ما وراء القاعدة البريطانية في البحرين
علاء جاسم
سجل تاريخ 31 تشرين الأول الفائت يوماً أسود في تاريخ البحرين عندما دشن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند ووزير خارجية البحرين خالد الخليفة، لعودة الاستعمار بل السيادة البريطانية من جديد، من خلال البدء ببناء قاعدة عسكرية بحرية بريطانية في ميناء سلمان في المنامة.
الخطوة الاستعمارية القديمة الجديدة لها أهداف ومصالح متبادلة بين بريطانيا والنظام البحريني الذي هو أكثر المستفيدين من القوة الاستعمارية السابقة للبحرين، بهدف تثبيت دعائمه بوجه الثورة البحرانية الصامدة، والتي باتت تهدّد وجود العائلة الحاكمة مع تراجع قوة وفعالية الجيش السعودي الذي دخل لقمع الثورة الشعبية، ولإيمان النظام البحريني بعدم قدرة آل سعود على حمايته والحفاظ على سلطانه، وإلا لماذا بادر ومن تلقاء نفسه الى طلب المساعدة البريطانية، عبر تقديم عرض يقوم على بناء قاعدة عسكرية على نفقة الشعب البحراني.
وبهذه الخطوة يكون النظام البحريني قد أعاد البحرين إلى ذات النظام الاستعماري القديم الذي ظن البحرانيون أنهم تخلصوا منه منذ 44 سنة. إنّ عقدة النقص الموجودة لدى الحكم في البحرين هي كونه جاء من خارجها فعاش ولا يزال في تخوف دائم من تطور الأمور لغير صالحه وخسارة نفوذه وسلطانه الذي بناه منذ أكثر من 200 عام، ما جعله يرتمي طوعاً ومن دون تردّد في أحضان المستعمر القديم الذي يشعر أنه هو ضمانه لا شعب البحرين.
والواقع أن النظام الخليفي الذي يفرط في استعمال القوة ضدّ الشعب البحراني مستكبراً عليه، نراه يطأطئ رأسه خانعاً أمام الغرب، بل ويتوسّله لتأمين نظام حماية له. فبعد 44 سنة على خروج المحتل البريطاني من البحرين إثر نضالات هذا الشعب، يصرّ النظام الحاكم في البحرين على إبقاء باب الاستعمار مفتوحاً لتوجيه رسالة تهديد مباشرة الى الشعب البحراني مفادها نحن محميون حين نواجهكم.
وهو ما قاله صراحة رئيس مراسلي الشؤون الخارجية البريطاني: «إنّ الحكومة البريطانية فكرت أن تكون على استعداد لأيّ كارثة محتملة بأن تكون لها قوات مسلحة هناك في حال الحاجة إليها».
ويكشف هذا إعلان مدى زيف الادّعاءات البريطانية بحقوق الإنسان، وقد كشفت جيني كينيمونت الباحثة في مركز تشاتام هاوس في لندن، أنّ عملية القمع الذي تمارسه الحكومة البحرينية للمعارضة تضاعفت منذ إعلان بناء هذه القاعدة، لافتة الى أنّ مشروع القاعدة البريطانية منحت «الحكومة البحرينية المزيد من الثقة».
وقد سبق أن عبّرت بعض قوى المعارضة في داخل البحرين بعد توقيع الإتفاقية بين بريطانيا والمنامة في آواخر 2014 عن قلقها من الوجود العسكري الأجنبي الدائم في البلاد وتحويلها إلى مرتكز لانطلاق العمليات العسكرية في المنطقة، الأمر الذي يضع البحرين في بؤرة التوتر والتداعيات التي تشهدها دول الإقليم.
تيار العمل الإسلامي وهو أحد أجنحة المعارضة البحرانية، أعلن بدوره في بيان بتاريخ الأول من تشرين الثاني 2015 حول إنشاء القاعدة «انّ شعب البحرين يعتبر النظام الخليفي غير شرعي، وإنّ كلّ إجراء يتخذه هو باطل ولاغ، وأنّ بريطانيا التي مارست القهر والقتل ونهب ثروات شعبنا وفرض الحكم الخليفي عليه، قد باتت عدوة لشعب البحرين، ومن حق هذا الشعب المؤمن مقاومة هذا الاحتلال الجديد»، ودعا التيار القوى والمرجعيات كافة إلى استنكار قيام هذه القاعدة الاستعمارية.
مهما حاول النظام البحريني إحاطة نفسه بقواعد عسكرية من هنا أو هناك، فإنّ ذلك لن ينفعه في إنقاذ نفسه من غضب الشعب، لأنّ الشعب البحراني قال كلمة الفصل ولن يتراجع عن تحقيق هدفه في إقامة حكم ديمقراطي جديد.