اتفاق فيينا يستدعي أردوغان من التقاعد انتخابياً لإقفال الحدود مفاجأة أوغلو: صفقة أميركية تركية تجدّد الأغلبية بأصوات غولن
كتب المحرر السياسي
حجم التحوّل الذي شكله تفاهم فيينا في مقاربة خريطة الشرق الأوسط لا توازيه وربما لا تفسّره إلا مفاجأة العودة القوية لحزب العدالة والتنمية، للفوز بأغلبية انتخابية مريحة لتشكيل حكومة جديدة، قالت مصادر متابعة للقاء فيينا، إنّ ما جرى في اللقاء من تكريس لتفاهم روسي أميركي، يضع حداً للمواجهة الكبرى بين موسكو وواشنطن حول السياق المقبل للشرق الأوسط، لكنه لا يُنهي التنافس على الأحجام والأدوار في قلب هذا السياق والسياق هو أولوية تنظيف سورية والعراق من «داعش» و«النصرة» وسائر مكوّنات ومتفرّعات «القاعدة»، بعدما انتهت لعبة توظيف الإرهاب من جهة وإعلان الحرب عليه من جهة أخرى مع التموضع الروسي إلى جانب الجيش السوري في الحرب على الإرهاب، وتبلور سياق ميداني يشير إلى تدحرج انتصارات ستسقط معها معاقل «النصرة» و«داعش» تباعاً، وبات الطريق الوحيد للحفاظ على المكانة والدور الأميركيين مواكبة الحركة الروسية السورية المدعومة من إيران وحزب الله، ومحاولة حجز جغرافيا وأدوار مقابلة، وما تقرّر في فيينا يقتضي ضمان إقفال الحدود التركية والأردنية على تنظيم «جبهة النصرة» خصوصاً، وقطع شرايين «داعش» و«النصرة» داخل تركيا، وانضباط تركيا بسياسة تلتزم ما اتفق عليه في هذا السياق من جهة، وبالتخلي عن التصعيد تحت شعار أولوية رحيل الرئيس السوري، بعدما تمّ حسم أمر بقاء الرئيس السوري وترك أمر المؤسسات الدستورية وخصوصاً الرئاسة لصناديق الاقتراع، وسقط حلم دولة دينية أو تقسيم وتوزيع طائفي ومذهبي في سورية، مع حسم الأمر لدولة مدنية علمانية موحدة، ومطلوب تركيا وازنة وجيش وأجهزة أمن فاعلة ومؤثرة على قوى المعارضة السورية لضمان قدر من الحضور في أيّ عملية سياسية مقبلة، وضمان حضور تركي مفاوض مع إيران وقادر على المساهمة في الحرب ضدّ «داعش» في العراق وسورية.
قايضت واشنطن الأصوات التي سبق وحجبتها عن حزب أردوغان، وهي أصوات الشريك المنشق عن حزب العدالة والتنمية فتح الله غولن المحسوب على الأميركيين، فتكفلت أصوات مناصريه بملايينهم الخمسة من تعويم داوود أوغلو لتشكيل حكومة أغلبية مجدداً، لكن أيضاً من ضمن معادلة تحفظ نتائج انتخابات حزيران الماضي لجهة التمثيل الكردي، الذي حفظ لحزب الشعوب الديمقراطي تمثيله البرلماني ولو بنسبة أقل من حزيران.
بالتوازي مع حدَثَيْ فيينا وأنقرة وتداعياتهما، كان المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا يزور سورية للبدء بتسويق مشروع حوار بين الحكومة والمعارضة، لتواجهه الحقيقة التي صرّح بها وزير الخارجية السوري وليد المعلم، مضمونها أنّ الأمم المتحدة مطالبة قبل البحث بالحلّ السياسي كشعار عام أن تضمن أمرين، الأول أن تلتزم دول الجوار والإقليم وبالتالي العالم قرارات الأمم المتحدة بوقف التمويل والتسليح والتجنيد لمصلحة التنظيمات الإرهابية، وأن تجري ترجمة هذا عملياً وإخضاعه للتحقق قبل الحديث عن مكوّنات فيينا التي لا يزال عدد من الدول المشاركة في اللقاء متورّطاً بدعم التنظيمات الإرهابية المصنفة لدى الأمم المتحدة على لوائح الإرهاب، وبعد ذلك على المبعوث الأممي أن يحدّد مَن هي القوى التي تصحّ تسميتها معارضة، والتحرك لاعتبارها شريكاً في المسار السياسي، إنْ لم تحسم هذه القوى خيارها بوضوح، بالقول إنها تعتبر الأولوية الراهنة في سورية في الحرب على الإرهاب إنها تعلن موقفاً واضحاً من التنظيمات التي تصنفها الأمم المتحدة إرهابية، وخصوصاً «جبهة النصرة»، حيث يرتبط الذين حضروا حلقتَيْ جنيف الأولى والثانية على مقاعد المعارضة بأوثق العلاقات معها ويسمّونها تنظيماً وفصيلاً معارضاً، ومن دون الفرز الواضح بين المتعاطين مع الإرهاب ومَن يحاربونه أو يدعمون الحرب جدّياً ضدّه، لا يمكن التحدّث عن الجهة التي ستشغل مقعد المعارضة في أيّ حوار بثقة، وهذا يعني أنّ على الأمم المتحدة والمبعوث الأممي القيام بعمل تحضيري على هذين الملفين المتصلين بالدول التي تورّطت بدعم الإرهاب من جهة، وبالمحسوبين على تسمية المعارضة ولم يحسموا مواقفهم بأولوية الحرب على الإرهاب، وبالتالي المصالحة الوطنية لتحشيد القوى لهذه الحرب، بينما هم لا زالوا يتحدّثون عن إسقاط النظام كأولوية، ولم يقطعوا صلاتهم بالتنظيمات الإرهابية من جهة ثانية.
في لبنان الذي يستعدّ لبلورة ملفات الجلسة التشريعية المرتقبة، كما يستعدّ لجلسة الحوار الوطني المقبلة، لا يزال ملف النفايات يتنقل من عقبة إلى عقبة، ليستريح في محطة البحث عن مطمر في المتن وكسروان، بينما تتحدّث مصادر متابعة عن احتمال حسم الملف برمّته قبل الخميس لينعقد مجلس الوزراء وينهي الأمر، خصوصاً بعدما تمّ تذليل الكثير من العقبات التي كانت تعترض الحلّ.
عقدة المتن – كسرون تعرقل الخطة
لم تصل خطة الوزير أكرم شهيب لمعالجة أزمة النفايات إلى خواتيمها السعيدة كما كان متوقعاً، بل تستمر الاتصالات والمشاورات لتذليل بعض العقبات والعقد التي ما زالت تحول دون عقد جلسة لمجلس الوزراء وآخرها الموافقة على مطمر الشويفات من قبل رئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال ارسلان، الذي أعلن أنه تم الاتفاق بعد اللقاء مع فعاليات الشويفات ومشايخها على عقد اجتماع غداً الثلاثاء لبتّ مسألة المطمر سلباً أو إيجاباً مع ما يتناسب مع مصالح أهالي المنطقة. وكان كشف ارسلان أن رئيس الحكومة تمام سلام أبلغه ألّا مطمر في الشويفات من دون موافقة ارسلان، مضيفاً ألّا جلسة لمجلس الوزراء حتى الآن.
وعقد اجتماع السبت الماضي في السراي الحكومي ضم إلى رئيس الحكومة تمام سلام وزير المال علي حسن خليل والوزير شهيب الذي آثر التكتم بعد الاجتماع، واكتفى بالتأكيد أن «المساعي والاتصالات مستمرة»، وأنه «ستكون هناك جلسة لمجلس الوزراء قريباً»، تاركاً للرئيس سلام تحديد موعدها. فيما يصرّ رئيس الحكومة على عدم دعوة مجلس الوزراء للانعقاد قبل ضمان التوافق في شأن الخطة.
وأشارت مصادر المجتمعين لـ«البناء»، إلى أن «العقدة أمام تنفيذ الخطة تكمن عند المسيحيين، حيث لم يتمكن التيار الوطني الحر والمكونات المسيحية الأخرى من إيجاد مطمر في المتن كسروان، ولفتت المصادر إلى أن البحث جارٍ على موقع ويجري التواصل مع حزب الطاشناق لإقناعه بإعادة فتح مكب برج حمود حتى إشعار آخر، ولفتت إلى أنه إذا لم تنجح هذه المساعي، فالأمور ستعود إلى نقطة الصفر».
أما على صعيد الثنائي «حركة أمل» و«حزب الله» فقالت مصادر مقربة من الطرفين لـ»البناء»، أن «لا عائق لدينا من إيجاد مطمر في البقاع ماسا أو في الجنوب «الكفور» وهناك أكثر من مكان والتوافق عليها موجود والاعتراضات الشعبية هي موضع توافق معنا»، وأضافت: أن «ا مر مرتبط بتوافق ا خرين على إيجاد أماكن لمطامر أخرى وفي مواقع ومناطق أخرى تستطيع استيعاب كامل الكمّ الموجود من النفايات». وأكدت المصادر أن هناك تحركات على صعيد «حزب الله – التيار الوطني الحر» للمساهمة والمساعدة في «فك» العقدة العونية.
