الـ«كوستابرافا» على خطى سرار… غير قابل للمرور

يوسف الصايغ

على خطى مطمر سرار في عكار، يبدو أنّ مطمر الـ»كوستابرافا» في الشويفات لن يبصر النور، لا سيما بعد إعلان رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان رفضه والأهالي إقامة المطمر المذكور ترجمة لرأي أهالي مدينة الشويفات، ولفت إلى أنه بعد التداول لمدة ثلاثة أيام مع المخاتير والبلدية والمشايخ وهيئات المجتمع المدني والفاعليات والأحزاب في الشويفات، وصلنا إلى قرار جامع لأهل الشويفات برفض إقامة مطمر «الكوستا برافا»، مشيراً إلى أنّ «رفضنا ليس من خلفية الرفض أو وضع العوائق أمام الدولة».

أرسلان اعتبر أنّ «الحلّ الوحيد لأزمة النفايات هو ترحيل النفايات من لبنان وهو ما اقترحناه على رئيس الحكومة تمام سلام، لأنّ نفوس اللبنانيين أصبحت مشحونة، ومع الأسف هناك هوة بين المواطن والدولة لأنّ الدولة لم تفِ بأيّ وعد أو عهد»، لافتاً إلى أنّ «تعدّد الآراء من معالجة إلى محارق إلى مطامر سببه الخلل بين المواطن والدولة».

إذاً… ومع تعثر مشروع مطمر الكوستابرافا، ما يعني سقوط خطة إنشاء المطامر الطائفية والمناطقية، يبدو أنّ خطة الوزير أكرم شهيّب دخلت عنق الزجاجة، وعليه عادت المشكلة الى المربّع الأول، بينما بدأ الحديث عن خطة لترحيل النفايات، مع ما يرافق ذلك من أكلاف مادية حيث تشير الأرقام إلى أنّ كلفة الطنّ الواحد قد نحو 250 دولاراً وما فوق، الى جانب التعقيدات التقنية، كما أنه لا يمكن تصدير النفايات التي تساقط عليها المطر وبدأت بالتخمّر، كذلك تحتاج ايّ شركة الى شهر في أقلّ تقدير لفضّ العروض وتوقيع الاتفاقات قبل بدء التصدير.

وعليه يبدو أنّ الأمور عادت إلى مربّعها الأول في ترجمة فعلية للعجز الرسمي عن إيجاد مخرج لأزمة النفايات.

حيدر: لا يمكن الضغط على أرسلان

المسؤول الإعلامي في الحزب الديمقراطي اللبناني جاد حيدر نفى في تصريح لـ«البناء» وجود أيّ ضغوط على النائب طلال أرسلان من قبل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، مشيرا الى أنّ موقف أرسلان واضح برفض لإقامة المطمر، وهذا ما عبّر عنه في مؤتمر صحافي، ولكنه أراد أن يكون القرار نابعاً من إرادة أبناء الشويفات وأهلها، ولهذا السبب عقد أكثر من اجتماع مع فاعليات المدينة وأبنائها للخروج بموقف موحد.

كما يشير حيدر الى أنّ آراء الأهالي تفاوتت بين رافض لإقامة المطمر بشكل جذري، وبين من دعا الى الأخذ برأي الخبراء البيئيّين لمعرفة المزيد من التفاصيل حول عمل المطمر، كما انّ هناك من دعا الى معرفة المدة الزمنية للمطمر المزمع إقامته، وبناء على الآراء المتنوّعة لفت مسؤول الإعلام الى أنّ أرسلان حمل هذا الملف الى طاولة الحوار.

وبينما أشار مسؤول الإعلام في «الديمقراطي» الى أنّ أرسلان عقد اجتماعاً مع المعاونيْن السياسييْن لرئيس مجلس النواب نبيه بري وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، الوزير علي حسن خليل والحاج حسين الخليل، تناول مقترح إنشاء المطمر، لفت الى أنّ الأحزاب تفاوتت مواقفها أيضاً ففي وقت أعلن الحزب السوري القومي الاجتماعي في بيان له رفض إقامة مطمر بأيّ شكل من الأشكال، وكذلك كان موقف الحزب الشيوعي، ألمح الحزب التقدمي الاشتراكي الى إمكانية السير بمشروع إقامة المطمر.

وفي ما يتعلق بموقف بلدية الشويفات لفت حيدر الى أنّ البلدية أعلنت رفضها لإنشاء هذا المطمر، وهي أيضاً تريد أن يكون الموقف صادراً عن أهالي المدينة، ويشير الى أنّ رئيس البلدية ملحم السوقي أعلن موقف البلدية الرافض، واعتبر أنه لا يمكن التعايش مع فكرة وجود مطمر في المنطقة.

بلادي خضرا: لدراسة الجدوى البيئية من إقامة المطامر

من جهته يشير رئيس جمعية بلادي خضرا مهنا البنا في حديث الى «البناء» الى سلسلة المخاطر الكامنة وراء إقامة هذا المطمر، والمتمثلة بزيادة نسبة التلوث في المنطقة التي يتمّ تبرير إقامة المطمر عليها بذريعة أنها معدومة بيئياً، ما يعدّ تبريراً لاستكمال إعدامها مع كلّ ما يترتب على ذلك من نتائج مدمّرة على البيئة والصحة البشرية، حيث أنّ عصارة النفايات سترمى في البحر، ما سيؤدّي الى زيادة تلوّثه بنسبة أكبر، حيث سيُضاف خطر العصارة الى خطر مياه الصرف الصحي، التي يتمّ تفريغها عشوائياً في البحر.

ويتابع البنا: يضاف الى ذلك المخاطر على سلامة الطيران المدني في مطار بيروت الدولي حيث أنّ المطمر لا يبعد عنه الا أمتاراً قليلة، وهذا يتعارض مع قوانين الحماية والوقاية للمطارات والطيران المدني التي تؤكد وجوب الامتناع عن إنشاء مطامر للنفايات على مقربة من المطارات، نظراً لكونها عنصر جذب كبير للطيور، في الليل والنهار، مما يهدّد سلامة الطيران بأكبر المخاطر.

وعليه يرى البنا أنّ أيّ مطمر يجب أن تتمّ دراسة الجدوى البيئية من إقامته، وبالتالي الاعتراض هو على ما يترتب عليه من نتائح سلبية على حياة المواطنين الذين هم بالدرجة الأولى أصحاب الحق في رفض إنشاء المطامر في مكان إقامتهم، وعليه فإنّ الدولة مسؤولة بشكل تامّ عن هذا الشأن، كما أنّ التجارب أثبتت أنّ ما يُعتبر حلاً موقتاً من قبل الدولة يصبح خياراً مستداماً، ومن هنا تأتي المخاوف من إنشاء مطامر تأخذ صفة الآنية لكنها ستتحوّل الى مطامر دائمة بفعل سلطة الأمر الواقع.

من جهة ثانية يتطرّق البنا التى تقنية الفرز من المصدر لافتاً أن لا قيمة فعلية لها، ما لم تتمّ مواكبتها من قبل الجهات المختصة من أجل إتمام العملية بالشكل المطلوب، ويعطي البنا مثلا بما هو حاصل في إحدى بلديات الجبل التي أعلنت أنها أول من بدأ باعتماد تقنية فرز النفايات من مصدرها، ولكن تبيّن من خلال المتابعة أنّ البلدية المذكورة تجمع النفايات التي يقوم الأهالي بفرزها، وترميها بشكل عشوائي في منطقة جبلية من دون الاستفادة من عملية الفرز السابقة، والأسوأ أنها تقوم بحرقها ما يؤدّي الى تفاقم الخطر الناجم عن تلك النفايات.

«القومي»: نرفض إقامة المطمر على مساحة الوطن

من جهتها أكدت مديرية الشويفات في الحزب السوري القومي الاجتماعي رفضها بشكل قاطع إقامة أيّ مطمر في مدينة الشويفات، كما نرفضها على مساحة الوطن، وأننا نعي مدى خطورة انتشار النفايات في الشوارع والمكبات العشوائية، ولكننا نعي أيضاً بأنّ الخطر الأعظم على بيئتنا إقامة هذه المطامر، ورأى البيان أنّ المطامر ليست حلاً بيئياً لأسباب كثيرة منها تلوّث المياه الجوفية إنْ كان المطمر في البرّ، او تلوّث البيئة البحرية انْ كان في البحر، ناهيك عما ينتج عنها من أمراض خطيرة.

واعتبرت المديرية في بيانها أنه ليس من واجب المواطن طرح الحلول، بل هذا يقع ذلك على عاتق الحكومة، وأهاب الحزب بأهل الشويفات وجوارها وكلّ من يهمّه الأمر في الوطن لرفض ايّ محاولة لإقامة مطمر، ورفض تطييف ومذهبة مشكلة النفايات، وندعوهم لتلبية ايّ تحرك يقف في مواجهة هذه الطروحات.

تبريرات شهيّب… لا تنطبق لبنانياً

في معرض تفسيره لخلفية اختيار مواقع المطامر سواء في سرار أو في الكوستابرافا يشير وزير الزراعة أكرم شهيّب إلى أنها مواقع معدومة بيئياً، بمعزل عن أيّ معيار من المعايير أو الشروط والمواصفات البيئية، التي ينبغي أن تتوفر لإنشاء مطمر صحي.

إنّ موقعي سرار في عكار والكوستابرافا في الشويفات لا يتوفر فيهما أيّ من المواصفات، التي تتحدّث عنها كلّ التشريعات العالمية، التي تنظّم تقييم موقع إنشاء مطمر صحي، أولاً لأنّ في لبنان لا توجد طبيعة مؤاتية لإقامة المطامر، فالبلدان التي تعتمد الطمر للتخلص من نفاياتها هي بلدان فيها مساحات كبيرة من الأراضي الجرداء، أو الصحراوية، أو القاحلة، والبعيدة بمئات الكيلومترات عن المدن والقرى والمناطق المسكونة، وهناك لا أحواض مياه جوفية ولا مجاري مياه سطحية يتهدّدها التلوّث والتدهور.

أما في لبنان، فالطبيعة تتميّز بسهولها وجبالها وهضابها المكتظة بالسكان، والقرى والبلدات متصلة بعضها ببعض من دون مسافات تذكر بينها، وفيها الأراضي الزراعية والغابات والأحراج، والبراري والأراضي الخصبة، التي تعوم على بحيرات من أحواض المياه الجوفية والينابيع.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى