فوضى الإعلام الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي

راسم عبيدات

المفروض أن توظف وتجنّد مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية الإخبارية لخدمة هبّات شعبنا الفلسطيني ومشروعنا الوطني وقضيتنا العادلة، وأن يكون همّها الأول والأخير فضح وتعرية الاحتلال وما يرتكبه هو وسوائب مستوطنيه من جرائم وممارسات عنصرية وإذلالية بحق شعبنا الفلسطيني، وخير دليل على ذلك ما جرى من إعدامات ميدانية وإطلاق للنار على شباننا وفتياتنا بقصد القتل، تحت حجج وذرائع طعنهم أو محاولات طعنهم بالسكاكين أو دهسهم بواسطة السيارات، كما جرى مع الشهداء فادي علون ومصطفى الخطيب واسحق بدران والفتيات شروق دويات واسراء عابد ومرح باكير «أصلان» والطفل احمد مناصرة. والمفروض أن تعطي تلك المواقع الإعلامية والالكترونية قدراً كبيراً من المصداقية لما يجري تداوله من أخبار وصور وأحداث، ولكن ما نلحظه ونشاهده أنه في حمى التسابق على النشر للخبر أو الحدث أو الصورة أو الفيديو، تجد من ينقلون الخبر ويبثونه يعتمدون على الرواية الإسرائيلية الموجّهة والخادمة وجهة نظر الاحتلال وأهدافه، وإعلام الاحتلال موجه، همّه الأول والأخير وسم نضال شعبنا بالإرهاب ونزع تلك الصفة المتأصلة عن جيشه ومستوطنيه الذين يقومون بقتل وتصفية شبابنا بدم بارد. قتل يستهدف بث الرعب في صفوف أبناء شعبنا، قتل يغطيه كيري وأوباما والمجرم بلير وبان كي مون وغيرهم… ماكينة الإعلام الفلسطيني يجب أن تتوحّد وتعزف على وتر واحد من أجل أن نفضح ونعرّي هذه الدولة المارقة التي مكوّناتها الحزبية كلها من المتطرفين الداعين لقتل شعبنا وطرده وتهجيره.

لا يجوز ولا يحقّ لمن لديه ـا صفحة على الفيسبوك أو تويتر أو غيرها، أن يعمل على نشر أخبار أو تعليقات أو فيديوات أو صور من دون التأكد من مصدرها، فهناك الكثير من الأخبار المشوّهة أو التي من شأنها أن تحدث بلبلة وإرباكاً ليس عند الأهل فقط، بل في أوساط جماهير شعبنا.

يجب على كلّ مستخدمي صفحات التواصل الاجتماعي تكوين مجموعات «غروبات» تعمل على إيصال الأخبار والمعلومات والصور والفيديوات التي تفضح وتعرّي الاحتلال وجرائمه، وأن يتولى عدد منهم الترجمة إلى لغات عدة لتلك الأخبار والمعلومات، فالإعلام جزء هام في الحرب الدائرة الآن مع المحتل، الذي يجيد الندب والبكاء وتشويه الحقائق معتمداً على جهلنا وغبائنا وتسرّعنا في نشر الإخبار. ففي العديد من الأحيان لا يكون هناك أية عملية فدائية، وما يجري هو عملية إعدام بدم بارد لطفل أو شاب أو فتاة، ونعطي الفرصة والمبرّر والذريعة للعدو لكي ينجو بفعلته وجريمته، والتي يجب أن نوثقها كجرائم ضدّ الإنسانية والمفروض أن يتمّ جلب قادته إلى المحاكم الدولية لمحاكمتهم كمجرمي حرب.

يُفترض في حالة وقوع أي جريمة والتأكد منها، أن يتحوّل كلّ منا إلى مراسل يقوم بإيصال المعلومات إلى أكبر عدد من الناس، مستخدمين كلّ الوسائل التكنولوجية والمعلوماتية في نقل وتوزيع ما يرد من معلومات عن تلك الجرائم، وأن نحرص على صياغة المعلومات حول تلك الجرائم بقصص إنسانية مؤثره، تظهر مدى عدوانية ووحشية جنود الاحتلال ومستوطنيه المنفلتين، والعالم لا يتفهّم لغة الندب والبكاء والتشكي، بل يفهم معلومات وصوراً موثقة وحقائق، وليس نقلاً عن، أو حسب ما قالوا أو أشاعوا، فأيّ خبر أو معلومة أو رواية أو تغطية تكون غير دقيقة ولا تستند إلى حقائق من شأنها أن تُضعف حجتنا وروايتنا والثقة في معلوماتنا، وهذا يمكّن المحتلّ المالك للتكنولوجيا وماكينة إعلام ضخمة ومنظمة وسيطرة على الفضاء الإعلامي الدولي، أن يقلب الحقائق ويظهر بمظهر «الضحية» وليس الجلاد الذي سوطه مشرع دائماً لضربنا وقتلنا.

الجميع عليه أن يفهم سواء، من هم مسؤولون عن مواقع الكترونية، أو مَن لديهم صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، بأننا نحن في معركة مكمّلة للمعارك في الميدان والسياسة، وفي كلّ الساحات، ولذلك البوصلة والوجهة الأساسية والأولوية في النشر والنقل والتعليق، هي كيف نفضح ونعرّي عدوّنا وما يقوم به من جرائم وانتهاكات بحق شعبنا ومقدّساتنا وأرضنا وحقوقنا، وكذلك علينا بتوعية شعبنا في المواقع والميادين والساحات كلّها، وكيف نحمي أنفسنا من الاحتلال ومرتزقته وأعوانه؟ وكيف نحمي جبهتنا الداخلية من الاختراق؟ وألا نغرق صفحاتنا ونضيّع معظم وقتنا في سجالات ومناكفات داخلية على حساب الحلقة المركزية، ألا وهي العدو الصهيوني وكيفية انعتاقنا وتحرّر شعبنا من نيره.

هذه ساحة من ساحات النضال والكفاح الهامة إذا ما أحسنّا استثمارها، بما يخدم شعبنا وقضيتنا، فهذا من شأنه أن يساهم في أن نتقدّم خطوة على طريق حلمنا في الحرية والاستقلال، فالدعوات الى مقاطعة المحتلين ومحاكمتهم على جرائمهم، ومقاطعة منتوجاتهم وبضائعهم محلياً ودولياً من شأن ذلك أن يقصّر في عمر الاحتلال ويعمّق أزمته وعزلته على المستوى الدولي، وخصوصاً أننا نشهد تعاظماً دولياً شعبياً ورسمياً في مقاطعة الاحتلال بسبب جرائمه وانتهاكاته لحقوق شعبنا.

ولذلك يجب أن نعزف على الوتر نفسه ولا نغرّد خارج السرب، ليس بالمعنى السياسي، بل يجب أن نتوحد في معركتنا ضدّ المحتلّ الذي يستهدف وجودنا واقتلاعنا بالقتل والطرد والتهجير، وهو يعتقد بأن مسلسل الذبح الذي ينفذه بحق أطفالنا وشبابنا وبناتنا، سينال من عزيمتنا وإرادتنا، ويجعل فرائصنا ترتعد من الخوف، ناسياً أو متناسياً بأنّ شعبنا وجيلنا هذا المولود ما بعد أوسلو بسنوات قد كسر حاجز الخوف وأدرك الحقيقة التي لا يستطيع التخلي عنها مهما عظمت وغلت التضحيات حقيقة أنّ هذا المحتلّ عليه أن يرحل عن أرضنا، وأن ننعم بالحرية في وطن لا حواجز ولا جدران فيه كباقي شعوب العالم التي تعيش بحرية واستقرار.

الفوضى على صفحات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية يجب أن تنتهي، في ما يخصّ تداول الأخبار ونقلها وتوزيعها، وكلّ ما هو مرتبط بها من صور و»فيديوات» و»يوتيوبات» وغيرها، وخاصة ما هو متعلق بشهداء وجرحى وإعدامات بدم بارد لأطفالنا وبناتنا وشبابنا، بحيث نتوخى الحذر والدقة والمصداقية في النشر مع التأكد من المصدر، وألا نجعل وسائل إعلام الاحتلال هي المصدر لروايتنا ومعلوماتنا وأخبارنا، فوسائل إعلامه مجنّدة لخدمة مشروعه وأهدافه وأكاذيبه، والتي الهدف الأول والأخير منها تشويه مقاومتنا ونضالاتنا ووسمها بالإرهاب، وإظهار الاحتلال بدلاً من أن يكون الجلاد فيكون الضحية. وهذه دعاية ورواية دأبت عليها الدولة العبرية منذ التأسيس تمارس القتل والعربدة والبلطجة والزعرنة، وتنجح في تسويق نفسها بأنها دولة مظلومة ودولة «ديمقراطية» في غابة من القمع والديكتاتورية، آن الأوان لكشف زيف دولة الاحتلال وفضحها وتعريتها.

Quds.45 gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى