نصرالله: لو أُرسل الانتحاريون إلى فلسطين لزالت «إسرائيل»
أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أنّ «إسرائيل» ليست نتاج مشروع صهيوني فقط، وإنّما نتاج إرادة دولية وما زالت تحظى بدعم أميركي ودولي، معتبراً أنّ هذا الكيان يمثّل الخط الأمامي لقوى الاستكبار والاستعمار العالميّين التي تستهدف منطقتنا.
وإذ أشار إلى أنّ «أمّة المليار مسلم تتعاطى بطريقة سلبية وفاشلة مع القضية الفلسطينية» أكّد أنّه «لو أُرسل الشباب الذين ينفّذون عمليات انتحارية في العراق وأفغانستان وباكستان وسورية ونيجيريا ولبنان واليمن، إلى فلسطين لكانت تحرّرت».
كلام السيد نصر الله جاء خلال كلمة له خلال الملتقى العلمائي الدولي لدعم فلسطين ، واستهلّها بشكر «الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة على عقد هذا اللقاء، وفي هذا الوقت بالذات، للتعبير عن الدعم والمساندة والتأييد للانتفاضة الشريفة المتجدّدة في فلسطين»، لافتاً إلى أنّ «عناصر المقاومة الذين يتواجدون في الميدان يحتاجون إلى كلّ شكلٍ من أشكال التعبير الداعم، والذي يُشكّل عامل مساندة وتقوية لأولئك الذين في الميادين، والذين يواجهون خطر الشهادة».
روح جهادية عالية
ورأى نصرالله أنّنا «أمام مرحلة تاريخية من مصير الشعب الفلسطيني، فما يجري اليوم يعبّر عن روح جهادية عالية وراقية»، لافتاً إلى «أنّنا أمام عمليات استشهادية يومية أو شبه يومية، فعمليات الطعن أو الدهس غالباً ما تنتهي بالشهادة، وعندما نجد عدداً كبيراً من العمليات فإنّ هذا يُعبِّر عن اليقين والإيمان الذي يمكن أن يدهش العالم»، مشيراً إلى أنّ «السلاح المستخدم السكين أو السيارة، لا يحتاج إلى دعم لوجيستي وتعقيدات أو تمويل كبير، ولا تستطيع أي سلطة احتلال أو حكومة جمع هذا النوع من السلاح من أيدي الناس، ولا يمكن منع الناس من الحصول عليه. وهذا يدلّ على أنّه عندما تتوفر الأداة يحضر الإبداع».
وأكّد أنّ «الانتفاضة الجديدة فاجأت الصهاينة والعالم أيضاً، ونجد الصهاينة يتلاومون، لأنّ هذا الأمر لم يكن في صلب توقّعاتهم»، مشدّداً على أنّ «هذه الانتفاضة أدخلت الرعب والخوف إلى كيان الصهاينة على أوضاعهم الاقتصادية المهمة جداً جداً لهم، وأنتم تتابعون انعكاسات هذه العمليات على كيان العدو وعلى الشعب المستوطن والمحتلّ لفلسطين، أما بالنسبة للفلسطينيّين، فلا شيء يتغيّر، وهم لا يحمّلون أنفسهم أعباءَ إضافية فوق ما يتحمّلونه منذ سنين».
وأوضح أنّ «ما يجري لا يُعبّر عن إحباط، كما يحاول العدو والبعض في العالم العربي التسويق له، فما يجري اليوم على أرض فلسطين من هذا الجيل الشاب يُعبّر عن وعي كبير في خيار المواجهة»، معتبراً أنّ «هذه الانتفاضة تضع الأمة جميعاً من جديد أمام مسؤولياتها تجاه فلسطين والأقصى». ورأى أنّه «يجب أن ننظر إلى الشعب الفلسطيني نظرة مختلفة وصحيحة بأنّه يجاهد ويقاتل كممثّل عن هذه الأمة وكحاضر في الخط الأمامي في الدفاع عن حاضر الأمة ومستقبلها». وأشار إلى أنّ «المقاربة الخاطئة تقول إنّ المشكلة إسرائيلية فلسطينية، وعلى من يقاتل «إسرائيل» أن يُسأل لماذا تقاتل نيابة عن الفلسطينيين؟ هل المطلوب أن تظهر فلسطينياً أكثر من الفلسطينيين؟»، وقال: «الأمة لا تقاتل نيابة عن الفلسطييين إنّما عن نفسها وعن المقدّسات فيها، كذلك المقدّسات المسيحية»، مشدّداً على أنّ «الفلسطينيّين يدافعون عن هذه الأمة منذ عشرات السنين».
سلاح أميركي جديد إلى «إسرائيل»
وأضاف: « نرى اليوم في هذه المعركة أنّ الفريق المقابل حاضر بقوة، فالعدو «الإسرائيلي» يحظى بكلّ أشكال الدعم، وإذا كان من صوت ما يجد مساحة واسعة، يسعى لإسقاطه كما الحال مع قناة الميادين»، لافتاً إلى أنّ «إسرائيل تعتبر أنّ من واجب العالم أن يدعمها لأنها تدافع عن مصلحتها في هذه المنطقة»، مشيراً إلى «حديث عن مساعدات عسكري من أميركا قيمتها 5 مليارات دولار بدلاً عن الاتفاق النووي مع إيران »، معتبراً أنّ «التقييم بشكلٍ عام لمعسكر الأمة تقييم سلبي، ولستُ بصدد جلد الذات، إنما بصدد البحث عن الأسباب، لأنّ المعركة باقية ومستمرة ولا تقف عند قيادات مُعيّنة أو جيل معين»، مشدّداً على أنّ «أمة المليار مسلم تتعاطى بطريقة سلبية وفاشلة مع هذه القضية».
ولَفَتَ السيد نصر الله إلى أنّه «قبل خمس أو ست سنوات لم يكن هناك أحداث في بلدان المنطقة، ولم تكن هناك تهديدات جديدة ولا حروب جديدة ولا جو طائفيٌ ومذهبي حادٌ، ولا اتهام المقاومة بالتواطؤ في بعض الأحداث، وكانت «إسرائيل» موجودة وهم يقاتلونها، ماذا رأينا من العالم العربي في الاجتياح «الإسرائيلي» الواسع للبنان في العام 1996، وفي حرب تموز 2006، ماذا رأينا؟ تعاطفاً؟ العدوان على غزة في العام 2008، وصولاً إلى الحرب الأخيرة، لم يكن هناك مشكلة، أين كان العالم العربي والإسلامي؟ ما عدا بعض البلدان والجهات التي كانت داعمة»، مشدّداً على أنّ «هذا الأمر يتطلّب وقفة، ولا شكّ أنّ الأحداث الجديدة زادت الخسائر لأنّ كثيرين ممّن كان يمكنهم أن يبذلوا جهداً أو دعماً لوجيستياً للفلسطينيين شغلتهم معارك أخرى للحفاظ على الكيانات»، متسائلاً: «أين كنّا نجد، أحياناً، أمام أي حادث، من يقف ويهدّد بالمليار مسلم؟ فلسطين محتلة لماذا لم تهدّدوا بالمليار مسلم، ما هي الأسباب؟»، مشيراً إلى «وجود اقتناع في العالم العربي والإسلامي امتدّ إلى متديّنين وإسلاميين يقول إنّ المسؤولية هي مسؤولية الشعب الفلسطيني، لا مسؤوليّتنا، ووصل الأمر إلى تنظير فقهي لا يستند إلى أي دليل شرعي حقيقي، يحاول أن ينظّر على هذه الفكرة، وعلى الشعب الفلسطيني حلّ الأمر بنفسه»، موضحاً أنّ «هناك الكثير من الناس والشعوب باتَ لديها قناعة بأن لا تكليف شرعياً أو واجبَ دينياً من جانبها إزاء فلسطين، وهذا نتيجة التضليل خلال العقود من الزمن، ما يستلزم جهداً علمائياً مع الناس»، ذاكراًَ أنّ «السبب الثاني هو اقتناع الناس بأنّ «إسرائيل» لم تعدْ تمثّل خطراً على الحكومات في لبنان وسورية، وهذه القناعة موجودة عند الكثير من العامة والشعوب. و«إسرائيل» لا تستطيع أن تبقى في جنوب لبنان وفي غزة، «إسرائيل» هذه سقطت، إنما «إسرائيل» التي تحاصر فلسطين ما تزال موجودة وتشكّل خطراً. و«إسرائيل» لها أطماع وأهداف خطرة».
وتطرّق إلى مسألة «الاشتباه في معرفة العدو والصديق، وهنا موضوع «إسرائيل» وإيران، وقال: «الإنسان يتألّم عندما ينظر من حوله فيرى كيف أنّ الأمة تُرسِل المجاهدين إلى أفغانستان وتُنفق أموالاً طائلة من الحكومات والأشخاص وتقوم بدعوات تعبئة، ولم يحصل هذا من أجل فلسطين، لماذا؟ هل أفغانستان مقدّسة أكثر من فلسطين؟ قضية أفغانستان قضية حق إنما في فلسطين قضية مقدّسة»، لافتاً إلى أنّ «في سورية والعراق واليمن وليبيا حيث الحروب الواسعة، أسلحة وأموالاً طائلة تُنفَق وفتاوى تُصدَر، لماذا لا يحصل هذا لفلسطين؟ إذا أحصينا العمليات الانتحارية منذ العام 2003، ضدّ الشعب العراقي، وفي أفغانستان وباكستان وسورية ونيجيريا ولبنان واليمن، وأتينا بهؤلاء الشباب وبهذا العدد من العمليات، لكانوا كافين لإزالة إسرائيل من الوجود، إلاّ أنّها استُخدمت لتدمير بلداننا ومواقفنا تجاه القضية المركزية، أي قضية فلسطين»، وسأل: «ألا يستحق هذا الواقع الوقوف من أجل البحث عن العلاج؟».
ولَفَتَ السيد نصر الله إلى أنّه «بدل أن يتركّز الجهد العربي والإعلام العربي حالة تعبوية تُنتج عداءً «لإسرائيل»، قام بتحويل الشعب الفلسطيني إلى عدو، أو أنّ هذا الشعب لا يعنينا بشيء، وأن تصل الشعوب العربية والإسلامية إلى نقطة تشعر أنها غير مبالية بمصير شعب»، مشيراً إلى أنّ «في السنوات الماضية كانت بيوت هذا الشعب تُهدَم، ونجد شتّامين وشامتين به في العالم العربي والإسلامي. وتمّ استغلال أحداث»، مؤكّداً «أنا لا أحاكِم إنّما أسرد نتائج، وفي بداية السبعينات قُدّم الشعب الفلسطيني على أنه عدو للأردن»، مشيراً إلى أنّ «في لبنان حدثت حرب أهلية وتحوّلت المخيمات الفلسطينية إلى عدو في مرحلة من المراحل ونتيجة أخطاء، وفي الحرب العراقية – الإيرانية هناك من عمل على تحويل موقف إيران إلى عدائي ضدّ فلسطين».
من جهةٍ أخرى، ذكر السيد نصر الله أنّ «في الكويت، دُفّع الشعب الفلسطيني ثمن «عاصفة الصحراء». أي شيء سواء خطأ أم لا كان يُستغل لتحويل الشعب الفلسطيني إلى عدو لإخراجه من عاطفة الشعوب ومن دائرة المسؤولية»، مؤكّداً حرصه على «ألّا أُثير حساسية أحد إنّما إثارة الانتباه لمن تبقّى مع الشعب الفلسطيني. أنّ هذا الموضوع أنتم مشتبهون فيه»، مشيراً إلى أنه «كنّا في الحروب السابقة التي تُشنّ على غزة أو فلسطين، نلاقي دموعاً ودعاءً إلا أنّه في الحرب الأخيرة وجدنا في الوسائل الإعلامية الشمّاتة إلى حدّ من يخاطب رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتانياهو بالقول «اسحقهم»، هذا عامل كبير من الحقد»، معتبراً أنّه «على الشعوب العربية والإسلامية ألّا تُجامل في هذا الأمر، وأن ترفضه. وأن نقدّم حقيقة الشعب الفلسطيني الذي تحمّل آلام الأمّة، والذي يعيش في العراء. هذه هي الصورة التي يجب أن نقدّمها. وفي المقابل الأخوة الفلسطينيون معنيون بالانتباه والإحاطة بالمعطيات والعمل على الحدّ من الخسائر».
علاج للفتنة
وشدّد السيد نصر الله على أنّ «المسألة الأخيرة هي العمل الدؤوب على الفتنة الطائفية والمذهبية. فهناك مزاج عام عند مسيحيّي العالم العربي والشرق، مؤيد للقضية الفلسطينية ويقف إلى جانب فلسطين ويعتبر «إسرائيل» عدواً، إلا أنّ ما جرى هو أنه باتَ من يُمثّل تهديداً للمسيحيّين هم الفلسطينيون».
واقترح السيد نصر الله «في البعد المذهبي ومحاولات تحويل ما يجري في المنطقة إلى صراع سني – شيعي، تشكيل إطار ما، ونتحدّث عن الأسباب ونضع وسائل للعلاج، قد لا نستطيع أن نستقطب الأمة إلى هذه المعركة إلّا أنّنا نقبل بالخمس، أفضل من الواقع المرّ والأليم والقاسي ونعمل معاً»، مؤكّداً «كلّنا في قلب المعركة، ويمكن أن نصل إلى محصّلة ونوزّع المسؤوليات على الحكومات والحركات والشعوب والنُّخَب ووسائل الإعلام، وإذا لم نربح أحداً فلنحدّ من الخسائر».
حمّود
وكان رئيس الاتحاد الشيخ ماهر حمود أشار في كلمةٍ له إلى أنّ «الأمة تمّ تضليلها بالفتن والحروب والصراعات»، لافتاً إلى أنّ «هناك من باع فلسطين وارتضى لنفسه أن يكون خادماً أمام «الإسرائيلي» والأميركي».
وأكّد حمّود أنّ «شعب فلسطين هو شعب الجبّارين بقوة الصمود والتماسك والرؤيا التي لا تتأثّر بالخيانات العربية والمؤامرات والتمزّق العربي، ونملك قوة الحق»، مشدّداً على أنّ «لدينا قوة الانتصار، فأين سيذهب أبناء «إسرائيل» وهم يعلمون في كتبهم أنّه ينتظرهم الموت والزوال رغم كل الدعم والقوة التي يمتلكوها».
وأضاف: «نلتمس من الله أن يصل نداؤنا إلى الأحرار»، كاشفاً أنّ «هناك من يتآمر على صوت الانتفاضة اليوم، والذي هو قناة «الميادين»، متذرّعين بحجج واهية».