روسيا تستعدّ لجولة «موسكو ـ 3» سورية بمشاركة المعارضة والحكومة منظمة التعاون الأوروبي: لا مكان لتركيا في الاتّحاد بعد فضيحة الانتخابات
كتب المحرر السياسي
فيما يسير الجيش السوري وحلفاؤه بخطى ثابتة لإكمال ربط أقواس الأسوارة العسكرية المحيطة بحلب، من جهة خناصر ـــ أثريا، بجهة مطار كويرس وجهة نبل والزهراء وجهة الفوعة ـــ كفريا، بحيث تصير حلب مقطوعة كلياً عن أيّ خطوط اتصال وإمداد بالنسبة للجماعات المسلحة، ويصير العمل العسكري والأمني داخل أحياء المدينة على موعد مع إنهاء أيّ تواجد للجماعات التابعة لـ»جبهة النصرة» وتوابعها فيها. وفيما لا يزال المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا غارقاً في البحث بجنس الملائكة لتحديد مَن هي أطراف المعارضة التي يمكن أن تشاركه الدعوة التي أطلقها لوقف إطلاق النار، وفصائل المعارضة التي يلتقيها دي ميستورا لا تملك سيطرة عسكرية على أيّ من الجبهات، أعلنت الخارجية الروسية عن بدء الاستعداد لعقد الجولة الثالثة من حوار موسكو بين أطراف من المعارضة التي ترتضي أولوية الحرب ضدّ الإرهاب مع ممثلين للحكومة السورية.
التقدّم العسكري للجيش السوري شمال سورية يجري هذه المرة بغطاء جوي روسي كثيف ودعم الحلفاء الموثوقين لسورية، لكنه يجري تحت العين التركية التي بدأت ملامح العجز عن التدخل تُحكم سلوكها الذي توجّه نحو مناطق سيطرة «داعش» بغارات جوية، يريد منها تعزيز وجود عسكري كردي موالٍ لحليف حزب العدالة والتنمية في وجه حزب العمال الكردستاني ولجان الحماية الكردية الذي تمثله قوات البيشمركة بقيادة مسعود البرزاني.
تركيا التي لا تزال تحت تأثير نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة، والتي يستعدّ حزب العدالة والتنمية الفائز فيها لتشكيل حكومة الأغلبية التي حصد مقاعدها في الانتخابات، تلقت مفاجأة لا تقلّ تأثيراً عن وقع مفاجأة فوز حزب الثنائي رئيس الجمهورية رجب أردوغان ورئيس الحكومة داوود أوغلو مع صدور تقرير مراقبي منظمة التعاون والأمن الأوروبية التي تشكل أكبر منظمة عالمية تقوم بأعمال الرقابة على الانتخابات، والتقرير الذي يستعمل أوصافاً كاريكاتورية في الحديث عن الانتخابات بقوله إنه يمكن وصفها بأيّ شيء إلا أنها انتخابات، يعرض لمجموعة عناصر تجعلها وفقاً لوصفه بالفضيحة للديمقراطية، وتنقل تركيا من دولة نجحت في إدارة عمليات انتخابية تطابق المعايير الدولية إلى واحدة من الديكتاتوريات الشمولية التي يحكمها حزب واحد. ويستعرض التقرير حالات القمع التي سبقت يوم الأول من الشهر الحالي، فيشير إلى إقفال أربع محطات تلفزة، ومنع بث العديد من البرامج السياسية التلفزيونية، وإيقاف ست صحف، واعتقال العشرات من الأقلام المرموقة في الصحافة التركية، إضافة لتغييرات
هيكلية في منظمة الإشراف على الانتخابات لتصير أشبه بفرع للحزب الحاكم، وتوجيه تهم جنائية موقتة تمنع حق الترشيح عن عشرات الرموز المحلية وقيادات الأحزاب المنافسة، عدا عن التداخل الواضح بين منظمي الانتخابات وممثلي الحزب الحاكم في أقلام الاقتراع، والمضايقات التي تعرّض لها المراقبون المحايدون وممثلو الأحزاب المنافسة. والفضيحة الأكبر وفقاً لتقرير المنظمة كانت الأموال الطائلة التي أنفقها الحزب على حملته الانتخابية ويوم الانتخابات بصورة شوّهت معنى الديمقراطية، وقاربت عملية الشراء العلني للأصوات بوعود لا يمكن وصفها لا من قريب أو بعيد بالبرامج، كمثل التوظيف أمام أبواب مراكز الاقتراع، أو وعود ترفيعات وظيفية في مؤسسات الدولة وفقاً للسلوك الانتخابي ومقابلها العديد من التهديدات التي تبلّغها مراقبو المنظمة وقاموا بتوثيقها.
يخلص التقرير إلى القول إنّ تركيا بحالتها الراهن لا تستطيع أن تكون عضواً في الاتحاد الأوروبي، ويدعو إلى وقف الحوار الدائر معها تحت هذا العنوان.
لبنانياً، تحوّلت جلسة الحوار الوطني إلى منصة للنائب وليد جنبلاط حيث أدلى بموقفين لافتين لم تتكشّف كامل خلفياتهما، فقد شنّ في ملف النفايات هجوماً ناعماً على الأمير طلال أرسلان من مدخل مطمر الشويفات من جهة، وأعلن أنه يرفض سياسة النأي بالنفس ويكشف عن قراره باعتبار «جبهة النصرة» تنظيماً إرهابياً، بعدما كان قد تقدّم صفوف الداعين إلى معاملة الجبهة كممثل شرعي للشعب السوري، قائلاً إنه كان يفعل ذلك مسايرة لبعض القيادات الدرزية، لكن الأمر تغيّر الآن.
جلسة حوار ولا توافق
انعقدت الجلسة التاسعة من الحوار الوطني أمس، في ساحة النجمة بحضور الأقطاب كافة، باستثناء رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون الذي تمثل بالنائب إبراهيم كنعان، في وقتٍ غابت «الكتائب» انسجاماً مع قرارها تعليق المشاركة في الحوار إلى حين حلِّ مشكلة النفايات وانعقاد مجلس الوزراء. واستكمل المتحاورون في الجلسة البحث في مواصفات رئيس الجمهورية وتحديداً الحيثية الشعبية التي يجب أن يتمتع بها وموقفه من النأي بالنفس وملف النفايات، ولم يتم التوصل إلى توافق على هذا الصعيد، وحدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري يوم 17 الجاري موعد الجلسة المقبلة.
التفاصيل ص. 2
«الخطة» في «العناية الفائقة»
بعد وصول المساعي والاتصالات لحل أزمة النفايات إلى طريق مسدود مجدداً، بات مصير جلسة مجلس الوزراء مجهولاً بانتظار مساعي ربع الساعة الأخيرة لإنقاذ خطة وزير البيئة أكرم شهيب التي دخلت «العناية الفائقة» بعد تعثر التوافق على إقامة المطامر في مناطق عدة أبرزها في «الكوستابرافا»، ما يعني أن لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، كما كان متوقعاً.
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ»البناء» أن «الرئيس سلام والوزير شهيب قاما بواجباتهما لحل أزمة النفايات، لكن الوعود بإنشاء مطامر في المناطق تبين أنها لم تنفذ وعندما تحل عقدة توضع عقدة جديدة بسبب النكايات السياسية، فلم تتم الموافقة لا على مطمر في سرار ولا في البقاع ولا في الجنوب ولا في جبل لبنان، وهذا ما أدى إلى فشل خطة شهيب وبقي خياران أمامنا، إما نقل النفايات إلى البحر وإما إلى السماء».
.. والشويفات رفضت
وأعلن رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» طلال أرسلان «أنه بعد التداول لمدة ثلاثة أيام مع المخاتير والبلدية والمشايخ والكهنة وهيئات المجتمع المدني والفعاليات والأحزاب في الشويفات، وصلنا اليوم بقرار جامع لأهل الشويفات برفض مطمر الكوستا برافا»، مشيراً إلى أن «رفضنا ليس من خلفية الرفض أو وضع العوائق أمام الدولة».
واعتبر أرسلان، خلال مؤتمر صحافي، أن «الحل الوحيد لأزمة النفايات هو ترحيل النفايات من لبنان واقترحنا هذا الشيء على رئيس الحكومة تمام سلام، لأن ومع الأسف هناك هوة بين المواطن والدولة لأنها لم تفِ بأي وعد أو عهد».
الحل على حساب المناطق كافة
وأكدت مصادر مقربة جداً من أرسلان لـ«البناء» أن «أرسلان أبلغ سلام والوزير شهيب رفض أهالي المنطقة بعد الاجتماع الموسع وأن هذا الرفض لاقى تجاوباً من الرئيسين سلام وبري»، ولفتت المصادر إلى أن «الشويفات ستحل مشكلة نفاياتها بنفسها»، وأوضحت أنه «عرض علينا طرح لإقامة مطمر في خلدة قبل الدخول في التفاصيل التي لها علاقة بالحوافز»، معتبرة أن «موقف أرسلان ينبع من الخضوع والرجوع للإرادة الشعبية والاستئناس برأي أهالي الشويفات بكل مكوّناتهم الذين رفضوا إقامة مطمر في منطقتهم لفقدانهم الثقة بالدولة».
وإذ استبعدت المصادر عقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، دعت لأن «يكون الحل على حساب جميع المناطق وليس على منطقة واحدة، وتحدثت عن أن العقدة الآن في جميع المناطق والسبب فقدان المواطن الثقة بالدولة».
«التيار»: نرفض مطمراً في المتن ـ كسروان
وأكدت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«البناء» رفض «التيار» لإقامة مطمر في كسروان المتن، «والسبب يستند إلى مبدأ رفض إقامة مطامر على علو 500 متر لحماية المياه الجوفية في كل المناطق اللبنانية وليس في كسروان – المتن فقط»، وتساءلت المصادر: «إذا كانت إقامة مطمر في الكوستابرافا غير ملائمة للبيئة وهو على الساحل، فكيف ينكرون علينا رفضنا لمطمر على علو 500 متر وعلى مقربة من نبع مياه يغذّي جبيل وكسروان والمتن وبيروت؟».
