أردوغان يُجدّد حكمَهُ… أي تركيا جديدة تنتظرنا؟

سيشكل فوز حزب العدالة والتنمية بقيادة الثنائي أردوغان ـ أوغلو في الانتخابات التشريعية التي أجريت أمس، حدثاً خطيراً على صعيد الداخل التركي مثلما على الصعيد الإقليمي خصوصاً منه السوري، وسيحاول هذا الحزب الإخواني استثمار التغيرات العديدة التي طرأت على المشهد التركي منذ حزيران الماضي، فيما يؤكد المعارضون أن الأحداث ا منية الداخلية والتطورات في سورية ستؤثر سلباً في موقع أردوغان وحزبه، رغم هذا الفوز الذي دفعت السعودية وقطر مليارات الدولارات لتحقيقه لحليفهما الإرهابي.

وبحسب النتائج الأولية غير الرسمية فغن «العدالة والتنمية» حصل على 51.9 في المئة، في حين حصل حزب الشعب الجمهوري على 22.5 في المئة، والحركة القومية على 11.96 بالمئة، في حين تعدى حزب الشعوب الديمقراطي عتبة الـ 10.5 في المئة المطلوبة للحصول على مقاعد في البرلمان، حبسب وكالة الأناضول للأنباء الرسمية.

وقبيل هذه الانتخابات، حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت من أن ما أسماها بـ «عناصر في الخارج والداخل تسعى إلى زعزعة وحدة وتضامن بلادنا».

وانتقد أوردغان في الوقت نفسه بعض المؤسسات الإعلامية الدولية التي وصفها بأنها «تتلقى تعليمات من عقول مدبرة» وبأنها تستهدفه شخصياً وتستهدف معه بعض الأحزاب التركية.

وأكد أردوغان أن الجميع في تركيا سيحترم النتيجة التي ستفضي إليها الانتخابات، واصفا إياها الانتخابات بـ«مثابة استمرار للأمن والاستقرار، لذا آمل أن ينتصر الأمن، والاستقرار، والوحدة».

وكان حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ عام 2002 يسعى إلى تجنب الانتكاسة الماضية في حزيران والحصول على 46 في المئة على الأقل في الانتخابات الحالية.

وفي وقت رفض رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو أن تكون الانتخابات هي استفتاء سيجيب عمّا إذا كان حزب العدالة والتنمية سيشكل الحكومة منفرداً أم لا، أقر نائبه والقيادي في الحزب علي باباجان أن الصورة ليست مبشّرة في ما يخص شعبية حزبه.

وكان حزب العدالة والتنمية فقد الغالبية البرلمانية المؤهلة لتشكيل الحكومة بحصوله على 258 مقعداً للمرة الأولى منذ ثلاث عشرة سنة، بعدما كانت طموحات أردوغان تحلق عالياً نحو الظفر بنحو 367 نائباً تؤهله لتمرير تعديل الدستور وتوسيع صلاحياته، أو على الأقل 330 صوتاً تكفي لتمرير استفتاء شعبي على تغيير نظام الحكم.

وخاض حزب العدالة والتنمية حملته الانتخابية الحالية بقوة أكبر من الانتخابات السابقة ركزت على إقناع جمهوره بالإقبال الكثيف على الانتخابات بعدما بدا أن قسما من أعضاء الحزب ومناصريه قرروا معاقبة الحزب بعدم المشاركة في الانتخابات. ويراهن الحزب على استرداد أصوات بعض الإسلاميين الأكراد الذين اختاروا في الانتخابات الماضية الانحياز للقومية على حساب الهوية الدينية والتصويت لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، وركز الحزب على جذب دعم أنصار حزب السعادة الصغير.

في المقابل، سعى حزب الشعوب الديمقراطي الذي حصل في الانتخابات الماضية على 80 مقعداً واعتمد على مناصريه الأكراد لتعزيز صفوفه عبر التركيز على استقطاب القوميات والأقليات الدينية والإثنية الأخرى. رغم أن التفجيرات الإرهابية الأخيرة والترويج بأن النتائج الأخيرة أشارت إلى دور محتمل لمناصري الحزب قد تقلل من حظوظه في تعزيز نتائجه أو الحصول على ذات النسبة، وقد يزداد الاصطفاف حول أردوغان من أجل استكمال العملية السياسية مع الأكراد، ما يعني كسب العدالة والتنمية بعض الأصوات على حساب حزب صلاح الدين ديميترتاش.

ومع حدة الاصطفاف، فإن حزب الشعب الجمهوري العلماني، والذي فاز في الانتخابات الماضية بنحو 132 مقعداً يواجه خلافات حول علاقة الحزب بالغرب، وطروحاته لعلاج ملف الأكراد، لكنه سعى إلى كسب الأصوات على حساب الحزب القومي التركي الحائز 80 مقعداً.

وهكذا بدت تركيا أمام مرحلة حصاد سياسة «صفر عدو» التي أطلقها قبل أعوام وزير الخارجية السابق أحمد داوود أوغلو الذي يتولى اليوم رئاسة الوزراء.

بين هذا الحُلم الدبلوماسي الذي يُفترَض أن يُحوِّل البلد إلى صديق للجميع ويعزز دوره إقليمياً ودولياً من جهة وما وصلت إليه الأمور خلال الأسابيع الأخيرة من جهة أخرى بعد تعقُّد الأزمة السورية والتفجير الانتحاري المزدوج قرب محطة قطار أنقرة، الذي أودى بحياة مئة وثمانية وعشرين شخصاً، الهوة تبدو عميقة. عميقة وخطيرة أيضاً بالنظر إلى عودة الاقتتال الذي هدأ لأعوام بين أبناء البلد الواحد: أكراد حزب العمال الكردستاني والجيش التركي، لا سيما في جنوب شرق البلاد، وفي ديار بكر على وجه الخصوص.

كل ذلك سيطرأ بعد انتخابات تشريعية حسَّاسة أطلقت من جديد حزب العدالة والتنمية الحاكم وزعيمه رئيس البلاد طيب رجب أردوغان بعد حصوله على غالبية مريحة ستسمح له بالحُكم بما يطلق يديه في إدارة شؤون البلاد ويفتح له الطريق لتنفيذ برنامجه السياسي والاقتصادي على الصعيدين الداخلي والخارجي.

كان الأمل أن تتحوَّل الانتخابات إلى بوابة تُدخل خصوم أردوغان إلى البرلمان والحكومة وتضع حداً لثلاث عشرة سنة من حُكم «العدالة والتنمية» المتواصل لتركيا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى