حول دعوة دي ميستورا إلى وقف إطلاق النار
حميدي العبدالله
بعد لقائه المسؤولين السوريين في دمشق تحدّث المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا عن الحاجة إلى خطوات تمهيدية لخلق مناخ إيجابي لحوار بين الحكومة والمعارضة، ودعا إلى خطوات إيجابية بينها وقف إطلاق النار.
دعوة دي ميستورا إلى وقف إطلاق النار تعني واحداً من أمرين، الأمر الأول أنه منفصل عن الواقع السوري، ويعيش في عالم آخر لا يدرك فيه أبسط ما يجري على الأرض. الأمر الثاني أنه يدرك ما يجري على الأرض ولكنه يتعمّد التعمية والتضليل.
أولاً، من يدعو إلى وقف إطلاق النار في سورية عليه أن يحدّد بين مَن ومَن… ومَن هي الجهات المعنية بذلك.
إذا كان المقصود وقف إطلاق النار بشكل عام، فعلى فرض استجابت الدولة لذلك، وقرّرت الالتزام وأوقفت إطلاق النار، فهل تلتزم التنظيمات المسلحة، وتحديداً تنظيما «داعش» و«جبهة النصرة» والعشرات من التشكيلات الأخرى التي لا تعترف بجهود الأمم المتحدة، ولا بأيّ جهد سياسي، وتصرّ على الاستمرار في الخيار العسكري، وإذا لم تلتزم هذه التنظيمات بوقف إطلاق النار فكيف يمكن للجيش السوري الالتزام به؟
رُبّ قائل إنّ دي ميستورا لا يقصد بوقف إطلاق النار الجماعات المتطرفة التي ترفض مبدأ الحلّ السياسي، وبينها «داعش» و«النصرة» والتنظيمات الأخرى المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، بل ما يسمى بالتنظيمات «المعتدلة»، أو «الجيش الحر»، لكن أين هي المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة «المعتدلة»، أو فصائل «الجيش الحر»، ولا وجود فيها لتنظيمات «القاعدة»، سواء كان تنظيم «داعش» أو «جبهة النصرة»، أو غيرهما من التشكيلات التي تنتمي سراً إلى تنظيم «القاعدة»؟
ألا يدرك دي ميستورا هذه الوقائع؟ الأرجح أنه يدرك وعلى اطلاع جيّد عليها، ولكنه مع ذلك يتجاهلها في سياق حملة دعائية سياسية هدفها إحراج الدولة السورية، ومحاولة تحميلها مسؤولية استمرار المواجهة العسكرية.
لا يمكن الطلب من الدولة السورية وقف إطلاق النار مع الجماعات المسلحة التي تسيطر على الأرض والتي ترفض الولايات المتحدة وقف إطلاق النار معها، وتشكل التحالفات من أجل ضربها، وبطلب إلى الدولة السورية وقف إطلاق النار مع هذه الجماعات.
كلّ جهة تطالب اليوم بوقف إطلاق النار أولاً في سورية، ولا تطالب بالقضاء على الإرهاب قبل ذلك تكون دعوتها لوقف إطلاق النار إما أنها دعوة غير واقعية، أو هدفها الإحراج السياسي للدولة السورية، ومحاولة إظهارها بمظهر المصمّم على رفض الحلّ السياسي.