«لنغنِّ موطني معاً»… حملة توحّد الشعب في الوطن والشتات

راسم عبيدات

«لا نريد… لا نريد… ذلنا المؤبد… وعيشنا المنكّد… لا نريد، بل نعيد… مجدنا التليد… مجدنا التليد… موطني… موطني». بهذه الكلمات، صدحت حناجر أبناء شعبنا الفلسطيني على طول فلسطين التاريخية وعرضها وفي عدد من الدول العربية ودول العالم، وذلك يوم السبت الماضي، في مشهد وحدويّ جامع غير مسبوق.

هذه المبادرة الشبابية، أطلقتها مجموعة من الفلسطينيين حاملي الفكر القومي العروبي، يتصدّرهم الأشقاء إياد وربى وريم المسروجي، الطامحين إلى أن تصل رسالتهم إلى العالم كله.

جاءت هذه المبادرة في سياق مبادرات عدّة دعت اليها مجموعات شبابية في القدس والضفة والقطاع وفي العالم العربي والشتات. وما يميّزها، أنها كما تقول منسّقة الحملة ربى المسروجي: فكرتها رمزية، وجمالها في رمزيتها وسهولة تطبيقها، هي شعبية تلقائية وغير نمطية. والأهم من ذلك أنها من وسائل مقاومة الاحتلال الصهيوني.

وتضيف: هذه الفعالية التي كان لي شرف المشاركة فيها في المعهد الوطني للموسيقى في «شارع الزهراء» ـ القدس، شكّلت لوحة فنية توحّد خلفها الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، إذ إنها شكل جديد من أشكال المقاومة والنضال الشعبي، في سياق أشكال نضالية متعدّدة يخوضها شعبنا الفلسطيني للتحرّر والانعتاق من نير الاحتلال. ندرك جيداً أنّ هذه المبادرة خطوة صغيرة ولم تأتِ من أجل تحرير فلسطين أو إلحاق الهزيمة بالمشروع الصهيوني، ولم تكن مكلفة أو بحاجة إلى «بروبوزل» مشروع ومال سياسي موجّه، إنما هي بحاجة إلى شباب يدركون معنى الانتماء، ويؤمنون بالقضية الفلسطينية وأهداف الشعب الفلسطيني. شباب يريدون التعبير عن انتمائهم إلى الوطن، وإيصال رسالة إلى الجميع تدعو إلى وحدة الموقف والشعب تحت راية فلسطين التي مزّقها وشوّهها الانقسام. والحملة كذلك تعبير عن مقاومة الاحتلال بطريقة ثقافية وفنية، وأيّ إنجاز أو تحدّ أو مقاومة أو عمل إبداعي مقاوم، يبنى عليه من أجل تحقيق إنجازات أكبر وأوسع. وعادةً ما تُحقَّق الإنجازات بشكل تراكمي وتكون «بروفات» لإنجازات أكبر.

وقالت: أما «الخبطات» والقفزات والتغيرات النوعية والكبيرة، فهي غير ممكنة من دون تلك التراكمات. وكذلك، إنّ قدرات الناس على العطاء والنضال والتضحية متفاوتة. ولو أنّ كل منّا يستثمر جهده في مجاله، ووفق ما يستطيع عمله وتقديمه، على أن يكون هناك تكامل في الجهود والأنشطة والفعاليات والمبادرات، وفي النهاية، تصبّ في مجرى نهر واسع، لأمكننا أن نحدث نقلة نوعية في أوضاعنا وواقعنا على الصعد كافة وفي مختلف الميادين، ولاقتربنا من تحقيق أهدافنا في الحرّية، ولكن هناك دائماً من يضع العصيّ في الدواليب، وهناك من هو متخصّص في النقد والإحباط والتيئيس من دون أن يقوم بأيّ خطوة عملية. وهناك من يستخدم الكلمات الثورية الكبيرة الرنّانة ويستشهد بكل الثوريين والفلاسفة والمفكّرين، لكنّه يتناسى أن خطوة عملية أفضل من «دستة» برامج.

هذه الفكرة التي تحلّق عدد كبير وواسع من أبناء شعبنا في الداخل والخارج حولها، تؤكد صوابيتها وحاجتنا إليها وإلى كلّ جهد يخدم مشروعنا وقضيتنا وحقوقنا ومقاومتنا الاحتلال. نعم، لقد شكل النشيد الوطني «موطني»، لوحة فلسطينية توحّد خلفها الفلسطينيين في أماكن تواجدهم كافة في الوطن الشتات.

شكراً لكلّ القيّمين على هذه المبادرة، ونشدّد على أنّ هذه الفعاليات والمبادرات تشكّل عوامل هامة في التواصل الثقافي والاجتماعي والفني والرياضي مع العالم كله، كي نخلق لنا في العالم مكاناً نستحقه بفضل تاريخنا ومقاومتنا، وثقافتنا التي هي أيضاً أصبحت مستهدفة، وأصبح الكيان الصهيوني ينسبها إلى نفسه. وكذلك مبادراتنا المحلية، تخلق أيضاً حالة نضالية توعوية، وتعمل على تنظيم شبابنا وفتياتنا، ولو بأشكال بسيطة وأولوية. وهي تشهد توسّعاً وإقبالاً كلما لقيت تشجيعاً واحتضاناً من مختلف ألوان طيفينا السياسي والمجتمعي.

ومن هنا، نوجّه التحية والدعوة إلى كل شبابنا وفتياتنا، من أجل التنسيق والتنوّع في الفعاليات والمبادرات، في مختلف المجالات والميادين، والمبادرات المبدعة والخلاقة التي تخدم قضايا شعبنا ومشروعنا الوطني، والتي تلعب دوراً مهماً في خلق وعي مقاوم عند مختلف قطاعات شعبنا.

القدس المحتلة ـ فلسطين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى