الهجمات الإرهابية في باريس… هل يضع هولاند يده بيد الأسد؟
ناديا شحادة
مرة جديدة يضرب الإرهاب العاصمة الفرنسية باريس، فبعد عشرة أشهر على أحداث شارلي أيبدو وقعت باريس تحت اعتداءات إرهابية جديدة دامية أكثر هذه المرة، بعد أن كان كل شيء يبدو هادئاً. فجأة ظهر شخص يحمل سلاحاً أتوماتيكياً شرع بإطلاق الرصاص ليردي عشرات الأشخاص قتلى وجرحى وليتحوّل شارع بيشات والبيرت في المنطقة الحادية عشرة شرق باريس ساحة حرب وقتال.
يصف المراقبون الهجوم على رواد مطعم بوتيت كومبودج بأنه كان بمثابة مقدّمة لسلسلة من الهجمات التي انطلقت في أماكن مختلفة من العاصمة الفرنسية إذ بالتزامن مع الهجوم الأول وقع انفجاران عنيفان داخل ملعب استاد فرنسا سان دوني، خلال مباراة كرة قدم كان يحضرها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الداعم الأول للإرهاب في سورية.
تولّت فرنسا منذ بداية الأزمة السورية حماية للدول الخليجية وتحالفت باريس مع قطر والسعودية لدعم الإرهاب، وقد بدأ تدفق المقاتلين من فرنسا إلى سورية عبر تركيا وتم قتل العديد من الجهاديين الفرنسيين في سورية والعراق، حيث أعلن وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف في 22 كانون الثاني من العام الحالي أنه تمّ قتل 73 فرنسياً من أصل 1400 شخص توجّهوا لسورية والعراق.
ورغم تحذيرات الأمن الفرنسي وخبراء عسكريين فرنسيين من خطر هذه السياسة الداعمة للإرهاب، حيث كانت الصحف الفرنسية قد نشرت تقارير سرّبتها الأجهزة الفرنسية عن خطر التحالف مع الدول الخليجية الداعمة للإرهاب، إلا أن هولاند استمر في سياسته الراعية للإرهاب وتوفير الغطاء السياسي للتنظيمات الإرهابية في سورية. هذا ما أكده الرئيس بشار الاسد خلال استقباله وفداً برلمانياً فرنسياً في 28 تشرين الاول من العام الحالي، حيث قال إن الكثير من دول المنطقة والدول الغربية، وبينها فرنسا لا تزال حتى الآن تدعم الإرهاب وتوفر الغطاء السياسي للتنظيمات الإرهابية.
يؤكد المراقبون أن مع تبني دول عديدة للإرهاب وتجميع الإرهابيين وتشجيعهم للذهاب إلى سورية وارتكابهم الجرائم بحق الشعب السوري، وبالذات باريس التي تؤكد التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس والمرتبطة بالسياسة الخارجية لفرنسا دعمها للإرهابيين في سورية حيث حرّض في 17 آب العام 2012 في تركيا على استهداف المسؤولين السوريين. وصرّح فابيوس نفسه في 14 كانون الاول بأن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي يقوم بعمل جيد. وأعلن في 13 حزيران من العام 2013 أن فرنسا ستزوّد المسلحين في سورية بالسلاح.
وفي ظل استمرار هولاند وطاقمه الحكومي في انتهاج سياسات داعمة للإرهاب في سورية من خلال التمييز المزعوم بين إرهاب معتدل وإرهاب متطرف، وإصرارهم على ربط الحرب على الإرهاب ووقف التمويل برحيل الرئيس الأسد، ومع تواصل فرنسا دعم هذا الإرهاب بالمال والسلاح بخاصة أن هولاند اعترف في تصريحات نشرت سابقاً بأن بلاده قدّمت قبل أشهر عدة أسلحة وعتاداً لإرهابيين في سورية صنّفهم تحت مسمّى معارضة معتدلة، مؤكداً بذلك إسهام فرنسا بدعم الإرهاب في سورية وتمدّده إلى المنطقة وصولاً إلى القارة الأفريقية والأوروبية واستفحل الخطر الإرهابي وارتدّ عليها.
فهجمات باريس التي وقعت مساء الجمعة الماضي غير مسبوقة في تزامنها ودمويتها، واعتبرت أنها حرب في وسط باريس، حسب صحيفة لوفيغارو الفرنسية، ومع تواصل الأخبار الواردة من فرنسا تبقى هذه الهجمات الأكثر دموية في تاريخ البلاد منذ عقود طويلة، وتعتبر أكبر ضربة منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي هذه الأجواء جاء التحرك الرسمي سريعاً بعد إرساء خلية أزمة حكومية فيعلن هولاند حالة الطوارئ في أرجاء فرنسا كافة وإغلاق الحدود بشكل كامل، ويصرّح قائلاً متّهماً جيشاً إرهابياً هو «داعش» بارتكاب عمل حربي من خلال اعتداءات باريس التي تعيدنا بالذاكرة إلى مجموعة الهجمات الإرهابية التي شهدتها أميركا في 11 أيلول العام 2001، حيث نفذ 19 شخصاً على صلة بتنظيم القاعدة هجمات باستعمال طائرات مدنية مختطفة لتصدم أهدافاً محددة نجحت في ذلك ثلاث منها، حسب الرواية الرسمية للحكومة الأميركية.
فمع الصدمة التي تعيشها باريس، ومع استحالة عدم ربط هذه الأحداث الدامية بالمعارك الجارية في الشرق الأوسط والدور الذي تلعبه فرنسا هناك. ومع بقاء فرنسا مهددة من التنظيمات نفسها التي تعاني منها سورية اليوم ومن المعتدين أنفسهم، حسب تأكيدات المحامي الفرنسي داميان فيغي، يبقى السؤال: هل يستجيب هولاند إلى طلب بعض رجال المخابرات الفرنسية بوضع أيدي حكومة باريس بيد بوتين والأسد وإيران ووضع الرهان على السعودية وقطر جانباً، فهما مصدر الإرهاب؟
ناديا شحادة