موجبات فيينا اللبنانية
يوسف المصري
«
حضور اجتماعات فيينا من قبل لبنان، ليس من دون مضمون مطلوب منه القيام به». بهذه العبارة علّقت مصادر ديبلوماسية في بيروت على تأثير مناخات لقاءات فيينا الخاصة بالأزمة السورية على الوضع في لبنان، وعلى مجمل مسارات أزماته الداخلية التي مصدرها في كثير من جوانبها المشاكل الإقليمية المحتدمة في المنطقة.
وكشفت هذه المصادر لـ«البناء» عن مجموعات أفكار يتمّ تداولها في محافل دولية وإقليمية على صلة بوضع لبنان داخل مناخات لقاءات فيينا المتوقع لها أن تستمرّ لغاية إنتاج مسار حلّ عملي في سورية.
الفكرة الأولى المتداولة هي أن يستجيب لبنان لدعوة قد تطرحها موسكو لتعاون استخباري بينهما بخصوص ضبط الوضع على الحدود المشتركة بين لبنان وسورية، خاصة أنّ «داعش» وشقيقاتها التكفيرية الإرهابية داخل سورية بدأت تتجه لتسخين جبهات في سورية قريبة من لبنان.
كما أنّ المعلومات التي أكدت خلال الساعات الـ72 الماضية عن تسلّل عشرات الإرهابيين مع أسلحتهم عبر مدرّجات جبل الشيخ انطلاقاً من منطقة شبعا، إلى بلدة بيت جن السورية قرب القنيطرة، كشفت أنّ هناك قراراً اتخذه إقليميون بتسخين الحدود اللبنانية السورية لتعويض هزائم الإرباك السائد منذ بدء عاصفة السوخوي الروسية على الحدود التركية والأردنية مع سورية، وذلك لجهة أنّ هذه الحدود بدأت تشهد تراجعاً في سلاسة دورها على مستوى إمداد الإرهابيين في سورية بالسلاح والعتاد.
الفكرة الثانية تتّصل بأنّ لبنان في مرحلة فيينا يجب أن يواكب على مستوى أوضاعه الداخلية مناخ الاتجاه العام نحو البحث عن تسويات. صحيح أنّ الوضع الدولي لا يزال منشغلاً عن الاهتمام بأزمات لبنان الداخلية، ولكنه من جهة أخرى أصبح مستاء من تعاظم مظهر عدم مسؤولية اللبنانيين في مجال إدارة أزماتهم، وأيضاً من استجابة فريق منهم لفيتو خارجي ضدّ مرشح طبيعي للرئاسة.
تقول معلومات على صلة بالفكرة الثانية، إنه خلال زيارات غير مسؤول دولي مؤخراً إلى لبنان، تمّ لحظ أنّ جميعهم وعلى مختلف توجّهاتهم، أبدوا نوعاً من اللوم على الأداء السياسي الداخلي، بخاصة منه التابع للمملكة العربية السعودية.
وبنظر هؤلاء فإنّ السعودية تعيش لحظة معاكسة للمنطق العام الإقليمي والدولي الخاص بمقاربة أوضاع المنطقة، سواء في سورية أو في اليمن أو حتى على مستوى وضعها الداخلي.
وعليه، فإنّ الأجدر بحلفاء الرياض اللبنانيين أن يحيّدوا أنفسهم عن مطبّات السياسة السعودية المتصفة في هذه المرحلة بأنها «متلاطمة»، وبأنها محلّ شكوى صامتة منها حتى من قبل حلفائها الخليجيين وأيضاً اللبنانيين ذاتهم.
الفكرة الثالثة تتحدّث عن ضرورة أن يستفيد لبنان على مستوى مكافحته للإرهاب من عاصفة السوخوي الروسية في سورية، وذلك من زاوية أنه إذا كانت هناك لأسباب سياسية ! اعتراضات على تنسيق لبناني سوري لمكافحة الإرهاب الناشط بشكل متداخل بين البلدين، فإنّ مثل هذه الأسباب يجب ألا يكون لها وجود بخصوص إجراء تنسيق عسكري لبناني روسي ضدّ الإرهاب، وخاصة منه المستوطن في مناطق سورية متاخمة للبنان أو المتمدّد من مناطق داخل ريف حمص باتجاه الحدود السورية اللبنانية.