دي ميستورا وتحدّي التزام تركي سعودي بـ«فيينا» بوقف احتضان «النصرة» سورية تنتظر تحديد الشريك في الحوار وفقاً لمعايير الحرب على الإرهاب
كتب المحرر السياسي
شكلت زيارة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى دمشق الفرصة الأولى لبدء مسار جديد في التعامل مع توازي ملفَيْ الحرب على الإرهاب والحلّ السياسي، ولم تعد مفردة شكل المرحلة الانتقالية بنداً على مائدة البحث، بعدما استغرقت كلّ مرحلة المبعوث السابق الأخضر الإبراهيمي، ونصف عمر مرحلة المبعوث الحالي، الذي أنفق النصف الثاني على مساعي وقف إطلاق للنار، تحتاج طرفاً مقابلاً للجيش السوري في صفوف من يسمّيهم دي ميستورا من المعارضة، وقادر على الإمساك على جبهة واحدة على الأقلّ يملك قرار القتال فيها.
لا يزال دي ميستورا أسير ذكريات تصفّي مهمته قبل فيينا، ويبدو أنه كان يحتاج إلى إنعاش ذاكرة ليعود إلى بيان فيينا كخارطة طريق جديدة لمهمته، بعدما حلّ بيان فيينا مكان بيان جنيف 2012، وصار الحلّ السياسي المرتبط بالانتخابات مؤجلاً لما بعد الانتهاء من الحرب على الإرهاب ومعه كلّ نقاش حول المسار السياسي، باستثناء بلورة حوار سوري ــــ سوري، لا مانع عند الدولة السورية من أن ينتهي بتشكيل حكومة وحدة وطنية تدعم الحرب على الإرهاب، والعقبة أمامه لا تزال أن ينجح المبعوث الأممي بضمان تطبيق مسار فيينا الخاص بالدول المشاركة، خصوصاً تركيا ودول الخليج وبعض الدول الغربية، لجهة أنّ الأولوية هي للحرب على الإرهاب، وما يعنيه ذلك من التزام بقطع كلّ صلة بالمنظمات المصنفة إرهابية لدى الأمم المتحدة، خصوصاً «جبهة النصرة» و»داعش» وما يعادلهما، وبعد ذلك يمكن البحث بتعاون إقليمي دولي في هذه الحرب يخلق البيئة المناسبة لمسار سياسي سوري سوري قادر على تحقيق اختراقات.
السؤال الذي لم يملك عليه دي ميستورا جواباً، هو مَن هي القوى التي يتحدّث عنها عندما يدعو لوقف إطلاق النار، ومن هي القوى التي يقصدها كشريك مفترض في حوار سوري سوري، وإذا كانت القوى ذاتها التي شاركت في مؤتمرَي جنيف الأول والثاني، فالسؤال هل قطعت هذه القوى علاقتها بـ»جبهة النصرة»؟ وهل هي مستعدّة للإعلان عن أنّ أولويتها لم تعد إسقاط النظام، وصارت تقديراً للخطر الداهم مقاتلة الإرهاب بالتعاون مع الدولة السورية والتنسيق مع الجيش السوري؟ وقبل تبلور الجواب على هوية هذه القوى وتحضير المناخ معها والحصول على الأجوبة الواضحة منها، ليس لدى دمشق سوى أن تنتظر الأجوبة، بينما يواصل الجيش السوري إنجازاته خصوصاً في الريف الجنوبي لحلب.
لبنانياً، يبدو ملف النفايات متقدّماً على ملف الحوار وربما سيحتلّ طاولة الحوار اليوم، وفي جديد ملف النفايات الذي بدا أنه بلغ نهاياته لوهلة، التعثر الذي دخل على خطي رفض حزب الطاشناق للبديل المتني الذي تقدّم به الوزير ميشال المر، وتمسك النائب وليد جنبلاط في حال اعتماد مطمر الشويفات لنفايات قضاء بعبدا أن تضاف إليه مهمة استيعاب نفايات قضاءي عاليه والشوف ما تسبّب بتعقيد المهمة مجدّداً.
الحوار يستمرّ بلا الكتائب وعون لم يحسم حضوره
يعود الحوار الوطني اليوم في جلسته التاسعة للانعقاد في ساحة النجمة لاستكمال البحث في مواصفات الرئيس وملف النفايات. وفيما يستمر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل بتعليق المشاركة في جلسة الحوار طالما أن النفايات في الشوارع ومجلس الوزراء معطّل، لم يكن رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون مساء أمس قد حسم أمر مشاركته من عدمه، بحسب ما أكدت مصادر الرابية لـ«البناء»، مشيرة إلى «أنه لم يقل إنه سيشارك أو لن يشارك».
وعلمت «البناء» أن المتحاورين سيتابعون اليوم النقاش في مقارنة مواصفات الرئيس لا سيما النأي بالنفس الذي تباينت المواقف حياله في الجلسة السابقة وأرجئ إلى جلسة اليوم. وأكدت مصادر 14 آذار لـ«البناء» أن الرئيس فؤاد السنيورة «سيجدّد موقفه من ضرورة أن يتمسك رئيس الجمهورية بالنأي بالنفس».
وفيما تحطّ النفايات في جلسة الحوار اليوم أيضاً سيقدم رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال أرسلان مداخلة في هذا الإطار يحدد فيها موقفه من إعادة فتح مكب «الكوستا برافا» بعد تحويله مطمراً صحياً.
وعلى ضوء جلسة الحوار ستتوضح صورة اجتماع فعاليات مدينة الشويفات الرسمية والدينية والحزبية والمخاتير وهيئات المجتمع المدني كافة، بحضور النائب أرسلان، للإعلان عن القرار النهائي الصادر عن جميع الحاضرين بشأن المطمر المنوي إقامته في المدينة.
بقرادونيان: طرحُ المرّ لا يحل مشكلة النفايات اليوم
وإذ أوضحت مصادر وزارية لـ«البناء» «أن التوافق على مطمر «الكوستا برافا» في خلدة سيكون بمثابة مخرج لحل أزمة النفايات»، لفتت إلى أن «التوجه العام يقوم على اعتماد خيار من خيارين في المتن وكسروان، فإما إنشاء مطمر في برج حمود وإما البحث عن مطمر آخر عبارة عن عقارين بين المتن وكسروان مخصصين لاستقبال نفايات المنطقة».
وأطلق النائب ميشال المر أمس اقتراحه لحل أزمة النفايات في المتن الذي يمكن أن يبدأ العمل به خلال 6 أشهر، كما قال. ويقوم على العودة إلى موقع حُدّد في المرسوم 682 الصادر العام 1990 لإنشاء معمل لمعالجة النفايات وتركيبه، ذلك ان المساحة المخصصة والواقعة عند ساحل برج حمود لا تزال موجودة وصالحة لإنشاء المعمل، على أن يتم الطلب من الحكومة الحالية الموافقة على ما تضمّنه المرسوم المذكور وفقاً لنصوص جديدة، فيصبح الموقع مخصصاً لإنشاء معمل لمعالجة النفايات في منطقة المتن.
وأكد الأمين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان لـ«البناء» أن «هذا الطرح صالح للدراسة، لكنه لا يحل مشكلة النفايات اليوم لا في المتن ولا في كسروان «، لافتاً إلى «أننا سنبقى على موقفنا الرافض لنقل ولو كومة صغيرة من النفايات إلى برج حمود». واعتبر بقرادونيان «أن هذا الطرح لا علاقة له بخطة الوزير شهيب لإنشاء مطامر صحية، فهو يدخل في إطار عمل البلديات الذي نظرت الحكومة إليه للعمل بعد 18 شهراً». وأشار إلى «أن المجلس البلدي في برج حمود سيدرس الأثر البيئي لهذا المعمل وقدرته الاستيعابية والتفاصيل الأخرى، لأن كما يُقال الشيطان يكمن في التفاصيل».
وجدّد بقرادونيان التأكيد «أن برج حمود خط أحمر ولن نقبل بأي شكل من الأشكال إنشاء أي مكب للنفايات في المنطقة من جديد».
جلسة لمجلس الوزراء الأربعاء
وأكد وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» «أن اعتراض الوزير أرسلان على إنشاء مطمر في «الكوستابرافا» في خلدة تتم معالجته، ومن المرجح أن يبحث الموضوع في جلسة الحوار اليوم وتعلن الموافقة على خطة شهيب مع بعض الشروط»، ورجح جريج «أن يدعو الرئيس تمام سلام إلى جلسة لمجلس الوزراء غداً الأربعاء».
وأشار جريج إلى «أن الحل لأزمة النفايات وفقاً لخطة شهيب لن ينتظر إيجاد مطمر في المتن كسروان، مؤكداً وجود مساعٍ تبذل من قبل فعاليات المنطقة وستنجح خلال فترة قريبة بإقامة مطمر، من ضمنها اقتراح النائب المر الذي تم بحثه بالتوافق مع القوى السياسية في المنطقة، لكن تمرير المرحلة الأولى من الخطة غير مشروط بإيجاد مطمر في كسروان المتن».
وأكدت مصادر وزارية لـ«البناء» أن سلام سيتابع تحمّل مسؤولياته ولن يُقدّم استقالته لأنه لا يستطيع ذلك في فترة الشغور الرئاسي، بسبب غياب المرجعية ذات الصلاحية التي تقبل استقالته وهي رئيس الجمهورية، لكن المصادر لفتت إلى أنه «إذا وصلت الأمور إلى طريق مسدود على صعيد تفعيل عمل مجلس الوزراء، فإن سلام سيكشف الحقائق أمام الرأي العام لكي لا يتحمّل وحده مسؤولية التعطيل ويضع الفريق الآخر أمام مسؤولياته، وهو الفريق الذي يستمر بالتعطيل ويرهن عقد جلسات مجلس الوزراء بحل بند التعيينات الأمنية».
من جهة أخرى، نفذ أهالي بلدة أنصار الجنوبية تحركاً تحت عنوان «أنصار منا مزبلة» رفضاً لإقامة مطمر للنفايات في المنطقة.
توافق قواتي ـ عوني على «الضرورة»
وتجتمع هيئة مكتب المجلس النيابي بعد ظهر اليوم برئاسة الرئيس نبيه بري لمتابعة البحث في جدول أعمال جلسة تشريع الضرورة ودراسة 13 مشروع قانون المتبقية بعدما أنهت في الأسبوع الما ضي 19 بنداً.
وأكد عضو هيئة مكتب المجلس النائب انطوان زهرا لـ«البناء» أن «الجلسة ستستكمل دراسة 11 بنداً لتنهي بذلك دراسة جدول الأعمال، على أن يحدد الرئيس بري موعد الجلسة العامة».
وشدد زهرا على «أن مواقف الأطراف السياسية من تشريع الضرورة لا تزال على حالها»، لافتاً إلى «أن توافق القوات والتيار الوطني على ضرورة إدراج قانوني استعادة الجنسية والانتخابات النيابية على جدول الأعمال كشرط لحضور الجلسة».
وأكد النائب ميشال موسى من جهته أنه «لا يمكن لرئيس المجلس أن يضع 17 اقتراح قانون للانتخابات على جدول الأعمال، فقانون الانتخاب يتطلب حداً أدنى من التوافق والتفاهم غير المتوفر». ولفت موسى إلى «أن الرئيس بري مصرّ على عقد جلسة عامة، وأن المشاورات مستمرة ولن تنتهي اليوم مع التيار الوطني الحر لحضور الجلسة التي سيُحال إليها قانون استعادة الجنسية كمعجّل مكرّر».
ولفت رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد إلى أنه ليست لدى حزب الله أيّة قناعة بتشريع الضرورة، فالتشريع يجب أن يكون مفتوحاً، وأضاف «إن قبِلنا بتشريع الضرورة في هذه المرحلة، فلأننا لا نريد أن نخدش المساكنة التي تجمع بيننا وبين شركائنا الذين يُخطئون النهج في إدارة شؤون هذا البلد».
تسوية سياسية لرواتب العسكريين
إلى ذلك، حلت أزمة رواتب العسكريين، وأعلن وزير المال علي حسن خليل بعد زيارته وزارة الدفاع عن تأمين رواتب العسكريين، مشيراً إلى «أننا توصلنا إلى صيغة قانونية ولكن استثنائية من أجل دفع رواتب العسكريين».
وأكدت مصادر وزارة المالية لـ«البناء» أن هذه الصيغة التي تم التوصل اليها بموضوع رواتب العسكريين هي تسوية سياسية وليست قانونية، وذلك من خلال تعهد سلام على مسؤوليته تأمين أموال رواتب العسكريين من خلال صرف هذه الأموال على مسؤوليته، على أن يوقع المرسوم في أول جلسة لمجلس الوزراء والتي من المرجّح أن تكون يوم الأربعاء المقبل.
ولفتت المصادر إلى «أن هذه الصيغة غير قانونية بل سياسية، نظراً لأهمية هذا الموضوع وضرورته وتداعياته على المؤسسات الأمنية والعسكرية»، وأكدت المصادر «أن صرف الرواتب من احتياط الموازنة سيتم اليوم».