تعريف الإرهاب… هل يكون ورقة جديدة لمنع الحلّ في سورية؟
علي ابراهيم مطر
من المؤسف أنه حتى الآن لا يزال هناك خلاف دولي على تعريف الإرهاب والجماعات الإرهابية. ومؤسف أنه لا تزال تدور في أروقة الأمم المتحدة أو مؤتمرات الدبلوماسية المتعددة الأطراف والتي تتعلق بحلّ الأزمة السورية تساؤلات حول مفهوم الإرهاب أو عدم الموافقة على تعريف موحد له،علماً بأنّ هذا المصطلح أصبح من أكثر المصطلحات شيوعاً في العالم، نظراً لتهديده السلم والأمن الدوليين. لذلك فإننا سنقدم بشكل مختصر تعريفاً لهذا الإرهاب.
ما هو الإرهاب في التعريف الدولي؟
عرّف مجلس الأمن الدولي الإرهاب بأنه «كلّ عمل جرمي ضدّ المدنيين بقصد التسبب بالوفاة أو بالجروح البليغة أو أخذ الرهائن من أجل إثارة الرعب بين الناس أو إكراه حكومة أو منظمة دولية على القيام بعمل ما أو الامتناع عنه، وكلّ الأعمال الأخرى التي تشكل إساءات ضمن نطاق المعاهدات الدولية المتعلقة بالإرهاب، ووفقاً لتعريفها ولا يمكن تبريرها بأي اعتبار سياسي أو فلسفي أو إيديولوجي أو عرقي أو ديني».
وحظرت الأمم المتحدة، في قراراتها الصادرة عن فروعها، الإرهاب واعتبرته مهدِّداً للسلم والأمن الدوليين. ففي عام 1994 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلاناً عالمياً لإزالة الإرهاب الدولي، وكذلك من خلال 12 معاهدة دولية ملزمة ورد ذكرها في القرار 1373 الصادر عام 2001 عن مجلس الأمن، منها معاهدة «مونتريال» 1971 ومعاهدة «طوكيو» 1963 ومعاهدة «منع التعذيب» ومعاهدة «منع الإخفاء القسري»، وغيرها من المعاهدات. وهناك أيضاً قرارات صادرة عن مجلس الأمن قبل عام 2001، منها قرار صادر عام 1992 في مسألة طائرة «لوكربي» وقرار صادر عام 1996 في حقّ السودان عندما اتهم بإيواء أسامة بن لادن. وصدرت قرارات عن مجلس الأمن تحت الفصل السابع، وهي تعني المجتمع الدولي بأكمله ولا تعنى فقط بإرهاب لدى دولة واحدة، وذلك بعد أحداث 11 أيلول حيث صدر القرار 1373 الذي اعتبر أنّ «الإرهاب يشكل تهديداً للسلام والأمن الدوليين»، وأُنشئت لجنة دولية لمكافحة الإرهابCTC: Counter Terrorism Commission. بعد ذلك صدر قرار مهمّ عن مجلس الأمن، هو القرار 1540 عام 2004 الذي يتناول حظر الإرهاب النووي، وصدر القرار الثالث 1566 عام 2004 الذي أكد أنّ الإرهاب الدولي بكلّ أشكاله ومظاهره يشكل أخطر التهديدات للسلام والأمن الدوليين Threat To Peace and Security، وهو عرّف الإرهاب بأنه: «كلّ عمل جرمي ضدّ المدنيين بقصد التسبب بالوفاة أو بالجروح البليغة أو أخذ الرهائن من أجل إثارة الرعب بين الناس أو إكراه حكومة»، ذُكر في التعريف الأول أعلاه. وكانت المحطة الثانية للجمعية العامة في مكافحة الإرهاب عام 2006 عندما أقرت الاستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهابThe UN Global Counter Terrorism Strategy. . كذلك هناك العديد من المؤتمرات والاتفاقات الإقليمية التي تؤكد هذه التعريفات. وقد أصدر مجلس الأمن قراراً مهمّاً هو القرار 2133 في 27 كانون الثاني عام 2014 يعيد من خلاله تأكيد تنفيذ قراره 1373، ويشدّد على العودة إلى المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، ويدعو الدول إلى منع الإرهابيين من الاستفادة من أموال الفدية نتيجة الخطف وأخذ الرهائن.
