقة عن نظرة حليفيها التركي والسعودي وتعاملهما، بعدما دعما ضمناً مشروع داعش بوهم التوظيف والاستثمار وراهنا على سيطرة العشائر والميليشيات التابعة لهما على التحرك، والنجاح بتهميش داعش، ولا يزال إعلامهما يبذل جهوداً استثنائية للتخفيف من وطأة ما يجري وخروجه عن السيطرة، بينما واشنطن التي تشترك مع الرياض وأنقرة في الدعوة إلى حكومة موسعة في العراق تضمّ المكوّنات التي سعت داعش إلى استقطابها على أساس مذهبي كبيئة حاضنة لمشروعها، ترى أنّ التغيير الذي أدخلته داعش على المخاطر الأمنية والسياسية في المنطقة والعالم دفعتها كتحدّ استثنائي إلى الواجهة ـ تستحق إعادة تقييم السياسات والحسابات ورسم الاستراتيجيات الجديدة القادرة على مواجهة هذا التحدي الكبير.

جون كيري وزير الخارجية الأميركي في القاهرة وعلى الهاتف مع نظيره الروسي سيرغي لافروف لينقل هذا التقدير، ويكشف أنّ وقت الترف ليس متاحاً، وأنّ واشنطن حسمت يقينها من فشل محاولات الرهان على معارضة سورية معتدلة مسلحة يمكن لدعمها تغيير التوازن مع الجيش السوري من دون صبّ الماء في طاحونة القاعدة، ففي زمن داعش كلّ شيء تغيّر ولا مجال للمخاطرات والمغامرات، وفي أوكرانيا يقبل كيري ما كان يرفضه وترفضه إدارته من التسريع بوقف النار في شرق أوكرانيا والذهاب إلى الحوار، وصولاً إلى الاستفتاء على تعديلات دستورية ترضي الجمهوريات التي أعلنت الانفصال.

داعش تهدم حدود سايكس ـ بيكو وتضع يدها على المعابر الحدودية مع سورية من جهة العراق بعدما استولت منذ سنة على بعض المعابر من الجهة السورية، وترسل التهديدات بالدخول إلى الأردن بعدما استولت على أحد معابر الحدود العراقية ـ الأردنية، فيما كان كيري مجتمعاً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير خارجيته سامح شكري، ليدعو مصر إلى أن تستعدّ للعب دور سياسي في التسويات والتفاهمات التي صارت ضرورية لمواجهة المخاطر القادمة قياساً بالمخاطر الداهمة.

إيران وروسيا شريكان لا غنى عنهما في مواجهة التحديات الجديدة، والحلول السياسية هي الطريق الحتمي في العراق وأوكرانيا وسورية، للعودة إلى تكوين وترميم حلف دولي إقليمي للحرب على الإرهاب.

هذه هي الدعوة التي أطلقها الرئيس السوري محذراً من مخاطر العبث مع الإرهاب والرهان على استخدامه، قبل أعوام، وأدارت واشنطن ظهرها وفقاً لنظريات «الأيام المعدودة» و«الفاقد للشرعية» و «عليه أن يتنحى»، وها هي تعود إلى توصيفه ووصفته بعدما قدمت للقاعدة أكثر مما كانت تحلم به لبلوغ ما بلغت.

لبنان المترقّب والمتحسّب يداوي أمنه وسياسته بإدارة الفراغ بأقلّ الخسائر بينما فاز الأمن على السياسة، قفز إلى الواجهة مجدّداً على حساب الانتخابات الرئاسية التي تعيش حالة شغور وضمور، والمجلس النيابي المعطل من فريق 14 آذار، في ما يبدو أنّ عقدة صلاحيات مجلس الوزراء في ظلّ الشغور الرئاسي في طريقها إلى الحلحلة.

ولما كان الإرهاب عابراً للحدود، فإنّ لبنان لن يكون بمنأى عما يجري في العراق. وفي هذا السياق أتى طلب «جبهة النصرة» من عناصرها الانتقال من لبنان إلى سورية عبر جرود عرسال. وأكد مصدر مقرّب من حزب الله لـ»البناء» أنّ هناك أزمة استجدت في العراق وسيكون لها تأثير على لبنان، فالخلايا النائمة يبدو أنها عادت للظهور من جديد جراء ما جرى في العراق، لافتاً في الوقت عينه إلى أن ما جرى لا يمكن مقارنته بالوضع الخطير الذي عاشه لبنان في الأشهر الماضية. وإذ أشار الى أنّ لبنان سيبقى معرّضاً لخطر هذه الحالة الإرهابية في ظلّ التطورات الأمنية في العراق وسورية أكد أن لا عودة للوراء، فهناك جاهزية أمنية في الضاحية الجنوبية والبقاع الشمالي خصوصاً، فحزب الله يستشعر ويعي أنه المستهدف الأول من الأعمال الإرهابية.

وانتهت أمس توقيفات الأمن العام وفرع المعلومات لنازلي «نابوليون» و«كازا دور» في الحمرا على موقوف واحد فرنسي من أصول شمال أفريقية 30 سنة اعترف بأنه كان يحضّر للقيام بعمل إرهابي في إحدى المناطق اللبنانية.

ترافق ذلك مع توقيف قوة من الجيش على حاجز حربتا- اللبوة، وبالتنسيق مع مديرية المخابرات، كلاً من اللبنانيين عمر مناور الصاطم ابن عم الإرهابي قتيبة الصاطم الذي أقدم على تفجير نفسه في الضاحية الجنوبية – حارة حريك والمدعو إبراهيم علي البريدي والسوريين عطا الله راشد البري، عبد الله محمود البكور وجودت رشيد كمون، للاشتباه بانتمائهم الى إحدى المنظمات الإرهابية، وتم تسليم الموقوفين إلى المرجع المختص لإجراء اللازم.»

تنسيق أمني أميركي ـ لبناني

وأكد مصدر أمني لـ»البناء» أن هناك تعاوناً بين المخابرات اللبنانية وأجهزة الاستخبارات الأميركية التي تقدم للبنان المعلومات عن المجموعات الإرهابية. وشدد المصدر على أنّ إلقاء القوى الأمنية على بعض الإرهابيين والمطلوبين كان نتيجة تنسيق عالٍ بين الاستخبارات الدولية والجيش اللبناني والقوى الأمنية، متحدثاً عن تعاون استخباراتي كبير بين الولايات المتحدة من جهة ولبنان والأردن من جهة ثانية.

وقالت مصادر أمنية عليمة لـ«البناء» إنّ القوى الأمنية لا تستطيع أن تتعاطى مع المعلومات الأمنية التي تجمعها إلا بالجدية اللازمة، فأي معلومة تتمكّن الأجهزة من الوصول إليها يجب أن تتعاطى معها بما يفترض من إجراءات لمنع استهداف الوضع الداخلي، خصوصاً أن لبنان ليس معزولاً عن المنطقة، وكنا تعرّضنا لأعمال إرهابية في الفترة الماضية، كما أن بعض المناطق تشهد بين الحين والآخر تحرّكات لمجموعات إرهابية.

ونُقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ المعلومات عن تحرّك هذه الخلايا غير مبالغ فيه، مشدداً على وجوب تعزيز الجيش والقوى الأمنية بالعديد والعدّة لمواجهة المجموعات الإرهابية والتشدّد في وجهها من خلال كلّ الإجراءات المناسبة.

لا غطاء سياسياً للقوة الأمنية الفلسطينية

في موازاة ذلك، انتهت التحضيرات والاستعدادات لإطلاق القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في مخيم عين الحلوة. إلا أنّ مصادر مطلعة على واقع المخيم أكدت لـ»البناء» أن هذه القوة الامنية ستبقى حبراً على ورق، فعلى رغم الانتشار الذي ستقوم به، إلا أنها لن تكون قادرة على القيام بأي مهمة، لن تتمكن من توقيف أي مطلوب أو وقف أي اشتباك، لعدم توافر الغطاء السياسي لها. وأشار المصدر إلى أن الجميع يعي ويدرك خطورة الوضع إلا أنها لن تتمكن من وضع اليد على مكامن الخلل وخصوصاً المربعات الأمنية للجماعات الإسلامية المتطرفة.

وإذ رفض المصدر الحديث عن وجود لداعش في المخيم، أكد وجود بعض التنظيمات كـ فتح الاسلام وجند الشام الذين يهللون لما يقوم به داعش في العراق. وأكد المصدر أن الوضع الأمني في المخيم غير مريح وغير مطمئن، إلا أنّ هناك شبه هدنة داخل المخيم لتمرير شهر رمضان على خير.

وأكد المصدر أنّ زيارة عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» اللواء عزام الأحمد إلى لبنان لن تكون أفضل من زيارته السابقة، لا سيما أنه سيزيد الشرخ داخل الحركة مع الترقيات والترفيعات التي تتضمّنها الزيارة ما سيزيد من الخلافات الفتحاوية.

ورأى المصدر أنّ ما يحمله الأحمد في جعبته ليس أكثر من إعادة هيكلة للوضع العسكري داخل فتح بعد الدورة العسكرية التي أقامتها الحركة في مخيم الرشيدية بإشراف ضباط أتوا من رام الله.

جلسة لمجلس الوزراء الخميس

وسط هذه الأجواء الأمنية، يدعو رئيس الحكومة تمام سلام اليوم إلى جلسة لمجلس الوزراء من المرجح أن تكون يوم الخميس المقبل في 26 حزيران الجاري للبحث في جدول أعمال جلسة 22 أيار الماضي.

قزي: البنود الخلافية ستبقى جانباً

وأكد وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» أنّ المنهجية لجلسة مجلس الوزراء ليست آلية دستورية جديدة إنما تطبيق للدستور في حال شغور منصب رئاسة الجمهورية. ولفت إلى أنّ عناصر هذه المنهجية هي عادية باستثناء موضوع التوقيع على المراسيم بعد إقرارها، وبالتالي يدعو رئيس الحكومة إلى جلسة، يتم توزيع جدول أعمالها قبل 72 ساعة كمسودّة، حيث يعطي الوزراء رأيهم وملاحظاتهم على مسودة جدول الأعمال، وعندها يصبح الجدول رسمياً.

ورأى أنّ إقرار بنود جدول الأعمال يتمّ بالتوافق إلا في ما ندر، حيث يحصل تصويت ويجب أن تكون الأكثرية الساحقة لإقرار أي بند، لافتاً إلى أنّ البنود الخلافية ستبقى جانباً حرصاً على وحدة الحكومة واستمراريتها، على أن تتولى مجموعة من الوزراء تمثل مختلف المكونات الحكومية بالتوقيع على المراسيم إلى جانب رئيس الحكومة ونائب رئيس الحكومة سمير مقبل والوزير المعني. واعتبر أن هذه المنهجية خطت خطوات مهمة نحو الاتفاق عليها إلا إذا كانت هناك أشياء مضمرة يمكن أن تبرز في أول جلسة سيدعو إليها سلام اليوم، لافتاً في الوقت عينه إلى أن الدعوة اليوم لا تأخذ في الاعتبار فترة 72 ساعة لتوزيع جدول الأعمال الموزع منذ شهر، إلا إذا كان رئيس الحكومة يريد إضافة بنود جديدة عليه.

تعطيل المجلس النيابي تعطيل للدولة

وأكدت مصادر عين التينة لـ»البناء» أن مجلس النواب يجب أن لا يتعطل لأن تعطيله تعطيل للدولة. وأكدت المصادر أن التعطيل للمجلس سياسي، وأن أي حلحلة للمجلس الوزراء يجب أن تترافق مع حلحلة للمجلس النيابي وإقرار سلسلة الرتب والرواتب.

وأشار زوار الرئيس نبيه بري إلى أنه كان بصدد إعلان موقف مهم وكبير من موضوع تعطيل الجلسات التشريعية لمجلس النواب وتطيير جلسة السلسلة، خصوصاً أنه يشعر أن هناك استهدافاً مقصوداً للمجلس النيابي ودوره.

وخرج زوّار بري في اليومين الماضيين بانطباع واضح عن استياء كبير لديه من تعاطي فريق 14 آذار ليس فقط مع السلسلة، بل أيضاً مع مجلس النواب ومهامه التشريعية. وأكد بري لزواره أنه لن يقبل بشلّ السلطة التشريعية تحت مبررات غير دستورية، ولاحظ هؤلاء الزوار أن رئيس المجلس قدم كل التسهيلات للسنيورة وحلفائه في سبيل تسهيل إقرار السلسلة، حيث أخذ على عاتقه تخفيضها عشرة في المئة وتقسيطها على سنتين، مقابل التراجع عن مطالب زيادة واحدة في المئة على ضريبة الـTVA، لكن السنيورة وحلفاءه رفضوا ذلك، وأصرّوا على هذه الزيادة، مع أن الواردات المقدّرة باتت تغطّي نفقات السلسلة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى