ما أخفته ميركل فضحته وزيرتها…
سعدالله الخليل
بعد أشهر من التباكي الألماني على حال اللاجئين ورفع راية الدفاع عن القيم الإنسانية وفتح الحدود لتدفق الموجات البشرية لغايات إنسانية بحتة، كشفت وزيرة العمل والشؤون الاجتماعية الألمانية أندريا ناليس عن أحد أهمّ الدوافع الألمانية للتعاطي بسخاء مع أكبر أزمة لجوء يشهدها العالم عبر التاريخ، فالوزيرة الألمانية لم تخف سعادتها بأنّ نسبة الشباب في صوف اللاجئين تقارب 70 ممن لم تتجاوز أعمارهم 30 عاماً، بل وصفت الأمر بالرائع بكلّ بساطة، وبما يتجاوز حدود صور السيلفي التي اشتهرت بها ميركل، الأمّ الألمانية الحنون، فإنّ ناليس باتت مطمئنة لسير نظام التأمين الاجتماعي في بلادها نحو الاستقرار في استغلال دمج اللاجئين في سوق العمل بما يملأ الوظائف الشاغرة في أقوى الاقتصاديات الأوروبية، ففي الوقت الذي تعاني دول عدة من ارتفاع معدّلات البطالة ووسط الحديث عن العمالة الفائضة فإنّ رابع اقتصاد عالمي فيه مساحات شاسعة بحاجة ماسة للخبراء بحسب تصريح الوزيرة الألمانية لصحيفة «بيلد أم سونتاغ».
وبالرغم من وضوح الرؤية الألمانية في حديث الوزيرة والتي بدت حازمة في عدم المساومة بضرورة تعلم اللغة الألمانية واندماج اللاجئين في سوق العمل كشروط غير قابلة للنقاش لضمان مستقبلهم في البلاد، إلا أنها لم تكشف عن مصير من لا يحالفه الحظ بتحقيق الشروط الألمانية ممن لم يسعفهم العمر بتعلم القراءة والكتابة في بلادهم، فهل ستبقى الأم الحنون تنفق عليهم من دون مقابل، سؤال تصعب الإجابة عنه من قبل الوزيرة الألمانية.
في الصراع الأوروبي حيال قضية اللاجئين يبرز التهديد البريطاني بالانسحاب من منظومة بروكسل ما لم يستجب الاتحاد لشروط بلاده المتمثلة بفرض حظر مدته 4 سنوات على منح المهاجرين التأمين الاجتماعي، وهو ما يعني انتظار اللاجئين السنوات الأربع للحصول على المواطنة الكاملة بعد ضمان اندماجهم بسوق العمل وتحوّلهم إلى قوة منتجة توفر أضعاف ما تدفعه تلك الدول على رعايتهم.
من وجهة نظر اقتصادية يبدو السلوك الأوروبي في التعاطي مع قضية اللاجئين مشروعاً من حيث موازنة الخسائر والمكاسب جراء الكمّ الهائل من تدفق اللاجئين إلى بلدانهم، وربما من وجهة النظر الإنسانية فإنّ السلوك الأوروبي يفوق بأضعاف مضاعفة ما تتعامل به دول عدة محسوبة على العالمين العربي والإسلامي، ولعلّ تعاطي دول الخليج والجوار مع المأساة السورية خير شاهد على السقوط الإنساني والأخلاقي للدول المتورّطة في الحرب على سورية في مقاربة ما يتعلق بالمكوّن البشري آخر اهتماماتها خارج حدودها.
تتشارك أوروبا وأميركا وأتباعهما من دول الخليج وتركيا مسؤولية السقوط الأخلاقي بإشعال المنطقة بحروب أفرزت ما أفرزته من ظواهر وتنظيمات من «داعش» و«النصرة» و«أنصار بيت المقدس» وغيرها، جعلت من البحار خيارهم الوحيد وبلاد الأمّ ميركل الفردوس المفقود لتفرغ الأوطان من طاقاتها وخيرة شبابها.
في الحروب تسقط كلّ الأخلاقيات وتُشهر كلّ الأسلحة دون أيّ ضابط أو رقيب، وحدها المصالح تتحدّث بعيداً عن الشعارات، وما أخفته ميركل فضحته وزيرة عملها.
«توب نيوز»