دي ميستورا يُمهِل المعارضة بتفويض من كيري ولافروف لنهاية العام: الحرب على «النصرة» وقبول المنافسة الانتخابية شروط الشراكة بالحوار
كتب المحرر السياسي
المسار المتسارع الذي رسمه بيان فيينا يبدو من البداية مختلفاً عن مسار جنيف الذي مات ودُفن في فيينا، ودُفنت معه أحلام الأخضر الإبراهيمي بتنحّي الرئيس السوري، وأحلام النموذج الملهِم للطائف اللبناني التي ورثها عنه خلفه ستيفان دي ميستورا، فسورية على إيقاع انتصارات الجيش السوري وحلفائه تتجه لحسم معارك الشمال، والتغيير الذي بدأ مع ترجمة حلف الأربعة زائداً واحداً، روسيا وإيران وسورية والعراق ومعهم حزب الله، لقرار الهجوم المعاكس، يتواصل بفرض وقائعه مع فتح طريق حلب دمشق عبر ريف حماة، ومع بلوغ الجيش السوري نقاطاً متقدّمة في زحفه لفك الحصار عن ثلاثي محاور، مطار كويرس وجبهة نبل والزهراء، وجبهة الفوعة ــــ كفريا، سيكون لحلب فرصة التنعّم بتدفّق آلاف المقاتلين من هذه الجبهات لتسير معركة يتم حسمها بسرعة تتزامن مع نجاح وحدات الجيش التي تقاتل في ريف اللاذقية وسهل الغاب بملاقاة القوات التي تخوض معارك ريف حلب وصولاً لفتح الطريق الرئيسي لحماة حلب مروراً بإدلب ومعرة النعمان وسراقب، وهذا يعني عملياً إحداث تغيير جوهري في مجرى الصراع العسكري الذي أراد بيان فيينا ملاقاته، بصيغة تسمح للقوى الدولية والإقليمية المشاركة في فيينا بالوقوف على أرضية يمكن قبولها من حلف المنتصرين.
التسارع السياسي على إيقاع التسارع العسكري ترجمه تفاهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري بتفويض المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بدء اتصالاته، انطلاقاً من تحمّل الأمم المتحدة مسؤولية حسم الملف الحاسم في ترجمة بيان فيينا إلى حوار سوري ـــــ سوري بتصنيف التنظيمات العاملة على الأرض السورية سياسياً وعسكرياً بين: تنظيمات إرهابية يجب خوض الحرب ضدّها وحظر التعامل معها، وبين تنظيمات يمكن وصفها بالمعارضة المعتدلة ويجب إشراكها في العملية السياسية تحت شعار أولوية الحرب على الإرهاب، والمرشحين للمشاركة في الحكومة التي يُفترض أن تضمّ المعارضين الذين يرتضون هذا المفهوم لتشخيص مصادر الخطر وأشكال المواجهة.
وقالت مصادر متابعة في موسكو لـ»البناء» إنّ تسهيل المهمة في الفرز بين المعارضة والإرهاب والذي يجب أن ينتهي قبل نهاية العام، بلوائح اسمية واضحة ودقيقة لا تترك فصيلاً بلا تصنيف، ولا مرجعية أو واجهة سياسية لا تدرج في إحدى اللائحتين، معارضة وإرهاب، يتبلّغها رسمياً جميع المشاركين في لقاء فيينا وسيطلب إليهم التصرف بموجبها في اللقاء الثاني، سيقوم على حصر الأسئلة الموجهة إلى رموز وفصائل المعارضة، بسؤالين، الأول يختصر مسألة أولوية الحرب على الإرهاب، وهو: هل تعتبرون «جبهة النصرة» فصيلاً إرهابياً يجب قتاله؟ وهل أنتم مستعدّون لقول ذلك في بيان سياسي علني وترجمة ذلك بمطالبة من تسمّونهم فصائل معارضة مسلّحة بالتقيّد بالانضمام إلى هذا الخيار؟ وهذا السؤال سيكون كافياً لحسم مَن هي القوى الجاهزة للمشاركة في العملية السياسية، لأنّ «النصرة» مصنّفة كتنظيم إرهابي على لوائح الأمم المتحدة من جهة، ولأنّ تصنيف «داعش» صار شماعة للتهرّب من تصنيف «النصرة» من جهة ثانية. وأخيراً لأنّ «النصرة» هي أشدّ التنظيمات الإرهابية تغلغلاً في صفوف المعارضة وحسمها يهوّن حسم ما سواها، وهكذا سيُتاح تصنيف المستجيبين لهذه الدعوة كفصائل للمعارضة المعتدلة، وبالتالي تصنيف الباقي الذي يتمسّك بعلاقته بـ»جبهة النصرة» على لوائح الإرهاب. والسؤال الثاني بناء على الجواب على السؤال الأول إيجاباً، هل تعتبرون أنّ أولوية الحرب على الإرهاب كمصدر خطر على السوريين والعالم تستدعي ارتضاء القبول بعملية سياسية تستند إلى المنافسة الانتخابية؟
المصادر تقول: إنّ القوى والشخصيات التي ستجيب إيجاباً على هذين السؤالين ستحجز مقعداً لها على مائدة جنيف الثالث، والذين يصرّون على أولوية القتال ضدّ الدولة السورية ويرون «جبهة النصرة» حليفاً سيصنّفون على لوائح الإرهاب فتكون الخطوة التالية مطالبة المشاركين في فيينا الثاني وقف كلّ أشكال العلاقة مع هذه القوى والشخصيات، ووقف التمويل والتسليح والدعم الإعلامي والإسناد الجغرافي والإيواء والتعامل الديبلوماسي، وسيكون متاحاً بعد ذلك الذهاب لتشكيل حكومة وحدة وطنية تنبثق من الحوار السوري ــــ السوري، ليتبعها إلغاء العقوبات التي فرضت على سورية وإعادة العلاقات الديبلوماسية معها وتمكينها من المزيد من عناصر القوة للفوز بالحرب على الإرهاب تمهيداً للانطلاق بالعملية السياسية التي تشكل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة عنوانها الأبرز.
في بيروت اختتمت جولة الحوار التي جمعت قيادات حركتي فتح وحماس، بعدما تعذّر ذلك في القاهرة والدوحة والرياض وعمّان، وساهمت نداءات رئيس مجلس النواب نبيه بري في تشجيع الفريقين عبر اتصالات شملت الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل على المجيء إلى بيروت، لإدارة حوار يُسهم بتوحيد الصفوف الفلسطينية في ضوء الانتفاضة التي تشهدها فلسطين، وأمام حجم الوحشية التي يُبديها الاحتلال، وتوّجت المساعي بقدوم وفود قيادية من الفريقين أدارت حواراً استمرّ لمدة أسبوع وكانت الخطة الأمنية لمخيم عين الحلوة من نتاجه بينما كان الحوار اللبناني بمستوياته البرلمانية والسياسية والسعي لتزخيم العمل الحكومي من بوابة حلّ أزمة النفايات وتزخيم العمل البرلماني من بوابة الجلسة التشريعية، لا يزال شغل بري الشاغل دون أن تنتقل إلى اللبنانيين العدوى الفلسطينية.
بري يدعو إلى جلسة عامة وعون ينتظر أجوبته
ولأنّ استئناف العمل التشريعي بات أكثر من ضرورة للبلد في ظلّ المحاذير المالية، ولأنّ الميثاقية التي يُفترض أن تتوفر في النصاب ليست للتعطيل، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة تشريعية عامة الحادية عشرة قبل ظهر الخميس المقبل 12 تشرين الثاني الحالي ومساء اليوم نفسه، وبعد ظهر يوم الجمعة في 13 منه، لدرس وإقرار مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال.
وفيما لا يزال مصيرها معلقاً على توفر «الميثاقية المسيحية» أكد بري أنّ الوضع لا يمكن أن يستمرّ على ما هو عليه في ظلّ المحاذير المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تتفاقم يوماً بعد يوم. وقال، كما نقل عنه نواب لقاء الأربعاء، «آن الأوان لأن نلتفت جميعاً إلى مصلحة البلد ونتحمّل مسؤولياتنا»، موضحاً «أنّ الميثاقية تعني بالدرجة الأولى الحفاظ على الوطن والمواطن لا زيادة الانهيار».
من جهته أكد أمين سرّ تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان لـ«البناء» أنّ التكتل لا يطالب فقط بإدراج قانون الانتخاب واقتراح القانون باستعادة الجنسية للمتحدّرين واقتراح استفادة البلديات من الضريبة على القيمة المضافة على الاتصالات الخلوية على جدول الأعمال، إنما يطالب بإقرار هذه الاقتراحات، وسنسعى إلى إقرارها نظراً لأهميتها وننتظر أجوبة حول التصويت لمصلحتها من رئيس المجلس النيابي».
«المستقبل» يتريّث.. الميثاقية مطاطة
وشدّد النائب عمار حوري في تصريح لـ«البناء» على «أن لا مصلحة لأحد بمقاطعة الجلسة العامة التي يتضمّن جدول أعمالها 40 بنداً تتعلق بأمور مالية وباستقرار الوضع النقدي وبمصلحة لبنان»، متمنياً «أن تحضر جميع الكتل المسيحية». وإذا أشار إلى «أنّ الاتصالات مستمرة مع حزب القوات لحضور الجلسة»، شدّد حوري على «أنّ كلمة الميثاقية مطاطة جداً، وأنّ الغياب المسيحي مأزق حقيقي على مستوى البلد». ورفض حوري تحديد موقف «المستقبل» من حضور الجلسة أو من عدمه في غياب نواب «القوات» و«الكتائب» والتيار الوطني الحر، مشيراً إلى «أنّ تيار المستقبل سيقيّم الوضع»، مع تأكيدنا «أنّ توصية صدرت بالإجماع في جلسة التمديد للمجلس أنه لا يجوز إقرار أيّ قانون انتخابي قبل انتخاب رئيس للجمهورية».
