معارضون أم إرهابيّون…

سعد الله الخليل

ستكرس الجولة الجديدة من لقاء فيينا والمقرّرة يوم السبت لتحديد مفهوم المعارضة والإرهاب وإعداد لوائح بأسماء المعارضين ولوائح أخرى تحدِّد المنظمات الإرهابية.

وبالرغم من أنّ المهمة قد تبدو واضحة المعالم وطريق عملها يبدو مُيسّراً، إلا أنها ربما تجمِّل عمق الأزمة السورية ومعاناة السنوات الخمسة التي واجهها السوريون في الفصل ما بين السياسة والعسكرة والثورية والإرهابية، في وقت ضاعت معالم الفصل ومحت التطورات خطوط التماس الفاصلة.

بحسب ما رشح عن الموفد الأممي إلى سورية استيفان دي ميستورا، فإنّ كلّ بلد قدم لائحة بأسماء معارضين على أن ينخفض عددهم إلى عشرين أو 25 اسماً، فاللائحة السعودية مكونة من عشرين اسماً معظمهم من الائتلاف، فيما تقتصر لائحة مصر على عشرة أسماء معظمهم من هيئة التنسيق وتيار قمح الذي يقوده القيادي السابق في الهيئة هيثم منّاع، أما قائمة موسكو فتضمّ 40 تشكيلاً وشخصية، تشمل مكونات الشعب السوري كافة، بينهم ثلاثة رؤساء سابقين للائتلاف وممثلون عن معارضة الداخل.

وبالرغم من أنّ القوائم الثلاثة تتقاطع في بعض الأسماء إلا أنه ثمة خلافات جوهرية تُصعِّب مهمّة التوافق، ففي الوقت الذي تُقرّ فيه هيئة التنسيق بوجوب إشراك أطراف من معارضة الداخل الميالة لموسكو، وخصوصاً بعد التدخل العسكري الروسي على الأرض السورية، فإنّ الائتلاف يرفض الفكرة باعتبار هذه الأطراف محسوبة على الحكومة السورية، أو بمعنى آخر معارضة واجهة لدمشق، يرفض الائتلاف الاعتراف بها وبالتالي يعتبرها ذريعة لنسف المفاوضات، فيما يشكل حضور المكون الكردي لغماً آخر في ظلّ الربط التركي بين حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني، وبالتالي المطالبة بنقل الأكراد إلى لائحة المنظمات الإرهابية، وهو ما ترفضه هيئة التنسيق والائتلاف الذي سبق أن عقد اجتماعات عديدة فشل خلالها في ضمّ ما يسمى «جيش الفتح»، الذي تشكل «جبهة النصرة» المُدرجة على قوائم الإرهاب الدولي، إلى تشكيلة حكومته الموقتة غير القادرة على دخول الأراضي السورية من المعابر التي تسيطر عليها تنظيمات معارضة مسلحة، في حين تبدو مجالسه العسكرية غائبة عن المشهد.

جملة الخلافات هذه وغيرها كفيلة بإعادة كتابة الورقة عشرات المرات، وفق سياسات المشاركين. فتركيا والسعودية وقطر تحاول تعويم الائتلاف وموسكو لتوسيع المشاركة في حين تحجم واشنطن عن تحديد موقفها وتترك للأتباع مهمّة الإعلان عنه.

ورغم تعقيد لائحة المعارضين، فإنّ شياطين التفاصيل ستتسرب إلى لائحة الإرهاب في ظلّ وجود أكثر من 1000 مجموعة مسلحة معارضة والتي تشكلت على الأرض السورية منذ عام 2011، بدءاً من الجيش الحر المتآكل، والذي انضمت صفوة مقاتليه إلى «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش»، وانتهاء بقوات سورية الديمقراطية، مروراً بوحدات حماية الشعب والمرأة الكردية. فإذا كان أمر «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» قد حسم، كمنظمات إرهابية، بقرارات دولية في حين تصف قوى في الائتلاف «النصرة» كفصيل ثوري معارض، فإنّ باقي التنظيمات ستدخل في الحسابات السياسية، وخصوصاً تلك المتحالفة مع «جبهة النصرة» تحت مسمى «جيش الفتح» كـ»أحرار الشام» المدعومة من قطر وتركيا أو «جيش الإسلام» المدعوم من السعودية، والتي يصعب الفرز بينها وبين «جبهة النصرة» المتحالفة معها ما يعني أنّ سمة الإرهاب ستشملها، بالإضافة إلى تنظيمات ترفع راية الجهاد علناً والمبايعة لتنظيم القاعدة كـ»جبهة تحرير ثوار سورية» التي تشكل «كتائب الفاروق» و»لواء التوحيد» و»لواء الإسلام» عصبها الرئيسي والتي تصرّ سورية وروسيا على ضمها إلى قائمة الإرهاب، في حين ستصرّ تركيا على وضع تلك التنظيمات في كفة مقابلة لوحدات الحماية الكردية والقوات المتحالفة معها، في خطوة تصعيدية قد الأطراف كافة أمام خيارين: إما العودة إلى نقطة الصفر والاحتكام إلى الميدان أو أن ترفع الدول الكبرى الغطاء عن الرعاية الإقليمية لتلك التنظيمات، مقابل جوائز ترضية سعودية ـ قطرية ـ تركية في التسوية السياسية.

ثمة اختبارات صعبة يفرضها غربال فيينا لأطراف رسمت وخططت لأحلام وروايات لم تأخذ في الحسبان لحظة الحسم بين معارض يضمن كرسي التفاوض وإرهابي يُجمع الكلّ على قتاله.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى