مقبل وخليل: لعدم تسييس الملفّ وسحبه من التداول الإعلامي
بعد سجال طويل حول مسألة تأمين الرواتب للعسكريين، أثمرت الاتصالات السياسية صيغة لحلّ المعضلة بمخرج قانوني استثنائي بعد مشروع مرسوم التحويل من الاحتياط إلى بند الرواتب، لتأمين الأموال لشهر واحد.
وكان وزير الدفاع سمير مقبل زار صباح أمس، رئيس الحكومة تمام سلام وبحث معه مشكلة رواتب العسكريين. وقال بعد اللقاء: «لم أسمع عن أيّ بلد في العالم تداول فيه السياسيون والإعلام في مثل هذه القضية الوطنية العليا، ومن غير المقبول أن يجري التداول بها بهذه الطريقة. اليوم تنتهي العملية وتصرف رواتب العسكريين والفضل الأكبر يعود إلى رئيس الحكومة الذي تصرف بصبر طويل ودرس القضية بموضوعية كي نصل إلى نتيجة إيجابية. كذلك يجب أن نشكر وزير المالية علي حسن خليل على تعاونه والعمل الذي قام به مع الرئيس سلام لإنهاء هذه القضية».
وأضاف: «الجيش هو الضامن لاستقرار وأمن هذا البلد، وهو خشبة الخلاص ليس فقط من خلال تقديم الشهداء، واليوم أيضاً قدم شهيدين كانا يعملان على ضمان الأمن والاستقرار. أتمنى عدم تدخل السياسيين والإعلام في قضية الجيش وليتركوه في حاله وهو يقوم بمهمّاته. الجيش سيقبض رواتبه اليوم أمس وبذلك تنتهي القضية».
وفي وزارة الدفاع، عقد اجتماع ضمّ إلى وزير الدفاع سمير مقبل، وزير المال علي حسن خليل وقائد الجيش العماد جان قهوجي.
وإثر اللقاء قال خليل: «يهمّنا اليوم، في حضور وزير الدفاع وقائد الجيش، أن نؤكد حلّ الإشكالية التي كانت قائمة حول صرف الرواتب للجيش وبعض القوى الأمنية والإدارات العامة في البلد، والموضوع ليس فقط لدى الجيش، فقد أخذنا استشارة قانونية لتأمين هذا الشهر وصدر فعلاً توجيه من دولة رئيس مجلس الوزراء بعد سلسلة من الاتصالات التي أُجريت خلال اليومين الماضيين بين دولة الرئيس بري ورئيس الحكومة ووزير الدفاع وقائد الجيش والإدارة المعنية في وزارة المال، وتوصلنا إلى مخرج قانوني استثنائي بعد مشروع مرسوم التحويل من الاحتياط إلى بند الرواتب موضوع التنفيذ. هذا الإجراء الاستثنائي يجب أن يبقى في وضعه الاستثنائي حتى صدور المرسوم عن مجلس الوزراء في أقرب وقت ممكن. وهنا ندائي إلى القوى السياسية والكتل النيابية ولأعضاء الحكومة أن نبعد هذا الملف عن التسييس. القضية دستورية قانونية بحتة، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته وأن يوافق في أول جلسة لمجلس الوزراء على نقل هذا الاعتماد كي نستطيع أيضاً تغطية الأشهر المقبلة من دون أي ارتباكات».
وشدّد على أنّ «من غير المستحسن أن نتوصل في هذا البلد إلى مرحلة نسجل فيها مخالفات ليس لمصلحة أحد على الإطلاق. كل الذين ينادون أنّ هذا البلد يجب أن يبقى ويجب أن يستمر عليهم المحافظة على القواعد الدستورية والقانونية بالإنفاق وبغيره». وأمل عدم الوقوع «في أي إشكالات في المرحلة المقبلة، وخصوصاً ان لدينا استحقاقات ثابتة على صعيد الانفاق ومرتبطة بالجيش لن أتكلم عنها في الوقت الحاضر».
وتمنى مقبل، بدوره، «ألا تكون رواتب العسكريين في المستقبل محور تداول بين السياسيين والإعلام، فهذه قضية مصلحة وطنية عليا وليس مسموحاً زج موضوع الجيش في السياسة ولا غيرها».
الجيش: لا تفريط بحقوق العسكريين
وفي السياق عينه، أكدت قيادة الجيش في نشرة توجيهية وزعتها على العسكريين «أنّ ما حصل، وعلى أهميته، لا يمكن أن يؤثر على معنويات العسكريين، أو يزعزع ثقتهم بالدولة أو يضعف عزيمتهم على مواصلة مهماتهم وواجباتهم، وخصوصاً أنّ اللبنانيين جميعاً، يضعون كامل ثقتهم بالجيش، ويراهنون على دوره الإنقاذي في حماية الوطن من الأخطار والتحديات الجسام، التي يتعرض لها في هذه المرحلة المصيرية من تاريخه».
«وإدراكاً منها لحجم التضحيات التي يبذلها العسكريون والمصاعب الحياتية التي يواجهونها»، أكدت قيادة الجيش «تمسكها بكرامتهم وحقوقهم المادية، سواء من خلال دفع الرواتب والمساعدات الاجتماعية وغيرها في الأوقات المحددة، أو من خلال حفظ هذه الحقوق في مشروع سلسلة الرتب والرواتب المقترحة، فمعنويات العسكريين ولقمة عيش أفراد عائلاتهم، هي من أولويات القيادة، ولن تسمح بالتفريط بها تحت أي ظرف من الظروف».
وأعربت الهيئة عن تقديرها «التزام العسكريين المثابرة على أداء المهمّات الموكلة إليهم، بكلّ مسؤولية واندفاع، على الرغم من الظروف المادية القاسية التي عاناها أفراد عائلاتهم، تأمل ألا تتكرر هذه السابقة، من خلال قيام المعنيين باستدراكها قبل حصولها، وعدم إقحام الجيش في النزاعات والخلافات السياسية الضيقة، وهي على ثقة بأنّ أبناء هذه المؤسسة لن يقفوا عند مشكلة طارئة من هنا أو هناك، وسيتجاوزون ما حصل بروح المناقبية والالتزام».
لحّود: الجيش ليس محوراً في السياسة ولا ورقة للابتزاز
اعتبر الرئيس العماد إميل لحود في بيان، «أنّ استشهاد العسكريّيْن في الجيش أثناء تنفيذهما لعملية أمنية، يأتي في وقت يعاني فيه العسكريون من أزمة تشكل سابقة في تاريخ المؤسسة العسكرية ناتجة عن تأخير الرواتب»، مقدماً «التعازي لقيادة الجيش ومديرية المخابرات وعائلتي الشهيدين اللذين ينضمّان إلى قافلة الشهداء الذين ضحّوا بدمائهم ذوداً عن الحدود أو تأميناً للأمن في الداخل».
ورأى أنّ «تمادي جزء كبير من الطبقة السياسية في استهداف الجيش من الناحية المادية نهج بدأ منذ سنوات من قبل سياسيين معروفي الهدف والانتماء، في وقت تحتاج فيه المؤسسة العسكرية الى دعم مطلق، وخصوصاً في ظلّ الدور الذي تقوم به والتضحيات التي تقدمها، وفي حين ينخر الفساد والتداخلات السياسية جسد مؤسسات أخرى، أمنية وقضائية ودستورية».
وطالب «بدفع الرواتب المستحقة للعسكريين فوراً ومن دون أيّ تأخير»، مشيراً إلى «أنّ هذا الأمر لا يحتاج إلى انعقاد جلسة لمجلس الوزراء»، ومحذّراً من «مغبّة تكرار ما حصل في المستقبل، فالمؤسسة العسكرية لا يمكن أن تكون لا محوراً في السياسة ولا ورقة للابتزاز، والضباط والرتباء والعسكريون المنتمون إليها يشرّفون السياسيين المتسابقين إلى عقد الصفقات والتسويات، وأحياناً كثيرة على حساب تضحيات الجيش وكرامته».
ونوّه لحود بـ»الدور الذي يقوم به قائد الجيش العماد جان قهوجي في سبيل حماية حقوق العسكريين الذين تعتاش عبرهم عشرات آلاف العائلات، وبدلاً من منحهم مكافآت وعلاوات لا تشكل إلا نسبة ضئيلة جداً مما يُهدر في الوزارات والإدارات الرسمية يتمّ حرمانهم مما هو حق لهم».
وحيا «الجنود الذين يقفون على الجبهات ويصدّون الإرهاب، صيفاً تحت أشعة الشمس وشتاء في ظلّ مناخ قارس، ونشدّ على قبضاتهم التي تشكل فخراً لجميع اللبنانيين، على عكس السياسيين الذين يجلسون في مكاتبهم الفخمة، يبحثون عن وسيلة لمضاعفة عدد المحسوبين عليهم والمستفيدين من الزبائنية السياسية، غير آبهين بتضحيات العسكريين والتزاماتهم المادية».