أوراق فيينا… الشيطنة المرسومة بالأقلام الأميركية الصهيونية
جمال رابعة
اشتداد الصراع الإقليمي والدولي في سورية وعلى سورية يظهر حقائق بدأت تظهر ملامحها وترجماتها وصيغها في أروقة فيينا وفق مستجدات ميدانية حققها الجيش العربي السوري وعلى كامل الجغرافيا السورية، بمشاركة جوية روسية، وتطبيقه لاستراتيجية عسكرية ترتكز إلى قاعدة فتح العديد من الجبهات العسكرية لتشتيت القوى وتفويت الفرصة لهذه العصابات التكفيرية بحشد طاقاتها وتوجيهها باتجاه أهداف محددة، وتالياً تحقيق الهدف التكتيكي المُراد لاستنزاف قوة هذه العصابات التكفيرية بشرياً ومادياً.
بعد جولات عديدة في أروقة فيينا1 توصل المؤتمرون إلى اتفاق على 9 بنود وقع الجميع عليها، تمهيداً للجولة الثانية التي عقدت السبت الفائت. بدأت واشنطن مع قطر وتركيا وفرنسا الرباعي المعادي لروسيا وسورية ومحور المقاومة بمحاولة الاستعادة والالتفاف على المبادرة الروسية في فيينا1 وفق رؤية الدولة السورية المصادق عليها روسياً وإيرانياً، محاولة الرباعي هذه إنما هي لفرض شروط جديدة وإيقاع جديد لا يمكّن الروسي من الاستثمار السياسي لتلك الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري على كامل الجغرافيا السورية، وفي كلّ الجبهات، في محاولة منهم لوضع العصي في الدواليب وخلق إشكاليات ومعطيات جديدة وعراقيل، بعد أن تمّ التوافق على بنود فيينا 1 التسع، وذلك كتشكيل مجموعات عمل لم يؤخذ رأي روسيا فيها.
كانت روسيا قد رفضت هذه الاجتماعات التمهيدية بعد تأكدها من أنّ أعضاء الرباعية المعادية قد اتفقوا على تقسيم المؤتمر بين دول فاعلة تقرّر وأخرى تشارك من دون قرار، وتشكيل ما يسمّى بوفد المعارضة من الائتلاف المسيطر عليه تركياً وقطرياً والخاضع لنفس المزاجية والتوصيف والتصنيف والغربلة، وصولاً إلى جدولة هذه العصابات التكفيرية وتحييدها من أيّ عمل عسكري مقبل يستهدفها، وهذا ما جاء على لسان الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروف بقولها إنّ أيّ خطوة نحو السلام من قبل دمشق تلقى مواجهة القوى المهتمة بتوسيع نطاق الفوضى إذ أعلنت أن موسكو ترفض محاولات تقسيم المشاركين في مفاوضات فيينا الى مشاركين رئيسيين وفرعيين.
السياسات الالتفافية للغرب حول الحلّ السياسي في سورية النابعة من استراتيجية واشنطن بالعدوان على الدولة السورية ودعم هذه السياسات وحرصها على المنظمات الإرهابية كافة يُترجم اليوم بخلط الأوراق في ردهات فيينا.
جاء في البند الأول في ورقة فيينا1 بأنّ وحدة سورية واستقلالها وسلامة أراضيها وهويتها العلمانية أمور أساسية، بينما في ردّها على سؤال لمحطة «بي بي سي» قالت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سامانثا فوكس إنّ القناعة العميقة للرئيس باراك أوباما هي أنه «من غير الممكن معالجة مشكلة الإمارة الإسلامية بطريقة مستدامة طالما بقيت مشكلة الأسد من دون حلّ».
في أيلول 2013 سرّبت وزارة الدفاع الأميركية عن طريق المحلل السياسي والكاتب في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية وفي مقابلة مع قناة «سي أن أن» الأميركية، تمّ نشر خريطة في الصحيفة المذكورة تظهر دولة الإمارة الإسلامية وكردستان السورية بمباركة هذا المخطط من قبل تركيا، وتوكل قيادتها الى الأقلية الكردية في المنطقة الجغرافية المخصصة، وذلك لقاء إنهاء حزب العمال الكردستاني في تركيا، هذه الدولة الكردية المزعومة يحاول الكيان الصهيوني التمهيد لها من خلال المعاهدة السرية التي وقعت في عام 2011 بين وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه ووزير خارجية تركيا آنذاك أحمد داود أوغلو، بحسب ما أوردته شبكة «فولتير»، الهدف هو السيطرة على سورية من الخلف، من هنا نفهم محاولات واشنطن إرسال خبراء وقوات خاصة للتنسيق والتعاون مع قوات ما يسمّى سورية الديمقراطية لتحرير مدينة الرقة لتعتبر قاعدة ارتكاز ما يسمّى المعارضة المعتدلة لتحقيق حكم فيدرالي على غرار كردستان العراق، يحلم قادة الكيان الصهيوني بإنشاء كيان شبيه له في شمال سورية للانقضاض على الدولة السورية من الخلف وخلق بؤرة صراع جديدة في المنطقة يدخلها في نفق مظلم ويحرف البوصلة عن قضية العرب المركزية فلسطين ويطيل الصراع ويحافظ على استمراريته، هذا ما تعمل واشنطن على صياغته في سورية لجهة استمرار الحرب واستنزاف الدولة السورية ما يخدم أولاً وأخيراً الكيان الصهيوني ويلبّي طموح قادته.
وفي اعتقادي… وبمقاربة ميدانية وقراءة سريعة لمسلسل تدخل القوات الأميركية في فيتنام بمستشارين عسكريين وتورّطها في الوحل الفيتنامي حيث انتهت بهزيمة أميركية وخسائر بشرية ومادية لم تستطع الذاكرة الأميركية أن تتجاوزها، وأنّ دخول أيّ قوات أو خبراء أميركيين من دون موافقة الدولة السورية ستكون منعكساته سلبية، فسورية وعبر تاريخها كانت مقبرة للغزاة والمحتلين.
عضو مجلس الشعب السوري