وأوضحت المصادر أن «المشكلة التي تعرقل حل أزمة النفايات هي غياب الثقة بين السلطة والمواطن لعدم وفائها بوعودها بإنماء المناطق التي تستقبل النفايات، ولفتت إلى أنه بمعزل عن إيجاد مطمر في كسروان – المتن لم يتم تجاز العقد في باقي المناطق».
لا جلسة حكومية هذا الأسبوع
وأكدت مصادر الرئيس سلام لـ«البناء» أن لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، واستبعدت خيار تصدير النفايات إلى الخارج، واعتبرت أنه مشروع قديم وتم البحث فيه في السابق وتبين أن لا إمكان لتطبيقه بسبب كلفته الباهظة على خزينة الدولة وطرحه اليوم هدفه تمرير الوقت وإلغاء المطامر».
وإذا لم تفصح المصادر عن مضمون ما سيقوله سلام وما إذا وصلت الأمور إلى طريق مسدود، نقلت عن سلام امتعاضه الشديد وتفكيره الجدي بالاعتكاف لأنه لن يبقى متفرجاً على هذا الوضع «القرف» إلى ما لا نهاية.
«السلسلة» و«الجنسية» على الجدول
وبعد انتهاء الحوار ترأس الرئيس بري اجتماع هيئة مكتب المجلس الذي سرعان ما انتهى بسبب عدم التوافق على إدراج قانون الانتخاب على جدول الأعمال ما يضع الجلسة التشريعية المرتقبة أمام عقدة الميثاقية، كما تمّ إدراج قانون الجنسية وسلسلة الرتب والرواتب، وبعد الاجتماع، أعلن نائب رئيس المجلس النائب فريد مكاري أن «تحديد موعد الجلسة التشريعية يعود لبري»، مؤكداً أن «قانون استعادة الجنسية أدرج على جدول أعمال الجلسة وتم وضع سلسلة الرتب والرواتب على جدول أعمال الجلسة التشريعية التي تلي الجلسة المقبلة لكن قانون الانتخاب غير موجود».
وأكد عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا في تصريح بعد الاجتماع أنه «لم يستطع إقناع هيئة المكتب بإدراج بند قانون الانتخابات على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقررة»، مبدياً رفضه «إقرار جدول أعمال لا يتضمن بند قانون الانتخابات»، وأشار إلى أنه «عندما يصبح جدول الأعمال نهائياً ويحدد موعد الجلسة نعلن موقفنا رسمياً من المشاركة».
«الانتخاب» بـ 3 صِيَغ
وأفادت مصادر «قواتية» لـ«البناء» أنه «من الممكن أن تتوصل اجتماعات الهيئة إلى صيغة وهي أن يضع بري قانون الانتخاب على جدول الأعمال شرط البحث بثلاثة مشاريع قوانين فقط وهي: مشروع بري «المناصفة بين الأكثري والنسبي»، ومشروع «القوات» المشترك مع تيار المستقبل والحزب الاشتراكي، والثالث هو مشروع الحكومة المعدّل الذي يعتمد 15 دائرة على قاعدة النسبية وتشكيل لجنة مصغرة للبحث بهذه القوانين الثلاثة فقط للوصول إلى رؤية مشتركة، لأن الحديث عن بحث 17 قانوناً يعني عدم وجود رغبة بالوصول إلى إقرار قانون انتخاب».
الميثاقية غير متوفرة
وقالت مصادر في التيار الوطني الحر لـ«البناء» إن الرئيس بري لم يدعُ إلى جلسة تشريعية حتى الآن ما يدلّ على أن الأمور رهن المشاورات والتوافق لأن المقاطعة المسيحية للجلسة تفقدها الميثاقية، ودعت المصادر الرئيس بري إلى «عدم الدعوة للجلسة قبل التوصل إلى توافق في هذا الموضوع».
وأوضحت المصادر أن «المعايير التي تحدث عنها بري في السابق التي تحدّد الميثاقية في عدد من المواضيع وأهمها التوافق المسيحي غير متوفرة في هذا الموضوع، لا سيما أن هناك توافقاً بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على إدراج قانون الانتخاب على جدول الأعمال».
«التنسيق» تهدّد بالعصيان المدني
وتزامناً مع انعقاد الحوار الوطني وجلسة هيئة مكتب المجلس، نفذت هيئة التنسيق النقابية اعتصاماً في ساحة رياض الصلح، وطالبت في بيان بـ«إدراج سلسلة الرتب والرواتب على جدول أعمال الهيئة العامة».
وحذّرت المسؤولين من أن «الشعب لن يرحم والعصيان المدني على الأبواب إذا لم يتخذوا الخطوات السريعة لتسوية الأوضاع وانتخاب رئيس وانتظام المؤسسات وإقرار سلسلة الرتب والرواتب».