ورشة عمل في جبيل عن وسائل الإعلام والواقع الطائفي
نظّم المركز الدولي لعلوم الانسان في جبيل، التابع لـ«اليونيسكو»، في قاعة مؤتمراته ورشة عمل حول دور وسائل الاعلام حيال الواقع الطائفي في لبنان، برعاية وزير الثقافة روني عريجي ممثلاً بمستشاره آلبير جوخدار وحضور القائمقام نجوى سويدان وفاعليات.
بعد عرض فيلم وثائقي عن دور مركز علوم الانسان، والوقوف دقيقة صمت عن روح النائب السابق منوال يونس مطلق فكرة انشاء المركز في جبيل، مهّد للورشة المسؤول الاعلامي في الاتحاد الفلسفي العربي الدكتور مصطفى الحلوة الذي اعتبر أنّ الصحافة المكتوبة كانت في سالف العقود تتربع وحيدة سيّدة على عرش الاعلام، ولكن اليوم، في عصر التطور التكنولوجي المتسارع في قفزاته النوعية وإنجازاته المعجزة، غدونا إزاء دفق إعلامي معولم، هو أشبه ما يكون بتسونامي الذي لا يمكن الوقوف أمام أمواجه».
وأشار إلى أن الصحافة التقليدية كانت تقتصر على مخاطبة الفكر، ولكنها اليوم بتقنياتها المبهرة تصادر البصر والسمع والاحاسيس، ساعية إلى تنميط أفكار الناس وسكبها في قوالب جاهزة أعدّها صنّاع مهرة لا قلب لهم، بما يجعل الاعلام من أشد الصناعات الحديثة خطراً.
ثم تحدث مدير المركز الدولي لعلوم الانسان أدونيس العكرة وشرح مهمة المركز بالسعي إلى خدمة أهداف «اليونيسكو» المتمثلة بدعم الحوار بين الثقافات والاديان والدفع نحو السلام بين الشعوب في العالم، مشيراً إلى أن التحدّي الأكبر لهذا المركز، يكمن في تجسيد هذه الافكار عملياً، فاستُحدثت حقيبة برنامجية بعنوان «تحويل المعرفة إلى سلوك مواطني»، ووضع برامج تدريب وإعداد للمواطنين في العالم العربي بدءاً من لبنان، موضحاً أن هذه الورشة تندرج في سياق الحوار بين الثقافات والاديان.
واعتبر أنّ «لبنان والعالم العربي يواجهان حالة تمزق داخل الدين الواحد وأفكار تطرّف وتعصب تعبّر عن نفسها على الساحة السياسية»، وأشار إلى أن للمثقفين وهيئات المجتمع المدني دوراً حاسماً يؤدّي إما إلى الانتصار بالحروب أو الانهزام، وإما بالتنوير والتغيير في المجتمعات أو تدميرها، باستخدام سلاح الاعلام الامضى».
وتابع: «يقولون إن الاعلام صورة عن المجتمع، لكن في المجتمع أيضاً مناضلين يسعون نحو الافضل والاسمى، وإلى تجسيد قيم الديمقراطية والحرية، وهؤلاء يجب أن يكون الاعلام صورة عنهم، ونحن في المركز الدولي لعلوم الانسان بالتعاون مع وزارة الثقافة واليونيسكو والمؤسسات الداعمة، مستعدون لمواجهة هذا التحدي لنضع لبنان على الخارطة العالمية الثقافية نضالاً من أجل الديمقراطية والسلام».
وألقى كلمة «مؤسسة هانز سايدل ستيفتونغ» ممثلها في لبنان أنطوان غريب الذي شدّد على أن الصحافة هي قوة لبنان وعنوان وجوده، فلا حرية في لبنان من دون حرية الصحافة، ولا ديمقراطية من دون وجود الصحافة. لكن على رغم ما يشوب صحافتنا من انقسام طائفي وتابعية حزبية وارتهان لبعض السياسيين يبقى الاعلام عندنا رائد الحريات في العالم العربي ومنبر الكلمة الحرة حيث لا وجود لحرية الكلمة الا في لبنان».
وألقى جوخدار كلمة عريجي الذي أكد أنّ الاعلام هو موقف سياسي أو اجتماعي وإلا أصبح مجموعة من الكليشيات، مشيراً إلى أن هناك من يدّعي أنّ الاعلام حيادي أو تحت ستارة الموضوعية لتمرير مواقف معينة. موضحاً أنه لا وجود لإعلام حيادي الذي هو موقف سياسي أو اجتماعي كأن يطلع علينا أحدهم على قاعدة اتخاذ موقف حيادي من الاحداث الجارية في سورية، فيساوي بين ما يقوم به النظام السوري وبين ما تقوم به العصابات التكفيرية للايحاء أنّ بانتقاده الجهتين معاً يقف على الحياد بين متصارعين، لكن في الواقع يدافع عن مجموعة إرهابيين قدموا من معظم أنحاء العالم ضد نظام يمثل أكثرية الشعب السوري باعتراف الاميركيين ويساوي بين الاثنين تحت غطاء الحيادية والموضوعية.
ولفت إلى أن للاعلام ميزات عدة، يضيء على الاحداث، ويبالغ من أهمية بعضها أو تقليص البعض الآخر على هواه ويخلق الحدث مهما كان بسيطاً أو يطمس آخر على أهميته، هكذا ومن دون حياء يحتل اختطاف ثلاثة شبان «إسرائليين» الصدارة في معظم وسائل الاعلام العالمية، بينما يتكدس آلاف السجناء الفلسطينيين في السجون «الاسرائيلية» من دون أن يحظوا ببعض الأسطر، مشيراً إلى أن الإعلام، سياسياً كان أم اجتماعياً، هو قبل كل شيء إعلان موقف موقف يضيء على الحدث ويبقى موضوع الضوء الذي تسلط والحدث الذي تختار الاضاءة عليه.
وختم معتبراً أن التصدي لهذا الواقع الطائفي في لبنان يقع على عاتق أقلامنا النيّرة وكلّنا أمل ألّا يستغرق الحد من انتشارها والانتصار عليها عدّة قرون كما كانت الحال في أوروبا.
ثم عقدت الحلقة الاولى بعنوان «كيف يمكن الاختلاف الديني أن يؤدي إلى خلاف بين المواطنين»، وترأسها الدكتور هشام بدر الدين، وحاضر فيها كل من الشيخ ماهر حمود والدكتور وليد عربيد والدكتور علي خليفة.
وترأست المحامية مارلين دياب جلسة الحلقة الثانية بعنوان «الاعلام ورسالة بناء الوطن»، وحاضر فيها كل من الدكتور إدغار طرابلسي والصحافي أمين قمورية وفؤاد عبيد.