«دار الجندي» ـ فلسطين الأفضل عربياً
حصلت «دار الجندي» المقدسية للنشر والتوزيع، على جائزة أفضل دار نشر عربية، ضمن الفائزين بجوائز الدورة الرابعة والثلاثين لمعرض الشارقة الدولي للكتاب. وذلك برعاية سلطان بن محمد القاسمي، حاكم إمارة الشارقة، والتي تهدف إلى تكريم الإبداعات الفردية والجماعية المؤثّرة بعالم الثقافة.
أُسّست «دار الجندي» كمؤسّسة ثقافية مقدسية، في آذار 2011، وبرنامج عملها نابع من رؤيتها في الحفاظ على الهوية الثقافية، من خلال مدّ جسور التواصل الثقافيّ محليا وعربياً، والتركيز على أنّ القدس عنوان للثقافة الفلسطينية ـ العربية. وتعمل الدار على تحقيق ذلك عبر نشر الكتاب الفلسطينيّ، إضافة إلى كتب بعض المؤسسات الفلسطينية التي تمثّلها الدار، وذلك من خلال المشاركة في المعارض الدولية، إذ شاركت الدار في جميع المعارض في العالم العربي، وكانت حاضرة باستثناء معرضَي اليمن ولبنان بسبب تزامنهما مع معارض أخرى.
تعمل الدار حالياً على استقطاب الكاتب العربيّ لإصدار كتابه في فلسطين، إيماناً منها بأن فلسطين دولة عربية قائمة لها مقوّماتها وقادرة على الإنتاج الفكري والثقافي، حتى لو كانت ترزخ تحت الاحتلال. وأصدرت الدار خلال هذه السنة كتباً لمؤلفين من: سورية، المغرب، مصر، تونس، العراق، الجزائر، والإمارات العربية المتحدة. كما تنوعت المواضيع التي تناولتها في النشر: كتب إسلامية، كتب التربية والعلوم، اللغة العربية، دراسات وأبحاث، قانون، سياسة وتاريخ، أدب، روايات، قصص وشعر ، وقصص للأطفال.
على الصعيد المحلي، أطلقت الدار عدّة برامج ثقافية، وكان تركيزها على الفئة الناشئة والأكثر حساسية في المجتمع، فتوجهت إلى الطلبة والمدارس من خلال فعاليات تعزّز عادة القراءة لدى الطالب، وتساهم في السموّ بثقافة الطالب الفلسطينيّ بما يتناسب مع حجم التحدّيات لفلسطين اليوم والغد.
ونظّمت الدار برنامجاً ثقافياً أطلقت عليه اسم «معرض الكتاب المقدسيّ». وهو أشبه بالمكتبة المتنقلة، إذ تقيم الدار معارض كتاب في كافة المؤسسات التعليمية والأكاديمية والمؤسسات ذات الصلة، وتوجّهت إلى المناطق النائية والمهمّشة. والغاية من إطلاق هذا الاسم، السعي إلى أن يصبح معرض الكتاب المقدسيّ متعارفاً عليه من قبل الطلبة سنوياً، وإعطاء الطابع المقدسي للبرنامج بحيث تبقى القدس محتفظة بمكانة العاصمة الفاعلة والمؤثرة في الميدان. وأقامت الدار خلال أربع سنوات في فلسطين 44 معرضاً في أنحاء فلسطين التاريخية، بما فيها النقب المحتلّ والعراقيب، إضافة إلى الجولان المحتلّ.
كما أن الدار لم تنسَ أثر الكاتب الفلسطيني في مجتمعه وثقافته، فأطلقت برنامجاً ثقافياً عنوانه «كاتب من فلسطين». إذ تقوم الدار بالتنسيق مع المدارس والمؤسسات المعنية لتنظيم لقاءات بين الطلبة والكتّاب سعياً منها إلى كسر الحاجز بين الطالب والثقافة. كما تسعى إلى مدّ جسور التواصل بين الكاتب والمجتمع، بحيث يصبح الكتاب مرآة لقضايا الإنسان في فلسطين. وساهمت الدار أيضاً في برامج التفريغ النفسي للطلبة من خلال فعاليات وأنشطة دورها توجيه بوصلة الطالب باتجاه واقع قضيته.
وساهمت «دار الجندي» في إنشاء نواة مكتبات في مناطق مختلفة في الوطن بما فيها غزّة. وحقّقت جزءاً من رؤيتها بمساعدة بعض الكتّاب الفلسطينيين الذين أعطوا من أوقاتهم ومن جهودهم للطلبة، متطوّعين إيماناً منهم برسالة مشتركة تجمعنا، وواجب اتجاه قضية تاريخية هي أمانة يحملها المثقف الفلسطيني.
وعلى رغم أنّ «دار الجندي» مؤسسة خاصة، إلا أنها لا تستطيع سلخ نفسها عن جوهر قضيتها، فسعت إلى التواجد عربياً ومحلياً كمؤسسة فلسطينية مقدسية. وعلى رغم أنّ هذه الدار لم تحصل خلال مسيرتها على أيّ دعم أو مساهمة مالية من أيّ جهة رسمية أو مؤسسات غير ربحية محلياً أو دولياً، وعلى رغم تقديم العروض لها، إذ ترفض الدار أيّ مساهمة باستثاء الشراكة في طباعة كتاب، إيماناً منها بأن روح العمل لأجل رسالة هو ما نحن بحاجة إلى تكريسه. ومع ضعف الإمكانيات والتحدّيات التي تواجها في النقل عبر حدود الدول الأخرى، تنافس الدار اليوم لتصبح في مصاف دور النشر العربية، إذ حصلت على جائزة أفضل دار نشر عربية، متقدّمة على دور نشر عربية عريقة كـ«الفارابي»، و«العلم للملايين»، و«مكتبة الاسكندرية»، و«المكتبة الوطنية القطرية»، و«دار وائل» الأردنية، وذلك بجهود القائمين عليها وبجهود كتّابها المنتمين إلى الوطن.
وللمرة الأولى، تحصل دار نشر فلسطينية على هذه الجائزة في هذا المحفل الثقافي الذي يعتبر من أضخم المحافل العالمية، لا العربية فقط، والذي يبلغ عمره 34 سنة.
في فلسطين ما يستحق الحياة، في فلسطين الإنسان القادر على العطاء، وفي فلسطين الإنسان الذي يستحق العطاء. حلم أصبح فكرة، وفكرة أصبحت عملاً، وعمل أصبح إنجازاً للوطن.
وتعمل الدار الآن على دراسة برنامج ثقافي محلي وعربي بعنوان «تعالوا أحكي لكم عن فلسطين»، من وحي كاريكاتير الفنان الفلسطيني الشهيد ناجي العلي.