نوعان من الإرهاب
يجب التمييز بين نوعين من الإرهاب: المحلي والدولي. فالإرهاب المحلي يُعَدّ جريمة تخضع للقانون الجنائي بحسب كلّ دولة، وبالتالي فإنّ هذه الجريمة ليست جريمة إرهابية ولا تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين وتخضع للتقادم الزمني Prescription المسقط للأحكام ولا علاقة لمجلس الأمن بها على الإطلاق، إلا في حالة إذا كان الأفراد الإرهابيون تابعين لتنظيم دولي ويعملون تحت إمرته ويقتلون المدنيين بتوجيه منه، أو إذا كانوا مدعومين من دولة ما لخوض حرب ضدّ دولة أخرى، ولكنّ الأعمّ عادةً، أن يكون من يرتكبون هذه الجرائم من جنسيات مختلفة، وبالتالي تدخل في إطار الإرهاب الدولي.
ويصنف الإرهاب دولياً، عندما يكون مرتكبوه من جنسيات مختلفة أو عندما ينتقل من بلد إلى آخر، وهو يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، أي المجتمع الدولي بكامله، ويستدعي تدخل مجلس الأمن بموجب المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة. وكذلك فإنه يشكل عقوبات على مرتكبيه وقد يحيل ملفاتهم على المحكمة الجنائية الدولية. والإرهاب الدولي لا يسقط بمرور الزمن، لأنه جريمة دولية تبقي إمكانية ملاحقة المجرم. وهو غالباً يتناول المدنيين لأغراض سياسية، أما الإرهاب المحلي، فقد يكون مبعثه غير سياسي، وقد يتناول مدنيين وغير مدنيين. وعلى عكس إرهاب الأفراد Individuals Terrorism فإنّ إرهاب الدولةState Terrorism يحصل عندما تأوي الدولة إرهابيين أو تشجع عملهم بنحو مباشر أو غير مباشر، أو عندما تخالف أياً من المعاهدات التي قضت بمكافحة الإرهاب، وهذا ما ينطبق على العديد من الدول العربية التي تعاني من الإرهاب، وخير مثال على ذلك ما يحصل في سورية.
من عرّف الجماعات الإرهابية في سورية؟
سعى مجلس الأمن الدولي، عبر القرار 2170 تحت الفصل السابع، إلى قطع الإمدادات البشرية والمالية عن تنظيمَيْ «داعش» و«جبهة النصرة» المعروفين، ونصّ القرارعلى نزع السلاح، وتفكيك التنظيمين في سورية والعراق، بالإضافة إلى تنظيمات أخرى على صلة بتنظيم القاعدة، وهذا يعني أنّ هذين التنظيمين هما على لائحة الإرهاب الدولي. وحثّ مجلس الأمن الدول الأعضاء كافة على اتخاذ إجراءات تهدف إلى وضع حدّ لتدفق مقاتلين إرهابيين أجانب ينضمون إلى «داعش» أو «جبهة النصرة».
وأوضح النصّ أنّ تحرُّك مجلس الأمن جاء بناء على البند السابع لميثاق الأمم المتحدة، ما يعني أنه يمكن تطبيق هذه الإجراءات باستخدام القوة.
وفي القرار 2178، الصادر في 24 أيلول تحت الفصل السابع، دان المجلس التطرف العنيف الذي قد يهيئ المناخ للإرهاب والعنف الطائفي، ودان أيضاً ارتكاب الأعمال الإرهابية.
ودعا مجلس الأمن في هذا القرار جميع الدول الأعضاء إلى التعاون بهدف التصدي لتهديدات الإرهابيين الأجانب، بما في ذلك منع انتشار الفكر المتشدّد وتجنيد المقاتلين، مؤكِّدًا أنّ مكافحة التطرف العنيف الذي يمكن أن يفضي إلى الإرهاب، تشكل عاملاً أساسياً في التصدي لتهديد الإرهابيين الأجانب.
إذن من الواضح أنّ هناك تعريفاً موحداً للإرهاب عبر الأمم المتحدة، ولا سيما من خلال تعريف مجلس الأمن الدولي الذي يعتبر ملزماً لكلّ الدول كونه يأتي ضمن قرار الفصل السابع، بالإضافة إلى أنّ قرارات مجلس الأمن حدّدت الجماعات الإرهابية في سورية، وهي التي تسيطر حالياً كونها الأقوى بين كلّ الجماعات على الأرض وليس هناك ما يُسمّى معارضة معتدلة كما يحاول أن يسوق لهذه الفكرة الأميركيون وغيرهم، وبالتالي فإنّ العودة إلى الحديث عن تعريف للإرهاب يعني وضع العصي في دواليب حلّ الأزمة السورية.
باحث لبناني