«النفايات» إلى نقطة الصفر وعرضٌ بمحرقتيْن حديثتيْن
إلى ذلك عادت أزمة النفايات إلى نقطة الصفر بعد فرط خطة الوزير أكرم شهيّب التي لم ترَ النور، ليعود الحديث عن تصدير النفايات إلى الخارج والدوران في حلقة مفرغة. وأكدت مصادر وزارية لـ«البناء» أنّ اللجنة المكلفة إيجاد حلّ للنفايات غير مكلفة البحث في خيار التصدير، مشيرة إلى «أنّ المرحلة المستدامة من خطة الوزير شهيّب ستستكمل البحث لاستحداث مطامر صحية للنفايات».
ولهذه الغاية عرض رئيس الحكومة تمّام سلام مع الوزير شهيّب ومع وزير الأشغال غازي زعيتر التعقيدات التي تُعيق حلّ ملف النفايات. والتقى وزراء حزب الكتائب ألان حكيم وسجعان قزي ورمزي جريج، ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس للغاية نفسها.
وأكد قزي لـ«البناء» أنّ «ملف النفايات عاد إلى نقطة الصفر»، ولفت إلى «أنّ خطة شهيّب انتهت والبحث يتمّ حالياً في خيار الترحيل». ورأى قزي «أنّ دعوة مجلس الوزراء للانعقاد لم تعد واردة في الوقت الحاضر»، مشيراً إلى «أنّ رئيس الحكومة قرر التريّث قبل مكاشفة الناس بالحقائق والوقائع».
ورأى جريج بدوره لـ«البناء» «أنّ خيار الترحيل عاد إلى الواجهة بعد أن تعذّر إيجاد مطامر بسبب الخلافات السياسية غير البريئة». وإذ أشار إلى «أنّ إيجاد مواقف parking للنفايات أو وضعها في بواخر في عرض البحر لمدة معينة دونه عقبات، لفت إلى أنّ دولاً عديدة كإيطاليا وألمانيا وسورية أبدت استعدادها لاستقبال النفايات وقدّمت عروضاً لشرائها بسعر يتراوح بين 90 و150 دولاراً».
ولفت وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس إلى «أنّ النفايات القائمة غير صالحة للتصدير، لأنها تخمّرت»، مشيراً إلى أنّ «رئيس الحكومة أكدّ أنّ كلفة الترحيل باهظة جدّاً، وأنّه منزعج من رفض خطة الوزير شهيّب».
وأشار رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بحسب ما علمت «البناء» الى «أنه حوّل عرضاً إلى رئيس الحكومة ويقضي بإقامة محرقتين في لبنان بمواصفات حديثة جداً، على أن يتمّ التعاقد مع الحكومة اللبنانية على قاعدة B.O.T، أيّ أنّ الدولة تتولى كنس النفايات وجمعها، فيما تتولى نقلها الشركة المتعهّدة تنفيذ المنشآت وإقامة المشروع، وأنّ هذه العملية تكلف مئة دولار للطنّ الواحد موزعة مناصفة بين الكنس 50 ، والنقل 50 ، أما الشركة المتعهّدة فتغطي نفقاتها وأرباحها من بيع الكهرباء إلى المواطنين بتسعيرة كهرباء لبنان نفسها».
إلى ذلك يزور عضو الكونغرس الأميركي النائب الجمهوري مايك بومبيو لبنان الأسبوع المقبل، حيث يلتقي عدداً من القادة السياسيين عارضاً معهم الوضعين السياسي والأمني على الصعيد المحلي، كما يبحث معهم التطورات في سورية والمنطقة.
الأحمد: تعزيز القوة الأمنية
وغادر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والمشرف على الوضع الفلسطيني في لبنان اللواء عزام الأحمد إلى رام الله عن طريق الأردن، بعدما أمضى أسبوعاً في لبنان التقى خلاله القيادات العسكرية والأمنية والسياسية اللبنانية وقيادات منظمة التحرير الفلسطينية في سفارة فلسطين في بيروت. ولفتت مصادر فلسطينية لـ«المركزية» إلى «أنّ الأحمد شدّد خلال لقاءاته مع القيادات الفتحاوية على أهمية تحصين مخيم عين الحلوة وضرورة قيام الأمن الوطني الفلسطيني بمهامه الأمنية في حماية المخيم وتفعيل دور القوة الأمنية المشتركة لمواجهة المخاطر المحدقة بالمخيم من أجل منع تمدّد القوى الإرهابية في المخيم، والعمل قدر الإمكان على تحجيمها»، مؤكدة «أنّ الأحمد أعطى الأوامر بضرورة تدريب ضباط وعناصر الأمن الوطني الفلسطيني في مخيم عين الحلوة وتأهيل مَن يجب تأهيله وزيادة عديد القوة الأمنية المشتركة لتكون على أهبّة الاستعداد لإحكام القبضة على قرار مخيم عين الحلوة».