الأمن العام يبدأ الهجوم المعاكس على مجموعات انتحارية سعودية تحتلّ الفنادق الاتفاق على إدارة الفراغ بلجنة الـ7 وخلاف على الإعلان… وموازنات وتطويع للأجهزة
كتب المحرر السياسي
الوضع العراقي وتطوّراته لا يزال الحدث الحاكم لمتغيّرات المنطقة وحساباتها الإقليمية والدولية، خصوصاً في ظلّ المواقف الأميركية التي تثير التساؤلات حول ما إذا كان الأميركي يملك رؤية وخطة أم هو يدير الأزمة فقط، خصوصاً بعدما تسرّبت معلومات تشير إلى أنّ الرهان الأميركي الأساسي على إعادة إطلاق العملية السياسية كإطار لأيّ عمل عسكري ينطلق من كردستان بزعامة مسعود البارزاني، الذي فاتحه وزير الخارجية الأميركي جون كيري برغبة واشنطن في توليه رئاسة الجمهورية العراقية وتغطية احتلال البشمركة لكركوك.
العشائر العراقية والبعثيون السابقون وضباط الجيش العراقي السابقون الذين يشكلون مصدر قوة «داعش» والبيئة الحاضنة له، بفعل تأزم علاقاتهم مع حكومة الرئيس نوري المالكي، لم يتلقوا بغير الغضب الذي تبلغته السعودية ونقلته لواشنطن، على ما اسموه الاستغلال الدنيء للأحداث من أجل السيطرة عنوة وخلسة على كركوك، التي لا تزال موضوع نزاع لم يحسم، ومثلها الغموض في موقف واشنطن من هوية رئيس الحكومة وما يبدو من تمسك أميركي ببقاء رئيس الحكومة نوري المالكي كجسر للتعاون الأميركي ـ الإيراني في العراق، وربط أيّ بحث بتغييره برضى إيران واستعدادها لتقديم الدعم السياسي والعسكري والأمني لأيّ بديل محتمل، خصوصاً أنّ تقارير الصحف الغربية تتداول المعلومات عن رهان أميركي على إيران لرعاية تشكيل قوة عراقية جدية متماسكة تمنع تقدم «داعش»، إنْ لم يكن الأميركي قد حسم قراره في كيفية التعامل مع مناطق سيطرة «داعش» في المحافظات الأربعة الوسطى.
الأتراك أيضاً، الذين تقيم حكومتهم مع البارزاني علاقات متعدّدة الوجوه والأبعاد والمصالح، لا يخفون الخشية من تعاظم دور القوة الكردية في مستقبل العراق، ومن تنامي النزعة الانفصالية الكامنة لديهم، بما يعني دخول أكراد تركيا مرحلة جديدة من المواجهة للمطالبة بسقوف أعلى من تلك التي كانت محور مطالبهم السابقة، وصولاً إلى زيادة نسبة القوى التي تتحرك للانفصال.
سورية لم تنفع فيها، فورة «داعش» في تحسين وضع الجماعات المسلحة بما في ذلك «داعش» نفسه، التي لم تتمكن من تحسين وضعها في مناطق سيطرتها، ولا يزال التقدم حكراً على الجيش السوري وحده، بينما بدأت المعلومات التحدث عن فرضية نقل مجموعات «داعش» الموجودة في حلب لتعزيز مواقعها في مناطق سيطرتها الصافية في الرقة ودير الزور من جهة، وترك جماعة «جبهة النصرة» يواجهون خطر المواجهة المنفردة مع الجيش في حلب وما قد يحمله من نتائج سريعة لحساب الجيش، من جهة أخرى.
لبنانياً لم تنجح فورة «داعش» العراقية وتسريب عشرات الانتحاريين لترجمة عناصر القوة باستهدافات تنقل «داعش» من موقع القوة العراقية إلى القوة الإقليمية، لا بتمكين «داعش» من ذلك ولا ببلوغ أهداف أمنية مرسومة للمجموعات الانتحارية، التي أصيبت قبل بلوغ أهدافها واضطر انتحاريوها للانتحار تفادياً لسقوطهم بيد الأجهزة الأمنية، التي بدا أنّ الأمن العام يتقدم جبهة المواجهة التي تخوضها مع مجموعات «القاعدة»، سواء داعش أو شقيقاتها كـ «النصرة» و»كتائب عبدالله عزام».
خطة الأمن العام تتقدّم على رغم التضحيات بعمليات نوعية، بدا أنّ محورها هو مطاردة مجموعات سعودية تحتلّ الفنادق اللبنانية، ويملك الأمن العام عنها خريطة وافية تمتدّ من العاصمة إلى الضاحيتين الجنوبية والشرقية.
تفجير الأمس والمداهمات التي لحقته أثبتت وجود خطة متكاملة لدى الأمن العام، وأظهرت أنّ الحكومة، على الكثير من نقاط ضعفها، نقلت لبنان من مرحلة إلى مرحلة في المواجهة مع المجموعات التكفيرية الإرهابية، وبدت الحكومة موحدة وراء الأجهزة في توفير مقتضيات نجاحها، وهو ما سيكون اليوم على جدول أعمال مجلس الوزراء لجهة التطويع والتجهيز، بمثل ما سيكون التفاهم على تشكيل اللجنة السباعية لإدارة صلاحيات رئيس الجمهورية موضوع نقاش، بعدما ظهر الخلاف على إعلان أو عدم إعلان هذه اللجنة، لحسابات تتصل بالنيل من مصداقية بعض الأطراف الحكومية بموافقتها على الصيغة واتهامها بالتنازل عن صلاحيات لرئيس الحكومة من زاوية، والقلق من الطعن من جهات أخرى بدستورية الصيغة من زاوية مقابلة.
سباق بين الإرهاب والأجهزة الأمنية
تخوض الأجهزة الأمنية حرباً استباقية مع الإرهاب المتنقل. ففيما لم تصحو الضاحية الجنوبية على التفجير الذي وقع بالقرب من مقهى أبو عساف، ليل الاثنين، والذي أودى بحياة الشهيد المعاون في الأمن العام عبد الكريم حدرج الذي ووري جثمانه الثرى ظهر أمس في روضة الشهيدين في الضاحية الجنوبية، حتى وقع تفجير الروشة خلال مداهمة الأمن العام الذي يمارس الأمن الوقائي لفندق «دي روي». حيث فجر انتحاريّ سعودي الجنسية نفسه بحزام ناسف زنتة 2 كلغ، في الطابق الثالث من الفندق خلال قيام عناصر من الأمن العام بعملية دهم، فيما اعتقل انتحاري ثان يدعى أحمد عبد الرحمن السويني خلال دهم غرفتيهما. وأسفرت عملية المداهمة عن إصابة 3 عناصر من الأمن العام فضلاً عن نشوب حريق في الفندق عملت فرق الدفاع المدني على إطفائه.
وتم العثور على حقيبة مفخخة في محيط الفندق تحوي نحو 7.7 كيلوغرامات من المواد الشديدة الانفجار. وكلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الخبير العسكري تفكيكها. كما كلف كل الأجهزة الأمنية إجراء التحقيقات اللازمة.
وتفقد وزير الداخلية نهاد المشنوق مكان التفجير وقال إن الأهم في العملية أنها ضربة استباقية للأمن العام، لأن الانتحاري كان ينوي تفجير نفسه في منطقة أخرى، مؤكداً أن الانتحاري هو سعودي الجنسية. أما السفارة السعودية فسارعت إلى القول إنه يجري التأكد من هوية الانتحاري الذي فجر نفسه في منطقة الروشة، مشيرة إلى أن التنسيق جار مع السلطات اللبنانية للتأكد من حقيقة ما ذكره بعض وسائل الإعلام اللبنانية من أن الانتحاري سعودي، خوفاً من أن الهوية قد تكون مزورة.
وفيما أعلن لواء أحرار السنة – بعلبك في تغريدة على حسابه على موقع «تويتر»، «مسؤوليته عن «التفجير الانتحاري في منطقة الروشة»، مشيراً إلى أنه تم تنفيذه من قبل «مجاهد» من «الأحرار» بقوة أمنية «صليبية» بعد محاولتها القبض عليه».
قال وزير الداخلية من موقع التفجير: «ليس هناك من أحرار يقتلون الآخرين، وقال إن أهل السنة هم أهل اعتدال».
وأكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم من أمام مستشفى الجامعة الأميركية أن لبنان مستهدف، وليس الأمن العام فقط هو المستهدف، وقال: «لسنا في حاجة إلى خطابات ولا إلى من يعلمنا ماذا نفعل، ندرك ما نفعله».
وأكدت المديرية العامة للأمن العام أنها وبالتنسيق مع الأجهزة العسكرية والأمنية، لن تتهاون في ملاحقة الإرهابيين، وأنها لن تدخر جهداً لمنعهم من تنفيذ مخططاتهم في ضرب استقرار لبنان وجره إلى الفتنة.
مداهمات في الروشة والحمرا
وبعد مداهمة فندق «دي روي» في الروشة، داهمت عناصر من الأمن العام أكثر من فندق في منطقتي الحمرا والروشة بحثاً عن مشتبه بهم، وداهم الجيش اللبناني شقة في كاراكاس بناءً على معلومات عن وجود مشتبه بهم فيها وتبين أنها خالية.
خلية إرهابية في القلمون
تنتمي لـ«كتائب عزام»
وفي السياق، أوقفت مديرية المخابرات في الجيش في عملية أمنية نوعية، خلية إرهابية في منطقة القلمون كانت تخطط لاغتيال أحد كبار الضباط الأمنيين في الشمال. وأحالت إلى القضاء المختص في تاريخ 25-6-2014 كلاً من الموقوفين: وسيم أحمد القص، وسام أحمد القص، داني أحمد القص، أمجد نهاد الخطيب، نبيل كامل بيضا. وتستمر المديرية بأعمال الرصد والملاحقة والتحقيقات، لتوقيف باقي أفراد الخلية وكشف ارتباطاتهم ومخططاتهم».
وأفادت مصادر أمنية لـ«البناء» أن أفراد الخلية ينتمون لكتائب عبد الله عزام وكانوا يخططون لاغتيالات أمنية وعمليات تفجير في طرابلس.
سفراء الدول الكبرى في بكركي
في غضون ذلك، بقي الملف الرئاسي الطبق الأساس في بكركي، حيث التقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي سفراء روسيا ألكسندر زاسيبكين، الصين جيانغ جيانغ ، بريطانيا توم فليتشر، الولايات المتحدة ديفيد هل، القائم بالأعمال الفرنسي جيروم كوشار، بالإضافة إلى المنسق الخاص للأمم المتحدة ديريك بلامبلــي والسفير البابوي غبريال كاتشيا وتم التأكيد على ضرورة الإسراع لإنجاز الاستحقاق الرئاسي.
الأمن يطغى على مجلس الوزراء اليوم
وحكومياً، يعقد مجلس الوزراء اليوم جلســة برئاسة الرئيــس تمام سلام للبحث في جدول الأعمال المؤلف من 28 بنداً الموزع في 22 أيـار الماضــي. وفيما أكدت مصادر وزارية لـ«البناء» أن الوضــع الأمني سيشكل العنوان الرئيس للجلسة. علمت البناء أن ملف الجامعة اللبنانيــة والتفرغ لن يوضع على جدول الأعمال بسبب بعض المستجدات التي طرأت.
ويرجّح أن يطرح الوزير المشنوق في جلسة اليوم حيث يكون مناسبة لطرح موضوع تعزيز القوى الأمنية من خلال إقرار تطويع خمسة آلاف عنصر. ووفق المعلومات أيضاً فإن هناك نية لتعزيز القوى الأمنية بالعتاد والأجهزة التي تمكّنها من مواجهة المجموعات الإرهابية. وبحسب معلومات «البناء» فإن اتصالات الأيام الأخيرة أسفرت عن اتفاق بين أركان الدولة على تعزيز الجيش والقوى الأمنية الأخرى بخمسة آلاف عنصر. وهذا الأمر جرى التوافق عليه بين رئيسي مجلس النواب والحكومة نبيه بري وتمام سلام، وكان مدار بحث بين رئيس المجلس ونائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل وقبله مع وزير الداخلية نهاد المشنوق.
وسيؤكد المجلس على إعطاء الغطاء السياسي للجيش وباقي الأجهزة الأمنية للقيام بكل ما يلزم من إجراءات أمنية لحفظ الاستقرار ومواجهة المجموعات المتطرفة.