هيستيريا ألمانية… وروسيا تستخدم الصواريخ… والأسد مستعدّ لمساعدة فرنسا كيري يبشّر بحلّ قريب لسورية… ولا تقدّم بوقف التمويل وتصنيف المعارضة!
كتب المحرّر السياسي
لا ينقص العالم شيئاً لينطبق عليه وصف حالة حرب، فأوروبا كلها صارت مسرحاً لذعر، لا يحتاج بعد عمليات باريس إلى خروج مسلحي «داعش» إلى الشوارع واحتلال مسارح المدن وملاعبها وطرقاتها، وتجوال سياراتهم المسلحة أمام متاجرها، يكفي اتصال هاتفي لإلغاء مباراة رياضية ينتظرها عشرات الألوف لحضورها في الملاعب والملايين عبر الشاشات كمباراة فرنسا وألمانيا التي ألغيت بسبب اتصال تحذيري ينبئ بوجود قنبلة في الملعب، الذي لم تنفع النداءات لإخلائه أمام التفتيش ما اضطر الأمن الألماني لإلغاء المباراة.
حالة حرب تستدعي من روسيا استخدام صواريخها المجنّحة عن بعد مئات الكيلومترات لضرب تحصينات «داعش»، وهي الحرب التي يقول الرئيس السوري بشار الأسد إنه مستعدّ للتعاون فيها مع فرنسا لمواجهة عدوّ مشترك هو الإرهاب إذا تصرّفت فرنسا بحجم ما تمليه الحرب من روح مسؤولية وراجعت مواقفها وتغيّرت من العداء تجاه سورية واحترمت معادلتها بأنّ العدو هو الإرهاب.
في قلب هذه الحرب التي يُجمع العالم على كونها الأولوية لا تزال التنظيمات الإرهابية تنجح بالاستثمار على هوامش الانقسامات في معسكر الحرب الذي يضمّ العالم كله تقريباً، بسبب إصرار نصف العالم على ربط التعاون الجدّي للفوز بالحرب بالحصول على مكاسب فئوية والخضوع لحسابات وأحقاد لا تمتّ بصلة إلى عالم السياسة والأخلاق التي تفترض أولوية وقف سفك دماء الأبرياء.
رغم كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن نقلة نوعية قريبة في الحلّ السياسي في سورية عبر وقف للنار وبدء الحوار، لا يبدو أنّ شيئاً قد تحرّك بالفعل نحو الحلحلة الفعلية، فالتمويل الذي يحظى به الإرهاب لا يزال مستمرّ التدفق عبر مصارف وخطوط نقل تركية، ومنصات بيع للنفط المسروق عرضها الرئيس الروسي على المجتمعين في قمّة العشرين، ولا زالت دول الخليج المصدر الرئيسيّ للتمويل، وبيع النفط والتمويل يجريان تحت نظر وبموافقة وتشجيع حكومات تعتبر أنها شريكة في الحرب على الإرهاب، وهي الدول ذاتها التي لا تزال تربط شراكتها الفعلية بتغيير وجه سورية وكسر إرادتها والنيل من استقلالها ووحدتها الوطنية، ولذلك تتباطأ وتماطل، في المشاركة بتصنيف التنظيمات السورية بين معارضة يمكن مشاركتها بالعملية السياسية وإرهاب ينبغي عزله ومقاطعته ومحاربته، والعقدتان تراوحان مكانهما رغم تفاؤل كيري، بينما سورية لا تنتظر، فجيشها والمقاومة ومعهما النار الروسية في الحرب بالأفعال لا بالأقوال، يتقدّمون في الميادين القتالية، خصوصاً بالقرب من تدمر وعلى مشارف حلب، وأطراف دوما في ريف دمشق، وهي ثلاث جبهات يشكل التقدّم في أيّ منها ضربة قاصمة للجماعات الإرهابية.
في لبنان، كان الغداء الذي أقامه رئيس مجلس النواب نبيه بري على شرف المشاركين في جلسة الحوار، بعد محاولة جسّ نبض لمشروع السلة المتكاملة، للتفاهم الذي يفترض أن يطال رئاسة الجمهورية والحكومة المقبلة وقانون الانتخابات. ويبدو وفقاً لمصادر مشاركة في الحوار أنّ المحاولة انتهت بنصف نجاح ونصف فشل، فما لم يتحقق كان منتظراً ألا يتحقق، لكن الحلقة الهامة التي تحققت كانت القبول المبدئي ولو على مضض من فريق المستقبل بالسير بفكرة السلة المتكاملة، عبّر عنها بوضوح كلام نائب رئيس المجلس فريد مكاري، فيما كان رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة يحاول تفخيخ الجلسة، بإثارة نعرات وخلافات وإطلاق استفزازات، ما حدا بعض المشاركين إلى التفكير بمناشدة الرئيس سعد الحريري المجيء ليوم واحد، إنْ لم يكن قد حان موعد عودته النهائي في هذه الظروف التي يمكن لوجوده أن يساهم في حلحلة الكثير من مشاكلها، فعلى الأقلّ للمشاركة في جلسة يجري الإعداد لها جيداً تطلق التفاهم على السلة.
الغداء الصيني الذي قدّمه الرئيس بري لزواره، رافقه شعور بالحاجة إلى انتظار، وهو انتظار سعودي، طالما لا حلحلة قريبة بموقع السعودية وموقفها من العلاقة مع إيران ولا من الأزمة في سورية، بينما بقي الهمّ السوري حاضراً في كلام العماد ميشال عون، رداً على الرئيس السنيورة، إنْ سقطت سورية فلا يستطيع لبنان، لو وقف كلّ شعبه، أن يصمد في وجه الخطر، وكلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد رداً على السنيورة، بقوله وقفنا كلنا مع فرنسا في وجه خطر الإرهاب لكن أحداً لم يربط موقفه بدعوتها للانسحاب من سورية كما تفعلون معنا.
لم ينجُ السنيورة من سهام غير مباشرة من مكاري الذي أيّد السلة المتكاملة وحاول، وقال إنّ السنيورة مع هذا الكلام، لكنه يريد التذكير بالحاجة إلى تطبيق ما نتفق عليه أمنياً، وكان كلام السنيورة الاستفزازي قد ورد فيه «السلاح ينتشر في بيروت، وتريدوننا أن نأتي إلى التفاهم»، وقد لخص أحد الظرفاء المشاركين المشهد بأنّ «الغداء كان دسماً، ولكن بلا تحلاية، فقد صبّ الرئيس بري القطر المحلّى ولم نجد تحلاية إلا بالسنيورة».
«الحوار» إجماع على تفعيل عمل الحكومة
على وقع التطورات الأمنية الأخيرة انعقدت الجولة العاشرة من الحوار الوطني أمس، في عين التينة بحضور جميع رؤساء الكتل النيابية باستثناء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل.
وأجمع المتحاورون على ضرورة تفعيل عمل المؤسسات، وفي مقدمتها عمل مجلس الوزراء لمعالجة القضايا الملحّة، وفرض الهم الأمني نفسه على الجلسة، حيث جدد المجتمعون، كما جاء في البيان الختامي للجلسة، استنكارهم للجريمة الإرهابية في برج البراجنة والتقدير للالتفاف الوطني الجامع على إدانتها والتضامن الذي عبرت عنه القوى السياسية كافة في مواجهة الإرهاب.
وتعهد رئيس الحكومة تمام سلام بأنه سيدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء فور الوصول إلى حل لملف النفايات وكما تعهد جميع الحاضرون بحضور هذه الجلسة.
وأكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري على ضرورة تفعيل عمل الحكومة، وأعلن أن هيئة مكتب المجلس ستجتمع اليوم لتشكيل لجنة مصغرة لدراسة قانون الانتخابات والذي سيكون مفتاحاً للحلحلة. كما أكد بري أن حوار حزب الله – تيار المستقبل سيستكمل جلساته بعد يومين أو ثلاثة بعد أن تأجل بسبب تزامنه الجمعة الماضي مع الجلسة التشريعية.
التفاصيل ص. 3
جلسة حكومية تنتظر النفايات
حكومياً، وعلى رغم الأخطار الأمنية الداهمة التي تلف البلاد وإجماع طاولة الحوار على تفعيل عمل المؤسسات وعلى رأسها مجلس الوزراء، إلا أن الرئيس تمام سلام لم يحدد بعد موعداً للجلسة بانتظار الاتفاق على حل لأزمة النفايات بعد إحياء اقتراح ترحيل النفايات إلى الخارج.
وفي السياق، طالب وزير الإعلام رمزي جريج في حديث لـ«البناء» بعقد جلسة لمجلس الوزراء، خصوصاً بعد تفجيري برج البراجنة الانتحاريين، معتبراً أن «لا أحد يمكنه التغيب عن جلسة حكومية تعقد في ظل هذه الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية الملحة».
وكشف جريج أن لدى سلام «اتجاهاً للدعوة إلى جلسة الأسبوع المقبل وعلى رأس جدول أعمالها ملف النفايات»، وأوضح جريج أن سبب تريث سلام هو اقتناعه بأن عقد جلسة غير منتجة ربما يكون أسوأ من عدم عقدها، إلا أنه أكد «إصرار حزب الكتائب على عقد جلسة حتى لو لم يتم الاتفاق على موضوع النفايات».
وأشارت مصادر وزارية لـ«البناء» إلى الحل على صعيد أزمة النفايات يتقدم والنقاش يدور الآن حول اقتراح ترحيل النفايات إلى دول عدة في الخارج، مضيفة: «لكن سلام لم يضع الوزراء بعد بتفاصيل هذا الاقتراح الذي ربما يكون الحل الأخير والعملي بعد فشل حل إقامة المطامر»، وأكدت المصادر أنه عندما يكتمل تصور الحل سيضع سلام الوزراء بالصورة، ورجحت المصادر أن يتم الاتفاق على هذا الاقتراح».
الحجيري يعترف
أمنياً، وبعد الإنجاز الذي حققته الأجهزة الأمنية بكشف شبكة تفجيري برج البراجنة وتوقيف المتورطين، كشفت قيادة الجيش عن فصول تفجيري عرسال الذي استهدف في اليوم الأول اجتماعاً لهيئة ما يُسمى «علماء القلمون» والثاني ناقلة جند للجيش، فأشارت إلى «أن الموقوف محمد ابراهيم الحجيري اعترف خلال التحقيق معه انه والمدعو أبو علي اليبرودي كلّفا السوري أبو فراس بتفخيخ دارجة نارية وركنها في مكان اجتماع الهيئة وتفجيرها، ثمّ أقدم في اليوم التالي مع اليبرودي وأبو فراس وأبو علي الأسيري على استهداف ناقلة جند للجيش بعبوة أثناء توجهها إلى مكان التفجير».
.. والتحقيقات مستمرة مع سرور
وأشارت مصادر أمنية رسمية لـ«البناء» إلى أن «المدعو عدنان سرور الذي أوقفه فرع المعلومات الأحد الماضي بتهمة تهريب الانتحاري في طرابلس إبراهيم الجمل، درس الهندسة في سورية وعمل سابقاً في نقل متخرجين لبنانيين في الطب إلى سورية لمتابعة دراستهم. وفي تلك الفترة تعرف إلى أشخاص سوريين وتم توريطه لاحقاً بتهريب سوريين إلى لبنان من بينهم أشخاص جاؤوا لتنفيذ عمليات أمنية في لبنان».
وأضافت المصادر أن «القضاء يأخذ مجراه في هذه القضية وأن التحقيقات التي يجريها فرع المعلومات تتمحور مع الموقوف سرور حول ما إذا كان على علم بمهمة السوريين الذين هرّبهم إلى لبنان»، وأكدت المصادر أن سرور «هرّب الانتحاريين السوريين الثلاثة إلى لبنان مقابل بدل مادي»، ولفتت المصادر إلى «أن ظاهرة تهريب السوريين مقابل بدل مادي انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة».
لبنان هدف «داعش»
وفي سياق تعقب الأجهزة الأمنية للمطلوبين، نفذت قوة كبيرة من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي أمس، مداهمات في منطقة القبة في طرابلس، بحثاً عن مطلوبين.
ورجحت مصادر أمنية لـ«البناء» أن يبقى لبنان هدفاً للإرهابيين، «لأن تنظيم داعش في حالة يأس اليوم خصوصاً أنه شعر للمرة الأولى أن هناك تكتلاً دولياً كبيراً ضده وتدخلاً جدياً غير روسي لا سيما فرنسي بعد هجمات باريس، ما سيدفع التنظيم إلى تنفيذ عمليات انتقامية في دول متعددة في العالم بعد أن تغلغل في أوروبا وفي لبنان وزرع الخلايا النائمة».
وأوضحت المصادر أن «تقلص العمليات الإرهابية في لبنان إلى الحد الأدنى، سببه تقلص البيئة الحاضنة للإرهاب والوعي الشعبي وتغير الخطاب السياسي الذي كان يشكل غطاءً لعمل هذه المجموعات الإرهابية وتوقف بعض الجهات الإقليمية عن تمويل هذه المجموعات إضافة إلى تحسن قدرات القوى الأمنية».
تنسيق الأجهزة يحدّ من «العمليات»
وأكد الخبير الاستراتيجي الدكتور هشام جابر لـ«البناء» أن «تنسيق القوى الأمنية في ما بينها يرفع من قدرتها على الحد من العمليات الإرهابية»، وأوضح العميد جابر أن «الحد من العمليات الإرهابية، يحتاج إلى جهد استخباري وجمع معلومات وتعقب رؤساء الشبكات الإرهابية كما حصل عندما كرت سبحة التوقيفات عقب توقيف الإرهابي نعيم عباس».
وشدد جابر على أن تنظيمي «داعش» و«النصرة» تمكنا من «زرع خلايا إرهابية نائمة في لبنان، خصوصاً في المخيمات الفلسطينية وبعض البؤر الإرهابية التي لا تدخلها القوى الأمنية لا سيما في عرسال».