وفد النشطاء الأوروبيين: الشعب الأوروبي بدأ يعي المؤامرة على سورية
لمى نوّام
وفد أوروبي ضمّ 32 من الناشطين والنواب والدبلوماسيين، والمنتسبين إلى أحزاب وجمعيات ومنظمات ونقابات وهيئات المجتمع المدني، زار لبنان مؤخّراً ليلتقي شخصيات سياسية لبنانية، إضافة إلى السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي. وذلك تأييداً للمقاومة ولسورية، في وجه ما تتعرّض له من إرهاب منظّم. شاهد أعضاء الوفد عكس ما روّجت له وسائل الإعلام الشريكة في سفك الدم السوري، إذ رأوا أن الحياة طبيعية، والناس يمارسون حياتهم ويقومون بأعمالهم بشكل اعتيادي.
وقالوا إنهم سينقلون ما شاهدوه إلى دولهم وبرلماناتهم، ليكشفوا زيف الإعلام المتآمر على سورية، كما أكدوا أنهم سيكرّرون هذه الزيارة. كما قال أعضاء الوفد الآتين من أوروبا، إنّ زيارتهم هذه تأكيد للعالم أنّ الأوروبيين لا يوافقون حكوماتهم بكل قراراتها وخططها وممارساتها، وإنّ الأوروبيين ليسوا جميعاً أعداء للمقاومة اللبنانية. فهم أتوا ليؤيدوا المقاومة وحزب الله في لبنان، وليؤكدوا أنهم دفعوا ثمن حكوماتهم العدائية، وأنهم خجِلون وبراء من سياسات حكوماتهم الخاطئة التي تدعم الإرهاب، لا سيما فرنسا وإنكلترا وأميركا، هذه الدول التي تلطخت أيديها بدماء الأبرياء في سورية ولبنان.
وكانت «البناء» قد واكبت هذه الزيارة بتفاصيلها كافة، وتنشر اليوم تصريحات لعددٍ من هؤلاء، أدلوا بها إلى «البناء» على هامش جولتهم.
مشاكرة
عارف مشاكرة، الإعلامي الجزائري ورئيس «حركة الشباب العربي» في العالم يقول لـ«البناء»: الإعلام الغربي والأوروبي أصبح يخجل اليوم من تضليل الحقائق والكذب على الجمهور، لأن لا أحد يصدّقهم، الأمور واضحة وضوح الشمس، الرسالة التي يجب أن يفهمها هذا الغرب الصهيوـ أميركي، أن سورية هي من كسرت المعادلة التي خطّطوا لها. ورسالتنا هي شعارنا الجديد أننا انتصرنا وأننا خُلِقنا لننتصِر.
ويضيف مشاكرة: الهدف من زيارتنا دعم الجيش العربي السوري ضدّ الإرهاب، ولدينا لقاءات كثيرة في دمشق، وبعدها سنكمل سلسلة لقاءاتنا في العراق للمشاركة في مؤتمر ضدّ الإرهاب العالمي الذي سيُقام في بغداد.
ويقول: بعض الحكومات الغربية والعربية، في نظرتها إلى الأزمة في سورية، هي في حالة كارثية اقتصادية، وتركع للدول التي تمدّها بالمال، وتتصرّف كالفرنسيين الذين لا يفعلون شيئاً مما يقولون كما اعتدنا عليهم. كما أنّ تقارير الإعلام الغربي مدفوع ثمنها بالملايين التي ضخّتها قطر والسعودية. ولكن الميدان الآن هو الفيصل وله الكلمة، أما الهرطقة السياسية الغربية فسئِمَ منها المجتمع الأوروبي وسئِم منها العالم.
الوريمي
بدوره، قال صياح الوريمي، وهو محام تونسيّ وعضو المجلس الوطني في «حركة نضال تونس»: في الواقع، ثمّة شبه عودة إلى الوعي لدى المواطن الأوروبي بعد انتصارات الجيش العربي السوري وصموده، الأمر الذي دفع المواطن الأوروبي بصفة عامة، أن يعود إلى ضميره، لأن الانتصارات التي حقّقتها المقاومة وكذلك الجيش العربي السوري هزّت العالم. وهنا، ننوّه بما كُتب في صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، أن 72 في المئة من الفرنسيين يريدون بقاء الرئيس الأسد، إيماناً منهم أن لا بديل أقوى منه كقائد، وكذلك احتراماً للشرعية الدولية التي تقول إن الشعوب هي التي تختار من يحكمها.
وأكّد الوريمي أنّ الانتصارات التي يحققها الجيش السوري، انعكست إيجاباً على مستوى الدبلوماسية، وعلى مستوى الحراك السياسي بصفةٍ عامة، ولذلك أصبحنا نحن، كمناصرين للمقاومة وللجيش والقيادة السورية، في موقع قوّة شيئاً فشيئاً، وبتنا نكتسح المجال الفضائي السمعي البصري على المستوى الإعلامي، وكذلك على مستوى الرأي العام العالمي، أصبح الموقف السوري أقوى إعلامياً، بعكس الصورة الضبابية التي كانت في السابق. الآن، لم يعُد هناك حديث عن «ثورة سورية»، إذ أصبح لسان حال الناس في كل العالم الحربً على الإرهاب، هذا استراتيجياً له تأثير كبير على مستوى تغيير الرأي العام العالمي والأوروبي بصفة خاصّة، نحو الشرعية الدولية.
وختم الوريمي: في تونس، عندما كنّا ندحر ما يسمّى «الإسلام السياسي»، كنّا ننتصر لسورية، لأن في انتصار القوى الوطنية ورعاة الدولة الوطنية في تونس أو في الجزائر، انتصار للدولة السورية وقيادتها وجيشها الأبي.
خوري
أما رويدة خوري، المواطنة السورية التي تحمل الجنسية الفرنسية، والعضو في جمعية «مغتربون من أجل سورية» فقالت: أصبح هناك وعي، وعملنا كنشطاء ساهم في نشر الوعي، وفي الوقت نفسه، الشعب الفرنسي أصبح لا يُصدّق الأخبار الكاذبة والمضلّلة للحقيقة، التي تقول إن الشعب السوري مقموع من قِبل القيادة السورية. فهم يُشاهدون تطوّر «داعش» و«النصرة» وما يُسمّى «معارضة معتدلة»، وأصبحوا يتساءلون: من أين جاءت تسمية «معتدلة»«، واتضحّ لهم أن من وراء هذه الأكاذيب، أهداف سياسية واقتصادية لتدمير الحكومة السورية.
الصيداوي
كما قال رياض الصيداوي، وهو مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية في جنيف، إن المسألة ليست سهلة، لأن الإعلام عادةً تُسيطرعليه الدول المقرّبة من «إسرائيل»، وعالم المال أيضاً. لكن هناك شخصيات أوروبية استطاعت أن تُحطّم جدار الصمت، ومنهم وزير الخارجية الفرنسية السابق لوران دومان، الذي قال إن هناك مؤامرة تُحاك على سورية، وأن الأميركيين والبريطانيين استدعوه على أساس أن تُشارك فرنسا في إعداد قوّات مقاتلة ضدّ سورية.
وأكّد الصيداوي: من ناحيتي، أحاول دائماً أن أعتمد على تصريحات مسؤولين غربيين كبار في ما يتعلّق بـ«داعش» والإرهاب، على سبيل المثال، إيف بونيه رئيس الاستخبارات الفرنسية الداخلية السابق، يقول في صحيفة «لوموند» «إنّ قطر والسعودية تموّلان «داعش» والإرهاب، ولدينا مشكلة حقيقية مع هاتين الدولتين».
وأشار الصيداوي إلى أنهم كمركز أكاديمي، يوثّقون هذه التصريحات ويعتمدون عليها للتحليل. ولكن الغريب في الأمر، أن وسائل الإعلام الكبرى لا تُبرز هذه التصريحات في الصفحات الأولى، أو في مقدّمات نشرات الأخبار، لتُصبِح حديث الإعلام. فهي تتعمّد التعتيم الإعلامي، على رغم أنّها وردت على أعلى مصادر. ويقول: لكننا كمركز أبحاث علميّ أكاديميّ، نحاول أن نعتمد على هذه التصريحات لنبيّن للعالم من يُموّل الإرهاب، ولماذا تُستهدف سورية في المنطقة.
ويضيف: ثمة تطوّر الآن على مستوى الرأي العام الأوروبي إزاء المسألة السورية. الشباب الأوروبي أصبح يبحث عن الحقيقة في عالم التواصل الاجتماعي ويبتعد عمّا يقوله الإعلام الرسمي في بلاده، لأن الحقيقة لا تُقال دائماً في نشرة الثامنة الرئيسية في التلفزيونات الأوروبية. الشباب يبحثون عن الحقيقة بأنفسهم عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، وعن طريق الصحف إلكترونية، وما يُسمّى بالإعلام البديل.
وشدّد الصيداوي: أصبحت الصورة الآن أكثر وضوحاً، وبدأت الأصوات ترتفع وتقول إن الوهابية السعودية ـ القطرية هي التي تُموّل الإرهاب، هي التي تتآمر على سورية، وأنّ السعوديين والقطريين آخر من يتكلّم عن الديمقراطية لأنهم لا يتمتعون بأي شكل من أشكال الديمقراطية المعاصرة. فكيف لهذه الدول أن تجرؤ وتتحدث عن الديمقراطية في سورية.
وختم الصيداوي قائلاً: ثمة وعي بدأ ينتشر وبدأت الصورة تتغير، وكذلك بالنسبة إلى الرأي العام العربي في منطقة المغرب. فالمؤامرة أُعدّت منذ سنوات ضد سورية.
لوي
النائب البلجيكي السابق لوران لوي المعروف بمواقفه المناهضة للصهيونية العالمية، والتي كلّفته خسارة مقعده النيابي في الدورة الأخيرة، صّرح لـ«البناء» قائلاً: الأوروبيون على المستوى السياسي تأتيهم الأوامر تأتيهم من أميركا، خصوصاً أن أزمتهم الاقتصادية هي التي حتّمت عليهم أن يخضعوا للأقوى، وللذي يضخّ عليهم الأموال، لا سيما الأموال الخليجية.
وأكّد لوي: السياسة الأوروبية غير مقبولة، إذ رجعت بتوجهاتها هذه إلى المنحى الاستعماري الذي كانت تؤدّيه قبل قرن من الزمن، وتريد تقسيم المقسّم، لا سيما في الشرق الأوسط لأنه منبع الخيرات التي تسدّ أيّ ثغرات اقتصادية في أوروبا الآيلة إلى الانحدار نحو درجات يُرثى لها.
فرنوشيه
وقال الكاتب والصحافي الفرنسي جان ميشال فرنوشيه: الرأي العام الأوروبي كان متأثّر جدّاً بالإعلام الغربي الذي يحارب سورية، ما جعل الرأي العام الأوروبي غير مساندٍ للقضية السورية. لكننا الآن نلاحظ شبه انقلاب من ناحية هذا الرأي العام، الذي أصبح يساند المسألة السورية، لكنّ الأمور ما زالت في البدايات. ونحن كناشطين مساندين للقضية السورية، أصبحنا نغزو الرأي العام الجديد، لدرجة استقطاب كثيرين إلى صفّنا.
وأكّد فرنوشيه أن ضغوطاً كثيرة كانت تمارَس على الرأي العام الأوروبي، وذلك من قبل وسائل الإعلام الغربية الرسمية، وهذه الضغوط كانت قوية جداً، إذ إنّ الإعلام الغربي لم يترك المجال لصورة المسألة السورية أن تتبلور. وما نعمل عليه اليوم، تخفيف ضغط الإعلام الرسمي عبر نشاطات المجتمع المدني وعبر الإعلام البديل.
جمال
وقال الصحافي الجزائري الفرنسي قاسم جمال، وهو رئيس جمعية إنسانية تهتم بإعادة تأهيل الشباب الذين ذهبوا إلى القتال في سورية: الرأي العام الأوروبي إزاء المهجّرين السوريين منقسم بين مؤيد ومعارض، فثمة متضامنون مع المهجّرين المتدفقين إلى بلادهم، وثمّة من يعارض هذه المسألة. وهذا الموضوع مستغلّ من قبل المتطرّفين اليمينيين، الذين يفتقرون إلى الشعبية في الانتخابات، فيحرّضون على هذا الموضوع.
ولفت جمال إلى أنّ الذين أرادوا مساعدة الشعب السوري، هم أنفسهم وقعوا في فخ نصبوه بأنفسهم، لأنهم هم أنفسهم، في البداية اتخذوا موقفاً صامداً وقويا إزاء ما يسمّى «المعارضة السورية». لذلك، لا يمكنهم اليوم أن يتملّصوا من استقبال المهجّرين من الشعب السوري. وفي الوقت نفسه، لا يستطيعون استقبالهم.