وفي السياق، شددت مصادر التيار الوطني الحر لـ»البناء» أن لا حلول لأزمة النفايات على حساب منطقة المتن – كسروان، «فمكب الناعمة هو محيط بمناطق مسيحية ويستقبل نفايات الكثير من المناطق اللبنانية، واستبعدت المصادر نجاح الخطة وكل ما يُحكى عن حلول قريبة، مؤكدة أن «الوضع معقّد»، كما استبعدت عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع الحالي.
الحراك في مرفأ بيروت
على صعيد الحراك الشعبي وبعد غياب لافت، نفذ أمس عدد من الناشطين مسيرة من سد البوشرية وصلت إلى مرفأ بيروت، تحت عنوان «ضد المرض». وأشاروا في بيان إلى أننا «مستمرون بالضغط السلمي على كل وزارة ورئاسة ومجلس معني، وننطلق من كل منطقة وبلدية وحي، حتى تقر الحكومة كافة المراسيم التي تضمن سياسة بيئية سليمة ومستدامة وحتى تلغى كافة عقود سوكلين وتحاسب من لزّمها وغطّى على فسادها، ومستمرون حتى تحقيق كافة المطالب البيئية».
وأكدوا «رفضهم لكل التسويات الفوقية والحلول بالتراضي وأن لا بديل عن إعادة الشرعية الشعبية الصحيحة إلى المؤسسات، شرعية شعبية نطالب باستعادتها بانتخابات نيابية وفق قانون يمثل كافة فئات الشعب».
قهوجي يدقّ ناقوس الخطر
أزمة جديدة ستواجه اللبنانيين بعد إصرار وزير المال علي حسن خليل على عدم صرف أموال رواتب وأجور موظفي القطاع العام إلا بمرسوم من مجلس الوزراء من خلال نقل الأموال من احتياط الموازنة إلى بند الرواتب والأجور. وفي السياق ذاته، دق قائد الجيش العماد جان قهوجي ناقوس الخطر، وزار السبت الماضي كلاً من الرئيسين نبيه بري وتمام سلام، حاملاً ملف رواتب العسكريين.
وعلمت «البناء» من مصادر «التيار الحر» أن أموال معاشات ورواتب الموظفين لا سيما العسكريين، هي من الثوابت وعلى وزير المال تحمّل المسؤولية في تأمين صرف هذه الأموال من خارج مجلس الوزراء ويستطيع ذلك وبطريقة قانونية. وأكدت المصادر أن تكتل التغيير والإصلاح سيحضر جلسة لمجلس الوزراء لبحث ملف النفايات فقط ويرفض إدراج موضوع الرواتب والأجور على جدول أعمال أي جلسة.
الهيئة تجتمع الثلاثاء
وتستكمل هيئة مكتب المجلس النيابي الثلاثاء، البحث في جدول أعمال الجلسة المزمع عقدها. ويتمسك ثنائي «التيار الوطني الحر القوات اللبنانية» بإدراج قانوني الانتخاب واستعادة الجنسية على جدول الأعمال، كشرط للمشاركة في الجلسة المرتقبة.
وأفاد مصدر نيابي لـ«البناء» عن اتصالات مكثفة تجري بين عين التينة والرابية للتوافق حول الجلسة التشريعية المتوقعة قريباً، لكنها نفت التوصل إلى اتفاق في هذا الأمر، وجددت تمسك التيار الوطني الحر بإدراج قانوني الانتخابات والجنسية على جدول أعمال الجلسة كبنود أولى وليس ثانوية.
وأكد رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل خلال اجتماع حزبي في بشري أن «نواب تكتل التغيير والإصلاح وكتلة القوات اللبنانية لن يحضروا جلسة لمجلس النواب، ليس فيها بند استعادة الجنسية في أولوية جدول الأعمال»، معتبراً أن «استعادة الجنسية تعزز الحضور اللبناني في مواجهة الهجرة، وتشجع اللبنانيين على العودة إلى وطنهم، لاسيما في ضوء الهجمة التكفيرية التي تهدد وجود الأقليات في المشرق».
وهيئة الحوار
كما تستأنف طاولة الحوار الوطني، خلال جلستها المقبلة غداً الثلاثاء، البحث في مواصفات رئيس الجمهورية العتيد.