ماذا يقول المغتربون السوريون؟ نحن والمقاومة وجمهورها شراكة دم ومصير

تامر يوسف بلبيسي

منذ ثلاثين عاماً يوم وقع الاحتلال «الإسرائيلي» على بيروت، وبين سورية، شعباً وجيشاً وقيادة والمقاومة شعباً ومقاتلين وقيادة، شراكة دم ومصير.

في الثمانينيات قرّرت القيادة السورية تقديم عمليات إعمار لدعم صمود اللبنانيين لتشجيع مشروع مقاومتهم، فأعلنت عن حملة تبرّع أقبل عليها السوريون يضعون مدّخراتهم وتبيع النسوة مصاغها ويفعلون ما فعلوه أيام الثورة الجزائرية وانطلاق المقاومة الفلسطينية، وكانت الجسور والطرق التي عبرت الليطاني بعدما دمّر الاحتلال جسوراً وطرقاً.

وفي التسعينيات بعد حرب عناقيد الغضب قرّرت سورية المساهمة في إعمار ما دمّره العدوان «الإسرائيلي»، فكانت لبلدة قانا، حيث المجزرة «الإسرائيلية» المشهودة وجوارها، رعاية السوريين لإعمار تلك البلدات والقرى.

تحقق الانتصار للمقاومة في العام 2000 وخرج سيد المقاومة يقول لولا سورية لما كان هذا النصر، وقامت الدنيا ولم تقعد من أعداء سورية وأعداء المقاومة.

قرّر «الإسرائيليون» الانتقام من النصر فشنّوا حربهم التدميرية لسحق المقاومة في العام 2006 وكان صمود المقاومة، رغم الدمار الهائل والجرائم الوحشية ونزوح مئات آلاف اللبنانيين خارج بيوتهم، ففتحت سورية حدودها وفتح السوريون بيوتهم ونزل اللبنانيون من جمهور المقاومة وأهلها أخوة أعزاء في بيوت أخوتهم السوريين يتقاسمون معهم لقمة الخبز وغرف النوم، وقد أخلى العديد من السوريين بيوتهم وقدّموها لأخوتهم اللبنانيين، وأقاموا حتى نهاية العدوان في قراهم الجبلية أو نزلوا ضيوفاً على أقاربهم تعبيراً عن شراكة الدم والمصير. ونظم السوريون حملات الدعم الأهلي للمقاومة وجمهورها بصورة تدعو إلى الفخر، حيث صارت المطاعم والمخابز تتباهى بالإعلان عن تقديم ما لديها مجاناً للبنانيين النازحين، وصار الأطباء يخصّصون يوماً مجانياً في عياداتهم لأشقائهم اللبنانيين في ظروف الحرب، وصارت البيوت والقلوب، كما المصير، شراكة.

انتصرت المقاومة وقالت «إسرائيل» إنّ الصواريخ التي استهدفتها صُنعت في سورية، ولم تنكر سورية ذلك ولا تباهت به، فقال سيد المقاومة مجدداً لولا سورية لما كان هذا النصر.

عرف السوريون لاحقاً أنّ ضباطاً وجنوداً من جيشهم الباسل قد قضوا شهداء وهم ينقلون الصواريخ للمقاومة في شراكة الدم والمصير، فشعروا بالفخر أكثر.

عندما بدأت الأزمة في سورية وتحوّلت حرباً عليها، واجتمعت عشرات الدول لدعم خرابها، وقفت المقاومة بلا تردّد مع سورية، وعندما بدأ توريد الإرهابيّين وتجميعهم من أنحاء الدنيا بعشرات الآلاف لقتال سورية خرج سيد المقاومة، معلناً أنّ المطلوب كسر سورية، وأنّ سورية ظهر المقاومة وسندها، والمقاومة لن تسمح بكسر ظهرها.

لم يُخف أعداء سورية أنّ جوهر استهدافهم ينطلق من الخيار المقاوم الذي تشهره سورية بوجه الاحتلال والعدوان، ولم تُخف سورية تمسكها بهذا الخيار، مهما كان الثمن، ولم تُخف المقاومة وقوفها مع سورية، مهما كانت التبعات.

عندما تصاعد الخطر الإرهابي في الحرب واتخذ الحدود بين سورية ولبنان مقراً له، أعلنت المقاومة دخول الحرب، وهو دخول عبّر عن نفسه من يومها بالدم الذي بذله رجال الله في الميدان دفاعاً عن سورية وخياراتها التي تشكل في النهاية خيار المقاومة، وبدأ سجل الشهداء يسجل شراكة تتعمّق بين الجيش السوري والمقاومة، شراكة بدأت ترعب العدو «الإسرائيلي» من مستقبل هذا التشارك القتالي الأول من نوعه بين جيش نظامي وحركة مقاومة، معتبراً أنّ هذا مصدر الخطر الآتي على «إسرائيل».

خلال سنوات المحنة تعرّضت المقاومة وجمهورها للعديد من عمليات الاستهداف، كما تعرّض السوريون، ويتواصل التشارك في ضريبة الدم الواحدة حتى يتحقق النصر الواحد.

الوفاء المتبادل بين المقاومة وسورية جعل نصر المقاومة نصراً لسورية، وسيجعل نصر سورية نصراً للمقاومة.

ينزف اليوم المقاومون وأسرهم دماً عزيزاً في ضاحية بيروت الجنوبية، بفعل جنون المشروع الانتحاري للإرهاب الذي يُهزَم في سورية بشراكة الجيش السوري والمقاومة والحلفاء ويتمسك المقاومون وأهلهم بخياراتهم ويواصلون الحرب بحسم وحزم.

لا يملك السوريون، مغتربين ومقيمين، إلا أن يتوجّهوا بالتحية والإكبار للمقاومة وجمهورها وقادتها، مؤكدين شراكة الدم والمصير.

مغترب عربي سوري في الكويت

رئيس مجلس إدارة قناة «زنوبيا» الفضائية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى